منتخب الادعیه

اشارة

سرشناسه : حبیب اللهی، علی، گردآورنده

عنوان و نام پديدآور : منتخب الادعیه/ الاعداد و التنظیم علی حبیب اللهی

مشخصات نشر : تهران: مشعر، 1425ق=1383.

مشخصات ظاهری : 360 ص؛ 11 x17س.م

شابک : 13000ریال

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

يادداشت : عربی

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس

موضوع : دعاها

موضوع : مناجات

موضوع : نمازهای مستحبی

رده بندی کنگره : BP267/8/ح 28م 8

رده بندی دیویی : 297/772

شماره کتابشناسی ملی : م 83-8701

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص: 5

المقدّمة

الاهتمام بالدعاء

قال اللَّه تعالى: «قُلْ ما يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبي لَوْلا دُعاؤُكُمْ» (1) 1.

عُبّر في الروايات عن الدعاء ب «مخ العبادة»، و «أفضل العبادة»، و «سلاح المؤمن»، و «عمود الدين»، و «نور السماوات والأرض»، و «تُرس المؤمن»، و «سلاح الأنبياء»، و «مفاتيح النجاح»، و «مقاليد الفَلاح» (2) 2.


1- - سورة الفرقان/ 77.
2- - بحار الأنوار، ج 90 طبعة بيروت.

ص: 6

وفي تفسير الآية الشريفة: «إنَّ الّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ» (1) 3، روى الكليني رحمه الله عن الباقر عليه السلام قال: إنّ المقصود بالعبادة في الآية الشريفة هو الدعاء، ثمّ قال: «وأفضل العبادة الدعاء» (2) 4.

وما جاءنا عن أسلوب الحياة المعنوية للأنبياء والأئمّة المعصومين وكبار رجال الإسلام، يؤيّد هذا المعنى أيضاً، وهو أنّ العبودية أسمى مقام للإنسان، وأهمّ مراحل العبادة وأحلاها هي مرحلة الدعاء، لإيجاد الارتباط بين العبد والربّ، والتوفيق للتضرع والتوبة، وإظهار الخضوع والخشوع، وتقديس وتسبيح وتحميد


1- - سورة غافر/ 60.
2- - أصول الكافي 2: 467 طبعة آخوندي.

ص: 7

الحق.

ما هو الدعاء وما هي أقسامه؟

الدعاء لغةً بمعنى الدعوة، واصطلاحاً بمعنى طلب الحاجة من اللَّه.

والدعاء قسمان:

1- قد يُفضي الداعي بمطالبه وحوائجه إلى اللَّه تعالى بلسانه وبالتعبير الذي يستطيع، وهذا القسم يُدعى ب «الأدعية غير المأثورة».

2- القسم الثاني أن يعبر الداعي عن مطالبه بألفاظ خاصّة وردت عن المعصومين، وهو ما يُدعى ب «الأدعية الواردة» أو «الأدعية المأثورة». والأدعية المأثورة على نوعين:

أ- الأدعية التي يجب أن تُقرأ ضمن شروط خاصّة، كأن تُقرأ في وقت معين أو محل معلوم، وقد ذُكرت لها

ص: 8

على لسان المعصوم عليه السلام آداب وشروط خاصّة.

ب- الأدعية التي وردت عن المعصوم ولكن لم يُذكر لها أي شرط.

ولا شك أنّ الشارع يحبذ كل دعاء وطلب من اللَّه الواحد الأحد، وجاء في الرواية أنّ «الدعاءُ مُخُّ العبادة وَمِصْباحُ الظُّلْمَةِ» (1) 5 كما جاء في القرآن الكريم بمناسبات مختلفة وعلى لسان الأنبياء والأولياء بعض الأدعية، إلّا أنّ ثواب وفضيلة الأدعية المأثورة الواردة عن المعصوم عليه السلام أفضل بكثير من الأدعية العادية لمن له معرفة بمعانيها، لأنّ المعصومين عليهم السلام أكثر علماً بالأمراض النفسية للفرد والمجتمع وطريقة مناجاة الحقّ جلّ وعلا، بينما قد يدعو سائر الناس بالشر بدلًا من الخير، والخسران والشقاء بدلًا من النفع والسعادة:


1- - بحار الأنوار 9/ 300، طبعة بيروت، ج 93/ طبعة إيران.

ص: 9

«وَيَدْعُ الإنسانُ بِالشَّرِ دُعاءَهُ بالْخَيْرِ وَكانَ الإنْسانُ عَجُولًا» (1) 6 لهذا حريٌّ بالداعي أن يتعلم من المعصوم كيفية طلب المطالب والحوائج (هذا في حال فهمه لدعاء المعصوم، وفي غير ذلك فإنّ طلب الحاجة بلسانه مع التوجه القلبي أفضل من قراءة الأدعية المأثورة بلقلقة اللسان).

وفي الحقيقة أنّ تمييز الأدعية الواردة ومعرفة كلام المعصوم ليس بالأمر السهل، فلو تمكن أحد من اثبات صحّة صدور الدعاء عن المعصوم اعتماداً على الوثائق المتوفرة والموازين العلمية فبإمكانه قراءته بقصد الورود، ولكن مع عدم توفر الدليل المعتبر والسند المعتَمد، فلا يمكنه الجزم بنسبته إلى المعصوم، بل يقرأه رجاءً في الثواب، وسيحصل في هذه الحالة عليه حتّى


1- - الإسراء/ 11.

ص: 10

لو أخطأ في تشخيصه.

إذن فإنّ أيّ دعاء لم يثبت بطلانه شرعاً وعقلًا من حيث المضمون والمعنى، يمكن الإتيان به برجاء أن يكون مطلوباً ومحبّذاً لدى الخالق تعالى ومُثاب على قراءته.

شرائط استجابة الدعاء

ذكرت الأحاديث والروايات شرائط متعددة لاستجابة الدعاء، وللتعرف عليها يمكن مراجعة كتب الروايات، ونحن نشير هنا إلى بعض تلك الأحاديث (1) 7:

1- قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «من أحبّ أن يُستجاب دعاؤه فليطيّب مطعمه ومكسبه» (2) 8.


1- - يُراجع بحار الأنوار الجزء 90 طبعة بيروت و 93 طبعة إيران.
2- - بحار الأنوار، 90/ 372.

ص: 11

2- وقال صلى الله عليه و آله: «اعلموا أنّ اللَّه لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافل لاه» (1) 9.

3- وقد سُئِل الإمام علي عليه السلام: فما بالنا ندعو فلا يُجاب؟ فقال: «إنّ قلوبكم خانت بثمان خصال: أوّلها أنّكم عرفتم اللَّه فلم تؤدّوا حقه كما أوجب عليكم ...» (2) 10.

4- قال الصادق عليه السلام في جواب قوم سألوا: نحن ندعو فلا يُستجاب لنا: «لأنّكم تدعون من لا تعرفونه» (3) 11.

فإذن الشرط الأهمّ لاستجابة الدعاء هو معرفة اللَّه تعالى، لأنّه لا يكافأ المرء إلّا على قدر معرفته.

5- وقال عليه السلام: قال اللَّه تبارك وتعالى: «وعزّتي وجلّالي لا أُجيب دعوة مظلوم ولأحد عنده مثل


1- - بحار الأنوار، 90/ 321.
2- - بحار الأنوار، 90/ 376.
3- - بحار الأنوار 90/ 368.

ص: 12

تلك المظلمة» (1) 12.

6- وقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «لا يُردّ دعاء أوّله بسم اللَّه الرحمن الرحيم» (2) 13.

7- وقال الرسول صلى الله عليه و آله أيضاً: «صلاتكم عليّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم» (3) 14.

8- وفيما وعظ اللَّه به عيسى عليه السلام: «يا عيسى ادعني دعاء الحزين الغريق الذي ليس له مغيث» (4) 15.

ومن هنا نلاحظ أنّ هناك شروطاً لاستجابة الدعاء، يقع في مقدمتها معرفة اللَّه وأداء حقّه وبناء النفس والاستعداد لضيافة اللَّه بطيب المطعم والمكسب وردّ المظالم وترك المحرّمات وأداء الواجبات.


1- - بحار الأنوار، 90/ 320.
2- - بحار الأنوار، 90/ 313.
3- - بحار الأنوار، 91/ 54.
4- - بحار الأنوار، 90/ 314.

ص: 13

سبب تأليف الكتاب

لمّا كانت مراجعة الطالبين لكتابٍ في الأدعية إلى بعثة الحجّ الإيرانيّة في أيّام الحجّ والعمرة كثيرة، قرّرت معاونيّة شؤون التعليم والبحوث الإسلامية في البعثة، تأليف كتاب يفي بهذا الغرض مع الاختصار وعموميّة النفع.

وهذا الكتاب يشتمل على ستّة فصول على ترتيب ما في الفهرس، ويحدونا الأمل في أن ينتفع به المؤمنون وأن لا ينسونا من الدعاء في أوقات الاستجابة.

ص: 14

ص: 15

الفصل الأوّل: في تعقيبات الصلوات اليوميّة وهي على قسمين:

الأوّل: في التعقيبات العامّة §- عن كتاب مصباح المتهجّد وغيره. § 16

إذا سلّمت وفرغت من الصلاة فقل: اللَّهُ أَكْبَرُ ثلاث مرّات؛ رافعاً عند كلّ تكبيرة يديك إلى حيال أذنيك ثمّ قل:

لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ، لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَلا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصينَ لَهُ الدينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّ آبائِنَا الأَوَّلينَ، لا إِلهَ

ص: 16

إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزابَ وَحْدَهُ، فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيي وَيُميتُ، وَيُميتُ وَيُحْيي، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ.

ثمّ قل:

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

ثمّ قل:

أَللهُمَّ اهْدِني مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ، وَانْشُرْ عَلَيَّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ بَرَكاتِكَ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، اغْفِرْ لي ذُ نُوبي كُلَّها جَميعاً، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ كُلَّها جَميعاً إِلّا أَنْتَ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ، اللهُمَّ إِني أسْأَ لُكَ عافِيَتَكَ في

ص: 17

امُوري كُلِّها، وأَعُوُذُبِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيا وَعَذابِ اْلآخِرَةِ، وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ، وَعِزَّتِكَ الَّتي لا تُرامُ، وَقُدْرَتِكَ الَّتي لا يَمْتَنِعُ مِنْها شَيْ ءٌ مِنْ شَرِّ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَمِنْ شَرِّ الْأَوْجاعِ كُلِّها، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دابّةٍأَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها، إِنَّ ربِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ الْعَليِّ الْعَظيمِ، تَوَّكَلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذي لا يَمُوتُ، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَليٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً.

ثمّ سبّح تسبيح الزّهراء عليها السلام، وقل عشر مرّات قبل أن تتحرّك من موضعك:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إِلهاً واحِداً أَحَداً فَرْداً صَمَداً، لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً.

أقول: روي لهذا التهليل فضل كثير سيّما إِذا عقّب به

ص: 18

صلاة الصّبح والعشاء وإِذا قرئ عند طلوع الشّمس وغروبها.

ثمّ تقرأ سورة الحمد وآية الكرسي وآية شَهِدَ اللَّهُ وآية قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ وآية السّخرة وهي آيات ثلاث من سورة الأعراف أوّلها إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ وآخرها مِنَ الْمُحْسِنينَ (1) 17 ثمّ تقول ثلاث مرّات:

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلينَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ. ثمّ تقول ثلاث مرّات: اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ لي مِنْ أَمْري فَرَجاً وَمَخْرَجاً، وَارْزُقْني مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ.

وهذا دعاء علّمه جبرئيل يوسف عليه السلام في السّجن.


1- - من الآية (54) إلى (56).

ص: 19

وورد في الصّحيفة العلويّة لتعقيب الفرائض:

يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ، وَيا مَنْ لا يُغَلِّطُهُ السَّائِلُونَ، وَيا مَنْ لا يُبْرِمُهُ إِلْحاحُ المُلِحّينَ، أَذِقْني بَرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاوَةَ رَحْمَتِكَ وَمَغْفِرَتِكَ. وَتقول أيضاً: إِلهي هذِهِ صَلاتي صَلَّيْتُها لا لِحاجَةٍ مِنْكَ إِلَيْها، وَلا رَغْبَةٍ مِنْكَ فيها، إِلّا تَعْظيماً وَطاعَةً وَإِجابَةً لَكَ إِلى ما أَمَرْتَني بِهِ، إِلهي إِنْ كانَ فيها خَلَلٌ أَوْ نَقْصٌ مِنْ رُكُوعِها أَوْ سُجُودِها فَلاتُؤاخِذْني، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِالْقَبُولِ وَالْغُفْرانِ.

وتدعو أيضاً عقيب الصّلوات بهذا الدّعاء الّذي علّمه النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم للذّاكرة:

سُبْحانَ مَنْ لا يَعْتَدي عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، سُبْحانَ مَنْ لا يَأخُذُ أَهْلَ الْارْضِ بِأَلْوانِ الْعَذابِ، سُبْحانَ الرَّؤُوفِ الرَّحيمِ، اللهُمَّ اجْعَلْ لي في قَلْبي نُوراً وَبَصَراً، وَفَهْماً وَعِلْماً، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ.

ص: 20

وقال الكفعمي في المِصباح: قُل ثلاث مرّات عقيب الصّلوات:

أُعيذُ نَفْسي وَديني وَأَهْلي وَمالي وَوَلَدي وَإِخْواني في ديني، وَما رَزَقَني رَبِّي، وَخَواتيمَ عَمَلي، وَمَنْ يَعْنيني أَمْرُهُ بِاللَّهِ الْواحِدِ اْلأَحَدِ الصَّمَدِ، الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وَبِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدْ، وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ، وَبِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ، الَّذي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

و عن رسُول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: من أراد أن لا يطلعه اللَّه يوم القيامة على قبيح أعماله ولا يفتح ديوان سيّئاته، فليقل بعد كلّ صلاة:

اللهُمَّ إِنَّ مَغْفِرَتَكَ أَرْجى مِنْ عَمَلي، وَإِنَّ رَحْمَتَكَ

ص: 21

أَوْسَعُ مِنْ ذَنْبي، اللهُمَّ إِنْ كانَ ذَنْبي عِنْدَكَ عَظيماً، فَعَفْوُكَ أَعْظَمُ مِنْ ذَنْبي، اللهُمَّ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلًا أَنْ أَبْلُغَ رَحْمَتَكَ، فَرَحْمَتُكَ أَهْلٌ أَنْ تَبْلُغَني وَتَسَعَني، لِأَنَّها وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

الثاني: في التعقيبات الخاصّة

تعقيب صلاة الظّهر

لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظيمُ الْحَليمُ، لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَريمُ، الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ مُوجِباتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، اللهُمَّ لا تَدَعْ لي ذَنْباً إِلّا غَفَرْتَهُ، وَلا هَمّاً إِلّا فَرَّجْتَهُ، وَلا سُقْماً إِلّا شَفَيْتَهُ، وَلا عَيْباً إِلّا سَتَرْتَهُ، وَلا رِزْقاً إِلّا بَسَطْتَهُ، وَلا خَوْفاً إِلّا آمَنْتَهُ، وَلا سُوْءاً إِلّا صَرَفْتَهُ، وَلا حاجَةً هِيَ لَكَ

ص: 22

رِضاً، وَلِيَ فيها صَلاحٌ إِلّا قَضَيْتَها، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.

تعقيب صلاة العَصر

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، الرَّحْمنُ الرَّحيمُ، ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيَّ تَوْبَةَ عَبْدٍ ذَليلٍ خاضِعٍ فَقيرٍ، بائِسٍ مِسْكينٍ مُسْتَكينٍ مُسْتَجيرٍ، لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعاً وَلا ضَرّاً، وَلا مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً.

ثمّ تقول: اللهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ صَلاةٍ لا تُرْفَعُ، وَمِنْ دُعاءٍ لا يُسْمَعُ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ الْيُسْرَ بَعْدَ الْعُسْرِ، وَالْفَرَجَ بَعْدَ الْكَرْبِ، وَالرَّخاءَ بَعْدَ الشِّدَّةِ، اللهُمَّ ما بِنا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ

ص: 23

وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

وعن الصادق عليه السلام قال: من استغفر اللَّه تعالى بعد صلاة العصر سبعين مرّة، غفر اللَّه له سبعمائة ذنب.

وروي عن الإمام محمّد التّقي عليه السلام قال: من قرأ إِنا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ بعد العصر عشر مرّات، مرّت له على مثل أعمال الخلايق في ذلك اليوم.

تعقيب صلاة المَغرب

تقول بعد تسبيح الزّهراء عليها السلام عقيب صلاة المغرب:

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْليماً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، وَعَلى ذُرِّيَّتِهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ.

ثمّ تقول سبع مرّات: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ.

ص: 24

وثلاثاً: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَلا يَفْعَلُ ما يَشاءُ غَيْرُهُ.

ثمّ قُل: سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، اغْفِرْ لي ذُ نُوبي كُلَّها جَميعاً، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ كُلَّها جَميعاً إِلّا أَنْتَ.

وتقول عشراً: ما شاءَ اللَّهُ، لا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

ثمّ تقول: اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ مُوجِباتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ كُلِّ بِلِيَّةٍ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ، وَالرِّضْوانِ في دارِ السَّلامِ، وَجِوارِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ، اللهُمَّ ما بِنا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

وتُصلّي الغُفيلة بين المغرب والعشاء، وهي ركعتان ستأتي إن شاء اللَّه في أقسام الصلوات.

فقد روي أنّ من أتى بهذه الصّلاة وسأل اللَّه حاجته أعطاه اللَّه ما سأل.

ص: 25

تعقيب صلاة العشاء

اللهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لي عِلْمٌ بِمَوْضِعِ رِزْقي، وَإِنَّما أَطْلُبُهُ بِخَطَراتٍ تَخْطُرُ عَلى قَلْبي، فَأَجُولُ في طَلَبِهِ الْبُلْدانَ، فَأَنَا فيما أَنَا طالِبٌ كَالْحَيْرانِ، لا أَدْري أَفي سَهْلٍ هَوُ أَمْ في جَبَلٍ، أَمْ في أَرْضٍ أَمْ في سَماءٍ، أَمْ في بَرٍّ أَمْ في بَحْرٍ، وَعَلى يَدَيْ مَنْ، وَمِنْ قِبَلِ مَنْ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عِلْمَهُ عِنْدَكَ، وَأَسْبابَهُ بِيَدِكَ، وَأَنْتَ الَّذي تَقْسِمُهُ بِلُطْفِكَ، وَتُسَبِّبُهُ بِرَحْمَتِكَ، اللهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ يا رَبِّ رِزْقَكَ لي واسِعاً، وَمَطْلَبَهُ سَهْلًا، وَمَأْخَذَهُ قَريباً، وَلا تُعَنِّني بِطَلَبِ ما لَمْ تُقَدِّرْ لي فيهِ رِزْقاً، فَإِنَّكَ غَنِيٌّ عَنْ عَذابي، وَأَنَا فَقيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَجُدْ عَلى عَبْدِكَ بِفَضْلِكَ، إِنَّكَ ذُو فَضْلٍ عَظيمٍ.

ص: 26

تعقيب صَلاة الصّبح

أَصْبَحْتُ اللَّهُمَّ مُعْتَصِماً بِذِمامِكَ الْمَنيعِ، الَّذي لا يُطاوَلُ وَلا يُحاوَلُ، مِنْ شَرِّ كُلِّ غاشِمٍ وَطارِقٍ مِنْ سائِرِ مَنْ خَلَقْتَ وَما خَلَقْتَ مِنْ خَلْقِكَ الصَّامِتِ وَالنَّاطِقِ، في جُنَّةٍ مِنْ كُلِّ مَخُوفٍ بِلِباسٍ سابِغَةٍ وَلاءِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، مُحْتَجِباً مِنْ كُلِّ قاصِدٍ لي إِلى أَذِيَّةٍ، بِجِدارٍ حَصينِ الْإِخْلاصِ فِي الاعْتِرافِ بِحَقِّهِمْ وَالتَّمَسُّكِ بَحَبْلِهِمْ، مُوقِناً أَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَمَعَهُمْ وَفيهِمْ وَبِهِمْ، أُوالي مَنْ والَوْا، وَأُجانِبُ مَنْ جانَبُوا، فَأَعِذْنِي اللهُمَّ بِهِمْ مِنْ شَرِّ كُلِّ ما أَتَّقيهِ يا عَظيمُ، حَجَزْتَ الْأَعادِيَ عَنِّي بِبَديعِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، إِنَّا جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْديهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

وَهذا دُعاء يُدعَى به في كلّ صباح ومساء وهو دُعاء

ص: 27

أمير المؤمنين عليه السلام ليلة المبيت.

وروي عن الصادق عليه السلام أيضاً للدّنيا والآخرة ولوجعِ العَين هذا الدُعاء بعد فريضتي الصّبح والمغرب:

اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلِ النُّورَ في بَصَري، وَالْبَصيرَةَ في ديني، وَالْيَقينَ في قَلْبي، وَالْإِخْلاصَ في عَمَلي، وَالسَّلامَةَ في نَفْسي، وَالسَّعَةَ في رِزْقي، وَالشُّكْرَ لَكَ أَبَداً ما أَبْقَيْتَني.

وفي عدّة الداعي عن الرّضا عليه السلام أنّ من قال عقيب صلاة الصّبح هذا القول ما سأل اللَّه حاجة إِلّا تيسّرت له وكفاه اللَّه ما أهمّه:

بِسْمِ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَأُفَوِّضُ أَمْري إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصيرٌ بِالْعِبادِ، فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا، لا إِلهَ إلَّا أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ،

ص: 28

فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ، وَكَذلِكَ نُنْجي الْمُؤْمِنينَ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ، ما شاءَ اللَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ، ما شاءَ اللَّهُ لا ما شاءَ النَّاسُ، ما شاءَ اللَّهُ وَإِنْ كَرِهَ النَّاسُ، حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبينَ، حَسْبِيَ الْخالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقينَ، حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقينَ، حَسْبِيَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمينَ، حَسْبي مَنْ هُوَ حَسْبي، حَسْبي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبي مَنْ كانَ مُذْ كُنْتُ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبِيَ اللَّهُ لاإِلهَ إِلّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ.

وروي بطرق معتبرة عن الصادق عليه السلام: قُل قبل طُلوع الشمس وقبل غروبها عشر مرّات: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّميعِ الْعَليم مِنْ هَمَزاتِ الشّياطينِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أنْ يَحْضُرُونِ، إنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعليمُ.

ص: 29

وعنه عليه السلام قال: ما يمنعكم أن تقولوا في كلّ صباح ومساءٍ ثلاث مرّات:

اللهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ، ثَبِّتْ قَلْبي عَلى دِينِكَ، وَلاتُزِغْ قَلْبي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَني، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، وَأَجِرْني مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ، اللهُمَّ امْدُدْ لي في عُمْري، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ في رِزْقي، وَانْشُرْ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَإِنْ كُنْتُ عِنْدَكَ في أُمِّ الْكِتابِ شَقِيّاً فَاْجَعْلني سَعيداً، فَإِنَّكَ تَمْحُو ما تَشاءُ وَتُثْبِتُ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الْكِتابِ.

ص: 30

ص: 31

الفصل الثاني: في دعوات أيّام الأسبوع § - نقلًا عن ملحقات الصحيفة السجّادية. § 18

دُعاءُ يَوْمِ السَّبْتِ

بِسْمِ اللَّهِ كَلِمَةُ الْمُعْتَصِمينَ، وَمَقالَةُ الْمُتَحَرِّزينَ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ تَعالى مِنْ جَوْرِ الْجائِرينَ، وَكَيْدِ الْحاسِدينَ، وَبَغْيِ الظَّالِمينَ، وَأَحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَريكٍ، وَالْمَلِكُ بِلا تَمْليكٍ، لا تُضادُّ في حُكْمِكَ، وَلا تُنازَعُ في مُلْكِكَ، أَسْأَ لُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَنْ تُوزِعَني مِنْ شُكْرِ نُعْماكَ ما تَبْلُغُ بي غايَةَ رِضاكَ، وَأَنْ تُعينَني عَلى

ص: 32

طاعَتِكَ وَلُزُومِ عِبادَتِكَ، وَاسْتِحْقاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنايَتِكَ، وَتَرْحَمَني بِصَدي عَنْ مَعاصيكَ ما أَحْيَيْتَني، وَتُوَفِّقَني لِما يَنْفَعُني ما أَبْقَيْتَني، وَأَنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْري، وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْري، وَتَمْنَحَنِيَ السَّلامَةَ في ديني وَنَفْسي، وَلا تُوحِشَ بي أَهْلَ أُنْسي، وَتُتِمَّ إِحْسانَكَ فيما بَقِيَ مِنْ عُمْري، كَما أَحْسَنْتَ فيما مَضى مِنْهُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

دُعاءُ يَوْمِ الأحَد

بِسْمِ اللَّهِ الَّذي لا أَرْجُو إِلّا فَضْلَهُ، وَلا أَخْشى إِلّا عَدْلَهُ، وَلا أَعْتَمِدُ إِلّا قَوْلَهُ، وَلا أُمْسِكُ إِلّا بِحَبْلِهِ، بِكَ أَسْتَجيرُ يا ذَا الْعَفْوِ وَ الرِّضْوانِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْعُدْوانِ، وَمِنْ غِيَرِ الزَّمانِ، وَتَواتُرِ الْأَحْزانِ، وَطَوارِقِ الْحَدَثانِ، وَمِنِ انْقِضاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ التَّأَهُّبِ وَ الْعُدَّةِ، وَإِيَّاكَ أَسْتَرْشِدُ لِما

ص: 33

فيهِ الصَّلاحُ وَالْإِصْلاحُ، وَبِكَ أَسْتَعينُ فيما يَقْتَرِنُ بِهِ النَّجاحُ وَالْإِنْجاحُ، وَإِيَّاكَ أَرْغَبُ في لِباسِ الْعافِيَةِ وَتَمامِها، وَشُمُولِ السَّلامَةِ وَدَوامِها، وَأَعُوذُ بِكَ يا رَبِّ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطينِ، وَأَحْتَرِزُ بِسُلْطانِكَ مِنْ جَوْرِ السَّلاطينِ، فَتَقَبَّلْ ما كانَ مِنْ صَلاتي وَصَوْمي، وَاجْعَلْ غَدي وَما بَعْدَهُ أَفْضَلَ مِنْ ساعَتي وَيَوْمي، وَأَعِزَّني في عَشيرَتي وَقَوْمي، وَاحْفَظْني في يَقْظَتي وَنَوْمي، فَأنْتَ اللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، اللهُمَّ إِني أَبْرَأُ إِلَيْكَ في يَوْمي هذا وَما بَعْدَهُ، مِنَ الْآحادِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْإِلْحادِ، وَأُخْلِصُ لَكَ دُعائي تَعَرُّضاً لِلْإِجابَةِ، وَأُقيمُ عَلى طاعَتِكَ رَجاءً لِلإِثابَةِ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِكَ الدَّاعي إِلى حَقِّكَ، وَأَعِزَّني بِعِزِّكَ الَّذي لا يُضامُ، وَاحْفَظْني بِعَيْنِكَ الَّتي لا تَنامُ، وَاخْتِمْ بِالانْقِطاعِ إِلَيْكَ أَمْري، وَ بِالْمَغْفِرَةِ عُمْري، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ.

ص: 34

دُعاءُ يَوْمِ الاثنين

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَمْ يُشْهِدْ أَحَداً حينَ فَطَرَ السَّماواتِ وَالْارْضَ، وَلَا اتَّخَذَ مُعيناً حينَ بَرَأَ النَّسَماتِ، لَمْ يُشارَكْ فِي الْإِلهِيَّةِ، وَلَمْ يُظاهَرْ فِي الْوَحْدانِيَّةِ، كَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ غايَةِ صِفَتِهِ، وَالْعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ، وَتَواضَعَتِ الْجَبابِرَةُ لِهَيْبَتِهِ، وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِخَشْيَتِهِ، وَانْقادَ كُلُّ عَظيمٍ لِعَظَمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ مُتَواتِراً مُتَّسِقاً، وَمُتَوالِياً مُسْتَوْسِقاً، وَصَلَواتُهُ عَلى رَسُولِهِ أَبَداً، وَسَلامُهُ دائِماً سَرْمَداً، اللهُمَّ اجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمي هذا صَلاحاً، وَأَوْسَطَهُ فَلاحاً، وَآخِرَهُ نَجاحاً، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهُ فَزَعٌ، وَأَوسَطُهُ جَزَعٌ، وَ آخِرُهُ وَجَعٌ، اللهُمَّ إِني أَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ نَذْرٍ نَذَرْتُهُ، وَكُلِّ وَعْدٍ وَعَدْتُهُ، وَكُلِّ عَهْدٍ عاهَدْتُهُ، ثُمَّ لَمْ أَفِ بِهِ، وَأَسْأَ لُكَ في مَظالِمِ عِبادِكَ عِنْدي، فَأَيَّما عَبْدٍ مِنْ

ص: 35

عَبيدِكَ أَوْ أَمَةٍ مِنْ إِمائِكَ، كانَتْ لَهُ قِبَلي مَظْلِمَةٌ ظَلَمْتُها إِيَّاهُ، في نَفْسِهِ، أَوْ في عِرْضِهِ، أَوْ في مالِهِ، أَوْ في أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، أَوْ غَيْبَةٌ اغْتَبْتُهُ بِها، أَوْ تَحامُلٌ عَلَيْهِ بِمَيْلٍ أَوْ هَوىً، أَوْ أَنَفَةٍ أَوْ حَمِيَّةٍ أَوْ رِياءٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ، غائِباً كانَ أَوْ شاهِداً، وَحَيّاً كانَ أَوْ مَيِّتاً، فَقَصُرَتْ يَدي، وَضاقَ وُسْعي عَنْ رَدِّها إِلَيْهِ وَاْلتَحَلُّلِ مِنْهُ، فَأَسْأَ لُكَ يا مَنْ يَمْلِكُ الْحاجاتِ، وَهِيَ مُسْتَجيبَةٌ لِمَشِيَّتِهِ، وَمُسْرِعَةٌ إِلى إِرادَتِهِ، أَنْ تُصَلِيَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُرْضِيَهُ عَنّي بِما شِئْتَ، وَتَهَبَ لي مِنْ عِنْدِكَ رَحْمَةً، إِنَّهُ لا تَنْقُصُكَ الْمَغْفِرَةُ، وَلا تَضُرُّكَ الْمَوْهِبَةُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ. اللهُمَّ أَوْلِني في كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ نِعْمَتَيْنِ مِنْكَ ثِنْتَيْنِ، سَعادَةً في أَوَّلِهِ بِطاعَتِكَ، وَنِعْمَةً في آخِرِهِ بِمَغْفِرَتِكَ، يا مَنْ هُوَ الْإِلهُ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ سِواهُ.

ص: 36

دُعاءُ يَوْمِ الثّلاثاء

الْحَمْدُ للَّهِ وَالْحَمْدُ حَقُّهُ كَما يَسْتَحِقُّهُ حَمْداً كَثيراً، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ نَفْسي، إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلّا ما رَحِمَ رَبِّي، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطانِ، الَّذي يَزيدُني ذَنْباً إِلى ذَنْبي، وَأَحْتَرِزُ بِهِ مِنْ كُلِّ جَبَّارٍ فاجِرٍ، وَسُلْطانٍ جائِرٍ، وَعَدُوٍّ قاهِرٍ، اللهُمَّ اجْعَلْني مِنْ جُنْدِكَ، فَإِنَّ جُنْدَكَ هُمُ الْغالِبُونَ، وَاجْعَلْني مِنْ حِزْبِكَ، فَإِنَّ حِزْبَكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَاجْعَلْني مِنْ أَوْلِيآئِكَ، فَإِنَّ أوْلياءَكَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لي ديني، فَإِنَّهُ عِصْمَةُ أَمْري، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي، فَإِنَّها دارُ مَقَري، وَإِلَيْها مِنْ مُجاوَرَةِ اللِّئامِ مَفَري، وَاجْعَلِ الْحَياةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَالْوَفاةَ راحَةً لي مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَ تَمامِ عِدَّةِ الْمُرْسَلينَ،

ص: 37

وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ، وَأَصْحابِهِ الْمُنْتَجَبينَ، وَهَبْ لي فِي الثُّلاثاءِ ثَلاثاً: لا تَدَعْ لي ذَنْباً إِلّا غَفَرْتَهُ، وَلا غَمّاً إِلّا أَذْهَبْتَهُ، وَلا عَدُوّاً إِلّا دَفَعْتَهُ، بِبِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْماءِ، بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ، أَسْتَدْفِعُ كُلَّ مَكْروهٍ أَوَّلُهُ سَخَطُهُ، وَأَسْتَجْلِبُ كُلَّ مَحْبُوبٍ أَوَّلُهُ رِضاهُ، فَاخْتِمْ لي مِنْكَ بِالْغُفْرانِ يا وَلِيَّ الْإِحْسانِ.

دُعاءُ يَوْمِ الأربَعاء

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي جَعَلَ اللَّيْلَ لِباساً، وَالنَّوْمَ سُباتاً، وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً، لَكَ الْحَمْدُ أَنْ بَعَثْتَني مِنْ مَرْقَدي وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ سَرْمَداً، حَمْداً دائِماً لا يَنْقَطِعُ أَبَداً، وَلا يُحْصي لَهُ الْخَلائِقُ عَدَداً، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْ خَلَقْتَ فَسَوَّيْتَ، وَقَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ، وَأَمَتَّ وَأَحْيَيْتَ، وَأَمْرَضْتَ وَشَفَيْتَ، وَعافَيْتَ وَأَبْلَيْتَ، وَعَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَيْتَ،

ص: 38

وَعَلَى الْمُلْكِ احْتَوَيْتَ، أَدْعُوكَ دُعاءَ مَنْ ضَعُفَتْ وَسيلَتُهُ، وَانْقَطَعَتْ حيلَتُهُ، وَاقْتَرَبَ أَجَلُهُ، وَتَدانى فِي الدُّنْيا أَمَلُهُ، وَاشْتَدَّتْ إِلى رَحْمَتِكَ فاقَتُهُ، وَعَظُمَتْ لِتَفْريطِهِ حَسْرَتُهُ، وَ كَثُرَتْ زَلَّتُهُ وَعَثْرَتُهُ، وَخَلُصَتْ لِوَجْهِكَ تَوْبَتُهُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ، وَارْزُقْني شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَلا تَحْرِمْني صُحْبَتَهُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، اللهُمَّ اقْضِ لي فِي الْأَرْبَعاءِ أَرْبَعاً:

اجْعَلْ قُوَّتي في طاعَتِكَ، وَنَشاطي في عِبادَتِكَ، وَرَغْبَتي في ثَوابِكَ، وَزُهْدي فيما يُوجِبُ لي أَليمَ عِقابِكَ، إِنَّكَ لَطيفٌ لِما تَشاءُ.

دُعاءُ يَوْمِ الخَمِيس

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَذْهَبَ اللَّيْلَ مُظْلِماً بِقُدْرَتِهِ، وَجاءَ

ص: 39

بِالنَّهارِ مُبْصِراً بِرَحْمَتِهِ، وَكَساني ضِياءَهُ وَأَنَا في نِعْمَتِهِ، اللهُمَّ فَكَما أَبْقَيْتَني لَهُ فَأَبْقِني لِأَمْثالِهِ، وَصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَفْجَعْني فيهِ وَفي غَيْرِهِ مِنَ اللَّيالي وَالْأَيَّامِ، بِارْتِكابِ الْمَحارِمِ، وَاكْتِسابِ الْمَآثِمِ، وَارْزُقْني خَيْرَهُ وَخَيْرَ ما فيهِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهُ، وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ وَشَرَّ ما فيهِ وَشَرَّما بَعْدَهُ، اللهُمَّ إِني بِذِمَّةِ الْإِسْلامِ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ، وَبِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ، وَبِمُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَسْتَشْفِعُ لَدَيْكَ، فَاعْرِفِ اللهُمَّ ذِمَّتِيَ الَّتي رَجَوْتُ بِها قَضاءَ حاجَتي، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللهُمَّ اقْضِ لي فِي الْخَميسِ خَمْساً لا يَتَّسِعُ لَها إِلّا كَرَمُكَ، وَلا يُطيقُها إِلّا نِعَمُكَ: سَلامَةً أَقْوى بِها عَلى طاعَتِكَ، وَعِبادَةً أَسْتَحِقُّ بِها جَزيلَ مَثُوبَتِكَ، وَسَعَةً فِي الْحالِ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلالِ، وَأَنْ تُؤْمِنَني في مَواقِفِ الْخَوْفِ بِأَمْنِكَ، وَتَجْعَلَني مِنْ

ص: 40

طَوارِقِ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ في حِصْنِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ تَوَسُّلي بِهِ شافِعاً يَوْمَ الْقِيامَةِ نافِعاً، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّحِمينَ.

دُعاءُ يَوْمِ الجُمعَة

الْحَمْدُ للَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِنْشاءِ وَالْإِحْياءِ، وَالْآخِرِ بَعْدَ فَناءِ الْأَشْياءِ، الْعَليمِ الَّذي لا يَنْسى مَنْ ذَكَرَهُ، وَلا يَنْقُصُ مَنْ شَكَرَهُ وَلا يَخيبُ مَنْ دَعاهُ، وَلا يَقْطَعُ رَجاءَ مَنْ رَجاهُ، اللهُمَّ إِني أُشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهيداً، وَأُشْهِدُ جَميعَ مَلائِكَتِكَ وَسُكَّانَ سَماواتِكَ وَ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَمَنْ بَعَثْتَ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَأَنْشَأْتَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ، أَنّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ وَلا عَديلَ، وَلا خُلْفَ لِقَوْلِكَ وَلا تَبْديلَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَدّى ما

ص: 41

حَمَّلْتَهُ إِلَى الْعِبادِ، وَجاهَدَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّ الْجِهادِ، وَأَنَّهُ بَشَّرَ بِما هُوَ حَقٌّ مِنَ الثَّوابِ، وَأَنْذَرَ بِما هُوَ صِدْقٌ مِنَ الْعِقابِ، اللهُمَّ ثَبِّتْني عَلى دينِكَ ما أَحْيَيْتَني، وَلا تُزِغْ قَلْبي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَني، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْني مِنْ أَتْباعِهِ وَشِيعَتِهِ، وَاحْشُرْني في زُمْرَتِهِ، وَوَفِّقْني لِأَداءِ فَرْضِ الْجُمُعاتِ، وَما أَوْجَبْتَ عَلَيَّ فيها مِنَ الطَّاعاتِ، وَقَسَمْتَ لِأَهْلِها مِنَ الْعَطاءِ في يَوْمِ الْجَزاءِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ.

ص: 42

ص: 43

الفصل الثالث: في أعمال ليلة الجمة ونهارها

اشارة

في أعمال ليلة الجمة ونهارها

اعلم أنّ ليلة الجُمعة ونهارها يمتازان على سائر اللّيالي والأيّام سموّاً وشرفاً ونباهة، روي عن النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: انّ ليلة الجمعة ونهارها أربع وعشرون ساعة، للَّه عزّوجلّ في كلّ ساعة ستمائة ألف عتيق من النّار.

وبسند معتبر عن الرّضا عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

إنّ يوم الجُمعة سيّد الأيّام، يضاعف اللَّه عزّوجلّ فيه الحسنات، ويمحو فيه السّيّئات، ويرفع فيه الدّرجات، ويستجيب فيه الدّعوات، ويكشف فيه الكربات، ويقضي فيهِ الحوائج العظام، وهو يوم المزيد، للَّه فيهِ

ص: 44

عتقاء وطلقاء من النّار، ما دعا فيه أحد من النّاس وعرف حقّه وحرمته إلّاكان حقّاً على اللَّه عزّوجلّ أن يجعله من عتقائه وطُلقائه من النّار، فان مات في يومه أو ليلته مات شهيداً وبعث آمناً، وما استخفّ أحد بحرمته وضيّع حقّه إلّاكان حقّاً على اللَّه عزّوجلّ أن يصليه نار جهنّم إلّاأن يتوب.

وعن الصّادق عليه السلام قال: مَن مَات ما بين زوال الشّمس من يوم الخميس إلى زوال الشّمس من يوم الجُمعة أعاذه اللَّه من ضغطة القبر.

وعنه عليه السلام أيضاً قال: إنّ للجمعة حقّاً، فإيّاك أن تضيّع حرمته أو تقصر في شَي ءٍ من عبادة اللَّه تعالى والتقرّب إليه بالعمل الصّالح وترك المحارم كلّها، فإنّ اللَّه تعالى يضاعف فيه الحسنات ويمحو السّيئات، ويرفع فيه الدّرجات، ويومه مثل ليلته، فإن استطعت أن تحييها

ص: 45

بالدّعاء والصلاة فافعل؛ فإنّ اللَّه تعالى يرسل فيها الملائكة إلى السّماء الدّنيا لتضاعف فيها الحَسَنات وتمحو فيها السّيئات، وإنّ اللَّه واسِع كريم.

وأيضاً في حديث معتبر عنه عليه السلام قال: إنّ المؤمن ليدعو في الحاجة فيؤخّر اللَّه حاجته الّتي سأل إلى يوم الجمعة ليخصّه بفضله (أي ليضاعف له بسبب فضل يوم الجمعة).

وقال: لمّا سأل إخوة يوسف يعقُوب أن يستغفر لهم، قال: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّي ثمّ أخّر الاستغفار إلى السّحر من ليلة الجمعة كي يستجاب له.

وبأسناد معتبرة عن الباقر عليه السلام قال: ما طلعت الشّمس بيوم أفضل من يوم الجمعة.

وبسند معتبر عن الصّادق عليه السلام قال: من وافق منكم يوم الجُمعة، فلا يشتغلنّ بشي ء غير العبادة فإنّ فيه يُغفر

ص: 46

للعباد، وتنزل عليهم الرّحمة.

وفضل ليلة الجُمعة ونهارها أكثر من أن يُورد في هذه الوجيزة.

أعْمالُ لَيلةِ الجُمعةِ

أمّا أعْمالُ لَيلةِ الجُمعةِ فكثيرة، وهُنا نقتصر على عدّة منها:

الأوّل: الإكثار من قول سُبْحانَ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا إِلهَ إلّااللَّهُ، والإكثار من الصلاة على محمّد وآله. وفي رواية: إنّ أقلّ الصلاة على محمّد وآله في هذه الليلة مائة مرّة، وما زدت فهو أفضل.

وعن الصّادق عليه السلام: إنّ الصلاة على محمّد وآله في ليلة الجمعة تعدل ألف حسنة، وتمحو ألف سيّئة وترفع ألف درجة. ويستحبّ الاستكثار فيها من الصلاة على

ص: 47

محمّد وآل محمّد صلوات اللَّه عليهم من بعد صلاة العصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم الجمعة.

وقال الشيخ الطوسي: ويستحبّ أن تستغفر آخر نهار يوم الخميس فتقول:

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إلّاهُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ تَوْبَةَ عَبْدٍ خاضِعٍ مِسْكينٍ مُسْتَكينٍ، لا يَسْتَطيعُ لِنَفْسِهِ صَرْفاً وَلا عَدْلًا وَلا نَفْعاً وَلا ضَرّاً، وَلا حَياةً وَلا مَوْتاً وَلا نُشُوراً، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ الْأَخْيارِ الْأَبْرارِ وَسَلَّمَ تَسْليماً.

الثاني: أن يقرأ ليلة الجُمعة سورة بني إسرائيل والكهف والسّور الثلاث المبدوءة بطس وسورة الم السّجدة ويس وص والأحقاف والواقعة وحم السّجدة وحم الدّخان والطور واقتربت والجمعة، فإن لم تسنح له الفرصة فَلْيَخْتَر من هذه السّور الواقعة وما قبلها.

ص: 48

واعلم أنّ الصّلوات المأثورة في ليلة الجُمعة عديدة، منها: صلاة أمير المؤمنين عليه السلام، ومنها: الصلاة ركعتان يقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة إِذا زلزلت خمس عشرة مرّة، فقد روي أنّ من صلّاها آمنه اللَّه تعالى من عذاب القبر وأهوال يوم القيامة.

الثالث: أن يقرأ سورة الجُمعة في الرّكعة الأُولى من فريضتي المغرب والعشاء، ويقرأ التّوحيد في الثّانية من المغرب، والأعلى في الثّانية من العشاء.

الرابع: أن يكثر من الدّعاء لإخوانه المؤمنين كما كانت تصنع الزّهراء عليها السلام، وإِذا دعا لعشر من الأموات منهم فقد وجبت له الجنّة كما في الحديث.

الخامس: أن يدعو بالمأثور من أدعيتها وهي كثيرة، ونحن نقتصر على ذكر نبذ يسيرة منها: بسند صحيح عن الصّادق عليه السلام أنّ من دعا بهذا الدّعاء ليلة الجُمعة في

ص: 49

السّجدة الأخيرة من نافلة العشاء سبع مرّات فرغ مغفوراً له. والأفضل أن يكرّر العمل في كلّ ليلة:

اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ وَاسْمِكَ الْعَظيمِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لي ذَنْبِيَ الْعَظيمَ.

وعن النّبيّ قال: من قال هذه الكلمات سبع مرّات في ليلة الجمعة فمات ليلته دخل الجنّة، ومن قالها يوم الجمعة فمات في ذلك اليوم دخل الجنّة، ومن قال:

اللهُمَّ أَنْتَ رَبي لا إِلهَ إلّاأَنْتَ، خَلَقْتَني وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، وَفي قَبْضَتِكَ وَناصِيَتي بِيَدِكَ، أَمْسَيْتُ عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ شَرِّ ما صَنَعْتُ، أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ (1) 19 وَأَبُوءُ بِذَنْبي (2) 20 فَاغْفِرْ لي ذُ نُوبي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّاأَنْتَ.


1- - بِعَمَلي- خ-.
2- - بِذُنُوبي- خ-.

ص: 50

ويستحبّ أن يدعى بهذا الدّعاء في ليلة الجمعة ونهارها وفي ليلة عرفة ونهارها، ونحن نروي الدّعاء عن كتاب المصباح للشّيخ وهو:

اللهُمَّ مَنْ تَعَبَّأَ وَتَهَيّأَ وَأَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَطَلَبَ نائِلِهِ وَجائِزَتِهِ، فَإِلَيْكَ يا رَبِّ تَعْبِيَتي وَاسْتِعْدادي رَجاءَ عَفْوِكَ وَطَلَبَ نائِلِكَ وَجائِزَتِكَ، فَلا تُخَيِّبْ دُعائي يا مَنْ لا يَخيبُ عَلَيْهِ سائِلٌ (1) 21 وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ، فَإِنّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً بِعَمَلٍ صالِحٍ عَمِلْتُهُ، وَلا لِوِفادَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ، أَتَيْتُكَ مُقِرّاً عَلى نَفْسي بِالْإِساءةِ وَالظُّلْمِ، مُعْتَرِفاً بِأَنْ لا حُجَّةَ لي وَلا عُذْرَ، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظيمَ عَفْوِكَ، الَّذي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الْخاطِئينَ (2) 22 فَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلى عَظيمِ


1- - السَّائِلُ- خ-.
2- - عَلَوْتَ بِهِ عَلَى الْخَطَّائينَ- خ-.

ص: 51

الْجُرْمِ أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ، فَيا مَنْ رَحْمَتُهُ واسِعَةٌ، وَعَفْوُهُ عَظيمٌ، يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ، لا يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلّا حِلْمُكَ، وَلا يُنْجي مِنْ سَخَطِكَ إِلَّا التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ، فَهَبْ لي يا إِلهي فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتي تُحْيي بِها مَيْتَ الْبِلادِ، وَلا تُهْلِكْني غَمّاً حَتّى تَسْتَجيبَ لي، وَتُعَرِّفَنِي اْلإِجابَةَ في دُعائي، وَأَذِقْني طَعْمَ الْعافِيَةِ إِلى مُنَتَهى أَجَلي، وَلا تُشْمِتْ بي عَدُوّي وَلا تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ، وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقي، اللهُمَ (1) 23 إِنْ وَضَعْتَني فَمَنْ ذَا الَّذي يَرْفَعُني؟ وَإِنْ رَفَعْتَني فَمَنْ ذَا الَّذي يَضَعُني؟ وَإِنْ أَهْلَكْتَني فَمَنْ ذَا الَّذي يَعْرِضُ لَكَ في عَبْدِكَ أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ في حُكْمِكَ ظُلْمٌ، وَلا في


1- - إِلهي- خ-.

ص: 52

نَقَمَتِكَ عَجَلَةٌ، وَإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ، وَإِنَّما يَحْتاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعيفُ، وَقَدْ تَعالَيْتَ يا إِلهي عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبيراً، اللهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ فَأَعِذْني، وَأَسْتَجيرُ بِكَ فَأَجِرْني، وَأَسْتَرْزِقُكَ فَارْزُقْني، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ فَاكْفِني، وَأَستَنْصِرُكَ عَلى عَدُوّي (1) 24 فَانْصُرْني، وَأَسْتَعينُ بِكَ فَأَعِنِّي، وَأَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهي فَاغْفِرْ لي، آمينَ آمينَ آمينَ.

السادس: أن يدعو بدعاء كميل، وَسَيذكر ان شاء اللَّه تعالى.

السابع: أن يقول عشر مرّات يا دائِمَ الْفَضْلِ عَلى الْبَريِّةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالْعَطِيَّةِ، يا صاحِبَ الْمَواهِبِ السَّنِيَّةِ، صَلِّ عَلى مُحَمِّدٍ وَآلِهِ خَيْرِ الْوَرىْ سَجِيَّةً، وَاغْفِرْ لَنا يا ذَا الْعُلى في هذِهِ الْعَشِيَّةِ.


1- - عَدُوِّكَ- خ-.

ص: 53

وهذا الذّكر الشّريف وارد في ليلة عيد الفطر أيضاً.

الثامن: وعن الصّادق عليه السلام أنّ من قال بين نافلة الصّبح وفريضته مائة مرّة: سُبْحانَ رَبِّيَ الْعَظيمِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. بنى اللَّه له بيتاً في الجنّة.

التاسع: روى الشّيخ والسّيد وغيرهما وقالوا:

يستحبّ أن يدعى في السّحر ليلة الجُمعة، بهذا الدّعاء:

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَهَبْ لِيَ الْغَداةَ رِضاكَ، وَأَسْكِنْ قَلْبي خَوْفَكَ، وَاقْطَعْهُ عَمَّنْ سِواكَ حَتّى لا أَرْجُوَ وَلا أَخافَ إِلّا إِيّاكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَهَبْ لي ثَباتَ الْيَقينِ، وَمَحْضَ الْإِخْلاصِ، وَشَرَفَ التَّوْحيدِ، وَدَوامَ الاسْتِقامَةِ، وَمَعْدِنَ الصَّبْرِ، وَالرِّضا بِالْقَضاءِ وَالْقَدَرِ، يا قاضِيَ حَوائِجِ السَّائِلينَ، يا مَنْ يَعْلَمُ ما في ضَميرِ الصَّامِتينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَاسْتَجِبْ دُعائي، وَاغْفِرْ ذَنْبي، وَأَوْسِعْ رِزْقي، وَاقْضِ

ص: 54

حَوائِجي في نَفْسي وَإِخْواني في ديني وَأَهْلي، إِلهي طُمُوحُ الْآمالِ قَدْ خابَتْ إِلّا لَدَيْكَ، وَمَعاكِفُ الْهِمَمِ قَدْ تَعَطَّلَتْ إِلاّ عَلَيْكَ، وَمَذاهِبُ الْعُقُولِ قَدْ سَمَتْ إِلّا إِلَيْكَ، فَأَنْتَ الرَّجاءُ وَإِلَيْكَ الْمُلْتَجَأُ، يا أَكْرَمَ مَقْصُودٍ وَأَجْوَدَ مَسْؤُولٍ، هَرَبْتُ إِلَيْكَ بِنَفْسي يا مَلْجَأَ الْهارِبينَ بِأَثْقالِ الذُّنُوبِ أَحْمِلُها عَلى ظَهْري، لا أَجِدُ لي إِلَيْكَ شافِعاً سِوى مَعْرِفَتي بِأَنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ رَجاهُ الطَّالِبُونَ، وَأَمَّلَ مالَدَيْهِ الرَّاغِبُونَ، يا مَنْ فَتَقَ الْعُقُولَ بِمَعْرِفَتِهِ، وَأَطْلَقَ الأَلْسُنَ بِحَمْدِهِ، وَجَعَلَ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلى عِبادِهِ في كِفاءٍ (1) 25 لِتَأدِيَةِ حَقِّهِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَلا تَجْعَلْ لِلشَّيْطانِ عَلى عَقْلي سَبيلًا، وَلا لِلْباطِلِ على عَمَلي دَليلًا.


1- - أَنالَ بِهِ حَقّه- خ-.

ص: 55

فإِذا طلع الفجر يوم الجمعة فليقل:

أَصْبَحْتُ في ذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ مَلائِكَتِهِ، وَذِمَمِ أَنْبِيائِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيهِمُ السَّلامُ، وَذِمَّةِ مُحمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَذِمَمِ الأَوْصِياءِ مِنْ آلِ محَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، آمَنْتُ بِسِرّ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَعَلانِيَتِهِمْ وَظاهِرِهِمْ وَباطِنِهِمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ في عِلْمِ اللَّهِ وَطاعَتِهِ كَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ.

العاشر: وروي أنّ مَنْ قال يوم الجمعة قبل صلاة الصّبح ثلاث مرّات: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. غُفِرَتْ ذنوبه ولو كانت أكثر من زَبَد البحر.

واعلم أنّ ليلة السّبت هي كَليلَة الجُمعة على بعض الرّوايات، فينبغي أن يقرأ فيها ما يقرأ في ليلة الجُمعة.

ص: 56

أعْمال يوم الجُمعة

وَأمّا أعْمال يوم الجُمعة فكثيرة، ونحن هُنا نقتصر على عدّة منها:

الأوّل: أن يقرأ في الرّكعة الأُولى من صلاة الفجر سورة الجمعة، وفي الثّانية سورة التّوحيد.

الثاني: أن يدعو بهذا الدُعاء بعد صلاة الغداة قبل أن يتكلّم ليكون ذلك كفّارة ذنوبه من جمعة إلى جُمعة:

اللهُمَّ ما قُلْتُ في جُمُعَتي هذِهِ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ حَلَفْتُ فيها مِنْ حَلْفٍ، أَوْ نَذَرْتُ فيها مِنْ نَذْرٍ، فَمَشِيَّتُكَ بَيْنَ يَدَيْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَما شِئْتَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كانَ، وَما لَمْ تَشَأْ مِنْهُ لَمْ يَكُن، اللهُمَّ اغْفِرْ لي وَتَجاوَزْ عَني، اللهُمَّ مَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ فَصَلاتي عَلَيْهِ، وَمَنْ لَعَنْتَ فَلَعْنَتي عَلَيْهِ.

وروى الشّيخ الطوسي أنّ من المسنُون هذا الدّعاء

ص: 57

في تعقيب فريضة الفجر يوم الجُمعة:

اللهُمَّ إِني تَعَمَّدْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتي، وَأَنْزَلْتُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ فَقْري وَفاقَتي وَمَسْكَنَتي، فَأَنَا لِمَغْفِرَتِكَ أَرْجى مِنّي لِعَمَلي، وَلَمَغْفِرَتُكَ وَرَحْمَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُ نُوبي، فَتَولَّ قَضاءَ كُلِّ حاجَةٍ لي بِقُدْرَتِكَ عَلَيْها وَتَيْسيرِ (1) 26 ذلِكَ عَلَيْكَ، وَلِفَقْري إِلَيْكَ فَإِني لَمْ أُصِبْ خَيْراً قَطُّ إلّا مِنَك، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنّي سُوءاً قَطُّ أَحَدٌ سِواكَ، وَلَسْتُ (2) 27 أَرْجُو لآخِرَتي وَدُنْيايَ، وَلا لِيَوْمِ فَقْري يَوْمَ يُفْرِدُنِيَ النَّاسُ في حُفْرَتي، وَأُفْضي إِلَيْكَ بِذَنْبي سِواكَ.

الثالث: أن يقول بعد الفريضة في الفجر والزوال في يوم الجُمعة وغيره من الأيّام. «اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ» والافضل أنْ يقوله


1- - وَتَيَسُّرِ- خ-.
2- - وَلَيْسَ- خ-.

ص: 58

مائة مرّة.

الرابع: قال الشّيخ الطوسي رحمه الله: من المسنون بعد فريضة الصّبح يوم الجُمعة أن يقرأ التّوحيد مائة مرّة، وَيُصلّي على محمّد وآل مُحمّد مائة مرّة، ويستغفر مائة مرّة، ويقرأ سورة النّساء وهُود والكهف والصّافات والرّحمن.

الخامس: أن يقرأ سورة الأحقاف والمؤمنُون.

السادس: أن يقرأ سُورة قُل يا أيُّهَا الْكافِرُونَ قبل طلوع الشّمس عشر مرّات، ثمّ يدعو ليستجاب دعاؤه، وروي أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام كان إِذا أصبح الصّباح يوم الجمعة أخذ في قراءة آية الكرسي إلى الظّهر، ثمّ إِذا فرغ من الصلاة أخذ في قراءة سُورَة إِنّا أَنْزَلْناهُ.

السابع: أن يغتسل، وذلك من وكيد السّنن، وروي عن النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أنّه قال لعليّ عليه السلام: يا علي اغتسل في كلّ

ص: 59

جمعة ولو أنّك تشتري الماء بقوت يومك وتطويه؛ فإنّه ليس شي ء من التطوّع أعظم منه.

ووقته من بعد طلُوع الفجر الى زوال الشّمس، وكلّما قرب الوقت إلى الزّوال كان أفضل.

الثامن: أن يقصّ شاربه ويقلّم أظفاره، فلذلك فضل كثير: يزيد في الرّزق، ويمحو الذّنوب إلى الجمعة القادمة، ويوجب الأمن من الجنون والجُذام والبرص.

التاسع: أن يتطيّب ويلبس صالح ثيابه.

العاشر: أن يتصدّق فالصّدقة تضاعف على بعض الرّوايات في ليلة الجُمعة ونهارها ألف ضعفها في سائر الأوقات.

الحادي عشر: أن يطرف أهله في كلّ جمعة بشي ء من الفاكهة واللّحم حتّى يفرحُوا بالجمعة.

الثاني عشر: أن يتفرّغ فيه لتعلّم أحكام دينه.

ص: 60

الثالث عشر: أن يصلّي على النّبيّ وآله ألف مرّة.

فإِن لم تسنح له الفرصة بالصلاة ألف مرّة فلا أقلّ من المائة مرّة، وروي أنّ من صلّى على محمّد وآله يوم الجُمعة مائة مرّة وقال مائة مرّة: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبّي وأَتُوبُ إِلَيْهِ، وقرأ التّوحيد مائة مرّة غفر له ألبتّة، وروي أيضاً أنّ الصلاة على محمّد وآله بين الظّهر والعصر تعدل سبعين حجّة.

الرابع عشر: أن يزُور النّبيّ والأئمّة الطاهرين سلام اللَّه عليهم أجمعين.

الخامس عشر: حضور صلاة الجمعة، قال اللَّه تبارك وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

وفي الفقيه عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: من أتى الجمعة

ص: 61

إيماناً واحتساباً استأنف العمل، وعن الباقر عليه السلام قال: من ترك الجمعة ثلاثاً متواليات بغير علّة طبع اللَّه على قلبه، وعن الصادق عليه السلام قال: ما من قدم سعت إلى الجمعة إلّا حرّم اللَّه جسدها على النار.

وتجب صلاة الجمعة مع شرائطها ومنها العدد، والخطبتان قبل الصلاة، والجماعة، وغير ذلك، وهي ركعتان، فمن أراد الاطّلاع على كيفيتها وشرائطها فليراجع الكتب المفصّلة، و من صلّى الجمعة مع الشرائط سقطت عنه صلاة الظهر و إلّا وجب عليه الظهر.

بعض الصلوات المستحبّة في يوم الجمعة

السادس عشر: اعلم أنّه قد ذكر ليومِ الجُمعة صلوات كثيرة سوى نافلة الجُمعة التي هي عشرون ركعة، وصفتها على المشهور أن يصلّي ستّ ركعات منها عند انبساط الشّمس، وستّاً عند ارتفاعها، وستّاً قبل الزّوال،

ص: 62

وركعتين بعد الزّوال قبل الفريضة، أو أن يصلّي الستّ ركعات الأولى بعد صلاة الجُمعة أو الظّهر على ما هُو مذكور في كتب الفقهاء وفي المصابيح.

وينبغي هُنا إيراد عدّة من تلك الصّلوات المذكورة ليوم الجُمعة وإِن كان أكثرها لا يخصّ يوم الجُمعة ولكنّها في يوم الجُمعة أفضل. من تلك الصّلوات، الصلاة الكاملة التي رواها الشّيخ والسّيد والشّهيد والعلّامة وغيرهم بأسانيد عديدة معتبرة عن الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام عن آبائه الكرام عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: مَن صلّى يو م الجُمعة قبل الزّوال أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد عشر مرّات وكلًاّ مِن قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ يا أيُّها الْكافِرُونَ ومثلها آية الكرسي، وفي رواية أُخرى يقرأ أيضاً عشر مرّات

ص: 63

إِنّا أَنْزَلْناهُ في لَيلةِ الْقَدر وعشر مرّات آية شَهِدَ اللَّه وبعد فراغه من الصلاة يستغفر اللَّه مائة مرّة ويقول:

«سُبْحانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُللَّهِ وَلا إِلهَ إلّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوةَ إِلّا بِاللَّه الْعَليِّ الْعَظيمِ» مائة مرّة ويصلّي على محمّد وآل محمّد مائة مرّة. من صلّى هذه الصلاة دفع اللَّه عنه شَرَّ أهل السّماء وأهل الأرض، وشرّ الشّيطان وشرّ كلّ سُلطان جائر.

صلاة أُخرى: روى الحارث الهمداني عن أميرالمؤمنين عليه السلام انّه قال: إِنِ استطعت أن تصلّي يوم الجُمعة عشر ركعات تتمّ سجودهنّ وركوعهنّ وتقُول فيما بين كلّ ركعتين: (سُبْحانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ) مائة مرّة فافعل فإنّ لها فضلًا عظيماً.

صلاة أُخرى: بسند معتبر عن الصّادق عليه السلام قال: مَن قرأ سُورة ابراهيم وسورة الحجر في ركعتين جميعاً في

ص: 64

يوم الجُمعة لم يصبه فقر أبداً ولا جنون ولا بلوى. وَمنها:

صلاة النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم

رَوى السّيد ابن طاووس رحمه الله بسند معتبر عن الرّضا عليه السلام أنّه سئل عن صلاة جعفر الطّيّار رحمه الله فقال: أين أنت عن صلاة النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم؟ فعسى رسُول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لم يصلّ صلاة جعفر قطّ، ولعلّ جعفراً لم يصلّ صلاة رسُول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قطّ، فقلت: علّمنيها، قال: تصلّي ركعتين تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و إنّا أنزلناهُ في ليلة القدر خمس عشرة مرّة ثمّ تركع فتقرأها خمس عشرة مرّة، وخمس عشرة مرّة إِذا استويت قائماً، وخمس عشرة مرّة إِذا سجدت، وخمس عشرة مرّة إِذا رفعت رأسك من السّجود، وخمس عشرة مرّة في السّجدة الثانية، وخمس عشرة مرّة إِذا رفعت رأسك من الثّانية، ثمّ

ص: 65

تنصرف وليس بينك وبين اللَّه تعالى ذنب إلّاوقد غفر لك، وتعطى جميع ما سألت، والدّعاء بعدها:

لا إِلهَ إلَّااللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّ آبائِنَا الْأَوَّلينَ، لا إِلهَ إلَّااللَّهُ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ، لا إِلهَ إلَّا اللَّهُ لا نَعْبُدُ إلاّ إيَّاهُ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، لا إِلهَ إلَّااللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزابَ وَحْدَهُ، فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَديرٌ، اللهُمَّ أَنْتَ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فيهِنَّ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ قَيَّامُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فيهِنَّ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُ (1) 28، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وِإِنْجازُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ


1- حَقٌّ- خ-.

ص: 66

تَوَكَّلْتُ وَبِكَ خاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حاكَمْتُ يا رَبِّ يا رَبِّ يا ربِّ، اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلهي لا إِلهَ إلاّ أَنْتَ، صَلِّ عَلى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لي وَارْحَمْني، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التوَّابُ الرَّحيمُ. (1) 29 قال المجلسي رحمه الله: إنّ هذه الصلاة مِنَ الصلوات المشهورةوقد رواها العامّة والخاصّة، وعدّها بعضهم مِن صلوات يَوم الجُمعة ولم يظهر من الرّواية اختصاص به، ويجزي عَلى الظّاهر أن يؤتى بها في سائر الأيّام. وَمنها:

صلاة أمير المؤمِنين عليه السلام

روى الشّيخ والسيّد عن الصّادق عليه السلام: أنّه قال: من صلّى منكم أربع ركعات صلاة أمير المؤمنين عليه السلام خَرَج


1- وفي مصباح المتهجّد كَريمٌ رَؤوفٌ رَحيمٌ، بدل: التَّوابُ الرَّحيمُ.

ص: 67

من ذُنوبه كيوم ولدته أمّه وقضيت حوائجه؛ يقرأ في كلِّ رَكعةٍ الحَمد مرّة وخمسين مرّة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ فإِذا فرغ مِنها دعا بهذا الدّعاء وَهو تسبيحُه عليه السلام:

سُبْحانَ مَنْ لا تَبيدُ مَعالِمُهُ، سُبْحانَ مَنْ لا تَنْقُصُ خَزائنُهُ، سُبْحانَ مَنْ لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْفَدُ ما عِنْدَهُ، سُبحانَ مَنْ لَا انْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ، سُبْحانَ مَنْ لا يُشارِكُ أَحَداً في أَمْرِهِ، سُبْحانَ مَنْ لا إِلهَ غَيْرُهُ، ويَدعُو بعد ذلك ويقول:

يا مَنْ عَفا عَنِ السَّيِئاتِ وَلَمْ يُجازِ بِهَا، ارْحَمْ عَبْدَكَ يا اللَّهُ، نَفْسي نَفْسي أَنَا عَبْدُكَ يا سَيِّداهُ، أَنَا عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ يا رَبَّاهُ، إِلهي بِكَيْنُونَتِكَ يا أَمَلاهُ، يا رَحْماناهُ يا غِياثاهُ، عَبْدُكَ عَبْدُكَ لا حِيلَةَ لَهُ يا مُنتَهى رَغْبَتاهُ، يا مُجْرِيَ الدَّمِ في عُرُوقي (1) 30 يا سَيِّداهُ، يا مالِكاهُ أَيا هُوَ أَيا


1- - عُروُقِ عَبْدِكَ- خ-.

ص: 68

هُوَ يا رَبَّاهُ، عَبْدُكَ عَبْدُكَ لا حيلَةَ لي وَلا غِنى بي عَنْ نَفسي، وَلا أَسْتَطيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَلا أَجِدُ مَنْ أُصانِعُهُ، تَقَطَّعَتْ أَسْبابُ الْخَدائِعِ عَني، وَاضْمَحَلَّ كُلُّ مَظْنُونٍ عّني، أَفْرَدَنِي الدَّهْرُ إِلَيْكَ فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ هذَا الْمَقامَ، يا إِلهي بِعِلْمِكَ كانَ هذا كُلُّهُ، فَكَيْفَ أَنْتَ صانِعٌ بي، وَلَيْتَ شِعْري كَيْفَ تَقُولُ لِدُعائي، أَتَقُولُ: نَعْمَ، أَمْ تَقُولُ: لا، فَإِنْ قُلْتَ: لا، فَيا وَيْلي يا وَيْلي يا وَيْلي، يا عَوْلي يا عَوْلي يا عَوْلي، يا شِقْوَتي يا شِقْوَتي يا شِقْوَتي، يا ذُلِّي يا ذُلِّي يا ذُلِّي، إِلى مَنْ؟ وَمِمَّنْ؟ أَوْ عِنْدَ مَنْ؟ أَوْ كَيْفَ؟ أَوْ ماذا؟ أَوْ إِلى أَيِّ شَي ءٍ أَلْجَأُ؟ وَمَنْ أَرْجُو؟ وَمَنْ يَجُودُ عَليَّ بِفَضْلِهِ حينَ تَرْفُضُني يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ؟ وَإِنْ قُلْتَ: نَعَمْ كَما هُوَ الظَّنُّ بِكَ، وَالرَّجاءُ لَكَ، فَطُوبى لي أَنَا السَّعيدُ وَأَنَا الْمَسْعُودُ، فَطُوبى لي وَأَنَا الْمَرْحُومُ، يا

ص: 69

مُتَرَحِّمُ يامُتَرَئِّفُ يا مُتَعَطِّفُ يا مُتَجَبِّرُ (1) 31، يا مُتَمَلِّكُ يا مُقْسِطُ، لا عَمَلَ لي أَبْلُغُ بِهِ نَجاحَ حاجَتي، أَسْأَ لُكَ بِاْسمِكَ الَّذي جَعَلْتَهُ في مَكْنُونِ غَيْبِكَ وَاسْتَقَرَّ عِنْدَكَ، فَلا يَخْرُجُ مِنْكَ إِلى شَيْ ءٍ سِواكَ، أَسْأَ لُكَ بِهِ وَبِكَ (2) 32 فَإِنَّهُ أَجَلُّ وَأَشْرَفُ أَسْمائِكَ، لا شَيْ ءَ لي غَيْرُ هذا، وَلا أَحَدَ أَعْوَدُ عَلَيَّ مِنْكَ، يا كَيْنُونُ يا مُكَوِّنُ، يا مَنْ عَرَّفَني نَفْسَهُ، يا مَنْ أَمَرَني بِطاعَتِهِ، يا مَنْ نَهاني عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَيا مَدْعُوُّ يا مَسْؤوُلُ، يا مَطْلُوباً إِلَيْهِ رَفَضْتُ وَصِيَّتَكَ الَّتي أَوْصَيْتَني وَلَمْ أُطِعْكَ، وَلَوْ أَطَعْتُكَ فيما أَمَرْتَني لَكَفَيْتَني ما قُمْتُ إِلَيْكَ فيهِ، وَأَنَا مَعَ مَعْصِيَتي لَكَ راجٍ، فَلا تَحُلْ بَيْني وَبَيْنَ ما رَجَوْتُ، يا مُتَرَحِّماً لي أَعِذْني مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفي وَمِنْ فَوْقي وَمِنْ تَحْتي، وَمِنْ كُلِ


1- يا مُتَحَنِّن- خ-.
2- بِك وَبِهِ- خ-.

ص: 70

جِهاتِ الْإِحاطَةِ بي، اللهُمَّ بِمُحَمَّدٍ سَيِّدي وَبِعَلِيٍّ وَلِيِّي وَبِالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، اجْعَلْ عَلَيْنا صَلَواتِكَ وَرَأْفَتَكَ وَرَحْمتَكَ، وَأَوسِعْ عَلَيْنا مِنْ رِزْقِكَ، وَاقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَجَميعَ حَوائِجِنا يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ.

ثمّ قال عليه السلام: مَن صلّى هذه الصلاة ودعا بهذا الدّعاء، انفتل وَلم يبق بينه وَبين اللَّه تعالى ذنبٌ الَّا غفره لَه.

وَمنها:

صلاة فاطِمة عليها السلام

رُوي أنّه كانت لفاطمة عليها السلام ركعتان تصلّيهما علّمها إياهما جبرائيل عليه السلام.

تقرأ في الرّكعة الأُولى بَعد الفاتِحة سُورة القدر مائة مرّةٍ، وفي الثّانية بعد الحمد تقرأ سُورة التّوحيد، وإِذا

ص: 71

سلّمت قالت:

سُبحانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ المُنيفِ، سُبحانَ ذِي الْجَلالِ الْباذِخِ الْعَظيمِ، سُبحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفاخِرِ الْقَديمِ، سُبحانَ مَنْ لَبِسَ الْبَهْجَةَ وَالْجَمالَ، سُبحانَ مَنْ تَرَدّى بِالنُّورِ وَالْوَقارِ، سُبحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفا، سُبحانَ مَنْ يَرى وَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَواءِ، سُبحانَ مَنْ هُوَ هكَذا لا هكَذا غَيْرُهُ.

قال السيّد: وروي أنّه يُسبّح بعد الصلاة تسبيحها المنقول عقيب كلّ فريضةٍ، ثمّ يصلّي على محمّد وآل محمّد مائة مرّة، وقال الشّيخ في كتاب مِصباح المتهجّد: إنّ صلاة فاطمة عليها السلام ركعتان تقرأ في الاولى الحمد وسورة القدر مائة مرّة، وفي الثانية بعد الحمد سورة التّوحيد مائة مرّة، فإِذا سلّمت سبّحت تسبيح الزّهراء عليها السلام، ثمّ تقول «سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ» إلى

ص: 72

آخر ما مرّ من التّسبيح.

ثمّ قالَ: وينبغي لمَن صلّى هذه الصلاة وفرغ من التّسبيح أن يكشف رُكبتيه وذراعَيْه ويُباشر بجميع مَساجده الأرض بغير حاجز يحْجز بَيْنه وبيْنها ويَدعو ويسأل حاجته وما شاءَ مِنَ الدّعاء ويقول وَهو ساجِدٌ:

يا مَنْ لَيْسَ غَيْرَهُ رَبٌّ يُدْعى، يا مَنْ لَيْسَ فَوْقَهُ إِلهٌ يُخْشى، يا مَنْ لَيْسَ دُونَهُ مَلِكٌ يُتَّقى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَزيْرٌ يُؤْتى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ حاجِبٌ يُرْشى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ بَوَّابٌ يُغْشى، يا مَنْ لا يَزْدادُ عَلى كَثْرَةِ السُّؤالِ إِلاّ كَرَماً وَجُوداً، وَعَلى كَثْرَةِ الذُّنُوبِ إِلاّ عَفْواً وَصَفْحاً، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بي كَذا وَكَذا.

ويسأل حاجته.

صلاة أُخرى لها عليها السلام روى الّشيخ والسيّد عن صفوان قال: دخل محمّد بن عليّ الحلبي على الصّادق عليه السلام في

ص: 73

يوم الجُمعة فقال له: تعلّمني أفضل ما أصنع في هذا اليوم، فقال: يا محمّد، ما أعلم أنّ أحداً كان أكبر عند رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من فاطِمة ولا أفضل ممّا علّمها أبوها محمّد بن عبد اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: من أصبح يوم الجمعة فاغتسل وصفّ قدَمَيْه وصلّى أربع ركعات مثنى مثنى يقرأ في أوّل ركعة فاتحة الكتاب و قل هو اللَّه أحد خمسين مرّة، وفي الثانية فاتحة الكتاب والعاديات خمسين مرّة، وفي الثّالثة فاتحة الكتاب وإِذا زلزلت خمسين مرّة، وفي الرّابعة فاتحة الكتاب و اذَا جاءَ نصرُ اللَّهِ ... خمسين مرّة، وهذه سورة النّصر وهي آخر سورة نزلت، فإِذا فرغ منها دعا فقال:

إِلهي وَسَيِّدي مَنْ تَهَيَّأَ أَوْ تَعَبَّأَ أَوْ أَعَدَّ أَوِ اسْتَعَدَّ لِوِفادَةِ مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَفَوائِدِهِ وَنائِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَجَوائِزِهِ، فَإِلَيْكَ يا إِلهي كانَتْ تَهْيِئَتي وَتَعْبِئَتي

ص: 74

وَإِعْدادي وَاسْتِعْدادي، رَجاءَ فَوائِدِكَ وَمَعْرُوفِكَ وَنائِلِكَ وَجَوائِزِكَ، فَلا تُخَيِّبْني مِنْ ذلِكَ، يا مَنْ لا تَخيبُ عَلَيْهِ مَسْأَلةُ السَّائِل، وَلا تَنْقُصُهُ عَطِيَّةُ نائِلٍ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ بِعَمَلٍ صالِحٍ قَدَّمْتُهُ، وَلا شَفاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ، أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِشَفاعَتِهِ إلاّ مُحَمَّداً وَأَهْلَ بَيْتِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظيمَ عَفْوِكَ الَّذي عُدْتَ بِهِ عَلَى الْخَطَّائينَ عِنْدَ عُكُوفِهِمْ عَلَى الْمَحارِمِ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلَى الْمَحارِمِ أَنْ جُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ، وَأَنْتَ سَيِّدي الْعَوَّادُ بِالنَّعْماءِ، وَأَنَا الْعَوَّادُ بِالْخَطاءِ، أَسْأَ لُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّاهِرينَ، أَنْ تَغْفِرَ لي ذَنْبِي الْعَظيمَ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الْعَظيمَ إِلَّا الْعَظيمُ، يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ.

وقد روى السّيد ابن طاووس رحمه الله في كتاب جمال

ص: 75

الأسبوع لكلّ من الأئمّة: صلاة خاصّة ودعاءً ويترك ذكرها هنا لأنّ غرضنا ليس إطالة الكلام فراجع مظانّها.

لا يجوز الصلاة إلّاللَّه عز و جل

إعلم أنّ الصلاة لا تكون إلّاللَّه عز و جل لأنّ السجود لا يجوز لغير اللَّه، والصلوات المسمّاة باسم النّبيّ صلى الله عليه و آله لا تكون للبنيّ بل كان هو صلى الله عليه و آله يقرأها ويعلّم أصحابه، وهكذا صلاة الفاطمة والأئمّة عليهم السلام.

قسم آخر من أعمال يوم الجمعة

السابع عشر: من أعمال يوم الجُمعة أن يدعو إِذا زالت الشّمس بما رواه محمّد بن مُسلم عن الصّادق صلوات اللَّه وسلامُه عليه، وهُو على ما أورده الشّيخ في المصباح أن يقول:

ص: 76

لا إِلهَ إلَّااللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً.

ثمّ يقولُ: يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا بارِئَ النَّسَمِ، ياعَليَ الْهِمَمِ، يامُغْشِيَ الظُّلَمِ، ياذَاالْجُودِ وَالْكَرَمِ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْأَلَمِ، يا مُونِسَ الْمُسْتَوْحِشينَ فِي الظُّلَمِ، يا عالِماً لا يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، يا مَنِ اسْمُهُ دَواءٌ، وَذِكْرُهُ شِفاءٌ، وَطاعَتُهُ غَناءٌ، إِرْحَمْ مَنْ رَأسُ مالِهِ الرَّجاءُ، وَسِلاحُهُ الْبُكاءُ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إلَّا أَنْتَ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا بَديعَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ.

الثامن عشر: أن يصلّي فريضة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين والعصر بالجمعة والتّوحيد.

التاسع عشر: روى الشّيخ الطوسي رحمه الله عند ذكر

ص: 77

تعقيب الصلاة في يوم الجُمعة عن الصّادق صَلوات اللَّه وسَلامه عليه، قال: من قرأ يوم الجمعة حين يسلّم، الحمد سبع مرّات و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ سبع مرّات و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ سبع مرّات و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ سبع مرّات و قُلْ يا أيُّهَا الْكافِروُنَ سبع مرّات وآخر البراءة وهو آية لَقَدْ جاءَكُمْ رسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ وآخر سورة الحشر لَوْ أنْزَلْنا هذَا الْقُرآنَ إلى آخر السّورة والخمس من آل عمران إِنَّ في خَلْقِ السَّماواتِ والْأَرْضِ إلى إنّكَ لا تُخلِفُ الْميعادَ كفي شرّ العدوّ والبلايا عنه ما بين الجُمعة إلى الجُمعة.

العشرون: أن يقول بعد صلاة الفريضة في الفجر والزوال:

اللهُمَّ اجْعَلْ صَلاتَكَ وَصَلاةَ مَلائكَتِكَ وَرُسُلِكَ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ.

ص: 78

وروي من صلّى على النّبيّ وآله عليهم السلام بين فريضتي يوم الجمعة، كان له من الأجر مثل الصلاة سبعين ركعة.

الحادي والعشرون: أن يقرأ الدّعاء:

يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لا تَرْحَمُهُ الْعِبادُ، والدّعاء: اللهُمَّ هذا يَوْمٌ مُبارَكٌ، وهذان من أدعية الصّحيفة الكاملة.

الثاني والعشرون: أن يقول بعد العصر سبعين مرّة:

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، ليغفر اللَّه ذُنوبه.

الثالث والعشرون: قراءة إِنَّا أنْزَلْناهُ مائة مرّة، روي عن الإمام موسى عليه السلام قال: إنّ للَّه يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته يعطي كلّ عبد منها ما شاء، فمن قرأ بعد العصر يوم الجمعة: إنَّا أنْزَلْناهُ، مائة مرّة وَهب اللَّه له تلك الألف ومثلها.

الرابع والعشرون: قال الشّيخ الطّوسي رحمه الله: آخر ساعة يوم الجمعة إلى غروب الشّمس هي السّاعة التي

ص: 79

يستجاب فيها الدّعاء، فينبغي أن يستكثر من الدّعاء في تلك السّاعة.

وروي أنّ تلك السّاعة هي إِذا غاب نصف القرص وبقي نصفه، وكانت فاطمة عليها السلام تدعو في ذلك الوقت، فيستحبّ الدّعاء فيها ويستحبّ أن يدعو بالدّعاء المروي عن النّبيّ في ساعة الاستجابة:

سُبْحانَكَ لا إِلهَ إلاّ أَنْتَ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا بَديعَ السَّماواتِ وَالْارْضِ، يا ذا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ. ويستحبّ دعاء السّمات في آخر ساعة من نهار الجُمعة، وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى.

ص: 80

ص: 81

الفصل الرابع: في أقسام الصلوات وبعض الصلوات المستحبّة

اقسام الصلوات الواجبة

قال السيّد رحمه الله في العروة الوثقى في إعداد الفرائض ونوافلها:

الصلوات الواجبة ستّة: اليوميّة ومنها الجمعة، والآيات، والطواف الواجب، والملتزم بنذر أو عهد أو يمين أو إِجارة، وصلاة الوالدين على الولد الأكبر، وصلاة الأموات.

أمّا اليوميّة فخمس فرائض، الظهر أربع ركعات، والعصر كذلك، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع

ص: 82

ركعات، والصبح ركعتان، وتسقط في السفر من الرباعيات ركعتان، كما أنّ صلاة الجمعة أيضاً ركعتان.

أقسام الصلوات المستحبّة

وأمّا النوافل فكثيرة، وهي على أقسام: منها: نوافل الفرائض اليوميّة، وهي آكد النوافل ومجموعها ثلاث وعشرون ركعة بناءً على احتساب ركعتي الوتيرة بواحدة. ومنها: نافلة الليل إِحدى عشرة ركعة. ومنها:

الصلوات المستحبّة في أوقات مخصوصة؛ كنوافل شهر رمضان ونوافل شهر رجب وشهر شعبان ونحوها، وكصلاة الغدير والغفيلة والوصيّة وأمثالها. ومنها:

الصلوات التي لها أسباب؛ كصلاة الزيارة، وتحيّة المسجد، وصلاة الشكر ونحوها. ومنها: الصلوات المستحبّة لغايات مخصوصة؛ كصلاة الاستسقاء،

ص: 83

وصلاة طلب قضاء الحاجة، وصلاة كشف المهمّات، وصلاة طلب الرزق، وصلاة طلب الذكاء وجودة الذهن ونحوها. ومنها: الصلوات المخصوصة بدون سبب وغاية ووقت؛ كصلاة جعفر، وصلاة رسول اللَّه، وصلاة أمير المؤمنين، وصلاة فاطمة، وصلاة سائر الأئمّة عليهم السلام.

ومنها: النوافل المبتدئة، فإِنّ كلّ وقت وزمان يسع صلاة ركعتين يستحبّ إِتيانها، وبعض المذكورات بل أغلبها لها كيفيّات مخصوصة مذكورة في محلّها.

أقول: مرّت بعض الصلوات المستحبّة في أعمال يوم الجمعة ويذكر قسم آخر منها هنا تبعاً لبعض الأعلام مع التلخيص:

النوافل اليوميّة

وهي في غير يوم الجمعة أربع وثلاثون ركعة، ثمان ركعات قبل الظهر، وثمان ركعات قبل العصر، وأربع

ص: 84

ركعات بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء من جلوس يعدّان بركعة، ويجوز فيها القيام، بل هو الأفضل، وإِن كان الجلوس أحوط، وتسمّى بالوتيرة، وركعتان قبل صلاة الفجر، وإِحدى عشر ركعة صلاة الليل وهي ثمان ركعات، والشفع ركعتان، والوتر ركعة واحدة، وأمّا في يوم الجمعة فيزاد علىَ الستّ عشرة أربع ركعات، فعدد الفرائض سبع عشرة ركعة، وعدد النوافل ضعفها بعد عدّ الوتيرة ركعة، وعدد مجموع الفرائض والنوافل إِحدى وخمسون، هذا ويسقط في السفر نوافل الظهرين والوتيرة على الأقوى والأحوط إِتيانها رجاءً. ويجب الإتيان بالنوافل ركعتين ركعتين إِلّا الوتر، فإِنّها ركعة، ويستحبّ في جميعها القنوت حتّى الشفع على الأقوى في الركعة الثانية وكذا يستحبّ في مفردة الوتر».

ص: 85

صلاة الليل

الروايات المأثورة عن المعصومين عليهم السلام في فضل قيام الليل والصلاة فيه كثيرة، منها ما روي عن الصادق عليه السلام قال: قال النّبيّ صلى الله عليه و آله في وصيّته لعليّ- عليهما وآلهما السلام-: يا عليّ أوصيك في نفسك بعدّة خصال، فاحفظها... وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل....

وعن أنس قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه و آله يقول:

صلاة ركعتين في جوف الليل أحبّ إِليّ من الدنيا وما فيها.

صلاة الليل إِحدى عشرة ركعة وكيفيّتها- على طريقة سهلة- في القراءة والأفعال كالفرائض، ويجوز الاقتصار على قراءة الحمد وحدها. فَصَلِّ ثماني

ص: 86

ركعات بنيّة صلاة الليل وسَلِّمْ بعد كلّ ركعتين، ثمّ ركعتين بنيّة صلاة الشفع، ثمّ ركعة واحدة بنيّة صلاة الوتر.

وينبغي أن يقول المصلّي في قنوت الوتر سبعين مرّة: «أستَغْفِرُ اللَّهَ ربي وَأَتُوبُ إِلَيهِ». وسبع مرّات: «هذا مَقامُ الْعائذُ بِكَ مِنَ النّارِ» وثلاثمائة مرّة: «الْعَفْوَ الْعَفْوَ» وأن يَدْعو لأربعين نفْساً من المؤمنين فيدعو بعد ذلك لنفسه. ثمّ يركع ويسجد ويتمّ الصلاة، ويسبّح بعد السلام تسبيح فاطمة الزهراء عليه السلام ثمّ يدعو بكلّ ما شاء.

الدعاء بعد صلاة الليل

إِعلم: أنّ الأدعية المأثورة في صلاة الليل (على نقل الشيخ في مصباح المتهجّد) كثيرة، فمن أراد الاطلاع عليها، فليراجع الكتب المفصّلة منها: دعاء الحزين:

ص: 87

وهو دعاء شريف يدعى به بعد صلاة الليل، وهو على ما في كتاب مصباح المتهجّد كما يلي:

أُناجيكَ يا مَوْجُوداً في كُلِّ مَكانٍ لَعَّلَكَ تَسْمَعُ نِدائي، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمي، وَقَلَّ حَيائي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ، أَيَّ الأَهْوَالِ أَتَذَكَّرُ؟ وَأَيَّها أَنْسى؟ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَوْتُ لَكَفى، كَيْفَ وَما بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ وَأَدْهى؟

مَوْلايَ يا مَوْلايَ، حَتّى مَتى وَإِلى مَتى أَقُولُ لَكَ الْعُتْبى مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى ثُمَّ لا تَجِدُ عِنْدي صِدْقاً وَلا وَفاءً؟ فَيا غَوْثاهُ ثُمَّ وا غَوْثاهُ بِكَ يَا اللَّهُ مِنْ هَوَىً قَدْ غَلَبَني، وَمِنْ عَدُوٍّ قَدِ اسْتَكْلَبَ عَلَيَّ، وَمِنْ دُنْيا قَدْ تَزَيَّنَتْ لي، وَمِنْ نَفْسٍ أَمَّارَةٍ بِالسُّوءِ، إِلاّ مَا رَحِمَ رَبِّي. مَوْلايَ يَا مَوْلايَ، إِنْ كُنْتَ رَحِمْتَ مِثْلي فَارْحَمْني، وَإِنْ كُنْتَ قَبِلْتَ مِثْلي فَاقْبَلْني، يا قابِلَ السَّحَرَةِ اقْبَلْني، يا مَنْ لَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّفُ مِنْهُ الْحُسْنى، يا مَنْ يُغَذِّيني بِالنِّعَمِ صَباحاً وَمَساءً،

ص: 88

ارْحَمْني يَوْمَ آتيكَ فَرْداً شاخِصاً إِلَيْكَ بَصَري، مُقَلَّداً عَمَلي، وَقَدْ تَبَرَّأَ جَميعُ الْخَلْقِ مِنِّي، نَعَمْ، وَأَبي وَأُمِّي وَمَنْ كانَ لَهُ كَدِّي وَسَعْيي، فَإِنْ لَمْ تَرْحَمْني فَمَنْ يَرْحَمُني، وَمَنْ يُؤْنِسُ فِي الْقَبْرِ وَحْشَتي، وَمَنْ يُنْطِقُ لِساني إِذا خَلَوْتُ بِعَمَلي وَساءَلْتَني عَمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَإِنْ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ عَدْلِكَ؟ وَإِنْ قُلْتُ: لَمْ أَفْعَلْ، قُلْتَ: أَلَمْ أَكُنِ الشَّاهِدَ عَلَيْكَ؟ عَفْوُكَ عَفْوُكَ يا مَوْلايَ قَبْلَ سَرابِيلَ الْقَطِرانِ، عَفْوُكَ عَفْوُكَ يا مَوْلايَ قَبْلَ جَهَنَّمَ وَالنِّيرانِ، عَفْوُكَ عَفْوُكَ يا مَوْلايَ قَبْلَ أَنْ تُغَلَّ الْأَيْدي إِلَى الْأَعْناقِ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَخَيْرَ الْغافِرينَ.

صلاة العيدين:

الفطر والأضحى، وهي واجبة في زمان حضور

ص: 89

الإمام المعصوم عليه السلام مع اجتماع شرائط وجوب الجمعة، ولا يجوز التخلّف إلّامع العذر، فيجوز حينئذ أن يصلّي منفرداً ندباً وفي زمان الغيبة مستحبّة جماعة وفرادى، ولا يشترط فيها شرائط الجمعة، وإِن كانت بالجماعة، فلا يعتبر فيها العدد من الخمسة أو السبعة، ولا بُعْدَ فرسخ بين الجماعتين ونحو ذلك، ووقتها من طلوع الشمس إِلى الزوال، ولا قضاء لها لو فاتت، ويستحبّ تأخيرها، إِلى أن ترتفع الشمس، وفي عيدالفطر يستحبّ تأخيرها أزيد بمقدار الإفطار وإِخراج الفطرة، وهي ركعتان:

تقرأ في الاولى الحمد وسورة، والأفضل أن تقرأ الأعلى، وتكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات وتقنت بعد كلّ تكبيرة بكلّ ذكر ودعاء والأفضل أن تقول:

اللهُمَّ أَهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الْجُودِ

ص: 90

وَالْجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقْوى وَالْمَغْفِرَةِ، أَسْأَ لُكَ بِحَقِّ هذَا الْيَومِ الَّذي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمينَ عيداً، وَلُمحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْراً وَشَرَفاً وَمَزيْداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَني في كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَني مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، اللهُمَّ اني أَسْأَ لُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الْمُخْلِصُونَ.

ثمّ تكبّر السّادسة وتركع وتسجد، ثمّ تنهض للركعة الثّانية، فتقرأ فيها بعد الحمد سورة، والأفضل أن تقرأ الشّمس، ثمّ تكبرّ أربع تكبيرات تقنت بعد كلّ تكبيرة و تقرأ في القنوت ما مرّ، فإذا فرغت كبّرت الخامسة فركعت وأتممت الصّلاة وسبّحت بعد الصّلاة تسبيح الزّهراء عليها السلام.

ص: 91

ولو صلى جماعة يأتي بخطبتين بعدها، ويجوز تركهما في زمان الغيبة، ويستحبّ فيها الجهر للإمام والمنفرد ورفع اليدين حال التكبيرات والإصحار بها إلّا في مكّة، ولا يتحمّل الإمام فيها ما عدا القراءة كسائر الجماعات، وليس فيها أذان ولا إقامة نعم يستحبّ أن يقول المؤذّن: «الصلاة» ثلاثاً، ولو شكّ في التكبيرات والقنوتات وهو في المحلّ بنى على الأقلّ.

صلاة الحُجّةِ القائمِ- عَجَّلَ اللَّهُ تعالى فَرَجهُ الشّريفَ

ركعتان تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب إلى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعينُ ثمّ تكرّر هذه الآية مائة مرّة ثمّ تتمّ قراءة الفاتحة وتقرأ بعدها الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مرّة واحدة ...

ص: 92

صلاة جَعفرٍ الطّيّارِ

وهي الإكسير الأعظم والكبريت الأحمر، وهي مرويّة بما لها من الفضل العظيم بأسناد معتبرة غاية الاعتبار، وأهمّ ما لها من الفضل غفران الذّنوب العظام، وأفضل أوقاتها صدر النّهار يوم الجمعة، وهي أربع ركعات بتشهّدين وتسليمتين يقرأ في الرّكعة الاولى سورة الحمد و إِذا زلزلت وفي الرّكعة الثانية سورة الحمد والعاديات وفي الثّالثة الحمد وإِذا جاءَ نصرُ اللَّهِ وفي الرابعة الحمد و قُلْ هُوَ اللَّهُ أحدٌ فإِذا فرغ من القراءة في كلّ ركعة فليقل قبل الرّكوع خمس عشرة مرّة: سُبْحانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ للَّهِ وَلا إِلهَ إلَاّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ويقولها في ركوعه عشراً، وإِذا اسْتوى من الرّكوع قائماً قالها عشراً، فإِذا سجد قالها عشراً، فإِذا جلس بين

ص: 93

السّجدتين قالها عشراً، فإِذا سجد الثّانية قالها عشراً، فإِذا جلس ليقوم قالها قبل أن يقومَ عشراً، يفعل ذلك في الأربع ركعات، فتكون ثلاثمائة تسبيحة.

روى الكليني عن أبي سعيد المدائني قال: قال الصادق عليه السلام: ألا أعلّمك شيئاً تقوله في صلاة جعفر عليه السلام، قلت: بلى، قال: قل إِذا فرغت من التّسبيحات في السّجدة الثانية من الرّكعة الرابعة:

سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ الْعِزَّ وَالْوَقارَ، سُبْحانَ مَنْ تَعَطَّفَ بِالْمَجْدِ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغِي التَّسْبيحُ إِلّا لَهُ، سُبْحانَ مَنْ أَحْصى كُلَّ شَيْ ءٍ عِلْمُهُ، سُبْحانَ ذِي الْمَنِّ وَالنِّعَمِ، سُبْحانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ، وَاسْمِكَ الْأَعْظَمِ وَكَلِماتِكَ التَّامَّةِ الَّتي تَمَّتْ صِدْقاً وَعَدْلًا، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَافْعَلْ بي كَذا

ص: 94

وَكَذا، وتطلب حاجتك عوض كلمة كذا وكذا.

روى الشيخ والسيّد عن المفضّل بن عمر قال: رأيت الصّادق عليه السلام صلّى صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام ورفع يديه ودعا بهذا الدّعاء:

يا رَبِّ يا رَبِّ حتّى انقطع النّفس، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ حتّى انقطع النّفس، رَبِّ رَبِّ حتّى انقطع النّفس، يا اللَّهُ يا اللَّهُ حتّى انقطع النّفس، يا حَيُّ يا حَيُّ حتّى انقطع النّفس، يا رَحيمُ يا رَحيمُ حتّى انقطع النّفس، يا رَحْمنُ يا رَحْمنُ سبع مرّات، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ سبع مرّات، ثمّ قال:

اللهُمَّ إِني أَفْتَتِحُ الْقَوْلَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْطِقُ بِالثَّناءِ عَلَيْكَ، وَأُمَجِّدُكَ وَلاغايَةَ لِمَدْحِكَ، وَأُثْني عَلَيْكَ وَمَنْ يَبْلُغُ غايَةَ ثَنائِكَ وَأَمَدَ مَجْدِكَ، وَأَنّى لِخَليقَتِكَ كُنْهُ مَعْرِفَةِ مَجْدِكَ، وَأَيُّ زَمَنٍ لَمْ تَكُنْ مَمْدُوحاً بِفَضْلِكَ،

ص: 95

مَوْصُوفاً بِمَجْدِكَ، عَوَّاداً عَلَى الْمُذْنِبينَ بِحِلْمِكَ، تَخَلَّفَ سُكَّانُ أَرْضِكَ عَنْ طاعَتِكَ، فَكُنْتَ عَلَيْهِمْ عَطُوفاً بِجُودِكَ، جَواداً بِفَضْلِكَ، عَوَّاداً بِكَرَمِكَ، يا لا إِلهَ إلاّ أَنْتَ الْمَنَّانُ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ.

وقال لي: يا مفضّل، إِذا كانت لك حاجة مُهمّة فَصلِّ هذه الصلاة وادع بهذا الدّعاء وسل حاجتك، يقضِ اللَّه لك إن شاء اللَّه تعالى.

أقول: في روايات كثيرة أنّه لقضاء الحوائج يصام يوم الأربعاء والخميس والجمعة، ثمّ تصلّى ركعتان عند زوال الجمعة.

صلاة الغفيلة

وهي ركعتان بين المغرب والعشاء، يقرأ في الأولى بعدالحمد: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ

ص: 96

نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أنْ لا إِلهَ إِلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنينَ (1) 33.

وفي الثانية بعد الحمد وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ. (2) 34 ثمّ يرفع يديه ويقول: «اللَّهُمَّ إِني أسْأَ لُكَ بِمَفاتِحِ الْغَيْبِ الَّتي لا يَعْلَمُها إِلّا أنْتَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ بي كَذا وَكَذا» ويذكر حاجاته، ثمّ يقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتي وَالْقادِرُ عَلى طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي، فَأَسْأَ لُكَ بِحَقّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ


1- - الأنبياء: 87- 88.
2- سورة الأنعام: 59.

ص: 97

السَّلامَ لَمَّا قَضَيْتَها لي» ويسأل حاجاته، والظاهر أنهّا غير نافلة المغرب.

صلاة أوّل الشهر

يستحبّ في اليوم الأوّل من كلّ شهر أن يصلّي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الحمد قُلْ هُوَ اللَّه أَحد ثلاثين مرّة، وفي الثانية بعد الحمد إِنَّا أَنْزَلْناهُ ثلاثين مرّة، ثمّ يتصدّق بما تيسّر فيشتري سلامة تمام الشهر بهذا. ويستحبّ أن يقرأ بعد الصلاة هذه الآيات:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ. وَما مِنْ دابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّا عَلىَ اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ. وَإِنْ يَمْسَكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رادَّ لِفَضْلِهِ يُصيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ

ص: 98

الرَّحيمُ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ. سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ كُلّ عُسْرٍ يُسْراً. ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ. حَسْبُنا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ. وَأُفَوّضُ أَمْري إِلىَ اللَّهَ إِنّ اللَّهَ بَصيرٌ بِالْعِبادِ. لا إِله إِلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ. رَبّ إِني لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقيرٌ. رَبّ لا تَذَرْني فَرْداً وَأنْتَ خَيْرُ الْوارِثين.

ويجوز الإتيان بها في تمام اليوم وليس لها وقت معيّن.

صلاة الوصيّة

وهي ركعتان بين العشائين، يقرأ في الأولى الحمد و إِذا زلزلت الأرض ثلاث عشرة مرّة، وفي الثانية الحمد و قل هو اللَّه أحد خمس عشرة مرّة، فعن الصادق عليه السلام، عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: أوصيكم بركعتين

ص: 99

بين العشائين، إِلى أن قال: فإِن فعل ذلك كلّ شهر كان من المؤمنين، فإِن فعل في كلّ سنة كان من المحسنين، فإِن فعل ذلك في كلّ جمعة كان من المخلصين، فإِن فعل ذلك في كلّ ليلة زاحمني في الجنّة ولم يحص ثوابه إِلّا اللَّه تعالى.

صلاة ليلة الدفن

وهي ركعتان، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي إِلى هُمْ فيها خالِدُونَ وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرّات، ويقول بعد السلام: «اللَّهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَابْعَثْ ثَوابَها إِلى قَبْرِ فُلانٍ» ويسمّي الميّت.

ففي مرسلة الكفعمي وموجز ابن فهد: قال النّبيّ صلى الله عليه و آله: «لا يأتي على الميّت أشدّ من أوّل ليلة،

ص: 100

فارحموا موتاكم بالصّدقة، فإِن لم تجدوا فليصلّ أحدكم، يقرأ في الأولى الحمد وآية الكرسيّ، وفي الثانية الحمد والقدر عشراً. فإِذا سلّم قال: اللَّهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَابْعَثْ ثَوابَها إِلى قَبْرِ فُلانٍ» فإِنّه تعالى يبعث من ساعته ألف ملك إِلى قبره مع كلّ ملك ثوب وحلّة».

صلاة الأعرابي

قال الشيخ في المصباح: روي عن زيد بن ثابت قال:

أتى رجل من الأعراب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: بأبي أنت و أمّي يا رسول اللَّه إِنّا نكون في هذه البادية بعيداً من المدينة و لا نقدر أن نأتيك في كلّ جمعة، فدلّني على عمل فيه فضل صلاة يوم الجمعة، إِذامضيت إِلى أهلي خبرتهم به. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إِذاكان ارتفاع

ص: 101

النهار فصلّ ركعتين تقرأ في أوّل ركعة منها: الحمد مرّة و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقْ سبع مرّات، واقرأ في الثانية:

الحمد مرّة و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ سبع مرّات، فإِذا سلّمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرّات، ثمّ قم فصلّ ثماني ركعات بتسليمتين، و اقرأ في كلّ ركعة منها:

الحمد مرّة و إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحِ مرّة و قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خمساً و عشرين مرّة، فإِذا فرغت من صلاتك فقل: «سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْكَريمِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلىِّ الْعَظيمِ» سبعين مرّة، فَوَالَّذي اصْطفاني بالنبوّة مامن مؤمن و لا مؤمنة يُصلّي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول إِلّا و أنا ضامن له الجنّة، ولا يقوم من مقامه حتّى يغفر له ذنوبه و لأبويه ذنوبهما».

وفي الجواهر: «ظاهره أنّها عشر ركعات بثلاث تسليمات، وقال غيرواحد: إنّها كالصبح و الظهرين، فإن

ص: 102

أراد به ما ذكرنا كان جيّداً، وإن أراد بحيث يشمل التشهّد الوسط في الرباعيتين منها و نحوه كما يفهم من الروضة طولب بدليل ذلك».

و في الروضة في شرح اللمعة: «ولصلاة الأعرابي من التشهّد و التسليم ترتيب الظهرين بعد الثنائية فهي عشر ركعات بخمس تشهدات و ثلاث تسليمات كالصبح و الظهرين».

أقول: و بأيّ القولين عملت كان حسناً خصوصاً مع التسامح في أدلّة السنن.

بعض أحكام الصلوات المستحبّة

قال في العروة (ملخّصاً):

جميع الصلوات المندوبة يجوز إتيانها جالساً اختياراً، و كذا ماشياً وراكباً وفي المحمل و السفينة،

ص: 103

لكن إتيانها قائماً أفضل حتّى الوتيرة، وإن كان الأحوط الجلوس فيها ... و إِذا صلّى جالساً و أبقى من السورة آية أو آيتين فقام و أتمّها و ركع عن قيام يحسب له صلاة القائم ... وتختصّ النوافل بأحكام: منها: جواز الجلوس و المشي فيها اختياراً كما مرّ. و منها: عدم وجوب السورة فيها إِلّا بعض الصلوات المخصوصة بكيفيّات مخصوصة، ومنها: جواز الاكتفاء ببعض السورة فيها.

ومنها: جواز قراءة أزيد من سورة من غير إِشكال.

ومنها: جواز قراءة العزائم فيها. و منها: جواز العدول فيها من سورة إِلى أخرى مطلقاً. و منها: عدم بطلانها بزيادة الركن سهواً. و منها: عدم بطلانها بالشكّ بين الركعات، بل يتخيّر بين البناء على الأقلّ أو على الأكثر. و منها أنّه لايجب لها سجود السهو و لاقضاء السجدة و التشهّد المنسيين و لاصلاة الاحتياط. ومنها: أنّه لايشرع فيها

ص: 104

الجماعة إِلّا في صلاة الاستسقاء و على قول في صلاة الغدير. و منها: جواز قطعها اختياراً. و منها: أنّ إِتيانها في البيت أفضل من إِتيانها في المسجد إِلّا ما يختصّ به على ما هو المشهور.

ص: 105

الفصل الخامس: في المناجيات

1- المناجيات الخمس عشرة

اشارة

قال العلّامة المجلسي رحمه الله في البحار: وجدتها مرويّة عن مولانا عليّ بن الحسين عليه السلام في كتب بعض الأصحاب رضوان اللَّه عليهم:

الأْولى: «مناجاة التَّائِبينَ»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتي، وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتي، وَأَماتَ قَلْبي عَظيمُ جِنايَتي، فَأَحْيِهِ بِتَوْبَةٍ مِنْكَ يا أَمَلي وَبُغْيَتي وَيا سُؤْلي وَمُنْيَتي،

ص: 106

فَوَعِزَّتِكَ ما أَجِدُ لِذُ نوُبي سِواكَ غافِراً، وَلا أَرى لِكَسْري غَيْرَكَ جابِراً، وَقَدْ خَضَعْتُ بِالْإِنابَةِ إِلَيْكَ، وَعَنَوْتُ بِالاسْتِكانَةِ لَدَيْكَ، فَإِنْ طَرَدْتَني مِنْ بابِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ؟

وَإِنْ رَدَدْتَني عَنْ جَنابِكَ فَبِمَنْ أَعُوذُ؟ فَواأَسَفاهُ مِنْ خَجْلَتي وَافْتِضاحي، وَوالَهْفاهُ مِنْ سُوءِ عَمَلي وَاجْتِراحي، أَسْأَ لُكَ يا غافِرَ الذَّنْبِ الْكَبيرِ، وَيا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسيرِ، أَنْ تَهَبَ لي مُوبِقاتِ الْجَرائِرِ، وَتَسْتُرَ عَلَيَّ فاضِحاتِ السَّرائِرِ، وَلا تُخْلِني في مَشْهَدِ الْقِيامَةِ مِنْ بَرْدِ عَفْوِكَ وَغَفْرِكَ، وَلا تُعْرِني مِنْ جَميلِ صَفْحِكَ وَسَتْرِكَ، إِلهي ظَلِّلْ عَلى ذُ نُوبي غَمامَ رَحْمَتِكَ، وَأَرْسِلْ عَلى عُيُوبي سَحابَ رَأْفَتِكَ، إِلهي هَلْ يَرْجِعُ الْعَبْدُ الْآبِقُ إِلَّا إِلى مَوْلاهُ؟ أَمْ هَلْ يُجيرُهُ مِنْ سَخَطِهِ أَحَدٌ سِواهُ؟ إِلهي إِنْ كانَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ تَوْبَةً فَإِني وَعِزَّتِكَ مِنَ النَّادِمينَ، وَإِنْ كانَ الاسْتِغْفارُ مِنَ

ص: 107

الْخَطيئَةِ حِطَّةً فَإِني لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرينَ، لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى، إِلهي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ تُبْ عَلَيَّ، وَبِحِلْمِكَ عَني اعْفُ عَني، وَبِعِلْمِكَ بِي ارْفَقْ بي، إِلهي أَنْتَ الَّذي فَتَحْتَ لِعِبادِكَ باباً إِلى عَفْوِكَ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ، فَقُلْتَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، فَما عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ الْبابِ بَعْدَ فَتْحِهِ؟ إِلهي إِنْ كانَ قَبُحَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ، إِلهي ما أَنَا بِأَوَّلِ مَنْ عَصاكَ فَتُبْتَ عَلَيْهِ، وَتَعَرَّضَ لِمَعْرُوفِكَ فَجُدْتَ عَلَيْهِ، يا مُجيبَ الْمُضْطَرِّ، يا كاشِفَ الضُّرِّ، يا عَظيمَ الْبِرِّ، يا عَليماً بِما فِي السِّرِّ، يا جَميلَ السَّتْرِ، اسْتَشْفَعْتُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ إِلَيْكَ، وَتَوَسَّلْتُ بِجَنابِكَ وَتَرَحُّمِكَ لَدَيْكَ، فَاسْتَجِبْ دُعائي، وَلا تُخَيِّبْ فيكَ رَجائي، وَتَقَبَّلْ تَوْبَتي وَكَفِّرْ خَطيئَتي بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ص: 108

الثَّانية: «مُناجاة الشَّاكّين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي إِلَيْكَ أَشْكُو نَفْساً بِالسُّوءِ أَمَّارَةً، وَإِلَى الْخَطيئَةِ مُبادِرَةً، وَبِمَعاصيكَ مُولَعَةً، وَلِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةً، تَسْلُكُ بي مَسالِكَ الْمَهالِكِ، وَتَجْعَلُني عِنْدَكَ أَهْوَنَ هالِكٍ، كَثيرَةَ الْعِلَلِ، طَويلَةَ الْأَمَلِ، إِنْ مَسَّهَا الشَّرُّ تَجْزَعُ، وَإِنْ مَسَّهَا الْخَيْرُ تَمْنَعُ، مَيَّالَةً إِلَى اللَّعْبِ وَالْلَّهْوِ، مَمْلُوَّةً بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ، تُسْرِ عُ بي إِلَى الْحَوْبَةِ وَتُسَوِّفُني بِالتَّوْبَةِ، إِلهي أَشْكُو إِلَيْكَ عَدُوّاً يُضِلُّني، وَشَيْطاناً يُغْويني، قَدْ مَلَأَ بِالْوَسْواسِ صَدْري، وَأَحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبي، يُعاضِدُ لِيَ الْهَوى، وَيُزَيِّنُ لي حُبَّ الدُّنْيا، وَيَحُولُ بَيْني وَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَالزُّلْفى، إِلهي إِلَيْكَ أَشْكُو قَلْباً قاسِياً مَعَ الْوَسْواسِ مُتَقَلِّباً، وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْعِ

ص: 109

مُتَلَبِّساً، وَعَيْناً عَنِ الْبُكاءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً، وَ إِلى ما يَسُرُّها طامِحَةً، إِلهي لا حَوْلَ لي وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِقُدْرَتِكَ، وَلا نَجاةَ لي مِنْ مَكارِهِ الدُّنْيا إِلَّا بِعِصْمَتِكَ، فَأَسْأَ لُكَ بِبَلاغَةِ حِكْمَتِكَ، وَنَفاذِ مَشِيَّتِكَ، أَنْ لا تَجْعَلَني لِغَيْرِ جُوْدِكَ مُتَعَرِّضاً، وَلا تُصَيِّرَني لِلْفِتَنِ غَرَضاً، وَكُنْ لي عَلَى الْأَعْداءِ ناصِراً، وَعَلَى الَمخازي وَالْعُيُوبِ ساتِراً، وَمِنَ الْبَلاءِ واقِياً، وَعَنِ الْمَعاصي عاصِماً، بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

الثّالِثة: «مُناجاة الخائِفينَ»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي أَتَراكَ بَعْدَ الْإيمانِ بِكَ تُعَذِّبُني؟ أَمْ بَعْدَ حُبي إِيَّاكَ تُبَعِّدُني؟ أَمْ مَعَ رَجائي لِرَحْمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُني؟ أَمْ مَعَ اسْتِجارَتي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُني؟ حاشا

ص: 110

لِوَجْهِكَ الْكَريمِ أَنْ تُخَيِّبَني، لَيْتَ شِعْري أَلِلشَّقاءِ وَلَدَتْني أُمي؟ أَمْ لِلْعَناءِ رَبَّتْني؟ فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْني وَلَمْ تُرَبِّني، وَلَيْتَني عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَني، وَبِقُرْبِكَ وَجِوارِكَ خَصَصْتَني، فَتَقِرَّ بِذلِكَ عَيْني، وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسي، إِلهي هَلْ تُسَوِّدُ وُجُوهاً خَرَّتْ ساجِدةً لِعَظَمَتِكَ؟ أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّناءِ عَلى مَجْدِكَ وَجَلالَتِكَ؟ أَوْ تَطْبَعُ عَلى قُلُوبٍ انْطَوَتْ عَلى مَحَبَّتِكَ؟ أَوْ تُصِمُّ أَسْماعاً تَلَذَّذَتْ بِسَماعِ ذِكْرِكَ في إِرادَتِكَ؟ أَوْ تَغُلُّ أَكُفّاً رَفَعَتْهَا الْآمالُ إِلَيْكَ رَجاءَ رَأْفَتِكَ؟

أَوْ تُعاقِبُ أَبْداناً عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتّى نَحِلَتْ في مُجاهَدَتِكَ؟ أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُلًا سَعَتْ في عِبادَتِكَ؟

إِلهي لا تُغْلِقْ عَلى مُوَحِّديكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْ مُشْتاقيكَ عَنِ النَّظَرِ إِلى جَميلِ رُؤْيَتِكَ، إِلهي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحيدِكَ كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ؟

ص: 111

وَضَميرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرارَةِ نيرانِكَ؟ إِلهي أَجِرْني مِنْ أَليمِ غَضَبِكَ، وَعَظيمِ سَخَطِكَ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، يا جَبَّارُ يا قَهَّارُ، يا غَفَّارُ يا سَتَّارُ، نَجِّني بِرَحْمَتِكَ مَنْ عَذابِ النَّارِ وَفَضيحَةِ الْعارِ، إِذَا امْتازَ الْأَخْيارُ مِنَ الْأَشْرارِ، وَحالَتِ الْأَحْوالُ وَهالَتِ الْأَهْوالُ، وَقَرُبَ الْمُحْسِنُونَ وَبَعُدَ الْمُسيئُونَ، وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.

الرّابِعَة: «مُناجاة الرّاجِين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

يا مَنْ إِذا سَأَلَهُ عَبْدٌ أَعْطاهُ، وَإِذا أَمَّلَ ما عِنْدَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ، وَإِذا أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَرَّبَهُ وَأَدْناهُ، وَإِذا جاهَرَهُ بِالْعِصْيانِ سَتَرَ عَلى ذَنْبِهِ وَغَطَّاهُ، وَإِذا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَبَهُ وَكَفاهُ،

ص: 112

إِلهي مَنِ الَّذي نَزَلَ بِكَ مُلْتَمِساً قِراكَ فَما قَرَيْتَهُ؟ وَمَنِ الَّذي أَناخَ بِبابِكَ مُرْتَجِياً نَداكَ فَما أَوْلَيْتَهُ؟ أَيَحْسُنُ أَنْ أَرْجِعَ عَنْ بابِكَ بِالْخَيْبَةِ مَصْرُوفاً وَلَسْتُ أَعْرِفُ سِواكَ مَوْلىً بِالْإِحْسانِ مَوْصُوفاً؟ كَيْفَ أَرْجُو غَيْرَكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ؟ وَكَيْفَ أُؤَمِّلُ سِواكَ وَالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ لَكَ؟

أَأَقْطَعُ رَجائي مِنْكَ وَقَدْ أَوْلَيْتَني ما لَمْ أَسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِكَ؟

أَمْ تُفْقِرُني إِلى مِثْلي وَأَنَا أَعْتَصِمُ بِحَبْلِكَ؟ يا مَنْ سَعِدَ بِرَحْمَتِهِ الْقاصِدُونَ، وَلَمْ يَشْقَ بِنِقْمَتِهِ الْمُسْتَغْفِرُونَ، كَيْفَ أَنْساكَ وَلَمْ تَزَلْ ذاكِري؟ وَكَيْفَ أَلْهُو عَنْكَ وَأَنْتَ مُراقِبي؟ إِلهي بِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ يَدي، وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ أَمَلي، فَأَخْلِصْني بِخالِصَةِ تَوْحيدِكَ، وَاجْعَلْني مِنْ صَفْوَةِ عَبيدِكَ، يا مَنْ كُلُّ هارِبٍ إِلَيْهِ يَلْتَجِئُ، وَكُلُّ طالِبٍ إِيَّاهُ يَرْتَجي، يا خَيْرَ مَرْجُوٍّ، وَيا أَكْرَمَ مَدْعُوٍّ، وَيا

ص: 113

مَنْ لا يَرُدُّ سائِلَهُ، وَلا يُخَيِّبُ آمِلَهُ (1) 35، يا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعيهِ، وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجيهِ، أَسْأَ لُكَ بِكَرَمِكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ مِنْ عَطائِكَ بِما تَقِرُّ بِهِ عَيْني، وَمِنْ رَجائِكَ بِما تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسي، وَمِنَ الْيَقينِ بِما تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيَّ مُصيباتِ الدُّنْيا، وَتَجْلُو بِهِ عَنْ بَصيرَتي غَشَواتِ الْعَمى، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

الخامِسة: «مُناجاة الرّاغِبين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي إِنْ كانَ قَلَّ زادي فِي الْمَسيرِ إِلَيْكَ، فَلَقَدْ حَسُنَ ظَني بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَإِنْ كانَ جُرْمي قَدْ أَخافَني مِنْ عُقُوبَتِكَ، فَإِنَّ رَجائي قَدْ أَشْعَرَني بِالْأمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَإِنْ كانَ ذَنْبي قَدْ عَرَّضَني لِعِقابِكَ فَقَدْ آذَنَني حُسْنُ


1- - وَيا مَنْ لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ- خ-.

ص: 114

ثِقَتي بِثَوابِكَ، وَإِنْ أَنامَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الاسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِى الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَآلائِكَ، وَإِنْ أَوْحَشَ ما بَيْني وَبَيْنَكَ فَرْطُ الْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ، فَقَدْ آنَسَني بُشْرَى الْغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ، أَسْأَ لُكَ بِسُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَبِأَنْوارِ قُدْسِكَ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ بِعَواطِفِ رَحْمَتِكَ، وَلَطائِفِ بِرِّكَ، أَنْ تُحَقِّقَ ظَني بِما أُؤَمِّلُهُ مِنْ جَزيلِ إِكْرامِكَ، وَجَميلِ إِنْعامِكَ فِي الْقُرْبى مِنْكَ وَالزُّلْفى لَدَيْكَ، وَالتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ، وَها أَنَا مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحاتِ رَوْحِكَ وَعَطْفِكَ، وَمُنْتَجِعٌ غَيْثَ جُودِكَ وَلُطْفِكَ، فارٌّ مِنْ سَخَطِكَ إِلى رِضاكَ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ، راجٍ أَحْسَنَ ما لَدَيْكَ، مُعَوِّلٌ عَلى مَواهِبِكَ، مُفْتَقِرٌ إِلى رِعايَتِكَ، إِلهي ما بَدَأتَ بِهِ مِنْ فَضْلِكَ فَتَمِّمْهُ، وَما وَهَبْتَ لي مِنْ كَرَمِكَ فَلا تَسْلُبْهُ، وَما سَتَرْتَهُ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ فَلا تَهْتِكْهُ، وَما عَلِمْتَهُ مِنْ قَبيحِ فِعْلي

ص: 115

فَاغْفِرْهُ، إِلهِي اسْتَشْفَعْتُ بِكَ إِلَيْكَ، وَاسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْكَ، أَتَيْتُكَ طامِعاً في إِحْسانِكَ، راغِباً فِي امْتِنانِكَ، مُسْتَسْقِياً وابِلَ طَوْلِكَ، مُسْتَمْطِراً غَمامَ فَضْلِكَ، طالِباً مَرْضاتَكَ، قاصِداً جَنابَكَ، وارِداً شَريعَةَ رِفْدِكَ، مُلْتَمِساً سَنِيَّ الْخَيْراتِ مِنْ عِنْدِكَ، وافِداً إِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ، مُريداً وَجْهَكَ، طارِقاً بابَكَ، مُسْتَكيناً لِعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ، فَافْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلا تَفْعَلْ بي ما أَنَا أَهْلُهُ مِنْ الْعَذابِ وَالنِّقْمَةِ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

السّادِسة: «مُناجاة الشّاكِرين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي أَذْهَلَني عَنْ إِقامَةِ شُكْرِكَ تَتابُعُ طَوْلِكَ، وَأَعْجَزَني عَنْ إِحْصاءِ ثَنائِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ، وَشَغَلَني عَنْ ذِكْرِ

ص: 116

مَحامِدِكَ تَرادُفُ عَوائِدِكَ، وَأَعْياني عَنْ نَشْرِ عَوارِفِكَ تَوالي أَياديكَ، وَهذا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النَّعْماءِ وَقابَلَها بِالتَّقْصيرِ، وَشَهِدَ عَلى نَفْسِهِ بِالْإِهْمالِ وَالتَّضْييعِ، وَأَنْتَ الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ الْبَّرُ الْكَريمُ، الَّذي لا يُخَيِّبُ قاصِديهِ وَلا يَطْرُدُ عَنْ فِنائِهِ آمِليهِ، بِساحَتِكَ تَحُطُّ رِحالُ الرَّاجينَ، وَبِعَرْصَتِكَ تَقِفُ آمالُ الْمُسْتَرْفِدينَ، فَلا تُقابِلْ آمالَنا بِالتَّخْييبِ وَالْإِياسِ، وَلا تُلْبِسْنا سِرْبالَ الْقُنُوطِ وَالْإِبْلاسِ، إِلهي تَصاغَرَ عِنْدَ تَعاظُمِ آلائِكَ شُكْري، وَتَضاءَلَ في جَنْبِ إِكْرامِكَ إيَّايَ ثَنائي وَنَشْري، جَلَّلَتْني نِعَمُكَ مِنْ أَنْوارِ الْإيمانِ حُلَلًا، وَضَرَبَتْ عَلَيَّ لَطائِفُ بِرّكَ مِنَ الْعِزِّ كِلَلًا، وَقَلَّدَتْني مِنَنُكَ قَلائِدَ لا تُحَلُّ، وَطَوَّقَتْني أَطْواقاً لا تُفَلُّ، فَآلاؤُكَ جَمَّةٌ ضَعُفَ لِساني عَنْ إِحْصائِها، وَنَعْماؤُكَ كَثيرَةٌ قَصُرَ فَهْمي عَنْ إِدْراكِها فَضْلًا عَنِ اسْتِقْصائِها، فَكَيْفَ لي

ص: 117

بِتَحْصيلِ الشُّكْرِ وَشُكْري إِيَّاكَ يَفْتَقِرُ إِلى شُكْرٍ؟ فَكُلَّما قُلْتُ لَكَ الْحَمْدُ وَجَبَ عَلَيَّ لِذلِكَ أَنْ أَقُولَ لَكَ الْحَمْدُ، إِلهي فَكَما غَذَّيْتَنا بِلُطْفِكَ، وَرَبَّيْتَنا بِصُنْعِكَ، فَتَمِّمْ عَلَيْنا سَوابِغَ النِّعَمِ، وَادْفَعْ عَنَّا مَكارِهَ النِّقَمِ، وَآتِنا مِنْ حُظُوظِ الدَّارَيْنِ أَرْفَعَها وَأَجَلَّها عاجِلًا وَآجِلًا، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَسُبُوغِ نَعْمائِكَ، حَمْداً يُوافِقُ رِضاكَ، وَيَمْتَرِي الْعَظيمَ مِنْ بِرِّكَ وَنَداكَ، يا عَظيمُ يا كَريمُ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

السّابعة: «مُناجاة المُطيعين للَّهِ»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

أَلّلهُمَّ أَلْهِمْنا طاعَتَكَ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ، وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ ما نَتَمَنّى مِنِ ابْتِغاءِ رِضْوانِكَ، وَأَحْلِلْنا بُحْبُوحَةَ جِنانِكَ، وَاقْشَعْ عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الارْتِيابِ، وَاكْشِفْ

ص: 118

عَنْ قُلُوبِنا أَغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ وَالْحِجابِ، وَأَزْهِقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمائِرِنا، وَأَثْبِتِ الْحَقَّ في سَرائِرِنا، فَإِنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنائِحِ وَالْمِنَنِ، أَلّلهُمَّ احْمِلْنا في سُفُنِ نَجاتِكَ وَمَتِّعْنا بِلَذيذِ مُناجاتِكَ، وَأَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ، وَأَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ، وَاجْعَلْ جِهادَنا فيكَ، و هَمَّنا في طاعَتِكَ، وَأَخْلِصْ نِيَّاتِنا في مُعامَلَتِكَ، فَإِنَّا بِكَ وَلَكَ وَلا وَسيلَةَ لَنا إِلَيْكَ إِلَّا أَنْتَ، إِلهِي اجْعَلْني مِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ، وَأَلْحِقْني بِالصَّالِحينَ الْابْرارِ، السَّابِقينَ إِلَى الْمَكْرُماتِ الْمُسارِعينَ إِلَى الْخَيْراتِ، الْعامِلينَ لِلْباقِياتِ الصَّالِحاتِ، السَّاعينَ إِلى رَفيعِ الدَّرَجاتِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، وَبِالْإِجابَةِ جَديرٌ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ص: 119

الثّامِنة: «مُناجاة المُريدين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

سُبْحانَكَ ما أَضْيَقَ الْطُّرُقَ عَلى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَليلَهُ؟ وَما أَوْضَحَ الْحَقَّ عِنْدَ مَنْ هَدَيْتَهُ سَبيلَهُ؟ إِلهي فَاسْلُكْ بِنا سُبُلَ الْوُصُولِ إِلَيْكَ، وَسَيِّرْنا في أَقْرَبِ الطُّرُقِ لِلْوُفُودِ عَلَيْكَ، قَرِّبْ عَلَيْنَا الْبَعيدَ، وَسَهِّلْ عَلَيْنَا الْعَسيرَ الشَّديدَ، وَأَلْحِقْنا بِعِبادِكَ الَّذينَ هُمْ بِالْبِدارِ إِلَيْكَ يُسارِعُونَ، وَبابَكَ عَلَى الدَّوامِ يَطْرُقُونَ، وَإِيَّاكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ يَعْبُدُونَ، وَهُمْ مِنْ هَيْبَتِكَ مُشْفِقُونَ، الَّذينَ صَفَّيْتَ لَهُمُ الْمَشارِبَ، وَبَلَّغْتَهُمُ الرَّغائِبَ، وَأَنْجَحْتَ لَهُمُ الْمَطالِبَ، وَقَضَيْتَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ الْمَآرِبَ، وَمَلَأْتَ لَهُمْ ضَمائِرَهُمْ مِنْ حُبِّكَ، وَرَوَّيْتَهُمْ مِنْ صافي شِرْبِكَ، فَبِكَ إِلى لَذيذِ مُناجاتِكَ وَصَلُوا، وَمِنْكَ أَقْصى

ص: 120

مَقاصِدِهِمْ حَصَّلُوا، فَيا مَنْ هُوَ عَلَى الْمُقْبِلينَ عَلَيْهِ مُقْبِلٌ، وَبِالْعَطْفِ عَلَيْهِمْ عائِدٌ مُفْضِلٌ، وَبِالْغافِلينَ عَنْ ذِكْرِهِ رَحيمٌ رَؤُوفٌ، وَبِجَذْبِهِمْ إِلى بابِهِ وَدُودٌ عَطُوفٌ، أَسْأَ لُكَ أَنْ تَجْعَلَني مِنْ أَوْفَرِهِمْ مِنْكَ حَظّاً، وَأَعْلاهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلًا، وَأَجْزَلِهِمْ مِنْ وُدِّكَ قِسْماً، وَأَفْضَلِهِمْ في مَعْرِفَتِكَ نَصيباً، فَقَدِ انْقَطَعَتْ إِلَيْكَ هِمَّتي، وَانْصَرَفَتْ نَحْوَكَ رَغْبَتي، فَأَنْتَ لا غَيْرُكَ مُرادي، وَلَكَ لا لِسِواكَ سَهَري وَسُهادي، وَلِقاؤُكَ قُرَّةُ عَيْني، وَوَصْلُكَ مُنى نَفْسي، وَإِلَيْكَ شَوْقي، وَفي مَحَبَّتِكَ وَلَهي، وَإِلى هَواكَ صَبابَتي، وَرِضاكَ بُغْيَتي، وَرُؤْيَتَكَ حاجَتي، وَجِوارُكَ طَلَبي، وَقُرْبُكَ غايَةُ سُؤْلي، وَفي مُناجاتِكَ رَوْحي وَراحَتي، وَعِنْدَكَ دَواءُ عِلَّتي، وَشِفاءُ غُلَّتي، وَبَرْدُ لَوْعَتي، وَكَشْفُ كُرْبَتي، فَكُنْ أَنيسي في وَحْشَتي، وَمُقيلَ عَثْرَتي، وَغافِرَ زَلَّتي، وَقابِلَ تَوْبَتي، وَمُجيبَ

ص: 121

دَعْوَتي، وَوَلِيَّ عِصْمَتي، وَمُغْنِيَ فاقَتي، وَلا تَقْطَعْني عَنْكَ، وَلا تُبْعِدْني مِنْكَ، يا نَعيمي وَجَنَّتي، وَيا دُنْيايَ وَآخِرَتي، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

التّاسعة: «مُناجاة الُمحبيّن»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي مَنْ ذَا الَّذي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلًا؟

وَمَنْ ذَا الَّذي أَنِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلًا؟ إِلهي فَاجْعَلْنا مِمَّنِ اصْطَفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَوِلايَتِكَ، وَأَخْلَصْتَهُ لِوُدِّكَ وَمَحَبَّتِكَ، وَشَوَّقْتَهُ إِلى لِقائِكَ، وَرَضَّيْتَهُ بِقَضائِكَ، وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ، وَحَبَوْتَهُ بِرِضاكَ، وَأَعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَقِلاكَ، وَبَوَّأتَهُ مَقْعَدَ الصّدْقِ في جِوارِكَ، وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرِفَتِكَ، وَأَهَّلْتَهُ لِعِبادَتِكَ، وَهَيَّمْتَ قَلْبَهُ لِإِرادَتِكَ، وَاجْتَبَيْتَهُ

ص: 122

لِمُشاهَدَتِكَ، وَأَخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ، وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ، وَرَغَّبْتَهُ فيما عِنْدَكَ، وَأَلْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ، وَأَوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ، وَشَغَلْتَهُ بِطاعَتِكَ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحي بَرِيَّتِكَ، وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ، وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيْ ءٍ يَقْطَعُهُ عَنْكَ، أَلّلهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ دَأْبُهُمُ الارْتِياحُ إِلَيْكَ وَالْحَنينُ، وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالْأَنينُ، جِباهُهُمْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ، وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ في خِدْمَتِكَ، وَدُمُوعُهُمْ سائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ، وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ، يا مَنْ أَنْوارُ قُدْسِهِ لِأَبْصارِ مُحِبّيهِ رائِقَةٌ، وَسُبُحاتُ وَجْهِهِ لِقُلُوبِ عارِفيهِ شائِقَةٌ (1) 36، يا مُنى قُلُوبِ الْمُشْتاقينَ، وَيا غايَةَ آمالِ الُمحِبّينَ، أَسْأَ لُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ كُلِ


1- - شائِفَةٌ- خ-.

ص: 123

عَمَلٍ يُوصِلُني إِلى قُرْبِكَ، وَأَنْ تَجْعَلَكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا سِواكَ، وَأَنْ تَجْعَلَ حُبي إِيَّاكَ قائِداً إِلى رِضْوانِكَ، وَشَوْقي إِلَيْكَ ذائِداً عَنْ عِصْيانِكَ، وَامْنُنْ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ عَلَيَّ، وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْوُدِّ وَالْعَطْفِ إِلَيَّ، وَلا تَصْرِفْ عَني وَجْهَكَ، وَاجْعَلْني مِنْ أَهْلِ الْإِسْعادِ وَالْحَظْوَةِ عِنْدَكَ، يا مُجيبُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

العاشِرَة: «مُناجاة المُتوَسِّلين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي لَيْسَ لي وَسيلَةٌ إِلَيْكَ إِلَّا عَواطِفُ رَأْفَتِكَ، وَلا لي ذَريعَةٌ إِلَيْكَ إِلَّا عَوارِفُ رَحْمَتِكَ، وَشَفاعَةُ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، وَمُنْقِذِ الْأُمَّةِ مِنَ الْغُمَّةِ، فَاجْعَلْهُما لي سَبَباً إِلى نَيْلِ غُفْرانِكَ، وَصَيِّرْهُما لي وُصْلَةً إِليَ الْفَوْزِ بِرِضْوانِكَ، وَقَدْ حَلَّ رَجائي بِحَرَمِ كَرَمِكَ، وَحَطَّ طَمَعي بِفِناءِ

ص: 124

جُودِكَ، فَحَقِّقْ فيكَ أَمَلي، وَاخْتِمْ بِالْخَيْرِ عَمَلي، وَاجْعَلْني مِنْ صَفْوَتِكَ الَّذينَ أَحْلَلْتَهُمْ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ، وَبَوَّأْتَهُمْ دارَ كَرامَتِكَ، وَأَقْرَرْتَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ يَوْمَ لِقائِكَ، وَأَوْرَثْتَهُمْ مَنازِلَ الصِّدْقِ في جِوارِكَ، يا مَنْ لا يَفِدُ الْوافِدُونَ عَلى أَكْرَمَ مِنْهُ، وَلا يَجِدُ الْقاصِدُونَ أَرْحَمَ مِنْهُ، يا خَيْرَ مَنْ خَلا بِهِ وَحيدٌ، وَيا أَعْطَفَ مَنْ أَوى إِلَيْهِ طَريدٌ، إِلى سَعَةِ عَفْوِكَ مَدَدْتُ يَدي، وَبِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ كَفي، فَلا تُولِنِي الْحِرْمانَ، وَلا تُبْلِني بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرانِ، يا سَميعَ الدُّعاءِ، يا أَرْحَمَ الرَّحِمينَ.

الحادِية عَشرَة: «مُناجاة المُفتقرينْ»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي كَسْري لا يَجْبُرُهُ إِلَّا لُطْفُكَ وَحَنانُكَ، وَفَقْري لايُغْنيهِ إِلَّا عَطْفُكَ وَإِحْسانُكَ، وَرَوْعَتي لا يُسَكِّنُها إلاّ

ص: 125

أَمانُكَ، وَذِلَّتي لا يُعِزُّها إِلَّا سُلْطانُكَ، وَأُمْنِيَّتي لا يُبَلِّغُنيها إِلَّا فَضْلُكَ، وَخَلَّتي لا يَسُدُّها إِلَّا طَوْلُكَ، وَحاجَتي لا يَقْضيها غَيْرُكَ، وَكَرْبي لا يُفَرِّجُهُ سِوى رَحْمَتِكَ، وَضُري لا يَكْشِفُهُ غَيْرُ رَأفَتِكَ، وَغُلَّتي لا يُبَرِّدُها إِلَّا وَصْلُكَ، وَلَوْعَتي لا يُطْفيها إِلَّا لِقاؤُكَ، وَشَوْقي إِلَيْكَ لا يَبُلُّهُ إلَّاالنَّظَرُ إِلى وَجْهِكَ، وَقَراري لا يَقِّرُّ دُونَ دُنُوي مِنْكَ، وَلَهْفَتي لا يَرُدُّها إِلَّا رَوْحُكَ، وَسُقْمي لا يَشْفيهِ إِلَّا طِبُّكَ، وَغَمي لا يُزيلُهُ إِلَّا قُرْبُكَ، وَجُرْحي لا يُبْرِئُهُ إِلَّا صَفْحُكَ، وَرَيْنُ قَلْبي لا يَجْلُوهُ إِلَّا عَفْوُكَ، وَوَسْواسُ صَدْري لا يُزيحُهُ إِلَّا أَمْرُكَ، فَيا مُنْتَهى أَمَلِ الْآمِلينَ، وَيا غايَةَ سُؤْلِ السَّائِلينَ، وَيا أَقْصى طَلِبَةِ الطَّالِبينَ، وَيا أَعْلى رَغْبَةِ الرَّاغِبينَ، وَيا وَلِيَّ الصَّالِحينَ، وَيا أَمانَ الْخائِفينَ، وَيا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ، وَيا ذُخْرَ الْمُعْدِمينَ، وَيا كَنْزَ الْبائِسينَ، وَيا

ص: 126

غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، وَيا قاضِيَ حَوائِجِ الْفُقَراءِ وَالْمَساكينَ، وَيا أَكرَمَ الْأَكْرَمينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، لَكَ تَخَضُّعي وَسُؤالي، وَإِلَيْكَ تَضَرُّعي وَابْتِهالي، أَسْأَ لُكَ أَنْ تُنيلَني مِنْ رَوْحِ رِضْوانِكَ، وَتُديمَ عَلَيَّ نِعَمَ امْتِنانِكَ، وَها أَنَا بِبابِ كَرَمِكَ واقِفٌ، وَلِنَفَحاتِ بِرِّكَ مُتَعَرِّضٌ، وَبِحَبْلِكَ الشَّديدِ مُعْتَصِمٌ، وَبِعُرْوَتِكَ الْوُثْقى مُتَمَسِّكٌ، إِلهِي ارْحَمْ عَبْدَكَ الذَّليلَ ذَا الّلِسانِ الْكَليلِ وَالْعَمَلِ الْقَليلِ، وَامْنُنْ عَلَيْهِ بِطَوْلِكَ الْجَزيلِ، وَاكْنُفْهُ تَحْتَ ظِلِّكَ الظَّليلِ، ياكَريمُ ياجَميلُ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

الثَّانيَة عَشرة: «مُناجاة العارفين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي قَصُرَتِ الْأَلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ ثَنائِكَ كَما يَليقُ بِجَلالِكَ، وَعَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ إِدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ،

ص: 127

وَانْحَسَرَتِ الْأَبْصارُ دُونَ النَّظَرِ إِلى سُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَريقاً إِلى مَعْرِفَتِكَ إِلَّا بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ، إِلهي فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذينَ تَرَسَّخَتْ أَشْجارُ الشَّوْقِ إِلَيْكَ في حَدائِقِ صُدُورِهِمْ، وَأَخَذَتْ لَوْعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ إِلى أَوْكارِ الْأَفْكارِ يَأْوُونَ، وَفي رِياضِ الْقُرْبِ وَالْمُكاشَفَةِ يَرْتَعُونَ، وَمِنْ حِياضِ الْمَحَبَّةِ بِكَأْسِ الْمُلاطَفَةِ يَكْرَعُونَ، وَشَرائِعَ الْمُصافاتِ يَرِدُونَ، قَدْ كُشِفَ الْغِطاءُ عَنْ أَبْصارِهِمْ، وَانْجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عَنْ عَقائِدِهِمْ وَضَمائِرِهِمْ، وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ الشَّكِّ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَرائِرِهِمْ، وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقيقِ الْمَعْرِفَةِ صُدُورُهُمْ، وَعَلَتْ لِسَبْقِ السَّعادَةِ فِي الزَّهادَةِ هِمَمُهُمْ، وَعَذُبَ في مَعينِ الْمُعامَلَةِ شِرْبُهُمْ، وَطابَ في

ص: 128

مَجْلِسِ الْأُنْسِ سِرُّهُمْ، وَأَمِنَ في مَوْطِنِ الْمَخافَةِ سِرْبُهُمْ، وَاطْمَأَنَّتْ بِالرُّجُوعِ إِلى رَبِّ الْأَرْبابِ أَنْفُسُهُمْ، وَتَيَقَّنَتْ بِالْفَوْزِ وَالْفَلاحِ أَرْواحُهُمْ، وَقَرَّتْ بِالنَّظَرِ إِلى مَحْبُوبِهِمْ أَعْيُنُهُمْ، وَاسْتَقَرَّ بِإدْراكِ السُّؤْلِ وَنَيْلِ الْمَأْمُولِ قَرارُهُمْ، وَرَبِحَتْ في بَيْعِ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ تِجارَتُهُمْ، إِلهي ما أَلَذَّ خَواطِرَ الْإِلْهامِ بِذِكْرِكَ عَلَى الْقُلُوبِ! وَما أَحْلَى الْمَسيرَ إِلَيْكَ بِالْأَوْهامِ في مَسالِكِ الْغُيُوبِ! وَما أَطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ! وَما أَعْذَبَ شِرْبَ قُرْبِكَ! فَأَعِذْنا مِنْ طَرْدِكَ وَإِبْعادِكَ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَخَصِّ عارِفيكَ، وَأَصْلَحِ عِبادِكَ، وَأَصْدَقِ طائِعيكَ، وَأَخْلَصِ عُبَّادِكَ، يا عَظيمُ يا جَليلُ، يا كَريمُ يا مُنيلُ، بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ص: 129

الثَّالثَة عَشرة: «مُناجاة الذّاكرينَ»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي لَوْلَا الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ مِنْ (1) 37 ذِكْري إيَّاكَ عَلى أَنَّ ذِكْري لَكَ بِقَدْري لا بِقَدْرِكَ، وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْداري حَتّى أُجْعَلَ مَحَلّاً لِتَقْديسِكَ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنا، وَإِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزيهِكَ وَتَسْبيحِكَ، إِلهي فَأَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الْخَلاءِ وَالْمَلاءِ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَالْإِعْلانِ وَالْإِسْرارِ، وَفِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الْخَفِيِّ، وَاسْتَعْمِلْنا بِالْعَمَلِ الزَّكِيِّ، وَالسَّعْيِ الْمَرْضِيِّ، وَجازِنا بِالْميزانِ الْوَفِيِّ، إِلهي بِكَ هامَتِ الْقُلُوبُ الْوالِهَةُ، وَعَلى


1- عَنْ- خ-.

ص: 130

مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ الْعُقُولُ الْمُتَبايِنَةُ، فَلا تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ إِلَّا بِذِكْراكَ، وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلَّا عِنْدَ رُؤْياكَ، أَنْتَ الْمُسَبَّحُ في كُلِّ مَكانٍ، وَالْمَعْبُودُ في كُلِّ زَمانٍ، وَالْمَوْجُودُ في كُلِّ أَوانٍ، وَالْمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسانٍ، وَالْمُعَظَّمُ في كُلِّ جَنانٍ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طاعَتِكَ، إِلهي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ:

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصيلًا وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: فَاذْكُرُوني أَذْكُرْك 9 مْ فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ، وَوَعَدْ تَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنا تَشْريفاً لَنا وَتَفْخيماً وَإِعْظاماً، وَها نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَما أَمَرْتَنا، فَأَنْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا، يا ذاكِرَ الذَّاكِرينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّحِمينَ.

ص: 131

الرَّابِعَة عَشَرة: «مُناجاة المُعتَصِمين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

اللَّهُمَّ يا مَلاذَ اللاّئِذينَ، وَيا مَعاذَ الْعائِذينَ، وَيا مُنْجِيَ الْهالِكينَ، وَيا عاصِمَ الْبائِسينَ، وَيا راحِمَ الْمَساكينِ، وَيا مُجيبَ الْمُضْطَرّينَ، وَياكَنْزَ الْمُفْتَقِرينَ، وَيا جابِرَ الْمُنْكَسِرينَ، وَيا مَأوَى الْمُنْقَطِعينَ، وَيا ناصِرَ الْمُسْتَضْعَفينَ، وَيا مُجيرَ الْخائِفينَ، وَيا مُغيثَ الْمَكْرُوبينَ، وَيا حِصْنَ اللّاجينَ، إِنْ لَمْ أَعُذْ بِعِزَّتِكَ فَبِمَنْ أَعُوذُ، وَإِنْ لَمْ أَلُذْ بِقُدْرَتِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ، وَقَدْ أَلْجَأَتْنِي الذُّنُوبُ إِلَى التَّشَبُّثِ بِأَذْيالِ عَفْوِكَ، وَأَحْوَجَتْنِي الْخَطايا إِلَى اسْتِفْتاحِ أَبْوابِ صَفْحِكَ، وَدَعَتْنِي الْإِساءَةُ إِلَى الْإِناخَةِ بِفِناءِ عِزِّكَ،

ص: 132

وَحَمَلَتْنِي الْمَخافَةُ مِنْ نِقْمَتِكَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ، وَما حَقُّ مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ أَنْ يُخْذَلَ، وَلا يَليقُ بِمَنِ اسْتَجارَ بِعِزِّكَ أَنْ يُسْلَمَ أَوْ يُهْمَلَ، إِلهي فَلا تُخْلِنا مِنْ حِمايَتِكَ، وَلا تُعْرِنا مِنْ رِعايَتِكَ، وَذُدْنا عَنْ مَوارِدِ الْهَلَكَةِ، فَإِنَّا بِعَيْنِكَ وَفي كَنَفِكَ وَلَكَ، أَسْأَ لُكَ بِأَهْلِ خاصَّتِكَ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَالصَّالِحينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْنا واقِيَةً تُنْجينا مِنَ الْهَلَكاتِ، وَتُجَنِّبُنا مِنَ الْآفاتِ، وَتُكِنُّنا مِنْ دَواهِي الْمُصيباتِ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَلَيْنا مِنْ سَكينَتِكَ، وَأَنْ تُغَشِّيَ وُجُوهَنا بِأَنْوارِ مَحَبَّتِكَ، وَأَنْ تُؤْوِيَنا إِلى شَديدِ رُكْنِكَ، وَأَنْ تَحْوِيَنا في أَكْنافِ عِصْمَتِكَ، بِرَأفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ص: 133

الخامسَة عَشَرة: «مُناجاة الزَّاهدين»

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

إِلهي أَسْكَنْتَنا داراً حَفَرَتْ لَنا حُفَرَ مَكْرِها، وَعَلَّقَتْنا بِأَيْدِي الْمَنايا في حَبائِلِ غَدْرِها، فَإِلَيْكَ نَلْتَجِي ءُ مِنْ مَكائِدِ خُدَعِها، وَبِكَ نَعْتَصِمُ مِنَ الِاغْتِرارِ بِزَخارِفِ زينَتِها، فَإِنَّهَا الْمُهْلِكَةُ طُلّابَهَا، الْمُتْلِفَةُ حُلّالَهَا، الْمَحْشُوَّةُ بِالْآفاتِ، الْمَشْحُونَةُ بِالنَّكَباتِ، إِلهي فَزَهِّدْنا فيها، وَسَلِّمْنا مِنْها بِتَوْفيقِكَ وَعِصْمَتِكَ، وَانْزَعْ عَنَّا جَلابيبَ مُخالَفَتِكَ، وَتَوَلَّ أُمُورَنا بِحُسْنِ كِفايَتِكَ، وَأَوْفِرْ مَزيدَنا مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِكَ، وَأَجْمِلْ صِلاتِنا مِنْ فَيْضِ مَواهِبِكَ، وَأَغْرِسْ في أَفْئِدَتِنا أَشْجارَ مَحَبَّتِكَ، وَأَتْمِمْ لَنا أَنْوارَ مَعْرِفَتِكَ، وَأَذِقْنا حَلاوَةَ عَفْوِكَ، وَلَذَّةَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَقْرِرْ أَعْيُنَنا يَوْمَ لِقائِكَ بِرُؤْيَتِكَ، وَأَخْرِجْ

ص: 134

حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قُلُوبِنا كَما فَعَلْتَ بِالصَّالِحينَ مِنْ صَفْوَتِكَ، وَالْأَبْرارِ مِنْ خاصَّتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَيا أَكْرَمَ الْأَكْرَمينَ.

2- المُناجاة المَنظُومَة لأمير المؤمِنين عليّ عليه السلام

اشارة

لَكَ الْحَمْدُ يا ذَا الْجُودِ وَالْمَجْدِ وَالْعُلى تَبارَكْتَ تُعْطي مَنْ تَشاءُ وَتَمْنَعُ

إِلهي وَخَلاّقي وَحِرْزي وَمَوْئِلي إِلَيْكَ لَدَى الْإِعْسارِ وَالْيُسْرِ أَفْزَعُ

إِلهي لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطيئَتي فَعَفْوُكَ عَنْ ذَنْبي أَجَلُّ وَأَوْسَعُ

إلهي لِأَنْ أعطَيْتُ نَفْسِيَ سُؤْلَهافَها أَنا في رَوْضِ النَّدامَةِ ارْتَعُ

ص: 135

إِلهي تَرى حالي وَفَقْري وَفاقَتي وَأَنْتَ مُناجاتِي الْخَفِيَّةَ تَسْمَعُ

إِلهي فَلا تَقْطَعْ رَجائي وَلا تُزِغْ فُؤادي فَلي في سَيْبِ جُودِكَ مَطْمَعُ

إِلهي لَئِنْ خَيَّبْتَني أَوْ طَرَدْتَني فَمَنْ ذَا اَّلذي أَرْجُو وَمَنْ ذا أُشَفِّعُ

إِلهي أَجِرْني مِنْ عَذابِكَ إِنَّني أَسيرٌ ذَليلٌ خائِفٌ لَكَ أَخْضَعُ

إِلهي فَآنِسْني بِتَلْقِينِ حُجَّتي إِذا كانَ لي فِي الْقَبْرِ مَثْوَىً وَمَضْجَعٌ

إِلهي لَئِنْ عَذَّبْتَني أَلْفَ حِجَّةٍفَحَبْلُ رَجائي مِنْكَ لا يَتَقَطَّعُ

إِلهي أَذِقْني طَعْمَ عَفْوِكَ يَوْمَ لابَنُونَ وَلا مالٌ هُنالِكَ يَنْفَعُ

ص: 136

إِلهي لَئِنْ لَمْ تَرْعَني كُنْتُ ضائِعاًوَإِنْ كُنْتَ تَرْعاني فَلَسْتُ أُضَيَّعُ

إِلهي إذا لَمْ تَعْفُ عَنْ غَيْرِ مُحْسِنٍ فَمَنْ لِمُسي ءٍ بِالهَوى يَتَمَتَّعُ

إِلهي لَئِنْ فَرَّطْتُ في طَلَبِ التُّقى فَها أَنَا إِثْرَ الْعَفْوِ أَقْفُو وَأَتْبَعُ

إِلهي لَئِنْ أَخْطَاْتُ جَهْلًا فَطالَمارَجَوْتُكَ حَتّى قيلَ ما هُوَ يَجْزَعُ

إِلهي ذُ نُوبي بَذَّتِ الطَّوْدَ وَاعْتَلَتْ وَصَفْحُكَ عَنْ ذَنْبي أَجَلُّ وَأَرْفَعُ

إِلهي يُنَحي ذِكْرُ طَوْلِكَ لَوْعَتي وَذِكْرُ الْخَطايَا الْعَيْنَ مِني يُدَمِّعُ

إِلهي أَقِلْني عَثْرَتي وَامْحُ حَوْبَتي فَإِني مُقِرٌّ خائِفٌ مُتَضَرِّعٌ

ص: 137

إِلهي أَنِلْني مِنْك رَوْحاً وَراحَةًفَلَسْتُ سِوى أَبْوابِ فَضْلِكَ أَقْرَعُ

إِلهي لَئِنْ أَقْصَيْتَني أَوْ أَهَنْتَني فَما حيلَتي يا رَبِّ أَمْ كَيْفَ أَصْنَعُ

إِلهي حَليفُ الْحُبِّ فِي اللَّيْلِ ساهِرٌيُناجي وَيَدْعُو وَالْمُغَفَّلُ يَهْجَعُ

إِلهي وَهذَا الْخَلْقُ ما بَيْنَ نائِمٍ وَمُنْتَبِهٍ في لَيْلَهِ يَتَضَرَّعُ

وكُلُّهُمْ يَرجُو نَوالَكَ راجِياًلِرَحْمَتِكَ الْعُظْمى وَفِي الْخُلْدِ يَطْمَعُ

إِلهي يُمَنّيني رَجائي سَلامَةًوَقُبْحُ خَطيئاتي عَلَيَّ يُشَنِّعُ

إِلهي فَإِنْ تَعْفُو فَعَفْوُكَ مُنْقِذي وَإِلَّا فَبِالذَّنْبِ الْمُدَمِّرِ أُصْرَعُ

ص: 138

إِلهي بِحَقِّ الْهاشِميِّ مُحَمَّدٍوَحُرْمَةِ أَطْهارٍ هُمْ لَكَ خُضَّعُ

إِلهي بِحَقِّ الْمُصْطَفى وَابْنِ عَمِّهِ وَحُرْمَةِ أَبْرارٍ هُمْ لَكَ خُشَّعُ

إِلهي فَأَنْشِرْني عَلى دينِ أَحْمَدٍمُنيباً تَقِيّاً قانِتاً لَكَ أَخْضَعُ

وَلا تَحْرِمَّني يا إِلهي وَسَيِّدي شَفاعَتَهُ الْكُبْرى فَذاكَ الْمُشَفَّعُ

وَصلِّ عَلَيْهِمْ ما دَعاكَ مُوَحِّدٌوَناجاكَ أَخْيارٌ بِبابِكَ رُكَّعٌ

ثلاث كَلمات من مولانا عَليّ عليه السلام فِي المُناجاة

إِلهي كَفى بي عِزّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً، وَكَفى بي فَخْراً أَنْ تَكُونَ لي رَبّاً، أَنْتَ كَما أُحِبُّ فَاجْعَلْني كَما تُحِبُّ.

ص: 139

3- المناجاة الشعبانية

هذه المناجاة التي رواها ابن خالويه وقال: إنّها مناجاة أمير المؤمنين والأئمّة من ولده عليه السلام كانوا يدعون بها في شهر شعبان:

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْمَعْ دُعائي إِذا دَعَوْتُكَ، وَاْسمَعْ نِدائي إِذا نادَيْتُكَ، وَأَقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ، فَقَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ، وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَكيناً لَكَ مُتَضرِّعاً إِلَيْكَ، راجِياً لِما لَدَيْكَ ثَوابي، وَتَعْلَمُ ما في نَفْسي، وَتَخْبُرُ حاجَتي، وَتَعْرِفُ ضَميري، وَلا يَخْفى عَلَيْكَ أَمْرُ مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ، وَما أُريدُ أَنْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقي، وأَتَفَوَّهُ بِهِ مِنْ طَلِبَتي، وَأَرْجُوهُ لِعاقِبَتي وَقَدْ جَرَتْ مَقاديرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدي فيما يَكُونُ مِنِّي إِلى آخِرِ عُمْري مِنْ سَريرَتي وَعَلانِيَتي، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ

ص: 140

زِيادَتي وَنَقْصي وَنَفْعي وَضُرِّي، إِلهي إِنْ حَرَمْتَني فَمَنْ ذَا الَّذي يَرْزُقُني، وَإِنْ خَذَلْتَني فَمَنْ ذَا الَّذي يَنْصُرُني، إِلهي أَعُوذُ بِكَ مِنَ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ، إِلهي إِنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ لِرَحْمَتِكَ، فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ، إِلهي كَأَني بِنَفْسي واقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلي عَلَيْكَ، فَقُلْتَ (1) 38 ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَني بِعَفْوِكَ، إِلهي إِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ، وَإِنْ كانَ قَدْ دَنا أَجَلي وَلَمْ يُدْنِني (2) 39 مِنْكَ عَمَلي، فَقَدْ جَعَلْتُ الْإِقْرارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسيلَتي، إِلهي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسي فِي النَّظَرِ لَها فَلَهَا الْوَيْلُ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَها، إِلهي لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيَّامَ حَياتي فَلا تَقْطَعْ بِرَّكَ


1- فَفَعَلْتَ- خ-.
2- لَمْ يَدْنُ- خ-.

ص: 141

عَنِّي في مَماتي، إِلهي كَيْفَ آيِسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لي بَعْدَ مَماتي وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّني إِلَّا الْجَميلَ في حَياتي، إِلهي تَوَلَّ مِنْ أَمْري ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ جَهْلُهُ، إِلهي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وَأَنَا أَحْوَجُ إِلى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الْأُخْرى، إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لِاحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحينَ، فَلا تَفْضَحْني يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى رُؤُوسِ الْأَشْهادِ، إِلهي جُودُكَ بَسَطَ أَمَلي، وَعفْوُكَ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلي، إِلهي فَسُرَّني بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضي فيهِ بَيْنَ عِبادِكَ، إِلهِي اعْتِذاري إِلَيْكَ اعْتِذارُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ، فَاقْبَلْ عُذْري يا أَكْرَمَ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُسيئُونَ، إِلهي لا تَرُدَّ حاجَتي، وَلا تُخَيِّبْ طَمَعي، وَلا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائي وَأَمَلي، إِلهي لَوْ أَرَدْتَ هَواني لَمْ تَهْدِني، وَلَوْ أَرَدْتَ فَضيحَتي لَمْ تُعافِني، إِلهي ما أَظُنُّكَ تَرُدُّني في حاجَةٍ قَدْ أَفْنَيْتُ عُمْري في طَلِبِها

ص: 142

مِنْكَ، إِلهي فَلَكَ الْحَمْدُ أَبَداً أَبَداً دآئِماً سَرْمَداً، يَزيدُ وَلا يَبيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى، إِلهي إِنْ أَخَذْتَني بِجُرْمي أَخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ، وَإِنْ أَخَذْتَني بِذُ نُوبي أَخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ، وَإِنْ أَدْخَلْتَنِي النّارَ أَعْلَمْتُ أَهْلَها أَنِّي أُحِبُّكَ، إِلهي إِنْ كانَ صَغُرَ في جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلي فَقَدْ كَبُرَ في جَنْبِ رَجائِكَ أَمَلي، إِلهي كَيْفَ أَنْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخَيْبَةِ مَحْروماً وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَني بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً؟ إِلهي وَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْري في شِرَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ، وَأَبْلَيْتُ شَبابي في سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ، إِلهي فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ أَيّامَ اغْتِراري بِكَ، وَرُكُوني إِلى سَبيلِ سَخَطِكَ، إِلهي وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، إِلهي أَنَا عَبْدٌ أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيائي مِنْ نَظَرِكَ، وَأَطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ، إِلهي لَمْ يَكُنْ

ص: 143

لي حَوْلٌ فَانْتَقِلَ بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلّا في وَقْتٍ أَيْقَظْتَني لَمحَبَّتِكَ، وَكَما أَرَدْتَ أَنْ أَكُونَ كُنْتُ فَشَكَرْتُكَ بِإِدْخالي في كَرَمِكَ، وَلِتَطْهيرِ قَلْبي مِنْ أَوْساخِ الْغَفْلَةِ عَنْكَ، إِلهِي انْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأَطاعَكَ، يا قَريباً لا يَبْعُدُ عَنِ المُغْتَرِّ بِهِ، وَيا جَواداً لايَبْخَلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ، إِلهي هَبْ لي قَلْباً يُدْنيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ، وَلِساناً يُرْفَعُ إِلَيْكَ صِدْقُهُ، وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حَقُّهُ، إِلهي إِنَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَمَنْ لاذَ بِكَ غَيْرُ مَخْذُولٍ، وَمَنْ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، إِلهي إِنَّ مَنِ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنيرٌ، وِإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجيرٌ، وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا إِلهي فَلا تُخَيِّبْ ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْني عَنْ رَأْفَتِكَ، إِلهي أَقِمْني في أَهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجَا الزِّيادَةَ مِنْ مَحَبَّتِكَ، إِلهي وَأَلْهِمْني وَلَهاً بِذِكْرِكَ إِلى ذِكْرِكَ، وَهِمَّتي في رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِ

ص: 144

قُدْسِكَ، إِلهي بِكَ عَلَيْكَ إِلّا أَلْحَقْتَني بِمَحَلِّ أَهْلِ طاعَتِكَ، وَالْمَثْوىَ الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتِكَ، فَإِنِّي لا أَقْدِرُ لِنَفْسي دَفْعاً وَلا أَمْلِكُ لَها نَفْعاً، إِلهي أَنَا عَبْدُكَ الضَّعيفُ الْمُذْنِبُ، وَمَمْلُوكُكَ الْمُنيبُ، فَلا تَجْعَلْني مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ، وَحَجَبَهُ سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ، إِلهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ إِلَيْكَ، وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ، إِلهي وَاجْعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً، إِلهي لَمْ أُسَلِّطْ عَلى حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الْأَياسِ، وَلَا انْقَطَعَ رَجائي مِنْ جَميلِ كَرَمِكَ، إِلهي إِنْ كانَتِ الْخَطايا قَدْ أَسْقَطَتْني لَدَيْكَ، فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلي عَلَيْكَ، إِلهي إِنْ حَطَّتْنِي الذُّنوُبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ، فَقَدْ نَبَّهَنِي الْيَقينُ

ص: 145

إِلى كَرَمِ عَطْفِكَ، إِلهي إِنْ أَنامَتْنِى الْغَفْلَةُ عَنِ الاسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ، فَقَدْ نَبَّهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ، إِلهي إِنْ دَعاني إِلىَ النَّارِ عَظيمُ عِقابِكَ، فَقَدْ دَعاني إِلَى الْجَنَّةِ جَزيلُ ثَوابِكَ، إِلهي فَلَكَ أَسْئَلُ وَإِلَيْكَ أَبْتَهِلُ وَأَرْغَبُ، وَأَسأَ لُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَني مِمَّنْ يُديمُ ذِكَرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفُلُ عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ، إِلهي وَأَلْحِقْني بِنُورِ عِزِّكَ الْأَبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً، ياذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً.

وهذه مناجاة جليلة القدر مَنسُوبة إلى أئمّتنا، مشتملة على مضامين عالية، ويحسن أن يدعى بها عند حضور القلب متى ما كان.

ص: 146

4- مُناجاةُ أَمير المؤمنين عليه السلام

اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلابَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَليمٍ، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ، يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبيلًا، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصي وَالْأَقْدامِ، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا يَجْزي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخيهِ وَأُمِّهِ وَأَبيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ، لِكُلِّ امْرِئً مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنيهِ، وَأَسْأَ لُكَ الْأَمانَ يَوْمَ يَوَدُّ الُمجْرِمُ لَوْ يَفْتَدي مِنْ عَذابِ

ص: 147

يَوْمَئِذٍ بِبَنيهِ، وَصاحِبَتِهِ وَأَخيهِ، وَفَصيلَتِهِ الَّتي تُؤْويهِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَميعاً ثُمَّ يُنْجيهِ، كَلَّا إِنَّها لَظى، نَزَّاعَةً لِلشَّوى، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْمَوْلى وَأَنَا الْعَبْدُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْعَبْدَ إِلَّا الْمَوْلى، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْمالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَمْلُوكَ إِلَّا الْمالِكُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْعَزيزُ وَأَنَا الذَّليلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الذَّليلَ إِلَّا الْعَزيزُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْخالِقُ وَأَنَا الَمخْلُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الَمخْلُوقَ إِلَّا الْخالِقُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْعَظيمُ وَأَنَا الْحَقيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْحَقيرَ إِلَّا الْعَظيمُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْقَوِيُّ وَأَنَا الضَّعيفُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّعيفَ إِلَّا الْقَوِيُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْفَقيرَ إِلَّا الْغَنِيُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْمُعْطي وَأَنَا السَّائِلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ السَّائِلَ إِلَّا الْمُعْطي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْحَيُّ وَأَنَا الْمَيِّتُ،

ص: 148

وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَيِّتَ إِلَّا الْحَيُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْباقي وَأَنَا الْفاني، وَ هَلْ يَرْحَمُ الْفانِيَ إِلَّا الْباقي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الدَّائِمُ وَأَنَا الزَّائِلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الزَّائِلَ إِلَّا الدَّائِمُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الرَّازِقُ وَأَنَا الْمَرْزُوقُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْزُوقَ إِلَّا الرَّازِقُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْجَوادُ وَأَنَا الْبَخيلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْبَخيلَ إِلَّا الْجَوادُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْمُعافي وَأَنَا الْمُبْتَلى، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُبْتَلى إِلَّا الْمُعافي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْكَبيرُ وَأَنَا الصَّغيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الصَّغيرَ إِلَّا الْكَبيرُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْهادي وَأَنَا الضَّالُّ، وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّالَّ إِلَّا الْهادي، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الرَّحْمنُ وَأَنَا الْمَرْحُومُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْحُومَ إِلَّا الرَّحْمنُ، مَوْلايَ يامَوْلايَ! أَنْتَ السُّلْطانُ وَأَنَا الْمُمْتَحَنُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُمْتَحَنَ إِلَّا السُّلْطانُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الدَّليلُ

ص: 149

وَأَنَا الْمُتَحَيِّرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُتَحَيِّرَ إِلَّا الدَّليلُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنَا الْمُذْنِبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُذْنِبَ إِلَّا الْغَفُورُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْغالِبُ وَأَنَا الْمَغْلُوبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَغْلُوبَ إِلَّا الْغالِبُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْمَرْبُوبُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَرْبُوبَ إِلَّا الرَّبُّ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! أَنْتَ الْمُتَكَبِّرُ وَأَنَا الْخاشِعُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْخاشِعَ إِلَّا الْمُتَكَبِّرُ، مَوْلايَ يا مَوْلايَ! ارْحَمْني بِرَحْمَتِكَ، وَارْضَ عَني بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ، يا ذَا الْجُودِ وَالْإِحْسانِ وَالطَّوْلِ وَالامْتِنانِ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

5- المناجاة في طلب الحجّ

اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الحَجَّ الَّذِي افْتَرَضْتَهُ عَلَى مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبيلًا، وَاجْعَلْ لي فيهِ هادِياً وَإِلَيْهِ دَليلًا، وَقَرِّبْ لي بُعْدَ

ص: 150

الْمَسالِكِ، وَأَعِنِّي عَلى تَأْدِيَةِ الْمَناسِكِ، وَحَرِّمْ بِإِحْرامي عَلَى النَّارِ جَسَدي وَزِدْ لِلسَّفَرِ قُوَّتي وَجَلَدي، وَ ارْزُقْني رَبِّ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ الْإِفاضَةَ إِلَيْكَ، وَأَظْفِرْني بِالنُّجْحِ بِوافِرِ الرِّبْحِ، وَ أَصْدِرْني رَبِّ مِنْ مَوْقِفِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ إِلَى مُزْدَلِفَةِ الْمَشْعَرِ وَاجْعَلْها زُلْفَةً إِلى رَحْمَتِكَ، وَطَريقاً إِلى جَنَّتِكَ، وَقِفْني مَوْقِفَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَ مَقامَ وُقُوفِ الْإِحْرامِ، وَأَهِلَّني لِتَأْدِيَةِ الْمَناسِكِ وَنَحْرِ الْهَدْيِ التَّوامِكِ بِدَمٍ يَثُجُّ وَأَوْداجٍ تَمُجُّ، وَإِراقَةِ الدِّماءِ الْمَسْفُوحَةِ، وَالْهَدايَا الْمَذْبُوحَةِ، وَفَرْيِ أَوْداجِها عَلى ما أَمَرْتَ، وَالتَّنَفُّلِ بِها كَما وَسَمْتَ، وَأَحْضِرْنِي اللَّهُمَّ صَلاةَ الْعِيدِ راجِياً لِلْوَعْدِ، خائِفاً مِنَ الْوَعيدِ، حالِقاً شَعْرَ رَأْسي، وَمُقَصِّراً وَمُجْتَهِداً في طاعَتِكَ، مُشَمِّراً رامِياً لِلْجِمارِ بِسَبْعٍ بَعْدَ سَبْعٍ مِنَ الْأَحْجارِ، وَأَدْخِلْنِي اللَّهُمَّ عَرْصَةَ بَيْتِكَ وَعَقْوَتِكَ،

ص: 151

وَمَحَلَّ أَمْنِكَ، وَكَعْبَتِكَ وَمَساكينِكَ، وَسُؤَّالِكَ وَمَحاويجِكَ، وَجُدْ عَلَيَّ اللَّهُمَّ بِوافِرِ الْأَجْرِ مِنَ الانْكِفَاءِ وَالنَّفْرِ، وَاخْتِمِ اللَّهُمَّ مَناسِكَ حَجِّي وَانْقِضاءَ عَجِّي بِقَبُولٍ مِنْكَ لي وَرَأْفَةٍ مِنْكَ بي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

6- المناجاة في طلب التوبة:

اللَّهُمَّ إِنِّي قَصَدْتُ إِلَيْكَ بإِخْلاصِ تَوْبَةٍ نَصُوحٍ، وَتَثْبيتِ عَقْدٍ صَحيحٍ، وَدُعاءِ قَلْبٍ قَريحٍ، وَإِعْلانِ قَوْلٍ صَريحٍ، اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْ مِنِّي مُخْلَصَ التَّوْبَةِ، وَإِقْبالَ سَريعِ الْأَوْبَةِ، وَمَصارِعَ تَخَشُّعِ الْحَوْبَةِ، وَقابِلْ رَبِّ تَوْبَتي بِجَزيلِ الثَّوابِ، وَكَريمِ الْمَآبِ، وَحَطِّ الْعِقابِ، وَصَرْفِ الْعَذابِ، وَغُنْمِ الْإِيابِ، وَسَتْرِ الْحِجابِ، وَامْحُ اللَّهُمَّ مَا ثَبَتَ مِنْ ذُ نُوبي، وَاغْسِلْ بِقَبُولِها جَميعَ عُيُوبي، وَاجْعَلْها جالِيَةً لِقَلْبي، شاخِصَةً لِبَصيرَةِ لُبِّي، غاسِلَةً

ص: 152

لِدَرَني، مُطَهِّرَةً لِنَجاسَةِ بَدَني، مُصَحِّحَةً فِيها ضَمِيري، عاجِلَةً إِلَى الْوَفاءِ بِها بَصِيرَتي (1) 40، وَاقْبَلْ يا رَبِّ تَوْبَتي، فَإِنَّها تَصْدُرُ مِنْ إِخْلاصِ نِيَّتي، وَمَحْضٍ مِنْ تَصْحيحِ بَصِيرَتي، وَاحْتِفالًا في طَوِيَّتي، وَاجْتِهاداً في نَقاءِ سَريرَتي، وَتَثْبيتاً لِإِنابَتي، وَمُسارِعَةً إِلى أَمْرِكَ بِطاعَتي، وَاجْلُ اللَّهُمَّ بِالتَّوْبَةِ عَنِّي ظُلْمَةَ الْإِصْرارِ، وَامْحُ بِها ما قَدَّمْتُهُ مِنَ الْأَوْزارِ، وَاكْسُني لِباسَ التَّقْوَى وَجَلابيبَ الْهُدى، فَقَدْ خَلَعْتُ رِبْقَ الْمَعاصي عَنْ جِلدي، وَنَزَعْتُ سِرْبالَ الذُّنُوبِ عَنْ جَسَدي، مُسْتَمْسِكاً رَبِّ بِقُدْرَتِكَ، مُسْتَعيناً عَلى نَفْسي بِعِزَّتِكَ، مُسْتَوْدِعاً تَوْبَتي مِنَ النَّكْثِ بِخَفْرَتِكَ، مُعْتَصِماً مِنَ الْخِذْلانِ بِعِصْمَتِكَ، مُقارِناً بِهِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِكَ.


1- مصيري- خ-.

ص: 153

الفصل السادس: في نبذ مِن الدّعواتِ

1- دُعاءُ الصّباح لأمير المؤمنين عليه السلام

اللهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسانَ الصَّباحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ، وَسَرَّحَ قِطَعَ الّلَيْلِ الْمُظْلِمِ بِغَياهِبِ تَلَجْلُجِهِ، وَأَتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَكِ الدَّوَّارِ في مَقاديرِ تَبَرُّجِهِ، وَشَعْشَعَ ضِياءَ الشَّمْسِ بِنُورِ تَأَجُّجِهِ، يا مَنْ دَلَّ عَلى ذاتِهِ بِذاتِهِ، وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ، وَجَلَّ عَنْ مُلاءَمَةِ كَيْفيَّاتِهِ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ، وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ، وَعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، يا مَنْ أَرْقَدَني في مِهادِ أَمْنِهِ وَأَمانِهِ، وَأَيْقَظَني إِلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَإِحْسانِهِ، وَكَفَّ أَكُفَّ السُّوءِ عَني بِيَدِهِ وَسُلْطانِهِ، صَلِّ اللهُمَّ عَلَى الدَّليلِ

ص: 154

إِلَيْكَ في اللَّيْلِ الْأَلْيَلِ، وَالْماسِكِ مِنْ أَسْبابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الْأَطْوَلِ، وَالنَّاصِعِ الْحَسَبِ في ذِرْوَةِ الْكاهِلِ الْأَعْبَلِ، وَالثَّابِتِ الْقَدَمِ عَلى زَحالِفِها فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَعَلى آلِهِ الْأَخْيارِ الْمُصْطَفيْنَ الْأَبْرارِ، وَافْتَحِ اللهُمَّ لَنا مَصاريعَ الصَّباحِ بِمَفاتيحِ الرَّحْمَةِ وَالْفَلاحِ، وَأَ لْبِسْنِي اللهُمَّ مِنْ أَفْضَلِ خِلَعِ الْهِدايَةِ وَالصَّلاحِ، وَأَغْرِسِ اللهُمَّ بِعَظَمَتِكَ في شِرْبِ جَناني يَنابيعَ الخُشُوعِ، وَأَجْرِ اللهُمَّ لِهَيْبَتِكَ مِنْ آماقي زَفَراتِ الدُّمُوعِ، وَأَدِّبِ اللهُمَّ نَزَقَ الْخُرْقِ مِني بِأَزِمَّةِ الْقُنُوعِ، إِلهي إِنْ لَمْ تَبْتَدِئْنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفيقِ، فَمَنِ السَّالِكُ بي إِلَيْكَ في واضِحِ الطَّريقِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْني أَناتُكَ لِقائِدِ الْأَمَلِ وَالْمُنى فَمَنِ الْمُقيلُ عَثَراتي مِنْ كَبَواتِ الْهَوى، وَإِنْ خَذَلَني نَصْرُكَ عِنْدَ مُحارَبَةِ النَّفْسِ وَالشَّيْطانِ، فَقَدْ وَكَلَني خِذْلانُكَ إِلى حَيْثُ النَّصَبُ وَالْحِرْمانُ، إِلهي

ص: 155

أَتَراني ما أَتَيْتُكَ إِلّا مِنْ حَيْثُ الْآمالِ، أَمْ عَلِقْتُ بِأَطْرافِ حِبالِكَ إِلّا حينَ باعَدَتْني ذُ نُوبي عَنْ دارِ الْوِصالِ، فَبِئْسَ الْمَطِيَّةُ الَّتِي امْتَطَتْ نَفْسي مِنْ هَواها، فَواهاً لَها لِما سَوَّلَتْ لَها ظُنُونُها وَمُناها، وَتَبّاً لَها لِجُرْأَتِها عَلى سَيِّدِها وَمَوْلاها، إِلهي قَرَعْتُ بابَ رَحْمَتِكَ بِيَدِ رَجائي، وَهَرَبْتُ إِلَيْكَ لاجِئاً مِنْ فَرْطِ أَهْوائي، وَعَلَّقْتُ بِأَطْرافِ حِبالِكَ أَنامِلَ وَلائي، فَاْصْفَحِ اللهُمَّ عَمَّا كُنْتُ (1) 41 أَجْرَمْتُهُ مِنْ زَلَلي وَخَطائي، وَأَقِلْني مِنْ صَرْعَةِ رِدائي، فَإِنَّكَ سَيِّدي وَمَوْلايَ وَمُعْتَمَدي وَرَجائي، وَأَنْتَ غايَةُ مَطْلُوبي وَمُنايَ في مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ، إِلهي كَيْفَ تَطْرُدُ مِسْكيناً الْتَجَأَ إِلَيْكَ مِنَ الذُّنُوبِ هارِباً؟

أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ مُسْتَرْشِداً قَصَدَ إِلى جَنابِكَ ساعِياً؟


1- كانَ- خ-.

ص: 156

أَمْ كَيْفَ تَرُدُّ ظَمْآناً وَرَدَ إِلى حِياضِكَ شارِباً؟ كَلاّ وَحِياضُكَ مُتْرَعَةٌ في ضَنْكِ الْمُحُولِ، وَبابُكَ مَفْتُوحٌ لِلطَّلَبِ وَالْوُغُولِ، وَأَنْتَ غايَةُ الْمَسْؤُولِ (1) 42 وَنِهايَةُ الْمَأْمُولِ، إِلهي هذِهِ أَزِمَّةُ نَفْسي عَقَلْتُها بِعِقالِ مَشيَّتِكَ، وَهذِهِ أَعْباءُ ذُ نُوبي دَرَأتُها بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَهذِهِ أَهْوائِيَ الْمُضِلَّةُ وَكَلْتُها إِلى جَنابِ لُطْفِكَ وَرَأْفَتِكَ، فَاجْعَلِ اللهُمَّ صَباحي هذا نازِلًا عَلَيَّ بِضِياءِ الْهُدى، وَبِالسَّلامَةِ (2) 43 فِي الدّينِ وَالدُّنْيا، وَمَسائي جُنَّةً مِنْ كَيْدِ الْعِدى (3) 44 وَوِقايَةً مِنْ مُرْدِياتِ الْهَوى، إِنَكَ قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِ عُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى

(4) 45


1- السُّؤْلِ- خ-.
2- بالسَّلامِ- خ-.
3- الْاعْداءِ- خ-.
4- علي حبيب الهي، منتخب الادعية، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

ص: 157

كُلّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، تُولِجُ اللَيْلَ فِي النَّهارِ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ، لا إِلهَ إلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، مَنْ ذا يَعْرِفُ قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ، وَمَن ذا يَعْلَمُ ما أَنْتَ فَلا يَهابُكَ، أَلَّفْتَ بِقُدْرَتِكَ الْفِرَقَ، وَفَلَقْتَ بِلُطْفِكَ الْفَلَقَ، وَأَنَرْتَ بِكَرَمِكَ دَياجِي الْغَسَقِ، وَأَنْهَرْتَ الْمِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصَّياخيدِ عَذْباً وَأُجاجاً، وَأَنْزَلْتَ مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً، وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لِلْبَرِيَّةِ سِراجاً وَهَّاجاً، مِنْ غَيْرِ أَنْ تُمارِسَ فيمَا ابْتَدَأْتَ بِهِ لُغُوباً وَلا عِلاجاً، فَيا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْعِزِّ وَالْبَقاءِ، وَقَهَرَ عِبادَهُ بِالْمَوْتِ وَالْفَناءِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْأَتْقِياءِ، وَاسْمَعْ نِدائي، وَاسْتَجِبْ دُعائي، وَحَقِّقْ بِفَضْلِكَ أَمَلي وَرَجائي، يا خَيْرَ مَنْ دُعِيَ لِكَشْفِ الضُّرِّ، وَالْمَأمُولِ لِكُلِّ عُسْرٍ وَيُسْرٍ، بِكَ

ص: 158

أَنْزَلْتُ حاجَتي فَلا تَرُدَّني مِنْ سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِباً، يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعينَ،

ثمّ اسجد وقل:

إِلهي قَلْبي مَحْجُوبٌ، وَنَفْسي مَعْيُوبٌ، وَعَقْلي مَغْلُوبٌ، وَهَوائي غالِبٌ، وَطاعَتي قَليلٌ، وَمَعْصِيَتي كَثيرٌ، وَلِساني مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ، فَكَيْفَ حيلَتي يا سَتَّارَ الْعُيُوبِ، وَيا عَلاّمَ الْغُيُوبِ، وَيا كاشِفَ الْكُرُوبِ؟ اغْفِرْ ذُ نُوبي كُلَّها بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ يا غَفَّارُ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

أقول: قد أورد العلّامة المجلسي رحمه الله هذا الدّعاء في كتابي الدّعاء والصلاة من البحار، وذيّله في كتاب الصلاة بشرح وتوضيح وقال: إنّ هذا الدّعاء من الأدعية المشهورة، ولكن لم أجده في كتاب يعتمد عليه سوى

ص: 159

كتاب المصباح للسيّد ابن باقي- رضوان اللَّه عليه-.

وقال أيضاً: إنّ المشهور هو أن يدعى به بعد فريضة الصّبح، ولكن السيّد ابن باقي رواه بعد نافلة الصّبح والعمل بأيّها كان حسنٌ.

2- دُعَاء كُميل بن زياد رحمه الله

وهُو من الدّعوات المعروفة، رواه كُميل بن زياد النخعي، عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال العلّامة المجلسي رحمه الله: إنّه أفضل الأدعية، وهُو دُعاء الخضر عليه السلام وقد علّمه أمير المؤمنين عليه السلام كميلًا، وهُو من خواصّ أصحابه، ويدعى به في ليلة النّصف مِن شعبان وليلة الجمعة، ويجدي في كفاية شرّ الأعداء، وفي فتح باب الرّزق، وفي غفران الذّنوب، وقد رواه الشّيخ والسيّد كلاهما 0، وأنا أرويه عن كتاب مصباح

ص: 160

المتهجّد، وهو هذا الدّعاء:

اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْ ءٍ، وَخَضَعَ لَها كُلُّ شَيْ ءٍ، وَذَلَّ لَها كُلُّ شَيْ ءٍ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتي لا يَقُومُ لَها شَيْ ءٌ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلَأَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِسُلْطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِوَجْهِكَ الْباقي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَبِأَسْمائِكَ الَّتي مَلَأَتْ أَرْكانَ كُلِّ شَيْ ءٍ، وَبِعِلْمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شيْ ءٍ، يا نُورُ يا قُدُّوسُ، يا أَوَّلَ الْأَوَّلينَ وَيا آخِرَ الْآخِرينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّرُ النِّعَمَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ، اللَّهُمَ

ص: 161

اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطيئَةٍ أَخْطَأتُها، اللَّهُمَّ إِني أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ، وَأَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلى نَفْسِكَ، وَأَسْأَ لُكَ بِجُودِكَ أَنْ تُدْنِيَني مِنْ قُرْبِكَ، وَأَنْ تُوزِعَني شُكْرَكَ، وَأَنْ تُلْهِمَني ذِكْرَكَ، اللَّهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ سُؤالَ خاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خاشِعٍ، أَنْ تُسامِحَني وَتَرْحَمَني، وَتَجْعَلَني بِقِسْمِكَ راضِياً قانِعاً، وَفي جَميعِ الْأَحْوالِ مُتَواضِعاً، اللَّهُمَّ وَأَسْأَ لُكَ سُؤالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ، وَأَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدائِدِ حاجَتَهُ، وَعَظُمَ فيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ، اللهُمَّ عَظُمَ سُلْطانُكَ، وَعَلا مَكانُكَ، وَخَفِيَ مَكْرُكَ، وَظَهَرَ أَمْرُكَ، وَغَلَبَ قَهْرُكَ، وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ، وَلا يُمْكِنُ الْفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ، اللَّهُمَّ لا أَجِدُ لِذُ نُوبي غافِراً، وَلا لِقَبائِحي ساتِراً، وَلا لِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِيَ الْقَبيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلًا غَيْرَكَ، لا إِلهَ إلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ، ظَلَمْتُ نَفْسي، وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلي، وَسَكَنْتُ

ص: 162

إِلى قَديمِ ذِكْرِكَ لي وَمَنِّكَ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ مَوْلايَ كَمْ مِنْ قَبيحٍ سَتَرْتَهُ، وَكَمْ مِنْ فادِحٍ مِنَ الْبَلاءِ أَقَلْتَهُ (1) 46، وَكَمْ مِنْ عِثارٍ وَقَيْتَهُ، وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ، وَكَمْ مِنْ ثَناءٍ جَميلٍ لَسْتُ أَهْلًا لَهُ نَشَرْتَهُ، اللَّهُمَّ عَظُمَ بَلائي، وَأَفْرَطَ بي سُوءُ حالي، وَقَصُرَتْ (2) 47 بي أَعْمالي، وَقَعَدَتْ بي أَغْلالي، وَحَبَسَني عَنْ نَفْعي بُعْدُ أَمَلي (3) 48، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها، وَنَفْسي بِجِنايَتِها (4) 49 وَمِطالي، يا سَيِّدي فَأَسْأَ لُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعائي سُوءُ عَمَلي وَفِعالي، وَلا تَفْضَحْني بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي، وَلا تُعاجِلْني بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ في


1- أَمَلْتَهُ- خ-.
2- قَصَّرَتْ- خ-.
3- آمالي- خ-.
4- بِخِيانَتِها- خ-.

ص: 163

خَلَواتي مِنْ سُوءِ فِعْلي وَإِساءَتي، وَدَوامِ تَفْريطي وَجَهالَتي، وَكَثْرَةِ شَهَواتي وَغَفْلَتي، وَكُنِ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لي في كُلِّ الْأَحْوالِ (1) 50 رَؤُوفاً، وَعَلَيَّ في جَميعِ الْأُمُورِ عَطُوفاً، إِلهي وَرَبي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرّي، وَالنَّظَرَ في أَمْري، إِلهي وَمَوْلايَ أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فيهِ هَوى نَفْسي، وَلَمْ أَحْتَرِسْ فيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوّي، فَغَرَّني بِما أَهْوى، وَأَسْعَدَهُ عَلى ذلِكَ الْقَضاءُ، فَتَجاوَزْتُ بِما جَرى عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ، وَخالَفْتُ بَعْضَ أَوامِرِكَ، فَلَكَ الْحُجَّةُ (2) 51 عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ، وَلا حُجَّةَ لي فيما جَرى عَلَيَّ فيهِ قَضاؤُكَ، وَأَلْزَمَني حُكْمُكَ وَبَلاؤُكَ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ يا إِلهي بَعْدَ تَقْصيري وَإِسْرافي عَلى نَفْسي مُعْتَذِراً، نادِماً مُنْكَسِراً


1- في الْأَحْوالِ كُلِّها خ-.
2- الحَمْدُ- خ-.

ص: 164

مُسْتَقيلًا مُسْتَغْفِراً مُنيباً، مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً، لا أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كانَ مِني، وَلا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ في أَمْري غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْري، وَإِدْخالِكَ إيَّايَ في سَعَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ (1) 52، اللهُمَ (2) 53 فَاقْبَلْ عُذْري، وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرّي، وَفُكَّني مِنْ شَدِّ وَثاقي، يا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَني، وَرِقَّةَ جِلْدي، وَدِقَّةَ عَظْمي، يا مَنْ بَدَأَ خَلْقي وَذِكْري وَتَرْبِيَتي وَبِرّي وَتَغْذِيَتي، هَبْني لِابْتِداءِ كَرَمِكَ وَسالِفِ بِرِّكَ بي، يا إِلهي وَسَيِّدي وَرَبّي، أَتُراكَ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ، وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبي مِنْ مَعْرِفَتِكَ، وَلَهِجَ بِهِ لِساني مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَميري مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافي وَدُعائي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، هَيْهاتَ أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ، أَوْ


1- سَعَةِ رَحْمَتِكَ- خ-.
2- إِلهي- خ-.

ص: 165

تُبَعِّدَ (1) 54 مَنْ أَدْنَيْتَهُ، أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ، أَوْ تُسَلِّمَ إِلَى الْبَلاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ، وَلَيْتَ شِعْري يا سَيِّدي وَإِلهي وَمَوْلايَ، أَتُسَلِّطُ النَّارَ عَلى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً، وَعَلى أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحيدِكَ صادِقَةً، وَبِشُكْرِكَ مادِحَةً، وَعَلى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِإِلهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً، وَعَلى ضَمائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً، وَعَلى جَوارِحَ سَعَتْ إِلى أَوْطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً، وَأَشارَتْ بِاسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً، ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ، وَلا أُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ، يا كَريمُ يا رَبِّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفي عَنْ قَليلٍ مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَعُقُوباتِها، وَما يَجْري فيها مِنَ الْمَكارِهِ عَلى أَهْلِها، عَلى أَنَّ ذلِكَ بَلاءٌ وَمَكْرُوهٌ قَليلٌ مَكْثُهُ، يَسيرٌ بَقاؤُهُ، قَصيرٌ مُدَّتُهُ،


1- تُبْعِدَ- خ-.

ص: 166

فَكَيْفَ احْتمالي لِبَلاءِ الْآخِرَةِ وَجَليلِ وُقُوعِ (1) 55 الْمَكارِهِ فيها، وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَيَدُومُ مَقامُهُ، وَلا يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ، لِأَنَّهُ لا يَكُونُ إِلّا عَنْ غَضَبِكَ وَاْنتِقامِكَ وَسَخَطِكَ، وَهذا ما لا تَقُومُ لَهُ السَّماواتُ وَالْارْضُ، يا سَيِّدي فَكَيْفَ لي (2) 56 وَأَنَا عَبْدُكَ الضَّعيفُ الذَّليلُ الْحَقيرُ الْمِسْكينُ الْمُسْتَكينُ، يا إِلهي وَرَبي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ لِأَيِّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو، وَلِما مِنْها أَضِجُّ وَأَبْكي، لِأَليمِ الْعَذابِ وَشِدَّتِهِ، أَمْ لِطُولِ الْبَلاءِ وَمُدَّتِهِ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَني لِلْعُقُوباتِ مَعَ أَعْدائِكَ، وَجَمَعْتَ بَيْني وَبَيْنَ أَهْلِ بَلائِكَ، وَفَرَّقْتَ بَيْني وَبَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَأَوْلِيائِكَ، فَهَبْني يا إِلهي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ وَرَبّي، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ،


1- حُلُولِ- خ-.
2- بي- خ-.

ص: 167

وَهَبْني (1) 57 صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلى كَرامَتِكَ؟ أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النَّارِ وَرَجائي عَفْوُكَ؟

فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدي وَمَوْلايَ أُقْسِمُ صادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَني ناطِقاً لِأَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِها ضَجيجَ الْآمِلينَ، (2) 58 وَلَأَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ، وَلَابْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الْفاقِدينَ، وَلَأُنادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، يا غايَةَ آمالِ الْعارِفينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا حَبيبَ قُلُوبِ الصَّادِقينَ، وَيا إِلهَ الْعالَمينَ، أَفَتُراكَ سُبْحانَكَ يا إِلهي وَبِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فيها صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ (3) 59 فيها بِمُخالَفَتِهِ، وَذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ، وَحُبِسَ بَيْنَ أَطْباقِها بِجُرْمِهِ


1- وَهَبْني يا إِلهي- خ-.
2- الْآلِمينَ- خ-.
3- يُسْجَنُ- خ-.

ص: 168

وَجَريرَتِهِ، وَهُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ، وَيُناديكَ بِلِسانِ أَهْلِ تَوْحيدِكَ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، يا مَوْلايَ فَكَيْفَ يَبْقى فِي الْعَذابِ وَهُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ؟، أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ؟ أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهيبُها وَأَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرى مَكانَه؟ أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفيرُها وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ؟ أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ أَطْباقِها وَأَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ؟، أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها وَهُوَ يُناديكَ يا رَبَّهُ؟، أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ في عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فيها؟ هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُ بِكَ وَلَا الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدينَ مِنْ بِرِّكَ وَإِحْسانِكَ، فَبِالْيَقينِ أَقْطَعُ لَوْلا ما حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذيبِ جاحِديكَ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلادِ مُعانِدِيكَ لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّها بَرْداً

ص: 169

وَسَلاماً، وَما كانَ (1) 60 لِأَحَدٍ فيها مَقَرّاً وَلا مُقاماً، لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ، أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلَأَها مِنَ الْكافِرينَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ، وَأَنْ تُخَلِّدَ فيهَا الْمُعانِدينَ، وَأَنْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً، وَتَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعامِ مُتَكَرِّماً، أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ، إِلهي وَسَيِّدي فَأَسْأَ لُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتي قَدَّرْتَها، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتي حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَها، أَنْ تَهَبَ لي في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفي هذِهِ السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ، أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْباتِهَا الْكِرامَ الْكاتِبينَ، الَّذينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِني، وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ


1- كانَتْ- خ-.

ص: 170

جَوارِحي، وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرائِهِمْ، وَالشَّاهِدَ لِما خَفِيَ عَنْهُمْ، وَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ، وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ، وَأَنْ تُوَفِّرَ حَظي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ (1) 61، أَوْ إِحْسانٍ فَضَّلْتَهُ (2) 62، أَوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ، أَوْ رِزْقٍ بَسَطْتَهُ (3) 63، أَوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ، أَوْ خَطَأٍ تَسْتُرُهُ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، يا إِلهي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ وَمالِكَ رِقِّي، يا مَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتي، يا عَليماً بِضُرِّي (4) 64 وَمَسْكَنَتي، يا خَبيراً بِفَقْري وَفاقَتي، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، أَسْأَ لُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقاتي مِنَ (5) 65 اللَّيْلِ وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ


1- تُنْزِلُهُ- خ-.
2- تُفْضِلُهُ- خ-.
3- تَنْشُرُهُ أَوْ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ- خ-.
4- بِفَقْري- خ-.
5- فِي- خ-.

ص: 171

مَوْصُولَةً، وَأَعْمالي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتّى تَكُونَ أَعْمالي وَأَوْرادي (1) 66 كُلُّها وِرْداً واحِداً، وَحالي في خِدْمَتِكَ سَرْمَداً، يا سَيِّدي يا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلي، يا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوالي، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ، قَوِّ عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحي، وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزيمَةِ جَوانِحي، وَهَبْ لِيَ الْجِدَّ في خَشْيَتِكَ، وَالدَّوامَ فِي الاتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ، حَتّى أَسْرَحَ إِلَيْكَ في مَيادينِ السَّابِقينَ، وَأُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي الْبارِزينَ (2) 67، وَأَشْتاقَ إِلى قُرْبِكَ فِي الْمُشْتاقينَ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلِصينَ، وَأَخافَكَ مَخافَةَ الْمُوقِنينَ، وَأَجْتَمِعَ في جِوارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنينَ، اللَّهُمَّ وَمَنْ أَرادَني بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ، وَمَنْ كادَني فَكِدْهُ، وَاجْعَلْني مِنْ أَحْسَنِ


1- وَ إِرادَتي- خ-.
2- الْمُبادِرينَ- خ-.

ص: 172

عَبيدِكَ نَصيباً عِنْدَكَ، وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَأَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ، فَإِنَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ إلّابِفَضْلِكَ، وَجُدْ لي بِجُودِكَ، وَاعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ، وَاحْفَظْني بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْ لِساني بِذِكْرِكَ لَهِجاً، وَقَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً، وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجابَتِكَ، وَأَقِلْني عَثْرَتي، وَاغْفِرْ زَلَّتي، فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلى عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ، وَأَمَرْتَهُمْ بِدُعائِكَ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الْإِجابَةَ، فَإِلَيْكَ يا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهي، وَإِلَيْكَ يا رَبِّ مَدَدْتُ يَدي، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لي دُعائي، وَبَلِّغْني مُنايَ، وَلا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائي، وَاكْفِني شَرَّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مِنْ أَعْدائي، يا سَريعَ الرِّضا، إِغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ إلَّاالدُّعاءَ، فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِما تَشاءُ، يا مَنِ اسْمُهُ دَواءٌ، وَذِكْرُهُ شِفاءٌ، وَطاعَتُهُ غِنىً، إِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرَّجاءُ، وَسِلاحُهُ الْبُكاءُ، يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا نُورَ الْمُسْتَوْحِشينَ فِي الظُّلَمِ، يا عالِماً لا يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بي ما أَنْتَ

ص: 173

أَهْلُهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَالْأَئِمَّةِ الْمَيامينَ مِنْ آلِهِ (1) 68 وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً.

3- دُعاءُ السّماتِ

المَعروف بدُعاء الشُّبُّور، ويُستحبّ الدّعاء بِه في آخر ساعة مِنْ نَهار الجُمعة، وَلا يخفى أنّه منَ الأدعية المشهورة، وقد واظب عليه أكثر العلماء السّلف، وهو مَرويّ في مصباحِ الشّيخ الطّوسي، وفي جمال الأسبوع للسيّد ابن طاووس وفي كتب الكفعمي بأسناد مُعتبرة عن مُحمّد بن عثمان العُمري- رضوان اللَّه عليه- وهُو من نوّاب الحجّة الغائب عليه السلام، وقد رُوِي الدعاء أيضاً عن الباقِر والصّادق عليهما السلام، وَرواه المجلسي في البحار فشرحه، وهذا هو الدّعاء على رواية المِصباح للّشيخ:


1- أَهْلِهِ- خ-.

ص: 174

اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الْأَعْظَمِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ، الَّذي إِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَغالِقِ أَبْوابِ السَّماءِ لِلْفَتْحِ بِالرَّحْمَةِ انْفَتَحَتْ، وَإِذا دُعيتَ بِهِ عَلى مَضائِقِ أَبْوابِ الْأَرْضِ لِلْفَرَجِ انْفَرَجَتْ، وَإِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى العُسْرِ لِلْيُسْرِ تَيَسَّرَتْ، وَإِذا دُعيتَ بِهِ عَلَى الْأَمْواتِ لِلنُّشُورِ انْتَشَرَتْ، وَإِذا دُعيتَ بِهِ عَلى كَشْفِ الْبَأساءِ وَالضَّرَّاءِ انْكَشَفَتْ، وَبِجَلالِ وَجْهِكَ الْكَريمِ أَكْرَمِ الْوُجُوهِ وَأَعَزِّ الْوُجُوهِ، الَّذي عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ، وَخَضَعَتْ لَهُ الرِّقابُ، وَخَشَعَتْ لَهُ الْأَصْواتُ، وَوَجِلَتْ لَهُ الْقُلُوبُ مِنْ مَخافَتِكَ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتي بِها تُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلّا بِإِذْنِكَ، وَتُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا، وَبِمَشِيَّتِكَ الَّتي دانَ (1) 69


1- كانَ- خ-.

ص: 175

لَهَا الْعالَمُونَ، وَبِكَلِمَتِكَ الَّتي خَلَقْتَ بِهَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَبِحِكْمَتِكَ الَّتي صَنَعْتَ بِهَا الْعَجائِبَ، وَخَلَقْتَ بِهَا الظُّلْمَةَ وَجَعَلْتَها لَيْلًا، وَجَعَلْتَ اللَّيْلَ سَكَناً (1) 70، وَخَلَقْتَ بِهَا النُّورَ وَجَعَلْتَهُ نَهاراً، وَجَعَلْتَ النَّهارَ نُشُوراً مُبْصِراً، وَخَلَقْتَ بِهَا الشَّمْسَ وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ ضِياءً، وَخَلَقْتَ بِهَا الْقَمَرَ وَجَعَلْتَ الْقَمَرَ نُوراً، وَخَلَقْتَ بِهَا الْكَواكِبَ وَجَعَلْتَها نُجُوماً وَبُرُوجاً، وَمَصابيحَ وَزينَةً وَرُجُوماً، وَجَعَلْتَ لَها مَشارِقَ وَمَغارِبَ، وَجَعَلْتَ لَها مَطالِعَ وَمَجارِيَ، وَجَعَلْتَ لَها فَلَكاً وَمَسابِحَ، وَقَدَّرْتَها فِي السَّماءِ مَنازِلَ فَأَحْسَنْتَ تَقْديرَها، وَصَوَّرْتَها فَأَحْسَنْتَ تَصْويرَها، وَأَحْصَيْتَها


1- مَسْكَناً- خ-.

ص: 176

بِأَسْمائِكَ إِحْصاءً، وَدَبَّرْتَها بِحِكْمَتِكَ تَدْبيراً فأحْسَنْتَ تَدْبيرَها، وَسَخَّرْتَها بِسُلْطانِ اللَّيْلِ وَسُلْطانِ النَّهارِ وَالسَّاعاتِ وَعَدَدَ السِّنينَ وَالْحِسابِ، وَجَعَلْتَ رُؤْيَتَها لِجَميعِ النَّاسِ مَرْئً واحِداً، وَأَسْأَ لُكَ اللَّهُمَّ بِمَجْدِكَ الَّذي كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الْمُقَدَّسينَ، فَوْقَ إِحْساسِ الْكَرُّوبينَ (1) 71، فَوْقَ غَمائِمِ النُّورِ، فَوْقَ تابُوتِ الشَّهادَةِ في عَمُودِ النَّارِ وَفي طُورِ سَيْناءَ وَفي (2) 72 جَبَلِ حُوريثَ فِي الْوادِ الْمُقَدَّسِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَفي أَرْضِ مِصْرَ بِتِسْعِ آياتٍ بَيِّناتٍ، وَيَوْمَ فَرَقْتَ لِبَني إِسْرائيلَ الْبَحْرَ وَفِي الْمُنْبَجِساتِ الَّتي صَنَعْتَ بِهَا الْعَجائِبَ في بَحْرِ سُوفٍ، وَعَقَدْتَ ماءَ الْبَحْرِ في قَلْبِ الْغَمْرِ كَالْحِجارَةِ، وَجاوَزْتَ بِبَني


1- الْكَرُّوبِيينَ- خ-.
2- إِلى- خ-.

ص: 177

إِسْرائيلَ الْبَحْرَ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ الْحُسْنى عَلَيْهِمْ بِما صَبَرُوا، وَأَوْرَثْتَهُمْ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتي بارَكْتَ فيها لِلْعالَمينَ، وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ وَمَراكِبَهُ فِي الْيَمِّ، و بِاسْمِكَ الْعَظيمِ الْأَعْظَمِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ، وَبِمَجْدِكَ الَّذي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِمُوسى كَليمِكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في طُورِ سَيْناءَ، وَلِإِبْراهيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَليلِكَ مِنْ قَبْلُ في مَسْجِدِ الْخَيْفِ، وَلِإِسْحاقَ صَفِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في بِئْرِ شِيَعٍ (1) 73 وَلِيَعْقُوبَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في بَيْتِ إيلٍ، وَأَوْفَيْتَ لِإِبْراهيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِميثاقِكَ، وَلِإِسْحاقَ بِحَلْفِكَ، وَلِيَعْقُوبَ بِشَهادَتِكَ، وَلِلْمُؤْمِنينَ بِوَعْدِكَ، وَلِلدَّاعينَ بِأَسْمائِكَ فَأَجَبْتَ، وَبِمَجْدِكَ الَّذي ظَهَرَ لِمُوسَى بْنِ عِمْرانَ عَلَيْهِ السَّلامُ


1- سَبْعٍ- خ-.

ص: 178

عَلى قُبَّةِ الرُّمَّانِ (1) 74، وَبِآياتِكَ الَّتي وَقَعَتْ عَلى أَرْضِ مِصْرَ بِمَجْدِ الْعِزَّةِ وَالْغَلَبَةِ، بِآياتٍ عَزيزَةٍ، وَ بِسُلْطانِ الْقُوَّةِ، وَبِعِزَّةِ الْقُدْرَةِ، وَبِشَأْنِ الْكَلِمَةِ التَّآمَّةِ، وَبِكَلِماتِكَ الَّتي تَفَضَّلْتَ بِها عَلى أَهْلِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَأَهْلِ الدُّنْيا وَأَهْلِ الْآخِرَةِ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتي مَنَنْتَ بِها عَلى جَميعِ خَلْقِكَ، وَبِاسْتِطاعَتِكَ الَّتي أَقَمْتَ بِها عَلَى الْعالَمينَ، وَبِنُورِكَ الَّذي قَدْ خَرَّ مِنْ فَزَعِهِ طُورُ سَيْناءَ، وَبِعِلْمِكَ وَجَلالِكَ وَكِبْرِيائِكَ وَعِزَّتِكَ وَجَبَرُوتِكَ الَّتي لَمْ تَسْتَقِلَّهَا الْارْضُ، وَانْخَفَضَتْ لَهَا السَّماواتُ، وَانْزَجَرَ لَهَا الْعُمْقُ الْأَكْبَرُ، وَرَكَدَتْ لَهَا الْبِحارُ وَالْأَنْهارُ، وَخَضَعَتْ لَهَا الْجِبالُ، وَسَكَنَتْ لَهَا الْأَرْضُ بِمَناكِبِها، وَاسْتَسْلَمَتْ لَهَا الْخَلائِقُ كُلُّها، وَ خَفَقَتْ لَهَا الرِّياحُ في


1- الزَّمانِ- خ-. الهَرْمانِ- خ-.

ص: 179

جَرَيانِها، وَخَمَدَتْ لَهَا النّيرانُ في أَوْطانِها، وَبِسُلْطانِكَ الَّذي عُرِفَتْ لَكَ بِهِ الْغَلَبَةُ دَهْرَ الدُّهُورِ، وَحُمِدْتَ بِهِ فِي السَّماواتِ وَالْأَرَضينَ، وَبِكَلِمَتِكَ كَلِمَةِ الصِّدْقِ الَّتي سَبَقَتْ لِأَبينا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَذُرِّيَّتِهِ بِالرَّحْمَةِ، وَأَسْأَ لُكَ بِكَلِمَتِكَ الَّتي غَلَبَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ، فَجَعَلْتَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً، وَبِمَجْدِكَ الَّذي ظَهَرَ عَلى طُورِ سَيْناءَ، فَكَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ، وَبِطَلْعَتِكَ في ساعيرَ، وَظُهُورِكَ في جَبَلِ فارانَ، بِرَبَواتِ الْمُقَدَّسينَ وَجُنُودِ الْمَلائِكَةِ الصَّافّينَ، وَخُشُوعِ الْمَلائِكَةِ الْمُسَبِّحينَ، وَبِبَرَكاتِكَ الَّتي بارَكْتَ فيها عَلى إِبْراهيمَ خَليلِكَ عَلَيْهِ السَّلامُ في أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَبارَكْتَ لِإِسْحاقَ صَفِيِّكَ في أُمَّةِ عيسى عَلَيْهِمَا السَّلامُ، وَبارَكْتَ لِيَعْقُوبَ إِسْرائيلِكَ في أُمَّةِ مُوسى

ص: 180

عَلَيْهِمَا السَّلامُ، وَبارَكْتَ لِحَبيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ في عِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ، اللهُمَّ وَكَما غِبْنا عَنْ ذلِكَ وَلَمْ نَشْهَدْهُ، وَآمَنَّا بِهِ وَلَمْ نَرَهُ، صِدْقاً وَعَدْلًا، أَنْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُبارِكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَرَحَّمَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إِبْراهيمَ وَآلِ إِبْراهيمَ، إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ فَعَّالٌ لِما تُريدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ (1) 75.

ثمَّ تذكر حاجتك وَتقول:

اللهُمَّ بِحَقِّ هذَا الدُّعاءِ، وَبِحَقِّ هذِهِ الْأَسْماءِ الَّتي لا يَعْلَمُ تَفْسيرَها، وَلا يَعْلَمُ باطِنَها غَيْرُكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلْ


1- شَهيدٌ- خ-.

ص: 181

بي ما أَنَا أَهْلُهُ، وَاغْفِرْ لي مِنْ ذُ نُوبي ما تَقَدَّمَ مِنْها وَما تَأَخَّرَ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ حَلالِ رِزْقِكَ، وَاكْفِني مَؤُونَةَ إِنْسانِ سَوْءٍ، وَجارِ سَوْءٍ، وَقَرينِ سَوْءٍ، وَسُلْطانِ سَوْءٍ، إِنَّكَ عَلى ما تَشاءُ قَديرٌ، وَبِكُلِّ شَيْ ءٍ عَليمٌ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.

أقول: في بعض النسخ بعد وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ ثمّ اذكر حاجتك وَقُلْ:

يا اللَّهُ يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا بَديعَ السَّماواتِ وَالأَرْضِ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللَّهُمَّ بِحَقِّ هذا الدُّعاءِ.

إِلى آخر الدّعاء، وروى المجلسي عن مِصباحِ السيّد ابن باقي أنّه قال: قل بعد دعاء السماتِ:

اللهُمَّ بِحَقِّ هذَا الدُّعآءِ، وَبِحَقِّ هذِهِ الْأَسْماءِ الَّتي لا يَعْلَمُ تَفْسيرَها وَلا تَأْويلَها وَلا باطِنَها وَلا ظاهِرَها

ص: 182

غَيْرُكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَرْزُقَني خَيْرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.

ثُمّ اطْلُب حاجتك وَقُل:

وَافْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَلا تَفْعَلْ بي ما أَنَا أَهْلُهُ، وَاْنتَقِمْ لي مِنْ فُلانِ بْنِ فُلانٍ «وسمّ عَدوّك» وَاغْفِرْ لي مِنْ ذُ نُوبي ما تَقَدَّمَ مِنْها وَما تَأَخَّرَ، وَلِوالِدَيَّ وَلِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ حَلالِ رِزْقِكَ، وَاكْفِني مَؤُونَةَ إِنْسانِ سَوْءٍ، وَجارِ سَوْءٍ، وَسُلْطانِ سَوْءٍ، وَقَرينِ سَوْءٍ، وَيَوْمِ سَوْءٍ، وَساعَةِ سَوْءٍ، وَانْتَقِمْ لي مِمَّنْ يَكيدُني، وَمِمَّنْ يَبْغي عَلَيَّ، وَيُريدُ بي وَبِأَهْلي وَأَوْلادي وَإِخْواني وَجيراني وَقَراباتي مِنَ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ ظُلْماً، إِنَّكَ عَلى ما تَشاءُ قَديرٌ، وَبِكُلِّ شَيْ ءٍ عَليمٌ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.

ثمّ قلْ: اللهُمَّ بِحَقِّ هذَا الدُّعاءِ تَفَضَّلْ عَلى فُقَراءِ

ص: 183

الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْغِنى وَالثَّرْوَةِ، وَعَلى مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَةِ، وَعَلى أَحْياءِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرامَةِ، وَعَلى أَمْواتِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلى مُسافِرِي الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلى أَوْطانِهِمْ سالِمينَ غانِمينَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وَعِتْرَتِهِ الطَّاهِرينَ، وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً.

وَقال الشّيخ ابن فهد: يستحبّ أن تقول بعد دعاء السّمات:

اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِحُرْمَةِ هذَا الدُّعاءِ، وَبِما فاتَ مِنْهُ مِنَ الْأَسْماءِ، وَبِما يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ التَّفْسيرِ وَالتَّدْبيرِ، الَّذي لايُحيطُ بِهِ إِلّا أَنْتَ، أَنْ تَفْعَلَ بي كَذا وَكَذا. وتذكُر حاجتك عوض كَذا وَكَذا.

ص: 184

4- دعاء مَكارمِ الأخلاق

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَبَلِّغْ بِإيماني أكْمَلَ الْإيمانِ، وَاجْعَلْ يَقيني أَفْضَلَ الْيَقينِ، وَانْتَهِ بِنِيَّتي إِلى أَحْسَنِ النِّيَّاتِ، وَبِعَمَلي إِلى أَحْسَنِ الْأَعْمالِ، اللهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتي وَصَحِّحْ بِما عِنْدَكَ يَقيني، وَاسْتَصْلِحْ بِقُدْرَتِكَ ما فَسَدَ مِنِّي، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاكْفِني ما يَشْغَلُنِي الاهْتِمامُ بِهِ، وَاسْتَعْمِلْني بِما تَسْأَ لُني غَداً عَنْهُ، وَاسْتَفْرِغْ أَيَّامي فيما خَلَقْتَني لَهُ، وَأَغْنِني وَأَوْسِعْ عَلَيَّ في رِزْقِكَ، وَلا تَفْتِنِّي بِالنَّظَرِ، وَأَعِزَّني وَلا تَبْتَلِيَنِّي بِالْكِبْرِ، وَعَبِّدْني لَكَ وَلا تُفْسِدْ عِبادَتي بِالْعُجْبِ، وَأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلى يَدَيَّ الْخَيْرَ وَلا تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ، وَهَبْ لي مَعالِيَ الْأَخْلاقِ، وَاعْصِمْني مِنَ الْفَخْرِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَلا تَرْفَعْني فِي

ص: 185

النَّاسِ دَرَجَةً إِلَّا حَطَطْتَني عِنْدَ نَفْسي مِثْلَها، وَلا تُحْدِثْ لي عِزّاً ظاهِراً إِلَّا أَحَدَثْتَ لي ذِلَّةً باطِنَةً عِنْدَ نَفْسي بِقَدَرِها، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمَتِّعْني بِهُدىً صالِحٍ لا أَسْتَبْدِلُ بِهِ، وَطَريقَةِ حَقٍّ لا أَزيغُ عَنْها، وَنِيَّةِ رُشْدٍ لا أَشُكُّ فيها، وَعَمِّرْني ما كانَ عُمْري بِذْلَةً في طاعَتِكَ، فَإِذا كانَ عُمْري مَرْتَعاً لِلشَّيْطانِ فَاقْبِضْني إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ، أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ، اللهُمَّ لا تَدَعْ خَصْلَةً تُعابُ مِنِّي إِلَّا أَصْلَحْتَها، وَلا عائِبَةً أُؤَ نَّبُ بِها إِلَّا حَسَّنْتَها، وَلا أُكْرُومَةً فِيَّ ناقِصَةً إِلَّا أَتْمَمْتَها، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْدِلْني مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَآنِ الْمَحَبَّةَ، وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ، وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاحِ الثِّقَةَ، وَمِنْ عَداوَةِ الْأَدْنَيْنَ الْوَلايَةَ، وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي الْأَرْحامِ الْمَبَرَّةَ، وَمِنْ خِذْلانِ الْأَقْرَبينَ النُّصْرَةَ، وَمِنْ

ص: 186

حُبِّ الْمُدارينَ تَصْحيحَ الْمِقَةِ، وَمِنْ رَدِّ الْمُلابِسينَ كَرَمَ الْعِشْرَةِ، وَمِنْ مَرارَةِ خَوْفِ الظَّالِمينَ حَلاوَةَ الْأَمَنَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ لي يَداً عَلى مَنْ ظَلَمَني، وَلِساناً عَلى مَنْ خاصَمَني، وَظَفَراً بِمَنْ عانَدَني، وَهَبْ لي مَكْراً عَلى مَنْ كايَدَني، وَقُدْرَةً عَلى مَنِ اضْطَهَدَني، وَتَكْذيباً لِمَنْ قَصَبَني، وَسَلامَةً مِمَّنْ تَوَعَّدَني، وَوَفِّقْني لِطاعَةِ مَنْ سَدَّدَني، وَمُتابَعَةِ مَنْ أَرْشَدَني، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَسَدِّدْني لِأَنْ أُعارِضَ مَنْ غَشَّني بِالنُّصْحِ، وَأَجْزِيَ مَنْ هَجَرَني بِالْبِرِّ، وَأُثيبَ مَنْ حَرَمَني بِالْبَذْلِ، وَأُكافِيَ مَنْ قَطَعَني بِالصِّلَةِ، وَأُخالِفَ مَنِ اغْتابَني إِلى حُسْنِ الذِّكْرِ، وَأَنْ أَشْكُرَ الْحَسَنَةَ، وَأُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَحَلِّني بِحِلْيَةِ الصَّالِحينَ، وَأَ لْبِسْني زِينَةَ الْمُتَّقينَ في بَسْطِ الْعَدْلِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَإِطْفاءِ النَّائِرَةِ، وَضَمِ

ص: 187

أَهْلِ الْفُرْقَةِ، وَإِصْلاحِ ذاتِ الْبَيْنِ، وَإِفْشاءِ الْعارِفَةِ، وَسَتْرِ الْعائِبَةِ، وَلينِ الْعَريكَةِ، وَخَفْضِ الْجَناحِ، وَحُسْنِ السِّيرَةِ، وَسُكُونِ الرّيحِ، وَطيبِ الْمُخالَقَةِ، وَالسَّبْقِ إِلَى الْفَضيلَةِ، وَإيثارِ التَّفَضُّلِ، وَتَرْكِ التَّعْييرِ، وَالْإِفْضالِ عَلى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، وَالْقَوْلِ بِالْحَقِّ وَإِنْ عَزَّ، وَاسْتِقْلالِ الْخَيْرِ وَإِنْ كَثُرَ مِنْ قَوْلي وَفِعْلي، وَاسْتِكْثارِ الشَّرِّ وَإِنْ قَلَّ مِنْ قَوْلي وَفِعْلي، وَأَكْمِلْ ذلِكَ لي بِدَوامِ الطَّاعَةِ، وَلُزُومِ الْجَماعَةِ، وَرَفْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَمُسْتَعْمِلِي الرَّأْىِ الْمُخْتَرَعِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ إِذا كَبِرْتُ، وَأَقْوى قُوَّتِكَ فِيَّ إِذا نَصِبْتُ، وَلا تَبْتَلِيَنِّي بِالْكَسَلِ عَنْ عِبادَتِكَ، وَلَا الْعَمى عَنْ سَبيلِكَ، وَلا بِالتَّعَرُّضِ لِخِلافِ مَحَبَّتِكَ، وَلا مُجامَعَةِ مَنْ تَفَرَّقَ عَنْكَ، وَلا مُفارَقَةِ مَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْكَ، اللهُمَّ اجْعَلْني أَصُولُ بِكَ عِنْدَ الْضَّرُورَةِ، وَأَسْأَ لُكَ عِنْدَ الْحاجَةِ،

ص: 188

وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ عِنْدَ الْمَسْكَنَةِ، وَلا تَفْتِنِّي بِالاسْتِعانَةِ بِغَيْرِكَ إِذَا اضْطُرِرْتُ، وَلا بِالْخُضُوعِ لِسُؤالِ غَيْرِكَ إِذَا افْتَقَرْتُ، وَلا بِالتَّضَرُّعِ إِلى مَنْ دُونَكَ إِذا رَهِبْتُ، فَأَسْتَحِقَّ بِذلِكَ خِذْلانَكَ وَمَنْعَكَ وَإِعْراضَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللهُمَّ اجْعَلْ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ في رُوْعي مِنَ التَّمَنِّي وَالتَّظَنِّي وَالْحَسَدِ ذِكْراً لِعَظَمَتِكَ، وَتَفَكُّراً في قُدْرَتِكَ، وَتَدْبيراً عَلى عَدُوِّكَ، وَما أَجْرى عَلى لِساني مِنْ لَفْظَةِ فُحْشٍ أَوْ هَجْرٍ أَوْشَتْمِ عِرْضٍ أَوْ شَهادَةِ باطِلٍ أَوِ اغْتِيابِ مُؤْمِنٍ غائِبٍ أَوْ سَبِّ حاضِرٍ، وَما أَشْبَهَ ذلِكَ، نُطْقاً بِالْحَمْدِ لَكَ، وَإِغْراقاً فِي الثَّناءِ عَلَيْكَ، وَذَهاباً في تَمْجيدِكَ، وَشُكْراً لِنِعْمَتِكَ، وَاعْتِرافاً بِإِحْسانِكَ، وَإِحْصاءً لِمِنَنِكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا أُظْلَمَنَّ وَأَنْتَ مُطيقٌ لِلدَّفْعِ عَنِّي، وَلا أَظْلِمَنَّ وَأَنْتَ الْقادِرُ عَلَى الْقَبْضِ مِنِّي، وَلا أَضِلَّنَّ وَقَدْ أَمْكَنَتْكَ

ص: 189

هِدايَتي، وَلا أَفْتَقِرَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُسْعي، وَلا أَطْغَيَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُجْدي، اللهُمَّ إِلى مَغْفِرَتِكَ وَفَدْتُ، وَإِلى عَفْوِكَ قَصَدْتُ، وَإِلى تَجاوُزِكَ اشْتَقْتُ، وَبِفَضْلِكَ وَثِقْتُ، وَلَيْسَ عِنْدي ما يُوجِبُ لي مَغْفِرَتَكَ، وَلا في عَمَلي ما أَسْتَحِقُّ بِهِ عَفْوَكَ، وَمالي بَعْدَ أَنْ حَكَمْتُ عَلى نَفْسي إِلَّا فَضْلُكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ، اللهُمَّ وَأَنْطِقْني بِالْهُدى، وَأَلْهِمْنِي التَّقْوى، وَوَفِّقْني لِلَّتي هِيَ أَزْكى، وَاسْتَعْمِلْني بِما هُوَ أَرْضى، اللهُمَّ اسْلُكْ بِيَ الطَّريقَةَ الْمُثْلى، وَاجْعَلْني عَلى مِلَّتِكَ أَمُوتُ وَأَحْيا، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَمَتِّعْني بِالاقْتِصادِ، وَاجْعَلْني مِنْ أَهْلِ السَّدادِ، وَمِنْ أَدِلَّةِ الرَّشادِ، وَمِنْ صالِحِي الْعِبادِ، وَارْزُقْني فَوْزَ الْمَعادِ وَسَلامَةَ المِرْصادِ، اللهُمَّ خُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسي ما يُخَلِّصُها، وَأَبْقِ لِنَفْسي مِنْ نَفْسي ما يُصْلِحُها، فَإِنَ

ص: 190

نَفْسي هالِكَةٌ أَوْ تَعْصِمَها، اللهُمَّ أَنْتَ عُدَّتي إِنْ حَزِنْتُ، وَأَنْتَ مُنْتَجَعي إِنْ حُرِمْتُ، وَبِكَ اسْتِغاثَتي إِنْ كَرَثْتُ، وَعِنْدَكَ مِمَّا فاتَ خَلَفٌ، وَلِما فَسَدَ صَلاحٌ، وَفيما أَنْكَرْتَ تَغْييرٌ، فَامْنُنْ عَلَيَّ قَبْلَ الْبَلاءِ بِالْعافِيَةِ، وَقَبْلَ الطَّلَبِ بِالْجِدَةِ، وَقَبْلَ الضَّلالِ بِالرَّشادِ، وَاكْفِني مَؤُونَةَ مَعَرَّةِ الْعِبادِ، وَهَبْ لي أَمْنَ يَوْمِ الْمَعادِ، وَامْنِحْني حُسْنَ الْإِرْشادِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَادْرَأْ عَنِّي بِلُطْفِكَ، وَاغْذُني بِنِعْمَتِكَ، وَأَصْلِحْني بِكَرَمِكَ، وَداوِني بِصُنْعِكَ، وَأَظِلَّني في ذَراكَ، وَجَلِّلْني رِضاكَ، وَوَفِّقْني إِذَا اشْتَكَلَتْ عَلَيَّ الْأُمُورُ لِأَهْداها، وَإِذا تَشابَهَتِ الْأَعْمالُ لِأَزْكاها، وَإِذا تَناقَضَتِ الْمِلَلُ لِأَرْضاها، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَوِّجْني بِالْكِفايَةِ، وَسُمْني حُسْنَ الْوِلايَةِ، وَهَبْ لي صِدْقَ الْهِدايَةِ، وَلا تَفْتِنِّي بِالسَّعَةِ، وَامْنِحْني حُسْنَ الدَّعَةِ، وَلا

ص: 191

تَجْعَلْ عَيْشي كَدّاً كَدّاً، وَلا تَرُدَّ دُعائي عَلَيَّ رَدّاً، فَإِنِّي لا أَجْعَلُ لَكَ ضِدّاً، وَلا أَدْعُو مَعَكَ نِدّاً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَامْنَعْني مِنَ السَّرَفِ، وَحَصِّنْ رِزْقي مِنَ التَّلَفِ، وَوَفِّرْ مَلَكَتي بِالْبَرَكَةِ فيهِ، وَأَصِبْ بي سَبيلَ الْهِدايَةِ لِلْبِرِّ فيما أُنْفِقُ مِنْهُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاكْفِني مَؤُونَةَ الاكْتِسابِ، وَارْزُقْني مِنْ غَيْرِ احْتِسابٍ، فَلا أَشْتَغِلَ عَنْ عِبادَتِكَ بِالْطَّلَبِ، وَلا أَحْتَمِلَ إِصْرَ تَبِعاتِ الْمَكْسَبِ، اللهُمَّ فَأَطْلِبْني بِقُدْرَتِكَ ما أَطْلُبُ، وَأَجِرْني بِعِزَّتِكَ مِمَّا أَرْهَبُ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَصُنْ وَجْهي بِالْيَسارِ، وَلا تَبْتَذِلْ جاهي بِالْإِقْتارِ، فَأَسْتَرْزِقَ أَهْلَ رِزْقِكَ، وَأَسْتَعْطِيَ شِرارَ خَلْقِكَ، فَأَفْتَتِنَ بِحَمْدِ مَنْ أَعْطاني، وَأُبْتَلى بِذَمِّ مَنْ مَنَعَني، وَأَنْتَ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيُّ الْإِعْطاءِ وَالْمَنْعِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْني صِحَّةً

ص: 192

في عِبادَةٍ، وَ فَراغاً في زَهادَةٍ، وَعِلْماً فِي اسْتِعْمالٍ، وَوَرَعاً في إِجْمالٍ، اللهُمَّ اخْتِمْ بِعَفْوِكَ أَجَلي، وَحَقِّقْ في رَجاءِ رَحْمَتِكَ أَمَلي، وَسَهِّلْ إِلى بُلُوُغِ رِضاكَ سُبُلي، وَحَسِّنْ في جَميعِ أَحْوالي عَمَلي، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَنَبِّهْني لِذِكْرِكَ في أَوْقاتِ الْغَفْلَةِ، وَ اسْتَعْمِلْني بِطاعَتِكَ في أَيَّامِ الْمُهْلَةِ، وَانْهَجْ لي إِلى مَحَبَّتِكَ سَبيلًا سَهْلَةً، أَكْمِلْ لي بِها خَيْرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ قَبْلَهُ، وَأَنْتَ مُصَلٍّ عَلى أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِني بِرَحْمَتِكَ عَذابَ النَّارِ.

5- دُعْاءُ المَشْلُول

الموسوم بدُعاء الشّابّ المأخوذ بذَنْبه، المرويّ في كتب الكفْعمي وَفي كتاب مهج الدّعوات، وهُو دُعاء

ص: 193

علّمه أمير المؤمِنين عليه السلام شابّاً مأخوذاً بِذنبه مشلولًا نتيجة ما عمله من الظّلم والإثم في حقّ والده، فدَعا بهذا الدّعاء، واضطَجع فرأى النّبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم في مَنامه وقد مَسَح يَدَه عليه وقال: احتفظ بِاسم اللَّه الأعظم، فإنّ عملك يكون بخَير، فانتبه مَعافىً، وهُو هذا الدّعاء:

اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكرامِ، يا حَيُّ يا قَيّومُ، يا حَيُّ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، يا هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ وَلا كَيْفَ هُوَ وَلا أيْنَ هُوَ وَلا حَيْثُ هُوَ إِلّا هُوَ، يا ذَا المُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، يا ذَا الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، يا مَلِكُ يا قُدُّوسُ، يا سَلامُ يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ، يا عَزيزُ يا جَبَّارُ يا مُتَكَبِّرُ، يا خالِقُ يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ، يا مُفيدُ يا مُدَبِّرُ، يا شَديدُ يا مُبْدِئُ، يا مُعيدُ يا مُبيدُ، يا وَدُودُ يا مَحْمُودُ، يا مَعْبُودُ يا بَعيدُ، يا قَريبُ يا مُجيبُ، يا رِقيبُ يا حَسيبُ، يا بَديعُ يا رَفيعُ، يا منيعُ يا

ص: 194

سَميعُ، يا عَليمُ يا حَليمُ، يا كَريمُ يا حَكيمُ يا قَديمُ، يا عَلِيُّ يا عَظيمُ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا دَيَّانُ يا مُسْتَعانُ، يا جَليلُ يا جَميلُ، يا وَكيلُ يا كفَيلُ، يا مُقيلُ يا مُنيلُ، يا نَبيلُ يا دَليلُ، يا هادي يا بادي، يا أَوَّلُ يا آخِرُ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا قائِمُ يا دائِمُ، يا عالِمُ يا حاكِمُ، يا قاضي يا عادِلُ، يا فاصِلُ يا واصِلُ، يا طاهِرُ يا مُطَهِّرُ، يا قادِرُ يا مُقْتَدِرُ، يا كَبيرُ يا مُتَكَبِّرُ، يا واحِدُ يا أَحَدُ، يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يوُلَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَلا كانَ مَعَهُ وَزيرٌ، وَلَا اتَّخَذَ مَعَهُ مُشيراً، وَلَا احْتاجَ إِلى ظَهيرٍ، وَلا كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، فَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، يا عَلِيُّ يا شامِخُ، يا باذِخُ يا فَتَّاحُ، يا نَفَّاحُ يا مُرْتاحُ، يا مُفَرِّجُ يا ناصِرُ، يا مُنْتَصِرُ يا مُدْرِكُ، يا مُهْلِكُ يا مُنْتَقِمُ، يا باعِثُ يا وارِثُ، يا طالِبُ يا غالِبُ، يا مَنْ لا يَفُوتُهُ هارِبٌ، يا

ص: 195

تَوَّابُ يا أَوَّابُ، يا وَهَّابُ يا مُسَبِّبَ الْأَسْبابِ، يا مُفَتِّحَ الْأَبْوابِ، يا مَنْ حَيْثُ ما دُعِيَ أَجابَ، يا طَهُورُ يا شَكُورُ، يا عَفُوُّ يا غَفُورُ، يا نُورَ النُّورِ، يا مُدَبِّرَ الْأُموُرِ، يا لَطيفُ يا خَبيرُ، يا مُجيرُ يا مُنيرُ، يا بَصيرُ يا ظَهيرُ يا كَبيرُ، يا وِتْرُ يا فَرْدُ، يا أَبَدُ يا سَنَدُ يا صَمَدُ، يا كافي يا شافي، يا وافي يا مُعافي، يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ، يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ، يا مُتَكَرِّمُ يا مُتَفَرِّدُ، يا مَنْ عَلا فَقَهَرَ، يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، يا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ، يا مَنْ عُبِدَ فَشَكَرَ، يا مَنْ عُصِيَ فَغَفَرَ، يا مَنْ لا تَحْويهِ الْفِكَرُ، وَلا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ، وَلا يَخْفى عَلَيْهِ أَثَرٌ، يا رازِقَ الْبَشَرِ يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ، يا عالِيَ الْمَكانِ، يا شَديدَ الْأَرْكانِ، يا مُبَدِّلَ الزَّمانِ، يا قابِلَ الْقُرْبانِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالْإِحْسانِ، يا ذَا الْعِزَّةِ وَالسُّلْطانِ، يا رَحيمُ يا رَحْمنُ يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ في شَاْنٍ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ، يا عَظيمَ الشَّأْنِ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ مَكانٍ، يا

ص: 196

سامِعَ الْأَصْواتِ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ، يا مُنْجِحَ الطَّلِباتِ، يا قاضِيَ الْحاجاتِ، يا مُنْزِلَ الْبَرَكاتِ، يا راحِمَ الْعَبَراتِ، يا مُقيلَ الْعَثَراتِ، يا كاشِفَ الْكُرُباتِ، يا وَلِيَّ الْحَسَناتِ، يا رافِعَ الدَّرَجاتِ، يا مُؤْتِيَ السُّؤْلاتِ، يا مُحْيِيَ الْأَمْواتِ، يا جامِعَ الشَّتاتِ، يا مُطَّلِعاً عَلَى النّيَّاتِ، يا رادَّ ما قَدْ فاتَ، يا مَنْ لا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ، يا مَنْ لا تُضْجِرُهُ الْمَسْأَلاتُ وَلا تَغْشاهُ الظُّلُماتُ، يا نُورَ الْأَرْضِ والسَّماواتِ، يا سابِغَ النِّعَمِ، يا دافِعَ النِّقَمِ، يا بارِئَ النَّسَمِ، يا جامِعَ الْأُمَمِ، يا شافِيَ السَّقَمِ، يا خالِقَ النُّورِ وَالظُّلَمِ، يا ذَا الْجُودِ وَالْكَرَمِ، يا مَنْ لا يَطَأُ عَرْشَهُ قَدَمٌ، يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدينَ، يا أَكْرَمَ الْأَكْرَمينَ، يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرينَ، يا جارَ الْمُسْتَجيرينَ، يا أَمانَ الْخائِفينَ، يا ظَهْرَ اللَّاجينَ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا غايَةَ

ص: 197

الطَّالِبينَ، يا صاحِبَ كُلِّ غَريبٍ، يا مُونِسَ كُلِ وَحيدٍ، يا مَلْجَأَ كُلِّ طَريدٍ، يا مَاْوى كُلِّ شَريدٍ، يا حافِظَ كُلِّ ضالَّةٍ، يا راحِمَ الشَّيْخِ الْكَبيرِ، يا رازِقَ الّطِفْلِ الصَّغيرِ، يا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسيرِ، يا فاكَّ كُلِّ أَسيرٍ، يا مُغْنِيَ الْبائِسِ الْفَقيرِ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لَهُ التَّدْبيرُ وَالتَّقْديرُ، يا مَنِ الْعَسيرُ عَلَيْهِ سَهْلٌ يَسيرٌ، يا مَنْ لا يَحْتاجُ إِلى تَفْسيرٍ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرُ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ خَبيرٌ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ بَصيرٌ، يا مُرْسِلَ الرِّياحِ، يا فالِقَ الْإِصْباحِ، يا باعِثَ الْأَرْواحِ، يا ذَا الْجُودِ وَالسَّماحِ، يا مَنْ بِيَدِهِ كُلُّ مِفْتاحٍ، يا سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ، يا سابِقَ كُلِّ فَوْتٍ، يا مُحْيِيَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ المَوْتِ، يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا حافِظي في غُرْبَتي، يا مُونِسي في وَحْدَتي، يا وَلِيِّي في نِعْمَتي، يا كَهْفي حينَ تُعْيينِي الْمَذاهِبُ وَتُسَلِّمُنِي الْأَقارِبُ، وَيَخْذُلُني كُلُ

ص: 198

صاحِبٍ، يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ، يا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ، يا ذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ، يا حِرْزَ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ، يا كَهْفَ مَنْ لا كَهْفَ لَهُ، يا كَنْزَ مَنْ لا كَنْزَ لَهُ، يا رُكُنَ مَنْ لا رُكْنَ لَهُ، يا غِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ، يا جارَ مَنْ لا جارَ لَهُ، يا جارِيَ اللَّصيقَ، يا رُكْنِيَ الَوثيقَ، يا إِلهي بِالتَّحْقيقِ، يا رَبَّ الْبَيْتِ الْعَتيقِ، يا شَفيقُ يا رَفيقُ، فُكَّني مِنْ حَلَقِ الْمَضيقِ، وَاصْرِفْ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَ ضيقٍ، وَاكْفِني شَرَّ ما لا أُطيقُ، وَأَعِنِّي عَلى ما أُطيقُ، يا رآدَّ يُوسُفَ عَلى يَعْقُوبَ، يا كاشِفَ ضُرِّ أَيُّوبَ، يا غافِرَ ذَنْبِ داوُودَ، يا رافِعَ عيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَ مُنْجِيَهُ مِنْ أَيْدِي الْيَهوُدِ، يا مُجيبَ نِداءِ يُونُسَ فِي الظُّلُماتِ، يا مُصْطَفِيَ مُوسى بِالْكَلِماتِ، يا مَنْ غَفَرَ لِآدَمَ خَطيئَتَهُ، وَرَفَعَ إِدْريسَ مَكاناً عَلِيّاً بِرَحْمَتِهِ، يا مَنْ نَجّى نُوحاً مِنَ الْغَرَقِ، يا مَنْ أَهْلَكَ عاداً الْأوُلى، وَثَمُودَ فَما أَبْقى، وَقَوْمَ نوُحٍ مِنْ قَبْلُ

ص: 199

إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى، يا مَنْ دَمَّرَ عَلى قَوْمِ لُوطٍ وَدَمْدَمَ عَلى قَوْمِ شُعَيْبٍ، يا مَنِ اتَّخَذَ إِبْراهيمَ خَليلًا، يا مَنِ اتَّخَذَ مُوسى كَليماً، وَاتَّخَذَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ حَبيباً، يا مُؤْتِيَ لُقْمانَ الْحِكْمَةَ، وَالْواهِبَ لِسُلَيْمانَ مُلْكاً لا يَنْبَغي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، يا مَنْ نَصَرَ ذَا الْقَرْنَيْنِ عَلَى الْمُلُوكِ الْجَبابِرَةِ، يا مَنْ أَعْطَى الْخِضْرَ الْحَياةَ، وَرَدَّ لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ الشَّمْسَ بَعْدَ غرُوُبِها، يا مَنْ رَبَطَ عَلى قَلْبِ أُمِّ مُوسى، وَأَحْصَنَ فَرْجَ مَرْيَمَ ابْنَتِ عِمْرانَ، يا مَنْ حَصَّنَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا مِنَ الذَّنْبِ، وَسَكَّنَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبَ، يا مَنْ بَشَّرَ زَكَرِيَّا بِيَحْيى، يا مَنْ فَدا إِسْماعيلَ مِنَ الذَّبْحِ بِذِبْحٍ عَظيمٍ، يا مَنْ قَبِلَ قُرْبانَ هابيلَ، وَجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلى قابيلَ، يا هازِمَ الْأَحْزابِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدِ، وَ عَلى جَميعِ

ص: 200

الْمُرْسَلينَ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ أَجْمَعينَ، وَأَسْأَ لُكَ بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ سَأَلَكَ بِها أَحَدٌ مِمَّنْ رَضيتَ عَنْهُ، فَحَتَمْتَ لَهُ عَلَى الْإِجابَةِ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا اللَّهُ، يا رَحْمنُ يا رَحمنُ يا رَحْمنُ، يا رَحيمُ يا رَحيمُ يا رَحيمُ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكُرامِ، يا ذَا الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ بِهِ أَسْأَ لُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ في شَيْ ءٍ مِنْ كُتُبِكَ، أَوِ اسْتَأثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، وَبِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَبِمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ، وَبِما لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ، وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ، ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ وَأَسْأَ لُكَ بِأَسْمائِكَ الْحُسْنَى الَّتي نَعَتَّها في كِتابِكَ، فَقُلْتَ: وَللَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، وَقُلْتَ:

ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَقُلْتَ: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي

ص: 201

عَنِّي فَإنِّي قَريبٌ أُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وَقُلْتَ:

يا عِبادِىَ الّذَينَ أَسْرَفوُا عَلى أَنْفُسِهِمْ، لا تَقْنَطُوُا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ وَأَنَا أَسْأَ لُكَ يا إِلهي وَأَدْعُوكَ يا رَبِّ، وَأَرْجُوكَ يا سَيِّدي وَأَطْمَعُ في إِجابَتي يا مَوْلايَ كَما وَعَدْتَني، وَقَدْ دَعَوْتُكَ كَما أَمَرْتَني، فَافْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا كَريمُ، وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعينَ.

ثُمّ سَلْ حاجتك فَإِنَّها تُقضى إن شاءاللَّه تعالى، وفي الرّواية المرويّة في مهج الدّعوات: لا تدعو بهذا الدّعاء إلّا متطهّراً.

6- دُعاءُ المجير

وَهوَ دُعاء رَفيع الشّأن مَروِيّ عَنِ النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم نَزَل به جَبرائيل عَلَى الّنَبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وَهْو يصلّي في مَقامِ

ص: 202

إبراهيم عليه السلام. ذكر الكفعمي هذا الدّعاء في كِتابيه البَلد الأمين وَالمِصباح وأشارَ في الهامِش إِلى ما له مِنَ الفَضْل، وَمِن جُملتها أَنّ مَنْ دعا به في الأيّام البيض مِنْ شَهر رَمَضان غفرت ذنوبه وَلَوْ كانت عَدَد قطر المطر، وَوَرق الشجر، وَرَمل البرّ، وَيجدي في شِفاءِ المريض و قضاءِ الدين وَالغنى عَنِ الفقر وَيفرّج الغَم ويكشف الكرب، وهو هذا الدّعاء:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

سُبْحانَكَ يا اللَّهُ تَعالَيْتَ يا رَحْمنُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَحيمُ تَعالَيْتَ يا كَريمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مَلِكُ تَعالَيْتَ يا مالِكُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قُدُّوسُ تَعالَيْتَ يا سَلامُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُؤْمِنُ تَعالَيْتَ يا مُهَيْمِنُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَزيزُ

ص: 203

تَعالَيْتَ يا جَبَّارُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُتَكَبِّرُ تَعالَيْتَ يا مُتَجَبِّرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا خالِقُ تَعالَيْتَ يا بارِئُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُصَوِّرُ تَعالَيْتَ يا مُقَدِّرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا هادي تَعالَيْتَ يا باقي أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَهَّابُ تَعالَيْتَ يا تَوَّابُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فَتَّاحُ تَعالَيْتَ يا مُرْتاحُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ ياسَيِّدي تَعالَيْتَ يامَوْلايَ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قَريبُ تَعالَيْتَ يا رَقيبُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُبْدِئُ تَعالَيْتَ يا مُعيدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَميدُ تَعالَيْتَ يا مَجيدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قَديمُ تَعالَيْتَ يا عَظيمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا غَفُورُ تَعالَيْتَ يا شَكُورُ

ص: 204

أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا شاهِدُ تَعالَيْتَ يا شَهيدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَنَّانُ تَعالَيْتَ يا مَنَّانُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا باعِثُ تَعالَيْتَ يا وارِثُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُحْيي تَعالَيْتَ يا مُميتُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا شَفيقُ تَعالَيْتَ يا رَفيقُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا أَنيسُ تَعالَيْتَ يا مُونِسُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا جَليلُ تَعالَيْتَ يا جَميلُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا خَبيرُ تَعالَيْتَ يا بَصيرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَفِىُّ تَعالَيْتَ يا مَلِىُّ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مَعْبُودُ تَعالَيْتَ يا مَوجُودُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا غَفَّارُ تَعالَيْتَ يا قَهَّارُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مَذْكُورُ تَعالَيْتَ يا مَشْكُورُ أَجِرْنا مِنَ

ص: 205

النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا جَوادُ تَعالَيْتَ يا مَعاذُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا جَمالُ تَعالَيْتَ يا جَلالُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سابِقُ تَعالَيْتَ يا رازِقُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا صادِقُ تَعالَيْتَ يا فالِقُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سَميعُ تَعالَيْتَ يا سَريعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَفيعُ تَعالَيْتَ يا بَديعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فَعَّالُ تَعالَيْتَ يا مُتَعالُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قاضي تَعالَيْتَ يا راضي أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قاهِرُ تَعالَيْتَ يا طاهِرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عالِمُ تَعالَيْتَ يا حاكِمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا دائِمُ تَعالَيْتَ يا قائِمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عاصِمُ تَعالَيْتَ يا قاسِمُ إِجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ،

ص: 206

سُبْحانَكَ يا غَنِيُّ تَعالَيْتَ يا مُغْني أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَفِيُّ تَعالَيْتَ يا قَوِيُّ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا كافي تَعالَيْتَ يا شافي أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُقَدِّمُ تَعالَيْتَ يا مُؤَخِّرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا أَوَّلُ تَعالَيْتَ يا آخِرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ظاهِرُ تَعالَيْتَ يا باطِنُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَجاءُ تَعالَيْتَ يا مُرْتَجى أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ذَا الْمَنِّ تَعالَيْتَ يا ذَا الطَّوْلِ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَيُّ تَعالَيْتَ يا قَيّوُمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا واحِدُ تَعالَيْتَ يا أَحَدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سَيِّدُ تَعالَيْتَ يا صَمَدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قَديرٌ تَعالَيْتَ يا كَبيرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا والي تَعالَيْتَ يا مُتَعالي أَجِرْنا مِنَ

ص: 207

النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَلِيُّ تَعالَيْتَ يا أَعْلى أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَلِيُّ تَعالَيْتَ يا مَوْلى أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ذارِئُ تَعالَيْتَ يا بارِئُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا خافِضُ تَعالَيْتَ يا رافِعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُقْسِطُ تَعالَيْتَ يا جامِعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُعِزُّ تَعالَيْتَ يا مُذِلُّ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حافِظُ تَعالَيْتَ يا حَفيظُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا قادِرُ تَعالَيْتَ يا مُقْتَدِرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَليمُ تَعالَيْتَ يا حَليمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا حَكَمُ تَعالَيْتَ يا حَكيمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُعْطي تَعالَيْتَ يا مانِعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ضارُّ تَعالَيْتَ يا نافِعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ

ص: 208

يا مُجيبُ تَعالَيْتَ يا حَسيبُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عادِلُ تَعالَيْتَ يا فاصِلُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا لَطيفُ تَعالَيْتَ يا شَريفُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَبُّ تَعالَيْتَ يا حَقُّ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ماجِدُ تَعالَيْتَ يا واحِدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا عَفُوُّ تَعالَيْتَ يا مُنْتَقِمُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا واسِعُ تَعالَيْتَ يا مُوَسِّعُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَؤُوفُ تَعالَيْتَ يا عَطُوفُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فَرْدُ تَعالَيْتَ يا وِتْرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُقيتُ تَعالَيْتَ يا مُحيطُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا وَكيلُ تَعالَيْتَ يا عَدْلُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُبينُ تَعالَيْتَ يا مَتينُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا بَرُّ تَعالَيْتَ يا وَدُودُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ

ص: 209

يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا رَشيدُ تَعالَيْتَ يا مُرْشِدُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا نُورُ تَعالَيْتَ يا مُنَوِّرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا نَصيرُ تَعالَيْتَ يا ناصِرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا صَبُورُ تَعالَيْتَ يا صابِرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُحْصي تَعالَيْتَ يا مُنْشِئُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا سُبْحانُ تَعالَيْتَ يا دَيَّانُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا مُغيثُ تَعالَيْتَ يا غِياثُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا فاطِرُ تَعالَيْتَ يا حاضِرُ أَجِرْنا مِنَ النَّارِ يا مُجيرُ، سُبْحانَكَ يا ذَا الْعِزِّ والْجَمالِ تَبارَكْتَ يا ذَا الْجَبَرُوتِ وَالْجَلالِ، سُبْحانَكَ لا إِلهِ إِلّا أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤمِنينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعينَ، وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ،

ص: 210

وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ الْعَليِّ العَظيمِ.

7- دُعاء الجَوشن الكبير

قال العلّامة المجلسي في كتاب زاد المعاد في ضمن أعمال ليالي القدر: إنّ في بعض الروايات أنّه يدعى بدعاء الجوشن الكبير في كلّ من هذه الثّلاث ليالٍ، وبالإجمال فهذا الدّعاء يحتوي على مائة فصل وكلّ فصل، يحتوي على عشرة أسماء مِن أسماء اللَّه تعالى، وتقول في آخر كلّ فصل: سُبْحانَكَ يا لا إِلهَ إلّا أَنْتَ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ خَلِّصْنا مِنَ النَّارِ يا رَبِّ.

وَهوَ هذَا الدُّعاء:

(1) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا اللَّهُ يا رَحْمنُ يا رَحيمُ، يا كَريمُ يا مُقيمُ يا عَظيمُ، يا قَديمُ يا عَليمُ، يا حَليمُ يا

ص: 211

حَكيمُ، سُبْحانَكَ يا لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ خَلِّصْنا مِنَ النَّارِ يا رَبِّ (2) يا سَيِّدَ السَّاداتِ، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ، يا رافِعَ الدَّرَجاتِ، يا وَلِيَّ الْحَسَناتِ، يا غافِرَ الْخَطيئاتِ، يا مُعْطِيَ الْمَسْأَلاتِ، يا قابِلَ التَّوْباتِ، يا سامِعَ الْاصْواتِ، يا عالِمَ الْخَفِيَّاتِ، يا دافِعَ الْبَلِيَّاتِ (3) يا خَيْرَ الْغافِرينَ، يا خَيْرَ الْفاتِحينَ، يا خَيْرَ النَّاصِرينَ، يا خَيْرَ الْحاكِمينَ، يا خَيْرَ الرَّازِقينَ، يا خَيْرَ الْوارِثينَ، يا خَيْرَ الْحامِدينَ، يا خَيْرَ الذَّاكِرينَ، يا خَيْرَ الْمُنْزِلينَ، يا خَيْرَ الْمُحْسِنينَ، (4) يا مَنْ لَهُ الْعِزَّةُ وَالْجَمالُ، يا مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ وَالْكَمالُ، يا مَنْ لَهُ الْمُلْكُ وَالْجَلالُ، يا مَنْ هُوَ الْكَبيرُ الْمُتَعالُ، يا مُنْشِى ءَ الْسَّحابِ الثِّقالِ، يا مَنْ هُوَ شَديدُ الِمحالِ، يا مَنْ هُوَ سَريعُ الْحِسابِ، يا مَنْ هُوَ شَديدُ الْعِقابِ، يا مَنْ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ، يا مَنْ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (5) اللهُمَّ إِنّي

ص: 212

أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا دَيَّانُ يا بُرْهانُ، يا سُلْطانُ يا رِضْوانُ، يا غُفْرانُ يا سُبْحانُ، يا مُسْتَعانُ يا ذَا الْمَنِّ وَالْبَيانِ (6) يا مَنْ تَواضَعَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِعَظَمَتِهِ، يا مَنِ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِقُدْرَتِهِ، يا مَنْ ذَلَّ كُلُّ شَيْ ءٍ لِعِزَّتِهِ، يا مَنْ خَضَعَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِهَيْبَتِهِ، يا مَنِ انْقادَ كُلُّ شَيْ ءٍ مِنْ خَشْيَتِهِ، يا مَنْ تَشَقَّقَتِ الْجِبالُ مِنْ مَخافَتِهِ، يا مَنْ قامَتِ السَّماواتُ بِأَمْرِهِ، يا مَنِ اسْتَقَرَّتِ الْأَرَضُونَ بِإِذْنِهِ، يا مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، يا مَنْ لا يَعْتَدى عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ (7) يا غافِرَ الْخَطايا، يا كاشِفَ الْبَلايا، يا مُنْتَهَي الرَّجايا، يا مُجْزِلَ الْعَطايا، يا واهِبَ الْهَدايا، يا رازِقَ الْبَرايا، يا قاضِيَ الْمَنايا، يا سامِعَ الشَّكايا، يا باعِثَ الْبَرايا، يا مُطْلِقَ الْأُسارى (8) ياذَا الْحَمْدِ وَالثَّناءِ، يا ذَا الْفَخْرِ وَاْلبَهاءِ، يا ذَا الْمَجْدِ وَالسَّناءِ، يا ذَا الْعَهْدِ وَالْوَفاءِ، يا ذَا الْعَفْوِ وَالرِّضاءِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالْعَطاءِ، يا ذَا

ص: 213

الْفَصْلِ وَالْقَضاءِ، يا ذَا الْعِزِّ وَالْبَقاءِ، يا ذَا الْجُودِ وَالسَّخاءِ، يا ذَا الْآلاءِ وَالنَّعْماءِ (9) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا مانِعُ يا دافِعُ، يا رافِعُ يا صانِعُ، يا نافِعُ يا سامِعُ، يا جامِعُ يا شافِعُ، يا واسِعُ يا مُوسِعُ (10) يا صانِعَ كُلِّ مَصْنُوعٍ، يا خالِقَ كُلِّ مَخْلُوقٍ، يا رازِقَ كُلِّ مَرْزُوقٍ، يا مالِكَ كُلِّ مَمْلُوكٍ، يا كاشِفَ كُلِّ مَكْرُوبٍ، يا فارِجَ كُلِّ مَهْمُومٍ، يا راحِمَ كُلِّ مَرْحُومٍ، يا ناصِرَ كُلِّ مَخْذُولٍ، يا ساتِرَ كُلِّ مَعْيُوبٍ، يا مَلْجَأَ كُلِّ مَطْرُودٍ (11) يا عُدَّتي عِنْدَ شِدَّتي، يا رَجائي عِنْدَ مُصيبَتي، يا مُونِسي عِنْدَ وَحْشَتي، يا صاحِبي عِنْدَ غُرْبَتي، يا وَلِيي عِنْدَ نِعْمَتي، يا غِياثي عِنْدَ كُرْبَتي، يا دَليلي عِنْدَ حَيْرَتي، يا غَنائي عِنْدَ افْتِقاري، يا مَلجَئي عِنْدَ اضْطِراري، يا مُعيني عِنْدَ مَفْزَعي (12) يا عَلّامَ الْغُيُوبِ، يا غَفَّارَ الذُّنُوبِ، يا سَتَّارَ الْعُيُوبِ، يا كاشِفَ

ص: 214

الْكُرُوبِ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، يا طَبيبَ الْقُلُوبِ، يا مُنَوِّرَ الْقُلُوبِ، يا أَنيسَ الْقُلُوبِ، يا مُفَرِّجَ الْهُمُومِ، يا مُنَفِّسَ الْغُمُومِ (13) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا جَليلُ يا جَميلُ، يا وَكيلُ يا كَفيلُ، يا دَليلُ يا قَبيلُ، يا مُديلُ يا مُنيلُ، يا مُقيلُ يا مُحيلُ (14) يا دَليلَ الْمُتَحَيِّرينَ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا صَريخَ الْمُسْتَصْرِخينَ، يا جارَ الْمُسْتَجيرينَ، يا أَمانَ الْخائِفينَ، يا عَوْنَ الْمُؤْمِنينَ، يا راحِمَ الْمَساكينَ، يا مَلْجَأَ الْعاصينَ، يا غافِرَ الْمُذْنِبينَ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ (15) يا ذَا الْجُودِ وَالْإِحْسانِ، يا ذَا الْفَضْلِ وَالامْتِنانِ، يا ذَا الْأَمْنِ وَالْأَمانِ، يا ذَا الْقُدْسِ وَالسُّبْحانِ، يا ذَا الْحِكْمَةِ وَالْبَيانِ، يا ذَا الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ، يا ذَا الْحُجَّةِ وَالْبُرْهانِ، يا ذَا الْعَظَمَةِ وَالسُّلْطانِ، يا ذَا الرَّأْفَةِ وَالْمُسْتَعانِ، يا ذَا العَفْوِ وَالْغُفْرانِ (16) يا مَنْ هُوَ رَبُّ كُلِ

ص: 215

شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ إِلهُ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ صانِعُ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ بَعْدَ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ فَوْقَ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ عالِمٌ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ قادِرٌ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ هُوَ يَبْقى وَيَفْنى كُلُّ شَيْ ءٍ (17) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا مُؤْمِنُ يا مُهَيْمِنُ، يا مُكَوِّنُ يا مُلَقِّنُ، يا مُبَيِّنُ يا مُهَوِّنُ، يا مُمَكِّنُ يا مُزَيِّنُ، يا مُعْلِنُ يا مُقَسِّمُ (18) يا مَنْ هُوَ في مُلْكِهِ مُقيمٌ، يا مَنْ هُوَ في سُلْطانِهِ قَديمٌ، يا مَنْ هُو في جَلالِهِ عَظيمٌ، يا مَنْ هُوَ عَلى عِبادِهِ رَحيمٌ، يا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَليمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ عَصاهُ حَليمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ رَجاهُ كَريمٌ، يا مَنْ هُوَ في صُنْعِهِ حَكيمٌ، يا مَنْ هُوَ في حِكْمَتِهِ لَطيفٌ، يا مَنْ هُوَ في لُطْفِهِ قَديمٌ (19) يا مَنْ لا يُرْجى إِلّا فَضْلُهُ، يا مَنْ لا يُسْأَلُ إِلّا عَفْوُهُ، يا مَنْ لا يُنْظَرُ إِلّا بِرُّهُ، يا مَنْ لا يُخافُ إِلّا عَدْلُهُ، يا

ص: 216

مَنْ لا يَدُومُ إِلّا مُلْكُهُ، يا مَنْ لا سُلْطانَ إِلّا سُلْطانُهُ، يا مَنْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ رَحْمَتُهُ، يا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْمُهُ، يا مَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِثْلَهُ (20) يا فارِجَ الْهَمِّ، يا كاشِفَ الْغَمِّ، يا غافِرَ الذَّنْبِ، يا قابِلَ التَّوْبِ، يا خالِقَ الْخَلْقِ، يا صادِقَ الْوَعْدِ، يا مُوفِيَ الْعَهْدِ، يا عالِمَ السِّرّ، يا فالِقَ الْحَبِّ، يا رازِقَ الْأَنامِ (21) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا عَلِيُّ يا وَفِيُّ، يا غَنِيُّ يا مَلِيُّ، يا حَفِيُّ يا رَضِيُّ، يا زَكِيُّ يا بَدِيُّ، يا قَوِيُّ يا وَلِيُّ (22) يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَميلَ، يا مَنْ سَتَرَ الْقَبيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَريرَةِ، يا مَنْ لَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، يا عَظيمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى، يا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى (23) يا ذَا النِّعْمَةِ السَّابِغَةِ، يا ذَا الرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ، يا ذَا الْمِنَّةِ السَّابِقَةِ، يا ذَا

ص: 217

الْحِكْمَةِ الْبالِغَةِ، يا ذَا الْقُدْرَةِ الْكامِلَةِ، يا ذَا الْحُجَّةِ الْقاطِعَةِ، يا ذَا الْكَرامَةِ الظَّاهِرَةِ، يا ذَا الْعِزَّةِ الدَّائِمَةِ، يا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتينَةِ، يا ذَا الْعَظَمَةِ الْمَنيعَةِ (24) يا بَديعَ السَّماواتِ، يا جاعِلَ الظُّلُماتِ، يا راحِمَ الْعَبَراتِ، يا مُقيلَ الْعَثَراتِ، يا ساتِرَ الْعَوْراتِ، يا مُحْيِيَ الْأَمْواتِ، يا مُنْزِلَ الْآياتِ، يا مُضَعِّفَ الْحَسَناتِ، يا ماحِيَ السَّيِّئاتِ، يا شَديدَ النَّقِماتِ (25) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا مُصَوِّرُ يا مُقَدِّرُ، يا مُدَبِّرُ يا مُطَهِّرُ، يا مُنَوِّرُ يا مُيَسِّرُ، يا مُبَشِّرُ يا مُنْذِرُ، يا مُقَدِّمُ يا مُؤَخِّرُ (26) يا رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الشَّهْرِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الرُّكْنِ وَالْمَقامِ، يا رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، يا رَبَّ الْحِلِّ وَالْحَرامِ، يا رَبَّ النُّورِ وَالظَّلامِ، يا رَبَّ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ، يا رَبَّ الْقُدْرَةِ فِي الْأَنامِ (27) يا أَحْكَمَ الْحاكِمينَ، يا أَعْدَلَ الْعادِلينَ،

ص: 218

يا أَصْدَقَ الصَّادِقينَ، يا أَطْهَرَ الطَّاهِرينَ، يا أَحْسَنَ الْخالِقينَ، يا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ، يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، يا أَبْصَرَالنَّاظِرينَ، يا أَشْفَعَ الشَّافِعينَ، يا أَكْرَمَ الْأَكْرَمينَ (28) يا عِمادَ مَنْ لا عِمادَ لَهُ، يا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ لَهُ، يا ذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ لَهُ، يا حِرْزَ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ، يا غِياثَ مَنْ لا غِياثَ لَهُ، يا فَخْرَ مَنْ لا فَخْرَ لَهُ، يا عِزَّ مَنْ لا عِزَّ لَهُ، يا مُعينَ مَنْ لا مُعينَ لَهُ، يا أَنيسَ مَنْ لا أَنيسَ لَهُ، يا أَمانَ مَنْ لا أَمانَ لَهُ (29) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا عاصِمُ يا قائِمُ، يا دائِمُ يا راحِمُ، يا سالِمُ يا حاكِمُ، يا عالِمُ يا قاسِمُ، يا قابِضُ يا باسِطُ (30) يا عاصِمَ مَنِ اسْتَعْصَمَهُ، يا راحِمَ مَنِ اسْتَرْحَمَهُ، يا غافِرَ مَنِ اسْتَغْفَرَهُ، يا ناصِرَ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ، يا حافِظَ مَنِ اسْتَحْفَظَهُ، يا مُكْرِمَ مَنِ اسْتَكْرَمَهُ، يا مُرْشِدَ مَنِ اسْتَرْشَدَهُ، يا صَريخَ مَنِ اسْتَصْرَخَهُ، يا مُعينَ مَنِ

ص: 219

اسْتَعانَهُ، يا مُغيثَ مَنِ اسْتَغاثَهُ (31) يا عَزيزاً لا يُضامُ، يا لَطيفاً لا يُرامُ، يا قَيُّوماً لا يَنامُ، يا دائِماً لا يَفُوتُ، يا حَيّاً لا يَمُوتُ، يا مَلِكاً لا يَزُولُ، يا باقِياً لا يَفْنى، يا عالِماً لا يَجْهَلُ، يا صَمَداً لا يُطْعَمُ، يا قَوِيّاً لا يَضْعُفُ (32) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا أَحَدُ يا واحِدُ، يا شاهِدُ يا ماجِدُ، يا حامِدُ يا راشِدُ، يا باعِثُ يا وارِثُ، يا ضارُّ يا نافِعُ (33) يا أَعْظَمَ مِنْ كُلِّ عَظيمٍ، يا أَكْرَمَ مِنْ كُلِّ كَريمٍ، يا أَرْحَمَ مِنْ كُلِّ رَحيمٍ، يا أَعْلَمَ مِنْ كُلِّ عَليمٍ، يا أَحْكَمَ مِنْ كُلِّ حَكيمٍ، يا أَقْدَمَ مِنْ كُلِّ قَديمٍ، يا أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ كَبيرٍ، يا أَلْطَفَ مِنْ كُلِّ لَطيفٍ، يا أَجَلَّ مِن كُلِّ جَليلٍ، يا أَعَزَّ مِنْ كُلِّ عَزيزٍ (34) يا كَريمَ الصَّفْحِ، يا عَظيمَ الْمَنِّ، يا كَثيرَ الْخَيْرِ، يا قَديمَ الْفَضْلِ، يا دائِمَ اللُّطْفِ، يا لَطيفَ الصُّنْعِ، يا مُنَفِّسَ الْكَرْبِ، يا كاشِفَ الضُّرِّ، يا مالِكَ الْمُلْكِ، يا قاضِيَ الْحَقِّ (35) يا

ص: 220

مَنْ هُوَ في عَهْدِهِ وَفِيٌّ، يا مَنْ هُوَ في وَفائِهِ قَوِيٌّ، يا مَنْ هُوَ في قُوَّتِهِ عَلِيٌّ، يا مَنْ هُوَ في عُلُوِّهِ قَريبٌ، يا مَنْ هُوَ في قُرْبِهِ لَطيفٌ، يا مَنْ هُوَ في لُطْفِهِ شَريفٌ، يا مَنْ هُوَ في شَرَفِهِ عَزيزٌ، يا مَنْ هُوَ في عِزِّهِ عَظيمٌ، يا مَنْ هُوَ في عَظَمَتِهِ مَجيدٌ، يا مَنْ هُوَ في مَجْدِهِ حَميدٌ (36) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا كافي يا شافي، يا وافي يا مُعافي، يا هادي يا داعي، يا قاضي يا راضي، يا عالي يا باقي (37) يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ خاضِعٌ لَهُ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ خاشِعٌ لَهُ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ كائِنٌ لَهُ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ مَوْجُودٌ بِهِ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ مُنيبٌ إِلَيْهِ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ خائِفٌ مِنْهُ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ قائِمٌ بِهِ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ صائِرٌ إِلَيْهِ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، يا مَنْ كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلّا وَجْهَهُ (38) يا مَنْ لا مَفَرَّ إِلّا إِلَيْهِ، يا مَنْ لا مَفْزَعَ إلّا إِلَيْهِ، يا مَنْ لا مَقْصَدَ إلّا إِلَيْهِ، يا مَنْ لا مَنْجا مِنْهُ

ص: 221

إِلّا إِلَيْهِ، يا مَنْ لا يُرْغَبُ إلّا إِلَيْهِ، يا مَنْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلّا بِهِ، يا مَنْ لا يُسْتَعانُ إِلّا بِهِ، يا مَنْ لا يُتَوَكَّلُ إِلّا عَلَيْهِ، يا مَنْ لا يُرْجى إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يُعْبَدُ إِلّا هُوَ (39) يا خَيْرَ الْمَرْهُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَرْغُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَطْلُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَسْؤُولينَ، يا خَيْرَ الْمَقْصُودينَ، يا خَيْرَ الْمَذْكُورينَ، يا خَيْرَ الْمَشْكُورينَ، يا خَيْرَ الْمَحْبُوبينَ، يا خَيْرَ الْمَدْعُوّينَ، يا خَيْرَ الْمُسْتَأْنِسينَ (40) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا غافِرُ يا ساتِرُ، يا قادِرُ يا قاهِرُ، يا فاطِرُ يا كاسِرُ، يا جابِرُ يا ذاكِرُ، يا ناظِرُ يا ناصِرُ (41) يا مَنْ خَلَقَ فَسَوّى، يا مَنْ قَدَّرَ فَهَدى، يا مَنْ يَكْشِفُ الْبَلْوى، يا مَنْ يَسْمَعُ النَّجْوى، يا مَنْ يُنْقِذُ الْغَرْقى، يا مَنْ يُنْجِي الْهَلْكى، يا مَنْ يَشْفِي الْمَرْضى، يا مَنْ أَضْحَكَ وَأَبْكى، يا مَنْ أَماتَ وَأَحْيى، يا مَنْ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْانْثى (42) يا مَنْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سَبيلُهُ، يا مَنْ فِي

ص: 222

الْآفاقِ آياتُهُ، يا مَنْ فِي الْآياتِ بُرْهانُهُ، يا مَنْ فِي الْمَماتِ قُدْرَتُهُ، يا مَنْ فِي الْقُبُورِ عِبْرَتُهُ، يا مَنْ فِي الْقِيامَةِ مُلْكُهُ، يا مَنْ فِي الْحِسابِ هَيْبَتُهُ، يا مَنْ فِي الْميزانِ قَضاؤُهُ، يا مَنْ فِي الْجَنَّةِ ثَوابُهُ، يا مَنْ فِي النَّارِ عِقابُهُ (43) يا مَنْ إِلَيْهِ يَهْرَبُ الْخائِفُونَ، يا مَنْ إِلَيْهِ يَفْزَعُ الْمُذْنِبُونَ، يا مَنْ إِلَيْهِ يَقْصِدُ الْمُنيبُونَ، يا مَنْ إِلَيْهِ يَرْغَبُ الزَّاهِدُونَ، يا مَنْ إِلَيْهِ يَلْجَأُ الْمُتَحَيِّرُونَ، يا مَنْ بِهِ يَسْتَأْنِسُ الْمُريدُونَ، يا مَنْ بِه يَفْتَخِرُ الْمُحِبُّونَ، يا مَنْ في عَفْوِهِ يَطْمَعُ الْخاطِئُونَ، يا مَنْ إِلَيْهِ يَسْكُنُ الْمُوقِنُونَ، يا مَنْ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (44) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا حَبيبُ يا طَبيبُ، يا قَريبُ يا رَقيبُ، يا حَسيبُ يا مُهيبُ، يا مُثيبُ يا مُجيبُ، يا خَبيرُ يا بَصيرُ (45) يا أَقَرَبَ مِنْ كُلِّ قَريبٍ، يا أَحَبَّ مِنْ كُلِّ حَبيبٍ، يا أَبْصَرَ مِنْ كُلِّ بَصيرٍ، يا أَخْبَرَ مِنْ كُلِّ خَبيرٍ، يا

ص: 223

أَشْرَفَ مِنْ كُلِّ شَريفٍ، يا أَرْفَعَ مِنْ كُلِّ رَفيعٍ، يا أَقْوى مِنْ كُلِّ قَوِيٍّ، يا أَغْنى مِنْ كُلِّ غَنِيٍّ، يا أَجْوَدَ مِنْ كُلِّ جَوادٍ، يا أَرْأَفَ مِنْ كُلِّ رَؤُوفٍ (46) يا غالِباً غَيْرَ مَغْلُوبٍ، يا صانِعاً غَيْرَ مَصْنُوعٍ، يا خالِقاً غَيْرَ مَخْلُوقٍ، يا مالِكاً غَيْرَ مَمْلُوكٍ، يا قاهِراً غَيْرَ مَقْهُورٍ، يا رافِعاً غَيْرَ مَرْفُوعٍ، يا حافِظاً غَيْرَ مَحْفُوظٍ، يا ناصِراً غَيْرَ مَنْصُورٍ، يا شاهِداً غَيْرَ غائِبٍ، يا قَريباً غَيْرَ بَعيدٍ (47) يا نُورَ النُّورِ، يا مُنَوِّرَ النُّورِ، يا خالِقَ النُّورِ، يا مُدَبِّرَ النُّورِ، يا مُقَدِّرَ النُّورِ، يا نُورَ كُلّ نُورٍ، يا نُوراً قَبْلَ كُلّ نُورٍ، يا نُوراً بَعْدَ كُلِّ نُورٍ، يا نُوراً فَوْقَ كُلّ نُورٍ، يا نُوراً لَيْسَ كَمِثْلِهِ نُورٌ (48) يا مَنْ عَطاؤُهُ شَريفٌ، يا مَنْ فِعْلُهُ لَطيفٌ، يا مَنْ لُطْفُهُ مُقيمٌ، يا مَنْ إِحْسانُهُ قَديمٌ، يا مَنْ قَوْلُهُ حَقٌّ، يا مَنْ وَعْدُهُ صِدْقٌ، يا مَنْ عَفْوُهُ فَضْلٌ، يا مَنْ عَذابُهُ عَدْلٌ، يا مَنْ ذِكْرُهُ حُلْوٌ، يا مَنْ فَضْلُهُ عَميمٌ (49) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ

ص: 224

بِاسْمِكَ يا مُسَهِّلُ يا مُفَصِّلُ، يا مُبَدِّلُ يا مُذَلِّلُ، يا مُنَزِّلُ يا مُنَوِّلُ، يا مُفْضِلُ يا مُجْزِلُ، يا مُمْهِلُ يا مُجْمِلُ (50) يا مَنْ يَرى وَلا يُرى، يا مَنْ يَخْلُقُ وَلا يُخْلَقُ، يا مَنْ يَهْدي وَلا يُهْدى، يا مَنْ يُحْيي وَلا يُحْى، يا مَنْ يَسْأَلُ وَلا يُسْأَلُ، يا مَنْ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، يا مَنْ يُجيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ، يا مَنْ يَقْضي وَلا يُقْضى عَلَيْهِ، يا مَنْ يَحْكُمُ وَلا يُحْكَمُ عَلَيْهِ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (51) يا نِعْمَ الْحَسيبُ، يا نِعْمَ الطَّبيبُ، يا نِعْمَ الرَّقيبُ، يا نِعْمَ الْقَريبُ، يا نِعْمَ الْمُجيبُ، يا نِعْمَ الْحَبيبُ، يا نِعْمَ الْكَفيلُ، يا نِعْمَ الَوْكيلُ، يا نِعْمَ الْمَوْلى، يا نِعْمَ النَّصيرُ (52) يا سُرُورَ الْعارِفينَ، يا مُنَى الُمحِبّينَ، يا أَنيسَ الْمُريدينَ، يا حَبيبَ التَّوَّابينَ، يا رازِقَ الْمُقِلّينَ، يا رَجاءَ الْمُذْنِبينَ، يا قُرَّةَ عَيْنِ الْعابِدينَ، يا مُنَفِّساً عَنِ الْمَكْرُوبينَ، يا مُفَرِّجاً عَنِ

ص: 225

الْمَغْمُومينَ، يا إِلهَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ (53) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا رَبَّنا يا إِلهَنا، يا سَيِّدَنا يا مَوْلانا، يا ناصِرَنا يا حافِظَنا، يا دَليلَنا يا مُعينَنا، يا حَبيبَنا يا طَبيبَنا (54) يا رَبَّ النَّبيّينَ وَالْأَبْرارِ، يا رَبَّ الصِّدّيقينَ وَالْأَخْيارِ، يا رَبَّ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، يا رَبَّ الصِّغارِ وَالْكِبارِ، يا رَبَّ الْحُبُوبِ وَالثِّمارِ، يا رَبَّ الْأَنْهارِ وَالْأَشْجارِ، يا رَبَّ الصَّحاري وَالْقِفارِ، يا رَبَّ الْبَراري وَالْبِحارِ، يا رَبَّ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ، يا رَبَّ الْإِعْلانِ وَالْإِسْرارِ (55) يا مَنْ نَفَذَ في كُلِّ شَيْ ءٍ أَمْرُهُ، يا مَنْ لَحِقَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْمُهُ، يا مَنْ بَلَغَتْ إِلى كُلِّ شَيْ ءٍ قُدْرَتُهُ، يا مَنْ لا تُحْصِي الْعِبادُ نِعَمَهُ، يا مَنْ لا تَبْلُغُ الْخَلائِقُ شُكْرَهُ، يا مَنْ لا تُدْرِكُ الْأَفْهامُ جَلالَهُ، يا مَنْ لا تَنالُ الْأَوْهامُ كُنْهَهُ، يا مَنِ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِياءُ رِداؤُهُ، يا مَنْ لا تَرُدُّ الْعِبادُ قَضاءَهُ، يا مَنْ لا مُلْكَ إِلّا مُلْكُهُ، يا مَنْ لا عَطاءَ إِلّا عَطاؤُهُ (56) يا

ص: 226

مَنْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى، يا مَنْ لَهُ الصِّفاتُ الْعُلْيا، يا مَنْ لَهُ الْآخِرَةُ وَالْاولى، يا مَنْ لَهُ الْجَنَّةُ الْمَاْوى، يا مَنْ لَهُ الْآياتُ الْكُبْرى، يا مَنْ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى، يا مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالْقَضاءُ، يا مَنْ لَهُ الْهَواءُ وَالْفَضاءُ، يا مَنْ لَهُ الْعَرْشُ وَالثَّرى، يا مَنْ لَهُ السَّماواتُ الْعُلى (57) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا عَفُوُّ يا غَفُورُ، يا صَبُورُ يا شَكُورُ، يا رَؤُوفُ يا عَطُوفُ، يا مَسْؤُولُ يا وَدُودُ، يا سُبُّوحُ يا قُدُّوسُ (58) يا مَنْ فِي السَّماءِ عَظَمَتُهُ، يا مَنْ فِي الْأَرْضِ آياتُهُ، يا مَنْ في كُلِّ شَيْ ءٍ دَلائِلُهُ، يا مَنْ فِي الْبِحارِ عَجائِبُهُ، يا مَنْ فِي الْجِبالِ خَزائِنُهُ، يا مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ، يا مَنْ إِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، يا مَنْ أَظْهَرَ في كُلِّ شَيْ ءٍ لُطْفَهُ، يا مَنْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلْقَهُ، يا مَنْ تَصَرَّفَ فِي الْخَلائِقِ قُدْرَتُهُ (59) يا حَبيبَ مَنْ لا حَبيبَ لَهُ، يا طَبيبَ مَنْ لا طَبيبَ لَهُ، يا مُجيبَ مَنْ لا

ص: 227

مُجيبَ لَهُ، يا شَفيقَ مَنْ لا شَفيقَ لَهُ، يا رَفيقَ مَنْ لا رَفيقَ لَهُ، يا مُغيثَ مَن لا مُغيثَ لَهُ، يا دَليلَ مَنْ لا دَليلَ لَهُ، يا أَنيسَ مَنْ لا أَنيسَ لَهُ، يا راحِمَ مَنْ لا راحِمَ لَهُ، يا صاحِبَ مَنْ لا صاحِبَ لَهُ (60) يا كافِيَ مَنِ اسْتَكْفاهُ، يا هادِيَ مَنِ اسْتَهْداهُ، يا كالِئَ مَنِ اسْتَكْلاهُ، يا راعِيَ مَنِ اسْتَرْعاهُ، يا شافِيَ مَنِ اسْتَشْفاهُ، يا قاضِيَ مَنِ اسْتَقْضاهُ، يا مُغْنِيَ مَنِ اسْتَغْناهُ، يا مُوفِيَ مَنِ اسْتَوْفاهُ، يا مُقَوِّيَ مَنِ اسْتَقْواهُ، يا وَلِيَّ مَنِ اسْتَوْلاهُ (61) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا خالِقُ يا رازِقُ، يا ناطِقُ يا صادِقُ، يا فالِقُ يا فارِقُ، يا فاتِقُ يا راتِقُ، يا سابِقُ يا سامِقُ (62) يا مَنْ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، يا مَنْ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَالْأَنْوارَ، يا مَنْ خَلَقَ الظِّلَّ وَالْحَرُورَ، يا مَنْ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، يا مَنْ قَدَّرَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، يا مَنْ خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ، يا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، يا مَنْ لَمْ

ص: 228

يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، يا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ (63) يا مَنْ يَعْلَمُ مُرادَ الْمُريدينَ، يا مَنْ يَعْلَمُ ضَميرَ الصَّامِتينَ، يا مَنْ يَسْمَعُ أَنينَ الْواهِنينَ، يا مَنْ يَرى بُكاءَ الْخائِفينَ، يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلينَ، يا مَنْ يَقْبَلُ عُذْرَ التَّائِبينَ، يا مَنْ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدينَ، يا مَنْ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمٌحْسِنينَ، يا مَنْ لا يَبْعُدُ عَنْ قُلُوبِ الْعارِفينَ، يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدينَ (64) يا دائِمَ الْبَقاءِ، يا سامِعَ الدُّعاءِ، يا واسِعَ الْعَطاءِ، يا غافِرَ الْخَطاءِ، يا بَديعَ السَّماءِ، يا حَسَنَ الْبَلاءِ، يا جَميلَ الثَّناءِ، يا قَديمَ السَّناءِ، يا كَثيرَ الْوَفاءِ، يا شَريفَ الْجَزاءِ (65) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا سَتَّارُ يا غَفَّارُ، يا قَهَّارُ يا جَبَّارُ، يا صَبَّارُ يا بارُّ، يا مُخْتارُ يا فَتَّاحُ، يا نَفَّاحُ يا مُرْتاحُ (66) يا مَنْ خَلَقَني وَسَوَّاني، يا مَنْ رَزَقَني وَرَبَّاني، يا مَنْ أَطْعَمَني

ص: 229

وَسَقاني، يا مَنْ قَرَّبَني وَ أَدْناني، يا مَنْ عَصَمَني وَكَفاني، يا مَنْ حَفِظَني وَكَلاني، يا مَنْ أَعَزَّني وَأَغْناني، يا مَنْ وَفَّقَني وَهَداني، يا مَنْ آنَسَني وَآوَاني، يا مَنْ أَماتَني وَأَحْياني (67) يا مَنْ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ، يا مَنْ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، يا مَنْ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلّا بِإِذْنِهِ، يا مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبيلِهِ، يا مَنْ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، يا مَنْ لا رادَّ لِقَضائِهِ، يا مَنِ انْقادَ كُلُّ شَيْ ءٍ لِأَمْرِهِ، يا مَنِ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمينِهِ، يا مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ (68) يا مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ مِهاداً، يا مَنْ جَعَلَ الْجِبالَ أَوْتاداً، يا مَنْ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً، يا مَنْ جَعَلَ الْقَمَرَ نُوراً، يا مَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ لِباساً، يا مَنْ جَعَلَ النَّهارَ مَعاشاً، يا مَنْ جَعَلَ النَّوْمَ سُباتاً، يا مَنْ جَعَلَ السَّماءَ بِناءً، يا مَنْ جَعَلَ الْأَشْياءَ أَزْواجاً، يا مَنْ جَعَلَ

ص: 230

النَّارَ مِرْصاداً (69) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا سَميعُ يا شَفيعُ، يا رَفيعُ يا مَنيعُ، يا سَريعُ يا بَديعُ، يا كَبيرُ يا قَديرُ، يا خَبيرُ يا مُجيرُ (70) يا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، يا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يا حَيُّ الَّذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ حَيٌّ، يا حَيُّ الَّذي لا يُشارِكُهُ حَيٌّ، يا حَيُّ الَّذي لا يَحْتاجُ إِلى حَيٍّ، يا حَيُّ الَّذي يُميتُ كُلَّ حَيٍّ، يا حَيُّ الَّذي يَرْزُقُ كُلَّ حَيٍّ، يا حَيّاً لَمْ يَرِثِ الْحَياةَ مِنْ حَيٍّ، يا حَيُّ الَّذي يُحْيِي الْمَوْتى، يا حَيُّ يا قَيُّومُ لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ (71) يا مَنْ لَهُ ذِكْرٌ لا يُنْسى، يا مَنْ لَهُ نُورٌ لا يُطْفى، يا مَنْ لَهُ نِعَمٌ لا تُعَدُّ، يا مَنْ لَهُ مُلْكٌ لا يَزُولُ، يا مَنْ لَهُ ثَناءٌ لا يُحْصى، يا مَنْ لَهُ جَلالٌ لا يُكَيَّفُ، يا مَنْ لَهُ كَمالٌ لا يُدْرَكُ، يا مَنْ لَهُ قَضاءٌ لا يُرَدُّ، يا مَنْ لَهُ صِفاتٌ لا تُبَدَّلُ، يا مَنْ لَهُ نُعُوتٌ لا تُغَيَّرُ (72) يا رَبَّ الْعالَمينَ، يا مالِكَ يَوْمِ الدّينِ، يا غايَةَ الطَّالِبينَ، يا ظَهْرَ اللَّاجينَ، يا مُدْرِكَ

ص: 231

الْهارِبينَ، يا مَنْ يُحِبُّ الصَّابِرينَ، يا مَنْ يُحِبُّ التَّوَّابينَ، يا مَنْ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ، يا مَنْ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ، يا مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدينَ (73) اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا شَفيقُ يا رَفيقُ، يا حَفيظُ يا مُحيطُ، يا مُقيتُ يا مُغيثُ، يا مُعِزُّ يا مُذِلُّ، يا مُبْدِئُ يا مُعيدُ (74) يا مَنْ هُوَ أَحَدٌ بِلا ضِدٍّ، يا مَنْ هُوَ فَرْدٌ بِلا نِدٍّ، يا مَنْ هُوَ صَمَدٌ بِلا عَيْبٍ، يا مَنْ هُوَ وِتْرٌ بِلا كَيْفٍ، يا مَنْ هُوَ قاضٍ بِلا حَيْفٍ، يا مَنْ هُوَ رَبٌّ بِلا وَزيرٍ، يا مَنْ هُوَ عَزيزٌ بِلا ذُلٍّ، يا مَنْ هُوَ غَنِيٌّ بِلا فَقْرٍ، يا مَنْ هُوَ مَلِكٌ بِلا عَزْلٍ، يا مَنْ هُوَ مَوْصُوفٌ بِلا شَبيهٍ (75) يا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ لِلذَّاكِرينَ، يا مَنْ شُكْرُهُ فَوْزٌ لِلشَّاكِرينَ، يا مَنْ حَمْدُهُ عِزٌّ لِلْحامِدينَ، يا مَنْ طاعَتُهُ نَجاةٌ لِلْمُطيعينَ، يا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِلطَّالِبينَ، يا مَنْ سَبيلُهُ واضِحٌ لِلْمُنيبينَ، يا مَنْ آياتُهُ بُرْهانٌ لِلنَّاظِرينَ، يا مَنْ كِتابُهُ تَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقينَ، يا مَنْ رِزْقُهُ

ص: 232

عُمُومٌ لِلطَّائِعينَ وَالْعاصينَ، يا مَنْ رَحْمَتُهُ قَريبٌ مِنَ الْمُحْسِنينَ (76) يا مَنْ تَبارَكَ اسْمُهُ، يا مَنْ تَعالى جَدُّهُ، يا مَنْ لا إِلهَ غَيْرُهُ، يا مَنْ جَلَّ ثَناؤُهُ، يا مَنْ تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُهُ، يا مَنْ يَدُومُ بَقاؤُهُ، يا مَنِ الْعَظَمَةُ بَهاؤُهُ، يا مَنِ الْكِبْرِياءُ رِداؤُهُ، يا مَنْ لا تُحْصى آلاؤُهُ، يا مَنْ لا تُعَدُّ نَعْماؤُهُ (77) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا مُعينُ يا أَمينُ، يا مُبينُ يا مَتينُ، يا مَكينُ يا رَشيدُ، يا حَميدُ يا مَجيدُ، يا شَديدُ يا شَهيدُ (78) يا ذَا الْعَرْشِ الْمَجيدِ، يا ذَا الْقَوْلِ السَّديدِ، يا ذَا الْفِعْلِ الرَّشيدِ، يا ذَا الْبَطْشِ الشَّديدِ، يا ذَا الْوَعْدِ وَالْوَعيدِ، يا مَنْ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَميدُ، يا مَنْ هُوَ فَعَّالٌ لِما يُريدُ، يا مَنْ هُوَ قَريبٌ غَيْرُ بَعيدٍ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهيدٌ، يا مَنْ هُوَ لَيْسَ بِظَلّامٍ لِلْعَبيدِ (79) يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ، يا مَنْ لا شَبيهَ لَهُ وَلا نَظيرَ، يا خالِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ الْمُنيرِ، يا

ص: 233

مُغْنِيَ الْبائِسِ الْفَقيرِ، يا رازِقَ الْطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا راحِمَ الشَّيْخِ الْكَبيرِ، يا جابِرَ الْعَظْمِ الْكَسيرِ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ هُوَ بِعِبادِهِ خَبيرٌ بَصيرٌ، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ (80) يا ذَا الْجُودِ وَالنِّعَمِ، يا ذَا الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ، يا خالِقَ اللَّوْحِ وَالْقَلَمِ، يا بارِئَ الذَّرِّ وَالنَّسَمِ، يا ذَا الْبَأْسِ وَالنِّقَمِ، يا مُلْهِمَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْأَلَمِ، يا عالِمَ السِّرِّ وَالْهِمَمِ، يا رَبَّ الْبَيْتِ وَالْحَرَمِ، يا مَنْ خَلَقَ الْأَشياءَ مِنَ الْعَدَمِ (81) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا فاعِلُ يا جاعِلُ، يا قابِلُ يا كامِلُ، يا فاصِلُ يا واصِلُ، يا عادِلُ يا غالِبُ، يا طالِبُ يا واهِبُ (82) يا مَنْ أَنْعَمَ بِطَوْلِهِ، يا مَنْ أَكْرَمَ بِجُودِهِ، يا مَنْ جادَ بِلُطْفِهِ، يا مَنْ تَعَزَّزَ بِقُدْرَتِهِ، يا مَنْ قَدَّرَ بِحِكْمَتِهِ، يا مَنْ حَكَمَ بِتَدْبيرِهِ، يا مَنْ دَبَّرَ بِعِلْمِهِ، يا مَنْ تَجاوَزَ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ دَنا في عُلُوِّهِ، يا مَنْ عَلا في دُنُوِّهِ (83) يا

ص: 234

مَنْ يَخْلُقُ ما يَشاءُ، يا مَنْ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، يا مَنْ يَهْدي مَنْ يَشاءُ، يا مَنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ، يا مَنْ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ، يا مَنْ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ، يا مَنْ يُعِزُّ مَنْ يَشاءِ، يا مَنْ يُذِلُّ مَنْ يَشاءُ، يا مَنْ يُصَوِّرُ فِي الْأَرْحامِ ما يَشاءُ، يا مَنْ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ (84) يا مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، يا مَنْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً، يا مَنْ لا يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَداً، يا مَنْ جَعَلَ الْمَلائِكَةَ رُسُلًا (1) 76، يا مَنْ جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً، يا مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً، يا مَنْ خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً، يا مَنْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ أَمَداً، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً، يا مَنْ أَحْصى كُلَّ شَيْ ءٍ عَدَداً (85) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا أَوَّلُ يا آخِرُ، يا ظاهِرُ يا باطِنُ، يا بَرُّ يا حَقُّ، يا فَرْدُ يا وِتْرُ، يا صَمَدُ يا


1- - يا مَنْ جَعَلَ مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا- خ-.

ص: 235

سَرْمَدُ (86) يا خَيْرَ مَعْرُوفٍ عُرِفَ، يا أَفْضَلَ مَعْبُودٍ عُبِدَ، يا أَجَلَّ مَشْكُورٍ شُكِرَ، يا أَعَزَّ مَذْكُورٍ ذُكِرَ، يا أَعْلى مَحْمُودٍ حُمِدَ، يا أَقْدَمَ مَوْجُودٍ طُلِبَ، يا أَرْفَعَ مَوْصُوفٍ وُصِفَ، يا أَكْبَرَ مَقْصُودٍ قُصِدَ، يا أَكْرَمَ مَسْؤُولٍ سُئِلَ، يا أَشْرَفَ مَحْبُوبٍ عُلِمَ (87) يا حَبيبَ الْباكينَ، يا سَيِّدَ الْمُتَوَكِّلينَ، يا هادِيَ الْمُضِلّينَ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، يا أَنيسَ الذَّاكِرينَ، يا مَفْزَعَ الْمَلْهُوفينَ، يا مُنْجِيَ الصَّادِقينَ، يا أَقْدَرَ الْقادِرينَ، يا أَعْلَمَ الْعالِمينَ، يا إِلهَ الْخَلْقِ أَجْمَعينَ (88) يا مَنْ عَلا فَقَهَرَ، يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، يا مَنْ بَطَنَ فَخَبَرَ، يا مَنْ عُبِدَ فَشَكَرَ، يا مَنْ عُصِيَ فَغَفَرَ، يا مَنْ لا تَحْويهِ الْفِكَرُ، يا مَنْ لا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ أَثَرٌ، يا رازِقَ الْبَشَرِ، يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ (89) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا حافِظُ يا بارِئُ، يا ذارِئُ يا باذِخُ، يا فارِجُ يا فاتِحُ، يا كاشِفُ يا ضامِنُ، يا آمِرُ يا

ص: 236

ناهي (90) يا مَنْ لا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَخْلُقُ الْخَلْقَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يُتِمُّ النِّعْمَةَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يُقَلِّبُ الْقُلُوبَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يُدَبِّرُ الْامْرَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَبْسُطُ الرِّزْقَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يُحْيِي الْمَوْتى إِلّا هُوَ (91) يا مُعينَ الْضُعَفاءِ، يا صاحِبَ الْغُرَباءِ، يا ناصِرَ الْأَوْلِياءِ، يا قاهِرَ الْأَعْداءِ، يا رافِعَ السَّماءِ، يا أَنيسَ الْأَصْفِياءِ، يا حَبيبَ الْأَتْقِياءِ، يا كَنْزَ الْفُقَراءِ، يا إِلهَ الْأَغْنِياءِ، يا أَكْرَمَ الْكُرَماءِ (92) يا كافِياً مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ، يا قائِماً عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ لا يُشْبِهُهُ شَيْ ءٌ، يا مَنْ لا يَزيدُ في مُلْكِهِ شَيْ ءٌ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ ءٌ، يا مَنْ لا يَنْقُصُ مِنْ خَزائِنِهِ شَيْ ءٌ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، يا مَنْ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَي ءٌ، يا مَنْ هُوَ خَبيرٌ بِكُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْ ءٍ

ص: 237

(93) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ يا مُكْرِمُ يا مُطْعِمُ، يا مُنْعِمُ يا مُعْطي، يا مُغْني يا مُقْني يا مُفْني يا مُحْيي يا مُرْضي يا مُنْجي (94) يا أَوَّلَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَآخِرَهُ، يا إِلهَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَمَليكَهُ، يا رَبَّ كُلِّ شَيْ ءٍ وَصانِعَهُ، يا بارِئَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَخالِقَهُ، يا قابِضَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَباسِطَهُ، يا مُبْدِئَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَمُعيدَهُ، يا مُنْشِئَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَمُقَدِّرَهُ، يا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَمُحَوِّلَهُ، يا مُحْيِيَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَمُميتَهُ، يا خالِقَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَوارِثَهُ (95) يا خَيْرَ ذاكِرٍ وَمَذْكُورٍ، يا خَيْرَ شاكِرٍ وَمَشْكُورٍ، يا خَيْرَ حامِدٍ وَمَحْمُودٍ، يا خَيْرَ شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ، يا خَيْرَ داعٍ وَمَدْعُوٍّ، يا خَيْرَ مُجيبٍ وَمُجابٍ، يا خَيْرَ مُونِسٍ وَأَنيسٍ، يا خَيْرَ صاحِبٍ وَجَليسٍ، يا خَيْرَ مَقْصُودٍ وَمَطْلُوبٍ، يا خَيْرَ حَبيبٍ وَمَحْبُوبٍ (96) يا مَنْ هُوَ لِمَنْ دَعاهُ مُجيبٌ، يا مَنْ هُوَ لِمَنْ أَطاعَهُ حَبيبٌ، يا مَنْ هُوَ إِلى مَنْ أَحَبَّهُ قَريبٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنِ اسْتَحْفَظَهُ

ص: 238

رَقيبٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ رَجاهُ كَريمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ عَصاهُ حَليمٌ، يا مَنْ هُوَ في عَظَمَتِهِ رَحيمٌ، يا مَنْ هُوَ في حِكْمَتِهِ عَظيمٌ، يا مَنْ هُوَ في إِحْسانِهِ قَديمٌ، يا مَنْ هُوَ بِمَنْ أَرادَهُ عَليمٌ (97) اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ يا مُسَبِّبُ يا مُرَغِّبُ، يا مُقَلِّبُ يا مُعَقِّبُ، يا مُرَتِّبُ يا مُخَوِّفُ، يا مُحَذِّرُ يا مُذَكِّرُ، يا مُسَخِّرُ يا مُغَيِّرُ (98) يا مَنْ عِلْمُهُ سابِقٌ، يا مَنْ وَعْدُهُ صادِقٌ، يا مَنْ لُطْفُهُ ظاهِرٌ، يا مَنْ أَمْرُهُ غالِبٌ، يا مَنْ كِتابُهُ مُحْكَمٌ، يا مَنْ قَضاؤُهُ كائِنٌ، يا مَنْ قُرْآنُهُ مَجيدٌ، يا مَنْ مُلْكُهُ قَديمٌ، يا مَنْ فَضْلُهُ عَميمٌ، يا مَنْ عَرْشُهُ عَظيمٌ (99) يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ، يا مَنْ لا يَمْنَعُهُ فِعْلٌ عَنْ فِعْلٍ، يا مَنْ لا يُلْهيهِ قَوْلٌ عَنْ قَوْلٍ، يا مَنْ لا يُغَلِّطُهُ سُؤالٌ عَنْ سُؤالٍ، يا مَنْ لا يَحْجُبُهُ شَيْ ءٌ عَنْ شَيْ ءٍ، يا مَنْ لا يُبْرِمُهُ إِلْحاحُ الْمُلِحّينَ، يا مَنْ هُوَ غايَةُ مُرادِ الْمُريدينَ، يا مَنْ هُوَ مُنْتَهى هِمَمِ

ص: 239

الْعارِفينَ، يا مَنْ هُوَ مُنْتَهى طَلَبِ الطَّالِبينَ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ ذَرَّةٌ فِي الْعالَمينَ (100) يا حَليماً لا يَعْجَلُ، يا جَواداً لا يَبْخَلُ، يا صادِقاً لا يُخْلِفُ، يا وَهَّاباً لا يَمَلُّ، يا قاهِراً لا يُغْلَبُ، يا عَظيماً لا يُوصَفُ، يا عَدْلًا لا يَحيفُ، يا غَنِيّاً لا يَفْتَقِرُ، يا كَبيراً لا يَصْغُرُ، يا حافِظاً لا يَغْفُلُ، سُبْحانَكَ يا لا إِلهَ إلّاأَنْتَ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ، خَلِّصْنا مِنَ النَّارِ يا رَبِّ.

8- دعاء الأمن

قال الكفعمي في المصباح: قد أورد السّيد ابن طاووس هذا الدّعاء للأمن من السّلطان والبلاء وظهور الأعداء، ولخوف الفقر وضيق الصّدر، وهو من أدعية الصحيفة السّجاديّة، فادع به إِذا خفت أن يضرّك شي ء ممّا ذكر، وهُو هذا الدّعاء:

ص: 240

يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكارِهِ، وَيا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدائِدِ، وَيا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الْمَخْرَجُ إِلى رَوْحِ الْفَرَجِ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِكَ الصِّعابُ، وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الْأَسْبابُ، وَجَرى بِقُدْرَتِكَ الْقَضاءُ، وَمَضَتْ عَلى إِرادَتِكَ الْأَشْياءُ، فَهِيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ، وَبِإِرادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ، أَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ، وأَنْتَ الْمَفْزَعُ فِي المُلِمَّاتِ، لا يَنْدَفِعُ مِنْها إِلَّا ما دَفَعْتَ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْها إِلَّا ما كَشَفْتَ، وَقَدْ نَزَلَ بي يا رَبِّ ما قَدْ تَكَأَّدَني ثِقْلُهُ، وَأَلَمَّ بي ما قَدْ بَهَظَني حَمْلُهُ، وَبِقُدْرَتِكَ أَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ، وَبِسُلْطانِكَ وَجَّهْتَهُ إِلَيَّ، فَلا مُصْدِرَ لِما أَوْرَدْتَ، وَلا صارِفَ لِما وَجَّهْتَ، وَلا فاتِحَ لِما أَغْلَقْتَ، وَلا مُغْلِقَ لِما فَتَحْتَ، وَلا مُيَسِّرَ لِما عَسَّرْتَ، وَلا ناصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وَاْفْتَحْ لي يا رَبِّ بابَ الْفَرَجِ بِطَولِكَ، وَاكْسِرْ عَني سُلْطانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ،

ص: 241

وَأَنِلْني حُسْنَ النَّظَرِ فيما شَكَوْتُ، وَأَذِقْني حَلاوَةَ الصُّنْعِ فيما سَأَلْتُ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمةً وَفَرَجاً هَنيئاً، وَاجْعَلْ لي مِنْ عِنْدِكَ مَخْرَجاً وَحِيّاً، وَلا تَشْغَلْني بِالاهتِمامِ عَنْ تَعاهُدِ فُرُوضِكَ، وَاسْتِعْمالِ سُنَّتِكَ، فَقَدْ ضِقْتُ لِما نَزَلَ بي يا رَبِّ ذَرْعاً، وامْتَلَأْتُ بِحَمْلِ ما حَدَثَ عَلَيَّ هَمّاً، وأَنْتَ الْقادِرُ عَلى كَشْفِ ما مُنيتُ بِهِ، وَدَفْعِ ما وَقَعْتُ فيهِ، فَافْعَلْ بي ذلِكَ وَإِنْ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ، يا ذَا الْعَرْشِ الْعَظيمِ، وَذَا الْمَنِّ الْكَريمِ، فَأَنْتَ قادِرٌ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.

9- دعاء الإمام المهدي عليه السلام

وقال الكفعمي في المصباح: هذا دعاء المهدي صلواتُ اللَّه عليهِ:

اللهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطَّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ

ص: 242

النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَأَكْرِمْنا بِالْهُدى وَالاسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْلَأْ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ أَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ أَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ أَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيْبَةِ، وَتَفَضَّلْ عَلى عُلَمائِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصيحَةِ، وَعَلَى الْمُتَعَلِّمينَ بِالْجُهْدِ وَالرَّغْبَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَمِعينَ بِالاتِّباعِ وَالْمَوْعِظَةِ، وَعَلى مَرْضَى الْمُسْلِمينَ بِالشِّفاءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلى مَوْتاهُمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلى مَشايِخِنا بِالْوَقارِ وَالسَّكينَةِ، وَعَلَى الشَّبابِ بِالْإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَى النِّساءِ بِالْحَياءِ وَالْعِفَّةِ، وَعَلَى الْأَغْنِياءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَى الْفُقَراءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَةِ، وَعَلَى الْغُزاةِ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَعَلَى الْأُسَراءِ بِالْخَلاصِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَى الْأُمَراءِ بِالْعَدْلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَى الرَّعِيَّةِ

ص: 243

بِالْإِنْصافِ وَحُسْنِ السّيرَةِ، وَبارِكْ لِلْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ، وَاقْضِ ما أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

10- دعاء الافتتاح

أن يدعو في كلّ ليلة من رمضان بهذا الدّعاء:

اللهُمَّ إِنّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ، وَأَعْظَمُ الْمُتَجَبِّرِينَ في مَوْضِعِ الْكِبْرياءِ وَالْعَظَمَةِ، اللهُمَّ أَذِنْتَ لي في دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ، فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي، وَأَجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي، وَأَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي، فَكَمْ يا إِلهي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها، وَهُمُومٍ قَدْ كَشَفْتَها، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها، وَرَحْمَةٍ

ص: 244

قَدْ نَشَرْتَها، وَحَلْقَةِ بَلاءٍ قَدْ فَكَكْتَها، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً، الْحَمْدُ للَّهِ بِجَميعِ مَحامِدِهِ كُلِّهَا، عَلى جَميعِ نِعَمِهِ كُلِّها، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ، وَلا مُنازِعَ لَهُ في أَمْرِهِ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ، وَلا شَبيهَ لَهُ في عَظَمَتِهِ، الْحَمْدُ للَّهِ الْفاشي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إِلّا جُوداً وَكَرَماً، إِنَّهُ هُوَ الْعَزيزُ الْوَهَّابُ، اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ قَليلًا مِنْ كَثيرٍ، مَعَ حاجَةٍ بي إِلَيْهِ عَظيمَةٍ، وَغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وَهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ، اللهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيئَتي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي، وَسَتْرَكَ عَنْ قَبيحِ عَمَلي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ

ص: 245

جُرْمي، عِنْدَما كانَ مِنْ خَطَئي وَعَمْدي، أَطْمَعَني في أَنْ أَسْأَلَكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَرَيْتَني مَنْ قُدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَني مِنْ إِجابَتِكَ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً، وَأَسْأَ لُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً وَلا وَجِلًا، مُدِلًّا عَلَيْكَ فيما قَصَدْتُ فيهِ إِلَيْكَ، فَإِنْ أَبْطَأَ عَني عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذي أَبْطَأَ عَني هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الْامُورِ، فَلَمْ أَرَ مَوْلًا كَريماً أَصْبَرَ عَلى عَبْدٍ لَئيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، إِنَّكَ تَدْعُوني فَأُوَلي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَىَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، وَالْإِحْسانِ إِلَيَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ، وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ، إِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ، الْحَمْدُ للَّهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِي الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الْإِصْباحِ، دَيَّانِ

ص: 246

الدّينِ، رَبِّ الْعَالَمينَ، الْحَمْدُ للَّهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلمِهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ عَلى طُولِ أَناتِهِ في غَضَبِهِ، وَهُوَ قادِرٌ عَلى ما يُريدُ، الْحَمْدُ للَّهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فالقِ الْإِصْباحِ، ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعامِ، الَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى، تَبارَكَ وَتَعالى، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، وَلا شَبيهٌ يُشاكِلُهُ، وَلا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الْأَعِزَّاءَ، وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي يُجيبُني حينَ أُناديهِ، وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَورَةٍ وَأَنَا أَعْصيهِ، وَيُعَظِّمُ الْنِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلا أُجازيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنيئَةٍ قَدْ أَعْطاني، وَعَظيمَةٍ مَخُوفَةٍ قَدْ كَفاني، وَبَهْجَةٍ مُونِقَةٍ قَدْ أَراني، فَأُثْني عَلَيْهِ حامِداً، وَأَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، وَلا يُغْلَقُ بابُهُ، وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ، وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ،

ص: 247

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي يُؤْمِنُ الْخائِفينَ، وَيُنَجِّي الصَّالِحينَ، وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، وَيَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ قاصِمِ الجّبَّارينَ، مُبيرِ الظَّالِمينَ، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ الظَّالِمينَ صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطَّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكّانُها، وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ، وَيَرْزُقُ وَلا يُرْزَقُ، وَيُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ، وَيُميتُ الْأَحْياءَ وَيُحْيِي الْمَوْتى، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمينِكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ

ص: 248

رِسالاتِكَ، أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ، وَأَزْكى وَأَنْمى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنى، وَأَكْثَرَ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى أَحَدٍ مِن عِبادِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِن خَلْقِكَ، اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَليٍّ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَليِّكَ، وَأَخي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبأِ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ، وَإِمامَيِ الْهُدى، الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَّنَةِ، وَصَلِّ عَلى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ، وَالْخَلَفِ الْهادِي الْمَهْدِيِّ، حُجَجِكَ عَلى

ص: 249

عِبادِكَ، وَأُمَنائِكَ في بِلادِكَ، صَلاةً كَثيرَةً دائِمَةً، اللهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ أَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ، اللهُمَّ اجْعَلْهُ الدَّاعِيَ إِلى كِتابِكَ، وَالْقائِمَ بِدينِكَ، اسْتَخْلِفْهُ فِي الْأَرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ، أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْناً، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً، اللهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، وَاْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً، اللهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دينَكَ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ، مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، اللهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ في دَوْلَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ إِلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها

ص: 250

كَرامَةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، اللهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِن الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ، اللهُمَّ الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا، وَأَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، وَأَغْنِ بِهِ عائِلَنا، وَاقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، وَاجْبُرْبِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا، وَأَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، وَأَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، وَأَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ آمالَنا، وَأَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، يا خَيْرَ الْمَسْؤُولينَ وَأَوْسَعَ الْمُعْطينَ، اشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، وَاهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ، وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا إِلهَ الْحَقِّ آمينَ، اللهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ

ص: 251

عَدَدِنا، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِنَّا عَلى ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تَجَلِّلُناها، وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

11- دعاء أبي حمزة الثمالي

وأبوحمزة هو ثابت بن دينار الأزدي الثمالي، كان ثقة جليلًا، روى عن السجّاد والباقر والصادق والكاظم عليهم السلام، وهو من زهّاد الكوفة ومشايخها المعروفين.

وهذا الدعاء رواه أبوحمزة الثمالي عن الإمام علي ابن الحسين زين العابدين عليه السلام، وأورده الشيخ الطوسي في المصباح، وابن طاووس في الإقبال، والكفعمي في

ص: 252

المصباح والبلد الأمين، والمجلسي في البحار وغيرهم.

ويستحبّ قراءة هذا الدعاء في أسحار شهر رمضان، ففي المصباح عن أبي حمزة الثّمالي رحمه الله قال: كان زين العابدين عليه السلام يصلّي عامّة اللّيل في شهر رمضان، فإِذا كان في السّحر دعا بهذا الدّعاء:

إِلهي لا تُؤَدِّبْني بِعُقُوبَتِكَ، وَلا تَمْكُرْ بي في حِيلَتِكَ، مِنْ أَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ يا رَبِّ وَلا يُوجَدُ إِلّا مِنْ عِنْدِكَ، وَمِنْ أَيْنَ لِيَ النَّجاةُ وَلا تُسْتَطاعُ إِلّا بِكَ، لَا الَّذي أَحْسَنَ اسْتَغْنى عَنْ عَوْنِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَلَا الَّذي أَساءَ وَاجْتَرَأَ عَلَيْكَ وَلَمْ يُرْضِكَ خَرَجَ عَنْ قُدْرَتِكَ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ حتّى ينقطع النّفس.

بِكَ عَرَفْتُكَ وَأَنْتَ دَلَلْتَني عَلَيْكَ، وَدَعَوْتَني إِلَيْكَ، وَلَوْلا أَنْتَ لَمْ أَدْرِ ما أَنْتَ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَدْعوُهُ فَيُجيبُني وَإِنْ

ص: 253

كُنْتَ بَطيئاً حينَ يَدْعُوني، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَسْأَلُهُ فَيُعْطيني وَإِنْ كُنْتُ بَخيلًا حينَ يَسْتَقْرِضُني، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أُناديهِ كُلَّما شِئْتُ لِحاجَتي، وَأَخْلُو بِهِ حَيْثُ شِئْتُ، لِسِرِّي بِغَيْرِ شَفيعٍ فَيَقْضي لي حاجَتي، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لا أَدْعُو غَيْرَهُ وَلَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لي دُعائي، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لا أَرْجُو غَيْرَهُ وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لَأَخْلَفَ رَجائي، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي وَكَلَني إِلَيْهِ فَأَكْرَمَني، وَلَمْ يَكِلْني إِلَى النَّاسِ فَيُهينُوني، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي تَحَبَّبَ إِلَيَّ وَهُوَ غَنِيٌّ عَني، وَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذي يَحْلُمُ عَني حَتّى كَأَني لا ذَنْبَ لي، فَرَبي أَحْمَدُ شَيْ ءٍ عِنْدي، وَأَحَقُّ بِحَمْدي، اللهُمَّ إِني أَجِدُ سُبُلَ الْمَطالِبِ إِلَيْكَ مُشْرَعَةً، وَمَناهِلَ الرَّجاءِ إِلَيْكَ مُتْرَعَةً، وَالاسْتِعانَةَ بِفَضْلِكَ لِمَنْ أَمَّلَكَ مُباحَةً، وَأَبْوابَ الدُّعاءِ إِلَيْكَ لِلصَّارِخينَ مَفْتُوحَةً، وَأَعْلَمُ أَنَّكَ لِلرَّاجي بِمَوْضِعِ

ص: 254

إِجابَةٍ، وَلِلْمَلْهُوفينَ بِمَرْصَدِ إِغاثَةٍ، وَأَنَّ فِي اللَّهْفِ إِلى جُودِكَ وَالرِّضا بِقَضائِكَ عِوَضاً مِنْ مَنْعِ الْباخِلينَ، وَمَنْدُوحَةً عَمَّا في أَيْدِي الْمُسْتَأثِرينَ، وَأَنَّ الرَّاحِلَ إِلَيْكَ قَريبُ الْمَسافَةِ، وَأَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلاّ أَنْ تَحْجُبَهُمُ الْأَعْمالُ دُونَكَ، وَقَدْ قَصَدْتُ إِلَيْكَ بِطَلِبَتي، وَتَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتي، وَجَعَلْتُ بِكَ اسْتِغاثَتي، وَبِدُعائِكَ تَوَسُّلي مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقاقٍ لِاسْتِماعِكَ مِني، وَلَا اسْتيجابٍ لِعَفْوِكَ عَني، بَلْ لِثِقَتي بِكَرَمِكَ، وَسُكُوني إِلى صِدْقِ وَعْدِكَ، وَلَجَأي إِلَى الْإيمانِ بِتَوْحيدِكَ، وَيَقيني بِمَعْرِفَتِكَ مِني أَنْ لا رَبَّ لي غَيْرُكَ، وَلا إِلهَ إلّا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْقائِلُ وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَوَعْدُكَ صِدْقٌ: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحيماً، وَلَيْسَ مِنْ صِفاتِكَ يا سَيّدي أَنْ تَأمُرَ بِالسُّؤالِ وَتَمْنَعَ الْعَطِيَّةَ، وَأَنْتَ الْمَنّانُ بِالْعَطِيَّاتِ

ص: 255

عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، وَالْعائِدُ عَلَيْهِمْ بِتَحَنُّنِ رَأفَتِكَ، إِلهي رَبَّيْتَني في نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ صَغيراً، وَنَوَّهْتَ بِاسْمي كَبيراً، فَيا مَنْ رَبَّاني فِي الدُّنْيا بِإِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَنِعَمِهِ، وَأَشارَ لي فِي الْآخِرَةِ إِلى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ، مَعْرِفَتي يا مَوْلايَ دَليلي عَلَيْكَ، وَحُبّي لَكَ شَفيعي إِلَيْكَ، وَأَنَا واثِقٌ مِنْ دَليلي بِدَلالَتِكَ، وَساكِنٌ مِنْ شَفيعي إِلى شَفاعَتِكَ، أَدْعُوكَ يا سَيِّدي بِلِسانٍ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ، رَبِّ أُناجيكَ بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ جُرْمُهُ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً، راجِياً خائِفاً، إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُ نُوبي فَزِعْتُ، وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمِعْتُ، فَإِنْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِمٍ، وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِمٍ، حُجَّتي يا اللَّهُ في جُرْأَتي عَلى مَسْأَلَتِكَ، مَعَ إِتْياني ما تَكْرَهُ جُودُكَ وَكَرَمُكَ، وَعُدَّتي في شِدَّتي مَعَ قِلَّةِ حَيائي رَأْفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ، وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تَخيبَ بَيْنَ ذَيْنِ وَذَيْنِ مُنْيَتي، فَحَقِّقْ

ص: 256

رَجائي، وَاسْمَعْ دُعائي، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ، وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ، عَظُمَ يا سَيِّدي أَمَلي، وَساءَ عَمَلي، فَأَعْطِني مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ أَمَلي، وَلا تُؤاخِذْني بِأَسْوَءِ عَمَلي، فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ الْمُذْنِبينَ، وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافاةِ الْمُقَصِّرينَ، وَأَنَا يا سَيِّدي عائِذٌ بِفَضْلِكَ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً، وَما أَنَا يا رَبِّ وَما خَطَري، هَبْني بِفَضْلِكَ، وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ، أَيْ رَبِّ جَلِّلْني بِسَتْرِكَ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبيخي بِكَرَمِ وَجْهِكَ، فَلَوِ اطَّلَعَ الْيَوْمَ عَلى ذَنْبي غَيْرُكَ ما فَعَلْتُهُ، وَلَوْ خِفْتُ تَعْجيلَ الْعُقُوبَةِ لَاجْتَنَبْتُهُ، لا لِأَنَّكَ أَهْوَنُ النَّاظِرينَ وَأَخَفُّ الْمُطَّلِعينَ (1) 77، بَلْ لِأَنَّكَ يا رَبِّ خَيْرُ السَّاتِرينَ، وَأَحْكَمُ


1- - اهْوَنُ النّاظِرينَ إِلَيَّ وَأَخَفُّ المُطَّلِعِينَ عَلَيَّ- خ-.

ص: 257

الْحاكِمينَ، وَأَكْرَمُ الْأَكْرَمينَ، سَتَّارُ الْعُيُوبِ، غَفَّارُ الذُّنُوبِ، عَلَّامُ الْغُيُوبِ، تَسْتُرُ الذَّنْبَ بِكَرَمِكَ، وَتُؤَخِّرُ الْعُقُوبَةَ بِحِلْمِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، وَعَلى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ، وَيَحْمِلُني وَيُجَرَّئُني عَلى مَعْصِيَتِكَ حِلْمُكَ عَني، وَيَدْعُوني إِلى قِلَّةِ الْحَياءِ سَتْرُكَ عَلَيَّ، وَيُسْرِعُني إِلَى التَّوَثُّبِ عَلى مَحارِمِكَ مَعْرِفَتي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ، وَعَظيمِ عَفْوِكَ، يا حَليمُ يا كَريمُ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، يا غافِرَ الذَّنْبِ، يا قابِلَ التَّوْبِ، يا عَظيمَ الْمَنِّ، يا قَديمَ الْإِحسانِ، أَيْنَ سَتْرُكَ الْجَميلُ؟ أَيْنَ عَفْوُكَ الْجَليلُ؟ أَيْنَ فَرَجُكَ الْقَريبُ؟ أَيْنَ غِياثُكَ السَّريعُ؟ أَيْنَ رَحْمَتُكَ الْواسِعَةُ؟ أَيْنَ عَطاياكَ الْفاضِلَةُ؟ أَيْنَ مَواهِبُكَ الْهَنيئَةُ؟ أَيْنَ صَنائِعُكَ السَّنِيَّةُ؟ أَيْنَ فَضْلُكَ الْعَظيمُ؟ أَيْنَ مَنُّكَ الْجَسيمُ؟ أَيْنَ إِحْسانُكَ الْقَديمُ؟ أَيْنَ كَرَمُكَ يا كَريمُ؟ بِهِ وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَاسْتَنْقِذْني، وَبِرَحْمَتِكَ

ص: 258

فَخَلِّصْني، يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ، يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ، لَسْتُ أَتَّكِلُ فِي النَّجاةِ مِنْ عِقابِكَ عَلى أَعْمالِنا، بَلْ بِفَضْلِكَ عَلَيْنا، لِأَنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، تُبْدِئُ بِالْإِحْسانِ نِعَماً، وَتَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ كَرَماً، فَما نَدْري ما نَشْكُرُ؟ أَجَميلَ ما تَنْشُرُ؟ أَمْ قَبيحَ ما تَسْتُرُ؟ أَمْ عَظيمَ ما أَبْلَيْتَ وَأَوْلَيْتَ؟ أَمْ كَثيرَ ما مِنْهُ نَجَّيْتَ وَعافَيْتَ؟ يا حَبيبَ مَنْ تَحَبَّبَ إِلَيْكَ، وَيا قُرَّةَ عَيْنِ مَنْ لاذَ بِكَ وَانْقَطَعَ إِلَيْكَ، أَنْتَ الْمُحْسِنُ وَنَحْنُ الْمُسِيئُونَ، فَتَجاوَزْ يا رَبِّ عَنْ قَبيحِ ما عِنْدَنا بِجَميلِ ما عِنْدَكَ، وَأَيُّ جَهْلٍ يا رَبِّ لا يَسَعُهُ جُودُكَ؟ أَوْ أَيُّ زَمانٍ أَطْوَلُ مِنْ أَناتِكَ؟ وَما قَدْرُ أَعْمالِنا في جَنْبِ نِعَمِكَ، وَكَيْفَ نَسْتَكْثِرُ أَعْمالًا نُقابِلُ بِها كَرَمَكَ؟ بَلْ كَيْفَ يَضيقُ عَلَى الْمُذْنِبينَ ما وَسِعَهُمْ مِنْ رَحْمَتِكَ؟ يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، فَوَ عِزَّتِكَ يا سَيِّدي، لَوْ نَهَرْتَني ما بَرِحْتُ مِنْ بابِكَ،

ص: 259

وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ، لِمَا انْتَهى إِلَيَّ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِجُودِكَ وَكَرَمِك، وَأَنْتَ الْفاعِلُ لِما تَشاءُ، تُعَذِّبُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ، وَتَرْحَمُ مَنْ تَشاءُ بِما تَشاءُ كَيْفَ تَشاءُ، لا تُسْأَلُ عَنْ فِعْلِكَ، وَلا تُنازَعُ في مُلْكِكَ، وَلا تُشارَكُ في أَمْرِكَ، وَلا تُضادُّ في حُكْمِكَ، وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْكَ أَحَدٌ في تَدْبيرِكَ، لَكَ الْخَلْقُ وَالْامْرُ، تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمينَ، يا رَبِّ هذا مَقامُ مَنْ لاذَ بِكَ، وَاسْتَجارَ بِكَرَمِكَ، وَأَلِفَ إِحْسانَكَ وَنِعَمَكَ وَأَنْتَ الْجَوادُ الَّذي لا يَضيقُ عَفْوُكَ، وَلا يَنْقُصُ فَضْلُكَ، وَلا تَقِلُّ رَحْمَتُكَ، وَقَدْ تَوَثَّقْنا مِنْكَ بِالصَّفْحِ الْقَديمِ، وَالْفَضْلِ الْعَظيمِ، وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ، أَفَتُراكَ يا رَبِّ تُخْلِفُ ظُنُونَنا، أَوْ تُخَيِّبُ آمالَنا، كَلَّا يا كَريمُ، فَلَيْسَ هذا ظَنُّنا بِكَ، وَلا هذا فيكَ طَمَعُنا، يا رَبِّ إِنَّ لَنا فيكَ أَمَلًا طَويلًا كَثيراً، إِنَّ لَنا فيكَ رَجاءً عَظيماً، عَصَيْناكَ

ص: 260

وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَسْتُرَ عَلَيْنا، وَدَعَوْناكَ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَسْتَجيبَ لَنا، فَحَقِّقْ رَجاءَنا مَوْلانا، فَقَدْ عَلِمْنا ما نَسْتَوْجِبُ بِأَعْمالِنا، وَلكِنْ عِلْمُكَ فينا وَعِلْمُنا بِأَنَّكَ لا تَصْرِفُنا عَنْكَ حَثَّنا عَلَى الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ، وَإِنْ كُنَّا غَيْرَ مُسْتَوْجِبينَ لِرَحْمَتِكَ، فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيْنا وَعَلَى الْمُذْنِبينَ بِفَضْلِ سَعَتِكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنا بِما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَجُدْ عَلَيْنا فَإِنَّا مُحْتاجُونَ إِلى نَيْلِكَ، يا غَفَّارُ بِنُورِكَ اهْتَدَيْنا، وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْنا، وَبِنِعْمَتِكَ أَصْبَحْنا وَأَمْسَيْنا، ذُنُوبَنا بَيْنَ يَدَيْكَ، نَسْتَغْفِرُكَ الَّلهُمَّ مِنْها وَنَتُوبُ إِلَيْكَ، تَتَحَبَّبُ إِلَيْنا بِالنِّعَمِ وَنُعارِضُكَ بِالذُّنُوبِ، خَيْرُكَ إِلَيْنا نازِلٌ، وَشَرُّنا إِلَيْكَ صاعِدٌ، وَلَمْ يَزَلْ وَلا يَزالُ مَلَكٌ كَريمٌ يَأْتيكَ عَنَّا بِعَمَلٍ قَبيحٍ، فَلا يَمْنَعُكَ ذلِكَ مِنْ أَنْ تَحُوطَنا بِنِعَمِكَ، وَتَتَفَضَّلَ عَلَيْنا بِآلائِكَ، فَسُبْحانَكَ ما أَحْلَمَكَ وَأَعْظَمَكَ وَأَكْرَمَكَ

ص: 261

مُبْدِئاً وَمُعيداً، تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ وَجَلَّ ثَناؤُكَ، وَكَرُمَ صَنائِعُكَ وَفِعالُكَ، أَنْتَ إِلهي أَوْسَعُ فَضْلًا، وَأَعْظَمُ حِلْماً مِنْ أَنْ تُقايِسَني بِفِعْلي وَخَطيئَتي، فَالْعَفْوَ الْعَفْوَ الْعَفْوَ، سَيِّدي سَيِّدي سَيِّدي، اللهُمَّ اشْغَلْنا بِذِكْرِكَ، وَأَعِذْنا مِنْ سَخَطِكَ، وَأَجِرْنا مِنْ عَذابِكَ، وَارْزُقْنا مِنْ مَواهِبِكَ، وَأَنْعِمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلِكَ، وَارْزُقْنا حَجَّ بَيْتِكَ، وَزِيارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَمَغْفِرَتُكَ وَرِضْوانُكَ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ إِنَّكَ قَريبٌ مُجيبٌ، وَارْزُقْنا عَمَلًا بِطاعَتِكَ، وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِكَ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اللهُمَّ اغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغيراً، اجْزِهِما بِالْإِحسانِ إِحْساناً وَبِالسَّيِّئاتِ غُفْراناً، اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، الْاحْياءِ مِنْهُمْ وَالْامْواتِ، وَتابِعْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ بِالْخَيْراتِ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنا وَمَيِّتِنا، وَشاهِدِنا

ص: 262

وَغائِبِنا، ذَكَرِنا وَأُنْثانا، صَغيرِنا وَكَبيرِنا، حُرِّنا وَمَمْلُوكِنا، كَذَبَ الْعادِلُونَ بِاللَّهِ وَضَلُّوا ضَلالًا بَعيداً، وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبيناً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاخْتِمْ لي بِخَيْرٍ، وَاكْفِني ما أَهَمَّني مِنْ أَمْرِ دُنْيايَ وَآخِرَتي، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لا يَرْحَمُني، وَاجْعَلْ عَلَيَّ مِنْكَ واقِيَةً باقِيَةً، وَلا تَسْلُبْني صالِحَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ رِزْقاً واسِعاً حَلالًا طَيِّباً، اللهُمَّ احْرُسْني بِحِراسَتِكَ، وَاحْفَظْني بِحِفْظِكَ، وَاكْلَأْني بِكِلائَتِكَ، وَارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامِنا هذا وَفي كُلِّ عامٍ، وَزِيارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ وَالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلا تُخْلِني يا رَبِّ مِنْ تِلْكَ الْمَشاهِدِ الشَّريفَةِ، وَالْمَواقِفِ الْكَريمَةِ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيَّ حَتّى لا أَعْصِيَكَ، وَأَلْهِمْنِيَ الْخَيْرَ وَالْعَمَلَ بِهِ، وَخَشْيَتَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ما أَبْقَيْتَني يا رَبَّ الْعالَمينَ، اللهُمَّ إِنّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ

ص: 263

تَهَيَّأْتُ وَتَعَبَّأْتُ وَقُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَناجَيْتُكَ، أَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً إِذا أَنَا صَلَّيْتُ، وَسَلَبْتَني مُناجاتِكَ إِذا أَنَا ناجَيْتُ، مالي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلُحَتْ سَريرَتي، وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوَّابينَ مَجْلِسي، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ أَزالَتْ قَدَمي، وَحالَتْ بَيْني وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ؟ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني، وَعَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَأَقْصَيْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَني في مَقامِ الْكاذِبينَ (1) 78 فَرَفَضْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني غَيْرَ شاكِرٍ لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَني مِنْ مَجالِسِ الْعُلَماءِ فَخَذَلْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني فِي الْغافِلينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني آلِفَ مَجالِسِ


1- - الكذّابِينَ- خ-.

ص: 264

الْبَطَّالينَ فَبَيْني وَبَيْنَهُمْ خَلَّيْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ أَنْ تَسْمَعَ دُعائي فَباعَدْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمي وَجَريرَتي كافَيْتَني، أَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنْكَ جازَيْتَني، فَإِنْ عَفَوْتَ يا رَبِّ فَطالَما عَفَوْتَ عَنِ الْمُذْنِبينَ قَبْلي، لِأَنَّ كَرَمَكَ أَيْ رَبِّ يَجِلُّ عَنْ مُكافاةِ الْمُقَصِّرينَ، وَأَنَا عائِذٌ بِفَضْلِكَ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً، إِلهي أَنْتَ أَوْسَعُ فَضْلًا، وَأَعْظَمُ حِلْماً مِنْ أَنْ تُقايِسَني بِعَمَلي، أَوْ أَنْ تَسْتَزِلَّني بِخَطيئَتي، وَما أَنَا يا سَيِّدي وَما خَطَري؟ هَبْني بِفَضْلِكَ سَيِّدي، وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ، وَجَلِّلْني بِسَتْرِكَ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبيخي بِكَرَمِ وَجْهِكَ، سَيِّدي أَنَا الصَّغيرُ الَّذي رَبَّيْتَهُ، وَأَنَا الْجاهِلُ الَّذي عَلَّمْتَهُ، وَأَنَا الضَّالُّ الَّذي هَدَيْتَهُ، وَأَنَا الْوَضيعُ الَّذي رَفَعْتَهُ، وَأَنَا الْخائِفُ الَّذي آمَنْتَهُ، وَالْجائِعُ الَّذي أَشْبَعْتَهُ، وَالْعَطْشانُ الَّذي أَرْوَيْتَهُ،

ص: 265

وَالْعارِي الَّذي كَسَوْتَهُ، وَالْفَقيرُ الَّذي أَغْنَيْتَهُ، وَالضَّعيفُ الَّذي قَوَّيْتَهُ، وَالذَّليلُ الَّذي أَعْزَزْتَهُ، وَالسَّقيمُ الَّذي شَفَيْتَهُ، وَالسَّائِلُ الَّذي أَعْطَيْتَهُ، وَالْمُذْنِبُ الَّذي سَتَرْتَهُ، وَالْخاطِئُ الَّذي أَقَلْتَهُ، وَأَنَا الْقَليلُ الَّذي كَثَّرْتَهُ، وَالْمُسْتَضْعَفُ الَّذي نَصَرْتَهُ، وَأَنَا الطَّريدُ الَّذي آوَيْتَهُ، أَنَا يا رَبِّ الَّذي لَمْ أَسْتَحْيِكَ فِي الْخَلاءِ، وَلَمْ أُراقِبْكَ فِي الْمَلاءِ، أَنَا صاحِبُ الدَّواهِي الْعُظْمى، أَنَا الَّذي عَلى سَيِّدِهِ اجْتَرى، أَنَا الَّذي عَصَيْتُ جَبَّارَ السَّماءِ، أَنَا الَّذي أَعْطَيْتُ عَلى مَعاصِي الْجَليلِ الرُّشا، أَنَا الَّذي حينَ بُشِّرْتُ بِها خَرَجْتُ إِلَيْها أَسْعى، أَنَا الَّذي أَمْهَلْتَني فَمَا ارْعَوَيْتُ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ فَمَا اسْتَحْيَيْتُ، وَعَمِلْتُ بِالْمَعاصي فَتَعَدَّيْتُ، وَأَسْقَطْتَني مِنْ عَيْنِكَ فَما بالَيْتُ، فَبِحِلْمِكَ أَمْهَلْتَني وَبِسِتْرِكَ سَتَرْتَني حَتَّى كَأَنَّكَ أَغْفَلْتَني، وَمِنْ عُقُوباتِ الْمَعاصي

ص: 266

جَنَّبْتَني حَتَّى كَأَنَّكَ اسْتَحْيَيْتَني، إِلهي لَمْ أَعْصِكَ حينَ عَصَيْتُكَ وَأَنَا بِرُبُوبِيَّتِكَ جاحِدٌ، وَلا بِأَمْرِكَ مُسْتَخِفٌّ، وَلا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌّ، وَلا لِوَعيدِكَ مُتَهاوِنٌ، لكِنْ خَطيئَةٌ عَرَضَتْ وَسَوَّلَتْ لي نَفْسي، وَغَلَبَني هَوايَ، وَأَعانَني عَلَيْها شِقْوَتي، وَغَرَّني سِتْرُكَ الْمُرْخى عَلَيَّ، فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَخالَفْتُكَ بِجُهْدي، فَالْآنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُني؟ وَمِنْ أَيْدِي الْخُصَماءِ غَداً مِنْ يُخَلِّصُني؟

وَبِحَبْلِ مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَني؟ فَواسَوْأَتا عَلى ما أَحْصى كِتابُكَ مِنْ عَمَلِيَ الَّذي لَوْلا ما أَرْجُو مِنْ كَرَمِكَ وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ وَنَهْيِكَ إِيَّايَ عَنِ الْقُنُوطِ لَقَنَطْتُ عِنْدَما أَتَذَكَّرُها، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ، وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ، اللهُمَّ بِذِمَّةِ الْإِسْلامِ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ، وَبِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَعْتَمِدُ إِلَيْكَ، وَبِحُبِّيَ النَّبِيَّ الْامِّيَّ الْقُرَشِيَّ الْهاشِمِيَّ الْعَرَبِيَّ التِّهامِيَّ الْمَكِّيَّ الْمَدَنِيَّ أَرْجُو الزُّلْفَةَ

ص: 267

لَدَيْكَ، فَلا تُوحِشِ اسْتيناسَ إيماني، وَلا تَجْعَلْ ثَوابي ثَوابَ مَنْ عَبَدَ سِواكَ، فَإِنَّ قَوْماً آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ لِيَحْقِنُوا بِهِ دِماءَهُمْ فَأَدْرَكُوا ما أَمَّلُوا، وَإنا آمَنا بِكَ بِأَلْسِنَتِنا وَقُلُوبِنا لِتَعْفُوَ عَنَّا، فَأَدْرِكْنا ما أَمَّلْنا، وَثَبِّتْ رَجاءَكَ في صُدُورِنا، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، فَوَعِزَّتِكَ لَوِ انْتَهَرْتَني ما بَرِحْتُ مِنْ بابِكَ، وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ لِما أُلْهِمَ قَلْبي مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِكَرَمِكَ وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ، إِلى مَنْ يَذْهَبُ الْعَبْدُ إلّا إِلى مَوْلاهُ، وَإِلى مَنْ يَلْتَجِئُ الْمَخْلُوقُ إِلّا إِلى خالِقِهِ، إِلهي لَوْ قَرَنْتَني بِالْأَصْفادِ، وَمَنَعْتَني سَيْبَكَ مِنْ بَيْنِ الْاشْهادِ، وَدَلَلْتَ عَلى فَضائِحي عُيُونَ الْعِبادِ، وَأَمَرْتَ بي إِلَى النَّارِ، وَحُلْتَ بَيْني وَبَيْنَ الْابْرارِ، ما قَطَعْتُ رَجائي مِنْكَ، وَما صَرَفْتُ تَأْميلي لِلْعَفْوِ عَنْكَ، وَلا خَرَجَ حُبُّكَ مِنْ قَلْبي، أَنَا لا أَنْسى أَيادِيَكَ

ص: 268

عِنْدي، وَسَتْرَكَ عَلَيَّ في دارِ الدُّنْيا، سَيِّدي أَخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قَلْبي، وَاجْمَعْ بَيْني وَبَيْنَ الْمُصْطَفى وَآلِهِ خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَخاتَمِ النَّبِيّينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَانْقُلْني إِلى دَرَجَةِ التَّوْبَةِ إِلَيْكَ، وَأَعِني بِالْبُكاءِ عَلى نَفْسي، فَقَدْ أَفْنَيْتُ بِالتَّسْويفِ وَالْآمالِ عُمْري، وَقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الْآيِسينَ مِنْ خَيْري، فَمَنْ يَكُونُ أَسْوَأَ حالًا مِني إِنْ أَنَا نُقِلْتُ عَلى مِثْلِ حالي إِلى قَبْري، لَمْ أُمَهِّدْهُ لِرَقْدَتي، وَلَمْ أَفْرُشْهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لِضَجْعَتي؟ وَمالي لا أَبْكي وَلا أَدْري إِلى ما يَكُونُ مَصيري، وَأَرى نَفْسي تُخادِعُني، وَأَيَّامي تُخاتِلُني، وَقَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأسي أَجْنِحَةُ الْمَوْتِ؟ فَمالي لاأَبْكي؟ أَبْكي، لِخُرُوجِ نَفْسي، أَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري، أَبْكي لِضيقِ لَحَدي، أَبْكي لِسُؤالِ مُنْكَرٍ وَنَكيرٍ إِيَّايَ، أَبْكي لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلًا حامِلًا ثِقْلي عَلى ظَهْري، أَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني

ص: 269

وَأُخْرى عَنْ شِمالي، إِذِ الْخَلائِقُ في شَأْنٍ غَيْرِ شَأْني لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنيهِ* وُجوُهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ* ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ* وَوُجوُهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ* تَرْهَقُها قَتَرَةٌ وَذِلَّةٌ، سَيِّدي عَلَيْكَ مُعَوَّلي وَمُعْتَمَدي وَرَجائي وَتَوَكُّلي، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقي، تُصيبُ بِرَحْمَتِكَ مَنْ تَشاءُ وَتَهْدي بِكَرامَتِكَ مَنْ تُحِبُّ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما نَقَّيْتَ مِنَ الشِّرْكِ قَلْبي، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى بَسْطِ لِساني، أَفَبِلِساني هذَا الْكالِّ أَشْكُرُكَ؟ أَمْ بِغايَةِ جُهْدي في عَمَلي أُرْضيكَ؟ وَما قَدْرُ لِساني يا رَبِّ في جَنْبِ شُكْرِكَ؟ وَما قَدْرُ عَمَلي في جَنْبِ نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ؟ إِلهي إِنَّ جُودَكَ بَسَطَ أَمَلي، وَشُكْرَكَ قَبِلَ عَمَلي، سَيِّدي إِلَيْكَ رَغْبَتي، وَإِلَيْكَ رَهْبَتي، وَإِلَيْكَ تَأْميلي، وَقَدْ ساقَني إِلَيْكَ أَمَلي، وَعَلَيْكَ يا واحِدي عَكَفَتْ هِمَّتي، وَفيما عِنْدَكَ انْبَسَطَتْ رَغْبَتي، وَلَكَ

ص: 270

خالِصُ رَجائي وَخَوْفي، وَبِكَ أَنِسَتْ مَحَبَّتي، وَإِلَيْكَ أَلْقَيْتُ بِيَدي، وَبِحَبْلِ طاعَتِكَ مَدَدْتُ رَهْبَتي، يا مَوْلايَ بِذِكْرِكَ عاشَ قَلْبي، وَبِمُناجاتِكَ بَرَّدْتُ أَلَمَ الْخَوْفِ عَني، فَيا مَوْلايَ وَيا مُؤَمَّلي وَيا مُنْتَهى سُؤْلي فَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَ ذَنْبِيَ الْمانِعِ لي مِنْ لُزُومِ طاعَتِكَ، فَإِنَّما أَسْأَ لُكَ لِقَديمِ الرَّجاءِ فيكَ، وَعَظيمِ الطَّمَعِ مِنْكَ، الَّذي أَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ مِنَ الرَّأفَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَالْامْرُ لَكَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيالُكَ وَفي قَبْضَتِكَ، وَكُلُّ شَيْ ءٍ خاضِعٌ لَكَ تَبارَكْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ، إِلهِي ارْحَمْني إِذَا انْقَطَعَتْ حُجَّتي، وَكَلَّ عَنْ جَوابِكَ لِساني، وَطاشَ عِنْدَ سُؤالِكَ إِيَّايَ لُبي، فَيا عَظيمَ رَجائي لا تُخَيِّبْني إِذَا اشْتَدَّتْ فاقَتي، وَلا تَرُدَّني لِجَهْلي، وَلا تَمْنَعْني لِقِلَّةِ صَبْري، أَعْطِني لِفَقْري وَارْحَمْني لِضَعْفي، سَيِّدي عَلَيْكَ مُعْتَمَدي وَمُعَوَّلي وَرَجائي

ص: 271

وَتَوَكُّلي، وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقي، وَبِفَنائِكَ أَحُطُّ رَحْلي، وَبِجُودِكَ أَقْصِدُ طَلِبَتي، وَبِكَرَمِكَ أَيْ رَبِّ اسْتَفْتِحُ دُعائي، وَلَدَيْكَ أَرْجُو فاقَتي، وَبِغِناكَ أَجْبُرُ عَيْلَتي، وَتَحْتَ ظِلِّ عَفْوِكَ قِيامي، وَإِلى جُودِكَ وَكَرَمِكَ أَرْفَعُ بَصَري، وَإِلى مَعْرُوفِكَ أُديمُ نَظَري، فَلا تُحْرِقْني بِالنَّارِ وَأَنْتَ مَوْضِعُ أَمَلي، وَلا تُسْكِنِّيِ الْهاوِيَةَ فَإِنَّكَ قُرَّةُ عَيْني، يا سَيِّدي لا تُكَذِّبْ ظَني بِإِحْسانِكَ وَمَعْرُوفِكَ فَإِنَّكَ ثِقَتي، وَلا تَحْرِمْني ثَوابَكَ فَإِنَّكَ الْعارِفُ بِفَقْري، إِلهي إِنْ كانَ قَدْ دَنا أَجَلي وَلَمْ يُقَرِّبْني مِنْكَ عَمَلي فَقَدْ جَعَلْتُ الاعْتِرافَ إِلَيْكَ بِذَنْبي وَسائِلَ عِلَلي، إِلهي إِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِالْعَفْوِ، وَإِنْ عَذَّبْتَ فَمَنْ أَعْدَلُ مِنْكَ فِي الْحُكْمِ، ارْحَمْ في هذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي، وَعِنْدَ الْمَوْتِ كُرْبَتي، وَفِي الْقَبْرِ وَحْدَتي، وَفِي اللَّحْدِ وَحْشَتي، وَإِذا نُشِرْتُ لِلْحِسابِ بَيْنَ يَدَيْكَ ذُلَّ مَوْقِفي،

ص: 272

وَاغْفِرْ لي ما خَفِيَ عَلَى الْآدَمِيّينَ مِنْ عَمَلي، وَأَدِمْ لي ما بِهِ سَتَرْتَني، وَارْحَمْني صَريعاً عَلَى الْفِراشِ تُقَلِّبُني أَيْدي أَحِبَّتي، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ مَمْدُوداً عَلَى الْمُغْتَسَلِ يُقَلِّبُني صالِحُ جيرَتي، وَتَحَنَّنْ عَلَيَّ مَحْموُلًا قَدْ تَناوَلَ الْاقْرِباءُ أَطْرافَ جِنازَتي، وَجُدْ عَلَيَّ مَنْقُولًا قَدْ نَزَلْتُ بِكَ وَحيداً في حُفْرَتي، وَارْحَمْ في ذلِكَ الْبَيْتِ الْجَديدِ غُرْبَتي، حَتّى لا أَسْتَاْنِسَ بِغَيْرِكَ، يا سَيِّدي إِنْ وَكَلْتَني إِلى نَفْسي هَلَكْتُ، سَيِّدي فَبِمَنْ أَسْتَغيثُ إِنْ لَمْ تُقِلْني عَثَرْتي؟ فَإِلى مَنْ أَفْزَعُ إِنْ فَقَدْتُ عِنايَتَكَ في ضَجْعَتي؟

وَإِلى مَنْ أَلْتَجِئُ إِنْ لَمْ تُنَفِّسْ كُرْبَتي؟ سَيِّدي مَنْ لي؟

وَمَنْ يَرْحَمُني إِنْ لَمْ تَرْحَمْني؟ وَفَضْلَ مَنْ أُؤَمِّلُ إِنْ عَدِمْتُ فَضْلَكَ يَوْمَ فاقَتي؟ وَإِلى مَنِ الْفِرارُ مِنَ الذُّنُوبِ إِذَا انْقَضى أَجَلي؟ سَيِّدي لا تُعَذِّبْني وَأَنَا أَرْجُوكَ، إِلهي حَقِّقْ رَجائي، وَآمِنْ خَوْفي، فَإِنَّ كَثْرَةَ ذُ نُوبي لا

ص: 273

أَرْجُو فيها إِلّا عَفْوُكَ، سَيِّدي أَنَا أَسْأَ لُكَ ما لا أَسْتَحِقُّ وَأَنْتَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، فَاغْفِرْ لي وَأَ لْبِسْني مِنْ نَظَرِكَ ثَوْباً يُغَطي عَلَيَّ التَّبِعاتِ، وَتَغْفِرُها لي وَلا أُطالَبُ بِها، إِنَّكَ ذُو مَنٍّ قَديمٍ، وَصَفْحٍ عَظيمٍ، وَتَجاوُزٍ كَريمٍ، إِلهي أَنْتَ الَّذي تُفيضُ سَيْبَكَ عَلى مَنْ لا يَسْأَلُكَ وَعَلَى الْجاحِدينَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، فَكَيْفَ سَيِّدي بِمَنْ سَأَلَكَ وَأَيْقَنَ أَنَّ الْخَلْقَ لَكَ، وَالْأَمْرَ إِلَيْكَ؟ تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ، سَيِّدي عَبْدُكَ بِبابِكَ أَقامَتْهُ الْخَصاصَةُ بَيْنَ يَدَيْكَ يَقْرَعُ بابَ إِحْسانِكَ بِدُعائِهِ، فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ عَني، وَاقْبَلْ مِني ما أَقُولُ، فَقَدْ دَعَوْتُ بِهذَا الدُّعاءِ وَأَنا أَرْجُو أَنْ لا تَرُدَّني، مَعْرِفَةً مِني بِرَأفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ، إِلهي أَنْتَ الَّذي لا يُحْفيكَ سائِلٌ، وَلا يَنْقُصُكَ نائِلٌ، أَنْتَ كَما تَقُولُ وَفَوْقَ ما نَقُولُ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ صَبْراً جَميلًا، وَفَرَجاً قَريباً، وَقَولًا صادِقاً،

ص: 274

وَأَجْراً عَظيماً، أَسْأَ لُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ، أَسْأَ لُكَ اللَّهُمَّ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَأَجْوَدَ مَنْ أَعْطى، أَعْطِني سُؤْلي في نَفْسي وَأَهْلي وَوالِدَيَّ وَوُلْدي وَأَهْلِ حُزانَتي وَإِخْواني فيكَ، وَأَرْغِدْ عَيْشي، وَأَظْهِرْ مُرُوَّتي، وَأَصْلِحْ جَميعَ أَحْوالي، وَاجْعَلْني مِمَّنْ أَطَلْتَ عُمْرَهُ، وَحَسَّنْتَ عَمَلَهُ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ، وَرَضيتَ عَنْهُ وَأَحْيَيْتَهُ حَياةً طَيِّبَةً في أَدْوَمِ السُّرُورِ، وَأَسْبَغِ الْكَرامَةِ، وَأَتَمِّ الْعَيْشِ، إِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَلا يَفْعَلُ ما يَشاءُ غَيْرُكَ، اللهُمَّ خُصَّني مِنْكَ بِخاصَّةِ ذِكْرِكَ، وَلا تَجْعَلْ شَيْئاً مِمَّا أَتَقَرَّبُ بِهِ في آناءِ اللَّيْلِ وَأَطْرافِ النَّهارِ رِياءً وَلا سُمْعَةً وَلا أَشَراً وَلا بَطَراً، وَاجْعَلْني لَكَ مِنَ الْخاشِعينَ، اللهُمَّ أَعْطِنِي السَّعَةَ فِي الرِّزْقِ، وَالْامْنَ فِي الْوَطَنِ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الْاهْلِ

ص: 275

وَالْمالِ وَالْوَلَدِ، وَالْمُقامَ في نِعَمِكَ عِنْدي، وَالصِّحَّةَ فِي الْجِسْمِ، وَالْقُوَّةَ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةَ فِي الدِّينِ، وَاسْتَعْمِلْني بِطاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَبَداً مَا اسْتَعْمَرْتَني، وَاجْعَلْني مِنْ أَوْفَرِ عِبادِكَ عِنْدَكَ نَصيباً في كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ وَتُنْزِلُهُ في شَهْرِ رَمَضانَ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَما أَنْتَ مُنْزِلُهُ في كُلِّ سَنَةٍ مِنْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها، وَعافِيَةٍ تُلْبِسُها، وَبَلِيَّةٍ تَدْفَعُها، وَحَسَناتٍ تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئاتٍ تَتَجاوَزُ عَنْها، وَارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامِنا هذا وَفي كُلِّ عامٍ، وَارْزُقْني رِزْقاً واسِعاً مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ، وَاصْرِفْ عَني يا سَيِّدِي الْأَسْواءَ، وَاقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَالظُّلاماتِ، حَتّى لا أَتَأَذّى بِشَيْ ءٍ مِنْهُ، وَخُذْ عَني بِأَسْماعِ وَأَبْصارِ أَعْدائي وَحُسَّادي وَالْباغينَ عَلَيَّ، وَانْصُرْني عَلَيْهِمْ، وَأَقِرَّ عَيْني وَفَرِّحْ قَلْبي، وَاجْعَلْ لي مِنْ هَمي وَكَرْبي فَرَجاً

ص: 276

وَمَخْرَجاً، وَاجْعَلْ مَنْ أَرادَني بِسُوءٍ مِنْ جَميعِ خَلْقِكَ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَاكْفِني شَرَّ الشَّيْطانِ، وَشَرَّ السُّلْطانِ، وَسَيِّئاتِ عَمَلي، وَطَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ كُلِّها، وَأَجِرْني مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَزَوِّجْني مِنَ الْحُورِ الْعينِ بِفَضْلِكَ، وَأَلْحِقْني بِأَوْلِيائِكَ الصَّالِحينَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْأَبْرارِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ الْأَخْيارِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ وَعَلى أَجْسادِهِمْ وَأَرْواحِهِمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ. إِلهي وَسَيِّدي وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَئِنْ طالَبْتَني بِذُ نُوبي لَأُطالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ، وَلَئِنْ طالَبْتَني بِلُؤْمي لَأُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ، وَلَئِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ لَأُخْبِرَنَّ أَهْلَ النَّارِ بِحُبي لَكَ، إِلهي وَسَيِّدي إِنْ كُنْتَ لا تَغْفِرُ إلّا لِأَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ فَإِلى مَنْ يَفْزَعُ الْمُذْنِبُونَ؟ وَإِنْ كُنْتَ لا تُكْرِمُ إِلّا أَهْلَ الْوَفاءِ بِكَ فَبِمَنْ يَسْتَغيثُ الْمُسيئُونَ؟ إِلهي إِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ فَفي ذلِكَ سُرُورُ

ص: 277

عَدُوِّكَ، وَإِنْ أَدْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ فَفي ذلِكَ سُرُورُ نَبِيِّكَ، وَأَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ أَنَّ سُرُورَ نَبِيِّكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ سُرُورِ عَدُوِّكَ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ أَنْ تَمْلَأَ قَلْبي حُبّاً لَكَ، وَخَشْيَةً مِنْكَ، وَتَصْديقاً بِكِتابِكَ، وَإيماناً بِكَ، وَفَرَقاً مِنْكَ، وَشَوْقاً إِلَيْكَ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ حَبِّبْ إِلَيَّ لِقاءَكَ وَأَحْبِبْ لِقائي، وَاجْعَلْ لي في لِقائِكَ الرَّاحَةَ وَالْفَرَجَ وَالْكَرامَةَ، اللهُمَّ أَلْحِقْني بِصالِحِ مَنْ مَضى، وَاجْعَلْني مِنْ صالِحِ مَنْ بَقِيَ وَخُذْ بي سَبيلَ الصَّالِحينَ، وَأَعِني عَلى نَفْسي بِما تُعينُ بِهِ الصَّالِحينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ، وَاخْتِمْ عَمَلي بِأَحْسَنِهِ، وَاجْعَلْ ثَوابي مِنْهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ، وَأَعِني عَلى صالِحِ ما أَعْطَيْتَني، وَثَبِّتْني يا رَبِّ، وَلا تَرُدَّني في سُوءٍ اسْتَنْقَذْتَني مِنْهُ يا رَبَّ الْعالَمينَ، اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ إيماناً لا أَجَلَ لَهُ دُونَ لِقائِكَ، أَحْيِني ما أَحْيَيْتَني عَلَيْهِ، وَتَوَفَّني إِذا تَوَفَّيْتَني عَلَيْهِ، وَابْعَثْني إِذا

ص: 278

بَعَثْتَني عَلَيْهِ، وَأَبْرِئْ قَلْبي مِنَ الرِّياءِ وَالشَّكِّ وَالسُّمْعَةِ في دينِكَ، حَتّى يَكُونَ عَمَلي خالِصاً لَكَ، اللهُمَّ أَعْطِني بَصيرَةً في دينِكَ، وَفَهْماً في حُكْمِكَ، وَفِقْهاً في عِلْمِكَ، وَكِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَوَرَعاً يَحْجُزُني عَنْ مَعاصيكَ، وَبَيِّضْ وَجْهي بِنُورِكَ، وَاجْعَلْ رَغْبَتي فيما عِنْدَكَ، وَتَوَفَّني في سَبيلِكَ، وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اللهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْفَشَلِ، وَالْهَمِّ وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ وَالْغَفْلَةِ، وَالْقَسْوَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَالْفَقْرِ وَالْفاقَةِ وَكُلِّ بَلِيَّةٍ، وَالْفَواحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لا تَقْنَعُ، وَبَطْنٍ لا يَشْبَعُ، وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَدُعاءٍ لا يُسْمَعُ، وَعَمَلٍ لا يَنْفَعُ، وَأَعُوذُ بِكَ يا رَبِّ عَلى نَفْسي وَديني وَمالي وَعَلى جَميعِ ما رَزَقْتَني مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمَ، إِنَّكَ أَنْتَ السَّميعُ الْعَليمُ، اللهُمَّ إِنَّهُ لا يُجيرُني مِنْكَ أَحَدٌ،

ص: 279

وَلا أَجِدُ مِنْ دُونِكَ مُلْتَحَداً، فَلا تَجْعَلْ نَفْسي في شَيْ ءٍ مِنْ عَذابِكَ، وَلا تَرُدَّني بِهَلَكَةٍ وَلا تَرُدَّني بِعَذابٍ أَليمٍ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِني وَأَعْلِ ذِكْري، وَارْفَعْ دَرَجَتي، وَحُطَّ وِزْري، وَلا تَذْكُرْني بِخَطيئَتي، وَاجْعَلْ ثَوابَ مَجْلِسي وَثَوابَ مَنْطِقي وَثَوابَ دُعائي رِضاكَ وَالْجَنَّةَ، وَأَعْطِني يا رَبِّ جَميعَ ما سَأَلْتُكَ، وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ، إِني إِلَيْكَ راغِبٌ يا رَبَّ الْعالَمينَ، اللهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَ في كِتابِكَ أَنْ نَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنا، وَقَدْ ظَلَمْنا أَنْفُسَنا فَاعْفُ عَنَّا فَإِنَّكَ أَوْلى بِذلِكَ مِنَّا، وَأَمَرْتَنا أَنْ لا نَرُدَّ سائِلًا عَنْ أَبْوابِنا، وَقَدْ جِئْتُكَ سائِلًا فَلا تَرُدَّني إِلّا بِقَضاءِ حاجَتي، وَأَمَرْتَنا بِالْإِحْسانِ إِلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُنا وَنَحْنُ أَرِقَّاؤُكَ فَأَعْتِقْ رِقابَنا مِنَ النَّارِ، يا مَفْزَعي عِنْدَ كُرْبَتي، وَيا غَوْثي عِنْدَ شِدَّتي، إِلَيْكَ فَزِعْتُ وَبِكَ اسْتَغَثْتُ وَلُذْتُ، لا أَلُوذُ بِسِواكَ، وَلا أَطْلُبُ الْفَرَجَ إِلّا مِنْكَ، فَأَغِثْني وَفَرِّجْ عَني يا

ص: 280

مَنْ يَقْبَلُ اليَسِيرَ، (1) 79 وَيَعْفُو عَنِ الْكَثيرِ، اقْبَلْ مِنِّي الْيَسيرَ وَاعْفُ عَنِّي الْكَثيرَ، إِنَّكَ أَنْتَ الرَّحيمُ الْغَفُورُ، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ إيماناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبي، وَيَقيناً صادِقاً حَتّى أَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصيبَني إِلّا ما كَتَبْتَ لي وَرَضِّني مِنَ الْعَيْشِ بِما قَسَمْتَ لي، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

12- دُعاء يا عُدّتي...

قال الشّيخ: تدعو في السّحر من شهر رمضان بهذا الدّعاء أيضاً:

يا عُدَّتي في كُرْبَتي، وَيا صاحِبي في شِدَّتي، وَيا وَلِيي في نِعْمَتي، وَيا غايَتي في رَغْبَتي، أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتي، وَالْمُؤْمِنُ رَوْعَتي، وَالْمُقيلُ عَثْرَتي، فَاغْفِرْ لي


1- يا مَنْ يَفُكُّ الْاسيرَ- خ-.

ص: 281

خَطيئَتي، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ خُشُوعَ الْإيمانِ قَبْلَ خُشُوعِ الذُّلِّ فِي النّارِ، يا واحِدُ يا أَحَدُ يا صَمَدُ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفواً أَحَدٌ، يا مَنْ يُعْطي مَنْ سَأَلَهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً، وَيَبْتَدِئُ بِالْخَيْرِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ تَفَضُّلًا مِنْهُ وَكَرَماً، بِكَرَمِكَ الّدائِمِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَهَبْ لي رَحْمَةً واسِعَةً جامِعَةً أَبْلُغُ بِها خَيْرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، اللهُمَّ إِنّي أَسْتَغْفِرُكَ لِما تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ثُمَّ عُدْتُ فيهِ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ خَيْرٍ أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ فَخالَطَني فيهِ ما لَيْسَ لَكَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعْفُ عَنْ ظُلْمي وَجُرْمي بِحِلْمِكَ وَجُودِكَ يا كَريمُ، يا مَنْ لا يَخيبُ سائِلُهُ، وَلا يَنْفَدُ نائِلُهُ، يا مَنْ عَلا فَلا شَيْ ءَ فَوْقَهُ، وَدَنا فَلا شَيْ ءَ دُونَهُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْني، يا فالِقَ الْبَحْرِ لِمُوسى، اللَّيلَةَ اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، السَّاعَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللهُمَّ طَهِّرْ قَلْبي

ص: 282

مِنَ النِّفاقِ، وَعَمَلي مِنَ الرِّياءِ، وَلِساني مِنَ الْكَذِبِ، وَعَيْني مِنَ الْخِيانَةِ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، يا رَبِّ هذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ، هذا مَقامُ الْمُسْتَجيرِ بِكَ مِنَ النَّارِ، هذا مَقامُ الْمُسْتَغيثِ بِكَ مِنَ النَّارِ، هذا مَقامُ الْهارِبِ إِلَيْكَ مِنَ النَّارِ، هذا مَقامُ مَنْ يَبُوءُ لَكَ بِخَطيئَتِهِ، وَيَعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ وَيَتُوبُ إِلى رَبِّهِ، هذا مَقامُ الْبائِسِ الْفَقيرِ، هذا مَقامُ الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ، هذا مَقامُ الْمَحْزُونِ الْمَكْرُوبِ، هذا مَقامُ الْمَغْمُومِ الْمَهْمُومِ، هذا مَقامُ الْغَريبِ الْغَريقِ، هذا مَقامُ الْمُسْتَوْحِشِ الْفَرِقِ، هذا مَقامُ مَنْ لا يَجِدُ لِذَنْبِهِ غافِراً غَيْرَكَ، وَلا لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً إِلّا أَنْتَ، وَلا لِهَمِّهِ مُفَرِّجاً سِواكَ، يا اللَّهُ يا كَريمُ، لا تُحْرِقْ وَجْهي بِالنّارِ بَعْدَ سُجُودي لَكَ وَتَعْفيري بِغَيْرِ مَنٍّ مِني عَلَيْكَ، بَلْ لَكَ الْحَمْدُ وَالْمَنُّ وَالتَّفَضُّلُ عَليَّ، ارْحَمْ أَيْ رَبِّ أَيْ رَبِ

ص: 283

(حتّى ينقطع النفس) ضَعْفي، وَقِلَّةَ حيلَتي، وَرِقَّةَ جِلْدي، وَتَبَدُّدَ أَوْصالي، وَتَناثُرَ لَحْمي وَجِسْمي وَجَسَدي، وَوَحْدَتي وَوَحْشَتي في قَبْري، وَجَزَعي مِنْ صَغيرِ الْبَلاءِ، أَسْأَ لُكَ يا رَبِّ قُرَّةَ الْعَيْنِ، وَالاغْتِباطَ يَومَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ، بَيِّضْ وَجْهي يا رَبِّ يَوْمَ تَسْوَدُّ الْوُجُوهُ، آمِني مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، أَسْأَ لُكَ الْبُشْرى يَوْمَ تُقَلَّبُ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ، وَالْبُشْرى عِنْدَ فِراقِ الدُّنْيا، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَرْجُوهُ عَوْناً لي في حَياتي، وَأُعِدُّهُ ذُخْراً لِيَوْمِ فاقَتي، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَدْعُوهُ وَلا أَدْعُو غَيْرَهُ، وَلوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَخَيَّبَ دُعائي، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَرْجُوهُ وَلا أَرْجُو غَيْرَهُ، وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لَأَخْلَفَ رَجائي، الْحَمْدُ للَّهِ الْمُنْعِمِ الْمُحْسِنِ الْمُجْمِلِ الْمُفْضِلِ ذِي الْجَلالِ وَالأِكْرامِ، وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَصاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ، وَمُنْتَهى كُلِّ رَغْبَةٍ، وَقاضي كُلِّ حاجَةٍ،

ص: 284

اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْزُقْنِي الْيَقينَ وَحُسْنَ الظَّنِّ بِكَ، وَأَثْبِتْ رَجاءَكَ في قَلْبي، وَاقْطَعْ رَجائي عَمَّنْ سِواكَ، حَتّى لا أَرْجُو غَيْرَكَ، وَلا أَثِقَ إِلَّا بِكَ، يا لَطيفاً لِما تَشاءُ، الْطُفْ لي في جَميعِ أَحْوالي بِما تُحِبُّ وَتَرْضى، يا رَبِّ إِنّي ضَعيفٌ عَلَى النَّارِ فَلا تُعَذِّبْني بالنَّارِ، يا رَبِّ ارْحَمْ دُعائي وَتَضرُّعي وَخَوْفي، وَذُلي وَمْسكَنَتي وَتَعْويذي وَتَلْويِذي، يا رَبِّ إِنّي ضَعيفٌ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيا وَأَنْتَ واسِعٌ كَريمٌ، أَسْأَ لُكَ يا رَبِّ بِقُوَّتِكَ عَلى ذلِكَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ، وَغِناكَ عَنْهُ، وَحاجَتي إِلَيْهِ أَنْ تَرْزُقَني في عامي هذا وَشَهْري هذا وَيَوْمي هذا وَساعَتي هذِهِ رِزْقاً تُغْنيني بِهِ عَنْ تَكَلُّفُ ما في أَيْدِي النَّاسِ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ، أَيْ رَبِّ مِنْكَ أَطْلُبُ، وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ، وِايَّاكَ أَرْجُو وَأَنْتَ أَهْلٌ ذلِكَ، لا أَرْجُو غَيْرَكَ وَلا أَثِقُ إِلّا بِكَ، يا أَرْحَمَ

ص: 285

الرَّاحِمينَ، أَيْ رَبِّ ظَلَمْتُ نَفْسي فَاْغفِرْ لي وَارْحَمْني وَعافِني، يا سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ، وَيا جامِعَ كُلِّ فَوْتٍ، وَيا بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، يا مَنْ لا تَغْشاهُ الظُّلُماتُ، وَلا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ، وَلا يَشْغَلُهُ شَيْ ءٌ عَنْ شَيْ ءٍ، أَعْطِ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ أَفْضَلَ ما سَأَلَكَ وَأَفْضَلَ ما سُئِلْتَ لَهُ، وَأَفْضَلَ ما أَنْتَ مَسْؤُولٌ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَهَبْ لِيَ الْعافِيَةَ حَتّى تُهَنِّئَنِي الْمَعيشَةَ، وَاخْتِمْ لي بِخَيْرٍ حَتّى لا تَضُرَّنيِ الذُّنُوبُ، اللهُمَّ رَضِّني بِما قَسَمْتَ لي حَتّى لا أَسْأَلَ أَحَداً شَيْئاً، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْتَحْ لي خَزائِنَ رَحْمَتِكَ، وَارْحَمْني رَحْمَةً لا تُعَذِّبُني بَعْدَها أَبَداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ الْواسِعِ رِزْقاً حَلالًا طَيِّباً لا تُفْقِرُني إِلى أَحَدٍ بَعْدَهُ سِواكَ، تَزيدُني بِذلِكَ شُكْراً وَإِلَيْكَ فاقَةً وَفَقْراً، وَبِكَ عَمَّنْ سِواكَ غِناً وَتَعَفُّفاً، يا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ، يا مُنْعِمُ يا

ص: 286

مُفْضِلُ، يا مَليكُ يا مُقْتَدِرُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاكْفِنِي الْمُهِمَّ كُلَّهُ، وَاقْضِ لي بِالْحُسْنى، وَبارِكْ لي في جَميعِ أُمُوري، وَاقْضِ لي جَميعَ حَوائِجي، اللهُمَّ يَسِّرْ لي ما أَخافُ تَعْسيرَهُ، فَإِنَّ تَيْسيرَ ما أَخافُ تَعْسيرَهُ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ، وَسَهِّلْ لي ما أَخافُ حُزُونَتَهُ، وَنَفِّسْ عَني ما أَخافُ ضيقَهُ، وَكُفَّ عَني ما أَخافُ هَمَّهُ، وَاصْرِفْ عَني ما أَخافُ بَليَّتَهُ، يا أَرْحَمَ الراحِمينَ، اللهُمَّ امْلَأْ قَلْبي حُبّاً لَكَ، وخَشْيَةً مِنْكَ، وَتَصْديقاً لَكَ، وَإيماناً بِكَ، وفَرَقاً مِنْكَ، وَشَوْقاً إِلَيْكَ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ، اللهُمَّ إِنَّ لَكَ حُقُوقاً فَتَصَدَّقْ بِها عَلَيَّ، وَلِلنَّاسِ قِبَلي تَبِعاتٌ فَتَحَمَّلْها عَني، وَقَدْ أَوْجَبْتَ لِكُلِّ ضَيْفٍ قِرىً، وَأَنَا ضَيْفُكَ، فَاْجعَلْ قِرايَ اللَّيْلَةَ الْجَنَّةَ، يا وَهَّابَ الْجَنَّةِ، يا وَهَّابَ الْمَغْفِرَةِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِكَ.

ص: 287

13- تسبيحات أيّام شهر رمضان

وقال أيضاً: تسبّح كلّ يوم من شهر رمضان إلى آخره بهذه التّسبيحات وهي عشرة أجزاء، كلّ جزء يحتوي على عشر تسبيحات:

(1) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ السَّميعِ الَّذي لَيْسَ شَيْ ءٌ أَسْمَعَ مِنْهُ، يَسْمَعُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ما تَحْتَ سَبْعِ أَرَضينَ، وَيَسْمَعُ ما في ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَيَسْمَعُ الْأَنينَ وَالشَّكْوى، وَيَسْمَعُ السِّرَّ وَأَخْفى، وَيَسْمَعُ وَساوِسَ

ص: 288

الصُّدُورِ (1) 80، وَلا يُصِمُّ سَمْعَهُ صَوْتٌ (2) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الْبَصيرِ الَّذي لَيْسَ شَيْ ءٌ أَبْصَرَ مِنْهُ، يُبْصِرُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ما تَحْتَ سَبْعِ أَرَضينَ، وَيُبْصِرُ ما في ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْر، لا تُدْرِكُهُ الْأبْصارُ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ، ولا تُغْشى بَصَرَهُ الظُّلْمَةُ، وَلا يُسْتَتَرُ مِنْهِ بِسِتْرٍ، وَلا يُواري مِنْهُ جِدارٌ، وَلا يَغيبُ عَنْهُ بَرٌّ وَلا بَحْرٌ، وَلا يَكُنُّ مِنْهُ جَبَلٌ ما في


1- وَيَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ- خ-.

ص: 289

أَصْلِهِ، وَلا قَلْبٌ ما فيهِ، وَلا جَنْبٌ ما في قَلْبِهِ، وَلا يَسْتَتِرُ مِنْهُ صَغيرٌ وَلا كَبيرٌ، وَلا يَسْتَخْفي مِنْهُ صَغيرٌ لِصِغَرِهِ، وَلا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ ءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ، هُوَ الَّذي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ، لا إِلهَ إلّاهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ (3) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصيبُ بِها مَنْ يَشاءُ، وَيُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، وَيُنَزِّلُ الْماءَ مِنَ السَّماءِ بِكَلِمَتِهِ، وَيُنْبِتُ النَّباتَ بِقُدْرَتِهِ، وَيَسْقُطُ

ص: 290

الْوَرَقُ (1) 81 بِعِلْمِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ، وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ (4) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ، عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبيْرُ الْمُتَعالِ، سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ


1- وَيُسْقِطُ الوَرَقَ- خ-.

ص: 291

بِالنَّهارِ، لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنَ أَمْرِ اللَّهِ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي يُميتُ الْأَحْياءَ، وَيُحْيِي الْمَوْتى، وَيَعْلَمُ ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ، وَيُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما يَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمّىً (5) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ مالِكِ الْمُلْكِ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ

ص: 292

حِسابِ (6) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ، لا يَعْلَمُها إِلّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها، وَلا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ (7) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ،

ص: 293

سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي لا يُحْصي مِدْحَتَهُ الْقائِلُونَ، وَلا يَجْزي بِآلائِهِ الشَّاكِرُونَ الْعابِدُونَ، وَهُوَ كَما قالَ وَفَوْقَ ما نَقُولُ، وَاللَّهُ سُبْحانَهُ كَما أَثْنى عَلى نَفْسِهِ وَلا يُحيطونَ بِشَيْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلّا بِما شاءَوَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيمُ (8) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فيها، وَلا يَشْغَلُهُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمايَخْرُجُ مِنْها عَمَّا يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما

ص: 294

يَعْرُجُ فيها، وَلا يَشْغَلُهُ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فيها عَمَّا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها، وَلا يَشْغَلُهُ عِلْمُ شَيْ ءٍ عَنْ عِلْمِ شَيْ ءٍ، وَلا يَشْغَلُهُ خَلْقُ شَيْ ءٍ عَنْ خَلْقِ شَيْ ءٍ، وَلا حِفْظُ شَيْ ءٍ عَنْ حِفْظِ شَيْ ءٍ، وَلا يُساويهِ شَيْ ءٌ وَلا يَعْدِلُهُ شَيْ ءٌ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ (9) سُبْحانَ اللَّهِ بارِئِ النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولي أَجْنِحَةٍ، مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ، إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ

ص: 295

رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكُ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ (10) سُبْحانَ اللَّهِ بارِي النَّسَمِ، سُبْحانَ اللَّهِ الْمُصَوِّرِ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ الْأَزْواجِ كُلِّها، سُبْحانَ اللَّهِ جاعِلِ الظُّلُماتِ وَالنُّورِ، سُبْحانَ اللَّهِ فالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوى، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ كُلِّ شَيْ ءٍ، سُبْحانَ اللَّهِ خالِقِ ما يُرى وَما لا يُرى، سُبْحانَ اللَّهِ مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، سُبْحانَ اللَّهِ الَّذي يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرْضِ، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلّا هوَ رابِعُهُمْ، وَلا خَمْسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُمْ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَما كانُوا، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ، إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ.

ص: 296

14- دَعَواتِ أيَّام شهر رمضان

قد روي عن ابن عبّاس عن النّبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فضلًا كثيراً لصيام كلّ يوم من شهر رمضان، وذكر لكلّ يوم منه دعاءً يخصّه ذا فضل كثير وأجر جزيل، ونحن نقتصر على إيراد الدّعوات.

دعاء اليوم الأوّل: اللهُمَّ اجْعَلْ صِيامي فيهِ صِيامَ الصَّائِمينَ، وَقِيامي فيهِ قيامَ الْقائِمينَ، وَنَبِّهْني فيهِ عَنْ نَوْمَةِ الْغافِلينَ، وَهَبْ لي جُرْمي فيهِ يا إِلهَ الْعالَمينَ، وَاعْفُ عَني يا عافِياً عَنْ الْمُجْرِمينَ.

اليوم الثّاني: اللهُمَّ قَرِّبْني فيهِ إِلى مَرْضاتِكَ، وَجَنِّبْني فيهِ مِنْ سَخَطِكَ وَنَقِماتِكَ، وَوَفِّقْني فيهِ لِقِراءَةِ آياتِكَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

اليوم الثّالث: اللهُمَّ ارْزُقْني فيهِ الذِّهْنَ وَالتَّنْبيهَ،

ص: 297

وَباعِدْني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمْويهِ، وَاجْعَلْ لي نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُ فيهِ، بِجُودِكَ يا أَجْوَدَ الْاجْوَدينَ.

اليوم الرّابع: اللهُمَّ قَوِّني فيهِ عَلى إِقامَةِ أَمْرِكَ، وَأَذِقْني فيهِ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ، وَأَوْزِعْني فيهِ لِأَداءِ شُكْرِكَ بِكَرَمِكَ، وَاحْفَظْني فيهِ بِحِفْظِكَ وَسَتْرِكَ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرينَ.

اليوم الخامس: اللهُمَّ اجْعَلْني فيهِ مِنْ الْمُسْتَغْفِرينَ، وَاجْعَلْني فيهِ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحينَ اْلقانِتينَ، وَاجْعَلني فيهِ مِنْ أَوْلِيائِكَ الْمُقَرَّبينَ، بِرَأْفَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

اليوم السّادس: اللهُمَّ لا تَخْذُلْني فيهِ لِتَعَرُّضِ مَعْصِيَتِكَ، وَلاتَضْرِبْني بِسِياطِ نَقِمَتِكَ، وَزَحْزِحْني فيهِ مِنْ مُوجِباتِ سَخَطِكَ، بِمَنِّكَ وَأَياديكَ يا مُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبينَ.

اليوم السّابع: اللهُمَّ أَعِني فِيهِ عَلى صِيامِهِ وَقِيامِهِ، وَجَنِّبْني فيهِ مِنْ هَفَواتِهِ وَآثامِهِ، وَارْزُقْني فيهِ ذِكْرَكَ

ص: 298

بِدَوامِهِ، بِتَوْفيقِكَ يا هادِيَ الْمُضِلّينَ.

اليوم الثّامن: اللهُمَّ ارْزُقْني فيهِ رَحْمَةَ الْأَيْتامِ، وَإِطْعامَ الطَّعامِ، وَإِفْشاءَ السَّلامِ، وَصُحْبَةَ الْكِرامِ، بِطَولِكَ يا مَلْجَأَ الْآمِلينَ.

اليوم التّاسع: اللهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ نَصيباً مِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ، وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السَّاطِعَةِ، وَخُذْ بِناصِيَتي إِلى مَرْضاتِكَ الْجامِعَةِ، بِمَحَبَّتِكَ يا أَمَلَ الْمُشْتاقينَ.

اليوم العاشر: اللهُمَّ اجْعَلْني فيهِ مِنَ الْمُتَوَكِّلينَ عَلَيْكَ، وَاجْعَلْني فيهِ مِنَ الْفائِزينَ لَدَيْكَ، وَاجْعَلْني فيهِ مِنَ الْمُقَرَّبينَ إِلَيْكَ، بِإِحْسانِكَ يا غايَةَ الطَّالِبينَ.

اليوم الحادي عشر: اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيَّ فيهِ الْإِحْسانَ، وَكَرِّهْ إِلَيَّ فيهِ الْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ، وَحَرِّمْ عَلَيَّ فيهِ السَّخَطَ وَالنّيرانَ، بِعَوْنِكَ يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ.

ص: 299

اليوم الثّاني عشر: اللهُمَّ زَيِّني فيهِ بِالسِّتْرِ وَالْعَفافِ، وَاسْتُرْني فيهِ بِلِباسِ الْقُنُوعِ وَالْكَفافِ، وَاحْمِلْني فيهِ عَلَى الْعَدْلِ وَالْإِنْصافِ، وَآمِني فيهِ مِنْ كُلِّ ما أَخافُ، بِعِصْمَتِكَ يا عِصْمَةَ الْخائِفينَ.

اليوم الثّالث عشر: اللهُمَّ طَهِّرْني فيهِ مِنَ الدَّنَسِ وَالْأَقْذارِ، وَصَبِّرْني فيهِ عَلى كائِناتِ الْأَقْدارِ، وَوَفِّقْني فيهِ لِلتُّقى وَصُحْبَةِ الْأَبْرارِ، بِعَوْنِكَ يا قُرَّةَ عَيْنِ الْمَساكينَ.

اليوم الرّابع عشر: اللهُمَّ لا تُؤاخِذْني فيهِ بِالْعَثَراتِ، وَأَقِلْني فيهِ مِنَ الْخَطايا وَالْهَفَواتِ، وَلا تَجْعَلْني فيهِ غَرَضاً لِلْبَلايا وَالْآفاتِ، بِعِزَّتِكَ يا عِزَّ الْمُسْلِمينَ.

اليوم الخامس عشر: اللهُمَّ ارْزُقْني فيهِ طاعَةَ الْخاشِعينَ، وَاشْرَحْ فيهِ صَدْري بِإِنابَةِ الْمُخْبِتينَ، بِأَمانِكَ يا أَمانَ الْخائِفينَ.

ص: 300

اليوم السّادس عشر: اللهُمَّ وَفِّقْني فيهِ لِمُوافَقَةِ الْأَبْرارِ، وَجَنِّبْني فيهِ مُرافَقَةَ الْأَشْرارِ، وَآوِني فيهِ بِرَحْمَتِكَ إِلى دارِ الْقَرارِ، بِإِلهِيَّتِكَ يا إِلهَ الْعالَمينَ.

اليوم السّابع عشر: اللهُمَّ اهْدِني فيهِ لِصالِحِ الْأَعْمالِ، وَاقْضِ لي فيهِ الْحَوائِجَ وَالْآمالَ، يا مَنْ لا يَحْتاجُ إِلَى التَّفْسيرِ وَالسُّؤالِ، يا عالِماً بِما في صُدُورِ الْعالَمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ.

اليوم الثّامن عشر: اللهُمَّ نَبِّهْني فيهِ لِبَرَكاتِ أَسْحارِهِ، وَنَوِّرْ فيهِ قَلْبي بِضياءِ أَنْوارِهِ، وَخُذْ بِكُلِّ أَعْضائي إِلَى اتِّباعِ آثارِهِ، بِنُورِكَ يا مُنَوِّرَ قُلُوبِ الْعارِفينَ.

اليوم التّاسع عشر: اللهُمَّ وَفِّرْ فيهِ حَظي مِنْ بَرَكاتِهِ، وَسَهِّلْ سَبيلي إِلى خَيْراتِهِ، وَلا تَحْرِمْني قَبُولَ حَسَناتِهِ، يا هادِياً إِلَى الْحَقِّ الْمُبينِ.

اليوم العشرون: اللهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ أَبْوابَ الْجِنانِ،

ص: 301

وَأَغْلِقْ عَني فيهِ أَبْوابَ النّيرانِ، وَوَفِّقْني فيهِ لِتلاوَةِ الْقُرآنِ، يا مُنْزِلَ السَّكينَةِ في قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ.

اليوم الحادي والعشرون: اللهُمَّ اجْعَلْ لي فيهِ إِلى مَرْضاتِكَ دَليلًا، وَلا تَجْعَلْ لِلشَّيْطانِ فيهِ عَلَيَّ سَبيلًا، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ لي مَنْزِلًا وَمَقيلًا، يا قاضِيَ حَوائِجِ الطَّالِبينَ.

اليوم الثّاني والعشرون: اللهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ أَبْوابَ فَضْلِكَ، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ فيهِ بَرَكاتِكَ، وَوَفِّقْني فيهِ لِمُوجِباتِ مَرْضاتِكَ، وَأَسْكِني فيهِ بُحْبُوحاتِ جَنَّاتِكَ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ.

اليوم الثّالث والعشرون: اللهُمَّ اغْسِلْني فيهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَطَهِّرْني فيهِ مِنَ الْعُيُوبِ، وَامْتَحِنْ قَلْبي فيهِ بِتَقْوَى الْقُلُوبِ، يا مُقيلَ عَثَراتِ الْمُذْنِبينَ.

اليوم الرّابع والعشرون: اللهُمَّ إِنّي أَسْأَ لُكَ فيهِ ما

ص: 302

يُرْضيكَ، وَأَعُوذُبِكَ مِمَّا يُؤْذيكَ، وَأَسْأَ لُكَ التَّوْفيقَ فيهِ لِانْ أُطيعَكَ وَلا أَعْصيكَ، يا جَوادَ السَّائِلينَ.

اليوم الخامس والعشرون: اللهُمَّ اجْعَلْني فيهِ مُحِبَّاً لِأَوْلِيائِكَ، وَمُعادِياً لِأَعْدائِكَ، مُسْتَنّاً بِسُنَّةِ خاتَمِ أَنْبِيائِكَ، يا عاصِمَ قُلُوبِ النَّبيّينَ.

اليوم السّادس والعشرون: اللهُمَّ اجْعَلْ سَعْيي فيهِ مَشْكُوراً، وَذَنْبي فيهِ مَغْفُوراً، وَعَمَلي فيهِ مَقْبُولًا، وَعَيْبي فيهِ مَسْتُوراً، يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ.

اليوم السّابع والعشرون: اللهُمَّ ارْزُقْني فيهِ فَضْلَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَصَيِّرْ أُمُوري فيهِ مِنَ الْعُسْرِ إِلَى الْيُسْرِ، وَاقْبَلْ مَعاذيري، وَحُطَّ عَنّيِ الذَّنْبَ وَالْوِزْرَ، يا رَؤُوفاً بِعِبادِهِ الصَّالِحينَ.

اليوم الثّامن والعشرون: اللهُمَّ وَفِّرْ حَظي فيهِ مِنَ النَّوافِلِ، وَأَكْرِمْني فيهِ بِإِحْضارِ الْمَسائِلِ، وَقَرِّبْ فيهِ

ص: 303

وَسيلَتي إِلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الْوَسائِلِ، يا مَنْ لا يَشْغَلُهُ إِلْحاحُ الْمُلِحّينَ.

اليوم التّاسع والعشرون: اللهُمَّ غَشِّني فيهِ بِالرَّحْمَةِ، وَارْزُقْني فيهِ التَّوْفيقَ وَالْعِصْمَةَ، وَطَهِّرْ قَلْبي مِنْ غَياهِبِ التُّهْمَةِ، يا رَحيماً بِعِبادِهِ الْمُؤْمِنينَ.

اليوم الثّلاثون: اللهُمَّ اجْعَلْ صِيامي فيهِ بِالشُّكْرِ وَالْقَبُولِ عَلى ما تَرْضاهُ وَيَرْضاهُ الرَّسُولُ، مُحْكَمَةً فُرُوعُهُ بِالْأُصُولِ، بِحَقِّ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ، وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ.

15- دعاء ليلة عرفة

يُدعى بهذا الدّعاء الذي روي أنّ من دعا به في ليلة عرفة أو ليالي الجُمع غفر اللَّه له:

اللهُمَّ يا شاهِدَ كُلِّ نَجْوى، وَمَوْضِعَ كُلِّ شَكْوى، وَعالِمَ

ص: 304

كُلِّ خَفِيَّةٍ، وَمُنْتَهى كُلِّ حاجَةٍ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ عَلَى الْعِبادِ، يا كَريمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا جَوادُ، يا مَنْ لا يُواري مِنْهُ لَيْلٌ داجٍ، وَلا بَحْرٌ عَجَّاجٌ، وَلا سَماءٌ ذاتُ أَبْراجٍ، وَلا ظُلَمٌ ذاتُ ارْتِياجٍ، يا مَنِ الظُّلْمَةُ عِنْدَهُ ضِياءٌ، أَسْأَ لُكَ بِنوُرِ وَجْهِكَ الْكَريمِ، الَّذي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلْتَهُ دَكَّاً وَخَرَّ موُسى صَعِقاً، وَبِاسْمِكَ الَّذي رَفَعْتَ بِهِ السَّماواتِ بِلا عَمَدٍ، وَسَطَحْتَ بِهِ الْارْضَ عَلى وَجْهِ ماءٍ جَمَدٍ، وَبِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ الْمَكْتُوبِ الطَّاهِرِ الَّذي إِذا دُعيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَبِاسْمِكَ السُّبُوحِ الْقُدُّوسِ الْبُرْهانِ الَّذي هُوَ نُورٌ عَلى كُلِّ نُورٍ، وَنُورٌ مِنْ نُورٍ يُضيئُ مِنْهُ كُلُّ نُورٍ، إِذا بَلَغَ الْارْضَ انْشَقَّتْ، وَإِذا بَلَغَ السَّماواتِ فُتِحَتْ، وَإِذا بَلَغَ الْعَرْشَ اهْتَزَّ، وَبِاسْمِكَ الَّذي تَرْتَعِدُ مِنْهُ فَرائِصُ مَلآئِكَتِكَ، وَأَسْأَ لُكَ بِحَقِّ جَبْرائيلَ وَميكائيلَ

ص: 305

وَإِسْرافيلَ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلى جَميعِ الْأَنْبِياءِ وَجَميعِ الْمَلآئِكَةِ، وَبِالاسْمِ الَّذي مَشى بِهِ الْخِضْرُ عَلى قُلَلِ (1) 82 الْمآءِ كَما مَشى بِهِ عَلى جَدَدِ الْارْضِ، وَبِاسْمِكَ الَّذي فَلَقْتَ بِهِ الْبَحْرَ لِمُوسى، وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، وَأَنْجَيْتَ بِهِ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ وَمَنْ مَعَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ مُوسَى بْنُ عِمْرانَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَأَلْقَيْتَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ، وَبِاسْمِكَ الَّذي بِهِ أَحْيى عيسَى بْنُ مَرْيَمَ الْمَوْتى، وَتَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً وَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِكَ، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَجَبْرائيلُ وَميكآئيلُ وَإِسْرافيلُ، وَحَبيبُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَلآئِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ،


1- طَلَلِ- خ-.

ص: 306

وَأَنْبِيآؤُكَ الْمُرْسَلُونَ، وَعِبادُكَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالْارَضينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ ذوُ النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً، فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَك إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنينَ، وَبِاسْمِكَ الْعَظيمِ الَّذي دَعاكَ بِهِ داوُودُ وَخَرَّ لَكَ ساجِداً، فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعَتْكَ بِهِ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ: رَبِّ ابْنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّني مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ، وَنَجِّني مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ فَاسْتَجَبْتَ لَها دُعاءَها، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ أَيُّوبُ إِذْ حَلَّ بِهِ الْبَلاءُ، فَعافَيْتَهُ وَآتَيْتَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدَكَ وَذِكْرى لِلْعابِدينَ، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ يَعْقُوبُ، فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ يوُسُفَ وَجَمَعْتَ شَمْلَهُ، وَبِاسْمِكَ الَّذي

ص: 307

دَعاكَ بِهِ سُلَيمانُ، فَوَهَبْتَ لَهُ مُلْكاً لا يَنْبَغي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، وَبِاسْمِكَ الَّذي سَخَّرْتَ بِهِ الْبُراقَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِذْ قالَ تَعالى:

سُبْحانَ الَّذي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْاقْصى، وَقَوْلُهُ: سُبْحانَ الَّذي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبوُنَ، وَبِاسْمِكَ الَّذي تَنَزَّلَ بِهِ جَبْرَئيلُ عَلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَبِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ آدَمُ، فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ وَأَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ، وَأَسْأَ لُكَ بِحَقِّ الْقُرْآنِ الْعَظيمِ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَبِحَقِّ إِبْراهيمَ، وَبِحَقِّ فَصْلِكَ يَوْمَ الْقَضاءِ، وَبِحَقِّ الْمَوازينَ إِذا نُصِبَتْ، وَالصُّحُفِ إِذا نُشِرَتْ، وَبِحَقِّ الْقَلَمِ وَما جَرى، وَاللَّوْحِ وَما أَحْصى، وَبِحَقِّ الاسْمِ الَّذي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ الْعَرْشِ قَبْلَ خَلْقِكَ الْخَلْقَ وَالدُّنْيا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بِأَلْفَىْ عامٍ،

ص: 308

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ، وَأَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ في خَزائِنِكَ الَّذِي اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلا عَبْدٌ مُصْطَفىً، وَأَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ الَّذي شَقَقْتَ بِهِ الْبِحارَ، وَقامَتْ بِهِ الْجِبالُ، وَاخْتَلَفَ بِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَبِحَقِّ السَّبْعِ الْمَثاني، وَالْقُرْآنِ الْعَظيمِ، وَبِحَقِّ الْكِرامِ الْكاتِبينَ، وَبِحَقِّ طه وَيس وَكهيعص وَحمعسق، وَبِحَقِّ تَوْراةِ موُسى، وَإِنْجيلِ عيسى، وَزَبوُرِ داوُودَ، وَفُرْقانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَعَلى جَميعِ الرُّسُلِ وَباهِيّاً شَراهِيّاً، اللهُمَّ إِني أَسْأَ لُكَ بِحَقِّ تِلْكَ الْمُناجاةِ الَّتي كانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ موُسَى بْنِ عَمْرانَ فَوْقَ جَبَلِ طُورِ سَيْناءَ، وَأَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ الَّذي عَلَّمْتَهُ مَلَكَ الْمَوْتِ لِقَبْضِ الْارْواحِ، وَأَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ الَّذي كُتِبَ

ص: 309

عَلى وَرَقِ الزَّيْتُونِ، فَخَضَعَتِ النّيرانُ لِتِلْكَ الْوَرَقَةِ، فَقُلْتَ: يا نارُ كوُني بَرْداً وَسَلاماً، وَأَسْأَ لُكَ بِاسْمِكَ الَّذي كَتَبْتَهُ عَلى سُرادِقِ الْمَجْدِ وَالْكَرامَةِ، يا مَنْ لا يُخْفيهِ سائِلٌ، وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ، يا مَنْ بِهِ يُسْتَغاثُ، وَإِلَيْهِ يُلْجَأُ، أَسْأَ لُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ، وَبِاسْمِكَ الْاعْظَمِ، وَجَدِّكَ الْاعْلى، وَكَلِماتِكَ التَّآمَّاتِ الْعُلى، اللهُمَّ رَبَّ الرِّياحِ وَما ذَرَتْ، وَالسَّماءِ وَما أَظَلَّتْ، وَالْارْضِ وَما أَقَلَّتْ، وَالشَّياطينِ وَما أَضَلَّتْ، وَالْبِحارِ وَما جَرَتْ، وَبِحَقِّ كُلِّ حَقٍّ هُوَ عَلَيْكَ حَقٌّ، وَبِحَقِّ الْمَلآئِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، وَالرَّوحانِيّينَ وَالْكَروُبِيّينَ، وَالْمُسَبِّحينَ لَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ لا يَفْتَرُونَ، وَبِحَقِّ إِبْراهيمَ خَليلِكَ، وَبِحَقِّ كُلِّ وَلِيٍّ يُناديكَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ، وَتَسْتَجيبُ لَهُ دُعاءَهُ يا مُجيبُ، أَسْأَ لُكَ بِحَقِّ هذِهِ الْاسْماءِ وَبِهذِهِ الدَّعَواتِ،

ص: 310

أَنْ تَغْفِرَ لَنا ما قَدَّمْنا وَما أَخَّرْنا وَما أَسْرَرْنا وَما أَعْلَنَّا وَما أَبْدَيْنا وَما أَخْفَيْنا وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، يا حافِظَ كُلِّ غَريبٍ، يا موُنِسَ كُلِّ وَحيدٍ، يا قُوَّةَ كُلِّ ضَعيفٍ، يا ناصِرَ كُلِّ مَظْلُومٍ يا رازِقَ كُلِّ مَحْرُومٍ، يا موُنِسَ كُلِّ مُسْتَوْحِشٍ، يا صاحِبَ كُلِّ مُسافِرٍ، يا عِمادَ كُلِّ حاضِرٍ، يا غافِرَ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطيئَةٍ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، يا صَريخَ الْمُسْتَصْرِخينَ، يا كاشِفَ كَرْبِ الْمَكْرُوبينَ، يا فارِجَ هَمِّ الْمَهْمُومينَ، يا بَديعَ السَّماواتِ وَالْأَرَضينَ، يا مُنْتَهى غايَةَ الطَّالِبينَ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، يا رَبَّ الْعالَمين، يا دَيَّانَ يَوْمِ الدّينِ، يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدينَ، يا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرينَ، يا أَقْدَرَ الْقادِرينَ، اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّرُ النِّعَمَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي

ص: 311

تُورِثُ النَّدَمَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُورِثُ السَّقَمَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَرُدُّ الدُّعاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ قَطْرَ السَّماءِ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُعَجِّلُ الْفَناءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَجْلِبُ الشَّقاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تُظْلِمُ الْهَواءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي تَكْشِفُ الْغِطاءَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي لا يَغْفِرُها غَيْرُكَ يا اللَّهُ، وَاحْمِلْ عَنِّي كُلَّ تَبِعَةٍ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَاجْعَلْ لي مِنْ أَمْري فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَيُسْراً، وَأَنْزِلْ يَقينَكَ في صَدْري، وَرَجاءَكَ في قَلْبي حَتّى لا أَرْجُوَ غَيْرَكَ، اللهُمَّ احْفَظْني وَعافِني في مَقامي، وَاصْحَبْني في لَيْلي وَنَهاري وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفي وَعَنْ يَميني وَعَنْ شِمالي وَمِنْ فَوْقي وَمِنْ تَحْتي، وَيَسِّرْ لِيَ السَّبيلَ، وَأَحْسِنْ لِيَ التَّيْسِيرَ، وَلا تَخْذُلْني فِي الْعَسيرِ، وَاهْدِني

ص: 312

يا خَيْرَ دَليلٍ، وَلا تَكِلْني إِلى نَفْسي فِي الْاموُرِ، وَلَقِّني كُلَّ سُرُورٍ، وَاقْلِبْني إِلى أَهْلي بِالْفَلاحِ وَالنَّجاحِ مَحْبُوراً في الْعاجِلِ وَالْآجِلِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، وَارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ طَيِّباتِ رِزْقِكَ، وَاسْتَعْمِلْني في طاعَتِكَ، وَأَجِرْني مِنْ عَذابِكَ وَنارِكَ، وَاقْلِبْني إِذا تَوَفَّيْتَني إِلى جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ، اللهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ، وَمِنْ تَحْويلِ عافِيَتِكَ، وَمِنْ حُلُولِ نَقِمَتِكَ، وَمِنْ نُزُولِ عَذابِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقاءِ، وَمِنْ سُوءِ الْقَضاءِ، وَشَماتَةِ الْأَعْداءِ، وَمِنْ شَرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ، وَمِنْ شَرِّ ما فِي الْكِتابِ الْمُنْزَلِ، اللهُمَّ لا تَجْعَلْني مِنَ الْأَشْرارِ، وَلا مِنْ أَصْحابِ النَّارِ، وَلا تَحْرِمْني صُحْبَةَ الْأَخْيارِ، وَأَحْيِني حَياةً طَيِّبَةً وَتَوَفَّني وَفاةً طَيِّبَةً تُلْحِقْني بِالْأَبْرارِ، وَارْزُقْني مُرافَقَةِ الأَنْبِياءِ في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ

ص: 313

مُقْتَدِرٍ، اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى الْإِسْلامِ وَاتِّباعِ السُّنَةِ، يا رَبِّ كَما هَدَيْتَهُمْ لِدينِكَ، وَعَلَّمْتَهُمْ كِتابَكَ، فَاهْدِنا وَعَلِّمْنا، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَصُنْعِكَ عِنْدي خآصَّةً، كَما خَلَقْتَني فَأَحْسَنْتَ خَلْقي، وَعَلَّمْتَني فَأَحْسَنْتَ تَعْليمي، وَهَدَيْتَني فَأَحْسَنْتَ هِدايَتي، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى إِنْعامِكَ عَلَيَّ قَديماً وَحَديثاً، فَكَمْ مِنْ كَرْبٍ يا سَيِّدي قَدْ فَرَّجْتَهُ، وَكَمْ مِنْ غَمٍّ يا سَيِّدي قَدْ نَفَّسْتَهُ، وَ كَمْ مِنْ هَمٍّ يا سيِّدي قَد كَشَفتَهُ، وَكَم مِنْ بَلاءٍ يا سيِّدي قَد صَرفَتَهُ، وَكَمْ مِنْ عَيْبٍ يا سَيِّدي قَدْ سَتَرْتَهُ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ حالٍ في كُلِّ مَثْوىً وَزَمانٍ، وَمُنْقَلَبٍ وَمَقامٍ، وَعَلى هذِهِ الْحالِ وَكُلِّ حالٍ، اللهُمَّ اجْعَلْني مِنْ أَفْضَلِ عِبادِكَ نَصيباً في هذَا الْيَوْمِ، مِنْ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ، أَوْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ، أَوْ سُوءٍ تَصْرِفُهُ، أَوْ بَلاءٍ تَدْفَعُهُ، أَوْ خَيْرٍ

ص: 314

تَسُوقُهُ، أَوْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها، أَوْ عافِيَةٍ تُلْبِسُها، فَإِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، وَبِيَدِكَ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْتَ الْواحِدُ الْكَريمُ الْمُعْطِي الَّذي لا يُرَدَّ سائِلُهُ، وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ، وَلا يَنْقُصُ نائِلُهُ، وَلا يَنْفَدُ ما عِنْدَهُ بَلْ يَزْدادُ كَثْرَةً وَطيباً وَعَطاءً وَجُوداً، وَارْزُقْني مِنْ خَزائِنِكَ الَّتي لا تَفْنى، وَمِنْ رَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ إِنَّ عَطاءَكَ لَمْ يَكُنْ مَحْظُوراً، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

16- دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة

ومن دعوات هذا اليوم المشهورات دعاء سيّد الشّهداء عليه السلام.

روى بشر وبشير ابنا غالب الأسدي قالا: كنّا مع الحسين بن علي عليهما السلام عشيّة عرفة، فخرج عليه السلام من

ص: 315

فُسطاطه متذلّلًا خاشاً، فجعل يمشي هوناً هوناً حتّى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل مستقبل البيت، ثمّ رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين، ثمّ قال:

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ الْبَدائِعِ، وأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ، جازي كُلِّ صانِعٍ، وَرائِشُ كُلِّ قانعٍ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ، وَالْكِتابِ الْجامِعِ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا إِلهَ غَيْرُهُ، وَلا شَيْ ءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، اللَّهُمَّ إِني أَرْغَبُ إِلَيْكَ،

ص: 316

وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي، وَأَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأْتَني بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذكوراً، وَخَلَقْتَني مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ، فَلَمْ أَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلى رَحِمٍ، في تَقادُمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الْماضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْني لِرَأْفَتِكَ بي، وَلُطْفِكَ لي، وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ، في دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ، الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ أَخْرَجْتَني للَّذي سَبَقَ لي مِنَ الْهُدى، الَّذي لَهُ يَسَّرْتَني، وَفيهِ أَنْشَأْتَني، وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بي بِجَميلِ صُنْعِكَ، وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقي مِنْ مَنيٍّ يُمْنى، وَأَسْكَنْتَني في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ، بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ، لَمْ تُشْهِدْني خَلْقي، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْري، ثُمَّ أَخْرَجْتَني لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الْهُدى إِلَى الدُّنْيا تامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَني فِي الْمَهْدِ

ص: 317

طِفْلًا صَبِيّاً، وَرَزَقْتَني مِنَ الْغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الْأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلَأْتَني مِنْ طَوارِقِ الْجانِّ، وَسَلَّمْتَني مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، حتّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الْإِنْعامِ، وَرَبَّيْتَني زايِداً في كُلِّ عامٍ، حَتّى إِذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتي، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتي، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَتَّكَ، بِأَنْ أَلْهَمْتَني مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَني بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأَيْقَظْتَني لِما ذَرَأْتَ في سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَني لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأَوجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَني ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَني مِنْ خَيْرِ الثَّرى، لَمْ تَرْضَ لي يا إِلهي نِعْمَةً دُونَ أُخْرى، وَرَزَقْتَني مِنْ أَنواعِ الْمَعاشِ،

ص: 318

وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظيمِ الْأَعْظَمِ عَلَيَّ، وَإِحْسانِكَ الْقَديمِ إِلَيَّ، حَتّى إِذا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلي وَجُرْأَتي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَني إِلى ما يُقَرِّبُني إِلَيْكَ، وَوفَّقْتَني لِما يُزْلِفُني لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعْوَتُكَ أَجَبْتَني، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَني، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَني، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَني، كُلُّ ذلِكَ إِكْمالٌ لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ، وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ، مِنْ مُبْدِئٍ مُعيدٍ حَميدٍ مجيدٍ، تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ، فَأَيُّ نِعَمِكَ يا إِلهي أُحْصي عَدَداً وَذِكْراً؟ أَمْ أَيُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً؟ وَهِيَ يا رَبِّ أَكْثرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعادّوُنَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اللَّهُمَّ مِنَ الضُرِّ وَالضَّرَّاءِ أَكْثَرَ مِمَّا ظَهَرَ لي مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأَنَا أَشْهَدُ يا إِلهي بِحَقيقَةِ إيماني، وَعَقْدِ

ص: 319

عَزَماتِ يَقيني، وَخالِصِ صَريحِ تَوْحيدي، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميري، وَعَلائِقِ مَجاري نُورِ بَصَري، وَأَساريرِ صَفْحَةِ جَبيني، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسي، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنيني، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعي، وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ، وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِساني، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمي وَفَكِّي، وَمَنابِتِ أَضْراسي، وَمَساغِ مَطْعَمي وَمَشْرَبي، وَحِمالَةِ أُمِّ رَأْسي، وَبُلُوغِ فارِغِ حَبائِلِ عُنُقي، وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تامُورُ صَدري، وَحَمائِلِ حَبْلِ وَتيني، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبي، وَأَفْلاذِ حَواشي كَبِدي، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ أَضْلاعي، وَحِقاقُ مَفاصِلي، وَقَبضُ عَوامِلي، وَأَطرافُ أَنامِلي وَلَحْمي وَدَمي، وَشَعْري وَبَشَري، وَعَصَبي وَقَصَبي، وَعِظامي وَمُخِّي وَعُرُوقي، وَجَميعُ جَوارِحي، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أَيَّامَ رِضاعي، وَما أَقلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي،

ص: 320

وَنَوْمي وَيقْظَتي وَسُكُوني وَحرَكاتِ رُكُوعي وَسُجُودي، أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعصارِ وَالْأَحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إِلّا بِمَنِّكَ، الْمُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ أَبَداً جَديداً، وَثَناءً طارِفاً عَتيداً، أَجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ، أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ، سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلا أَحْصَيناهُ أَمَداً، هَيْهاتَ أَنّى ذلِكَ وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ في كِتابِكَ النَّاطِقِ، وَالنَّبَأِ الصَّادِقِ، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها، صَدَقَ كِتابُكَ اللَّهُمَّ وَإِنْباؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ، ما أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ، غَيْرَ أَنِّي يا إِلهي أَشْهَدُ بِجُهْدي وَجِدِّي، وَمَبْلَغِ طاعَتي وَوُسْعي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في مُلْكِهِ

ص: 321

فَيُضادَّهُ فيمَا ابْتَدَعَ، وَلا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ، لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللَّهِ الْواحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، الْحَمْدُ للَّهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلآئِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَأَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَآلِهِ الطَّيِبينَ الطَّاهِرينَ الْمُخْلَصينَ وَسَلَّمَ.

ثمّ اندفع في المسألة واجتهد في الدّعاء، وقال وعيناه سالتا دموعاً:

اللَّهُمَّ اجْعَلْني أَخْشاكَ كَأُنِّي أَراكَ، وَأَسْعِدْني بِتَقْواكَ، وَلا تُشْقِني بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لي في قَضائِكَ، وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ، حَتّى لا أُحِبَّ تَعْجيلَ ما أَخَّرْتَ، وَلا تَأْخيرَ ما عَجَّلْتَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ في نَفْسي، وَالْيَقينَ في قَلْبي، وَالْإِخْلاصَ في عَمَلي، وَالنُّورَ في بَصَري،

ص: 322

وَالْبَصيرَةَ في ديني، وَمَتِّعْني بِجَوارِحي، وَاجْعَلْ سَمْعي وَبَصَرِيَ الْوارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْني عَلى مَنْ ظَلَمَني، وَأَرِني فيهِ ثاري وَمَآرِبي، وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْني، اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتي، وَاسْتُرْ عَوْرَتي، وَاغْفِرْ لي خَطيئَتي، وَاخْسَأْ شَيْطاني، وَفُكَّ رِهاني، وَاجْعَلْ لي يا إِلهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِي الْآخِرَةِ وَالْاوْلى، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَني فَجَعَلْتَني سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَني فَجَعَلْتَني خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بي، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقي غَنِيّاً، رَبِّ بِما بَرَأْتَني فَعَدَّلْتَ فِطْرَتي، رَبِّ بِما أَنْشَأْتَني فَأَحْسَنْتَ صُورَتي، رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ وَفي نَفْسي عافَيْتَني، رَبِّ بِما كَلَأْتَني وَوَفَّقْتَني، رَبِّ بِما أَنَعْمَتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَني، رَبِّ بِما أَوْلَيْتَني وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَني، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَني وَسَقَيْتَني، رَبِّ بِما أَغْنَيْتَني وَأَقْنَيْتَني، رَبِّ بِما أَعَنْتَني

ص: 323

وَأَعْزَزْتَني، رَبِّ بِما أَلْبَسْتَني مِنْ سِتْرِكَ الصَّافي، وَيَسَّرْتَ لي مِنْ صُنْعِكَ الْكافي، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنِّي عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ، وَصُرُوفِ اللَّيالي وَالْأَيَّامِ، وَنَجِّني مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الْآخِرَةِ، وَاكْفِني شَرَّ ما يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِني، وَما أَحْذَرُ فَقِني، وَفي نَفْسي وَديني فَاحْرُسْني، وَفي سَفَري فَاحْفَظْني، وَفي أَهْلي وَمالي فَاخْلُفْني، وَفي ما رَزَقْتَني فَبارِكْ لي، وَفي نَفْسي فَذَلِّلْني، وَفي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْني، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَسَلِّمْني، وَبِذُ نُوبي فَلا تَفْضَحْني وَبِسَريرَتي فَلا تُخْزِني، وَبِعَمَلي فَلا تَبْتَلِني، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْني، وَإِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْني، إِلهي إِلى مَنْ تَكِلُني؟ إِلى قَريبٍ فَيَقْطَعُني، أَمْ إِلى بَعيدٍ فَيَتَجَهَّمُني، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعَفينَ لي، وَأَنْتَ رَبِّي وَمَليكُ أَمْري، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتي وَبُعْدَ

ص: 324

داري، وَهَواني عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْري، إِلهي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالي سِواكَ، سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لي، فَأَسْأَ لُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرِينَ، أَنْ لا تُميتَني عَلى غَضَبِكَ، وَلا تُنْزِلْ بي سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبى لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِك، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ، الَّذي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْنَاً، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْماءَ بِفَضْلِهِ، يا مَنْ أَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ، يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا صاحِبي في وَحْدَتي، يا غِياثي في كُرْبَتي، يا وَلِيِّي في نِعْمَتي، يا إِلهي وَإِلهَ آبائي إِبْراهيمَ وَإِسْماعيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرائيلَ وَميكائيلَ

ص: 325

وَإِسْرافيلَ، وَربَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبينَ، مُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالْإِنْجيلَ، وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ، وَمُنَزِّلَ كهيعص، وَطه وَيس، وَالْقُرآنِ الْحَكيمِ، أَنْتَ كَهْفي حينَ تُعْيينِي الْمَذاهِبُ في سَعَتِها، وَتَضيقُ بِيَ الْأَرْضُ بِرُحْبِها، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكينَ، وَأَنْتَ مُقيلُ عَثْرَتي، وَلَوْلا سَتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائي، وَلَوْلا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، وَغَيْبَ ما تَأْتي بِهِ الْأَزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ إِلّا هُوَ، يا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْماءِ، وَسَدَّ

ص: 326

الْهَواءَ بِالسَّماءِ، يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْماءِ، يا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً، يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبودِيَّةِ مَلِكاً، يا رآدَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوى عَنْ أَيُّوبَ، وَمُمْسِكَ يَدَيْ إِبْراهيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ، وَفَناءِ عُمُرِهِ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحيداً، يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَني إِسْرائيلَ فَأَنْجاهُمْ، وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقينَ، يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا في نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ، وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا بَديُ، يا بَديعاً لا

ص: 327

نِدَّلَكَ، يا دائِماً لا نَفَادَ لَكَ، يا حَيّاً حينَ لا حَيَّ، يا مُحْيِيَ الْمَوْتى، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْري فَلَمْ يَحْرِمْني، وَعَظُمَتْ خَطيئَتي فَلَمْ يَفْضَحْني، وَرَآني عَلَى الْمَعاصي فَلَمْ يَشْهَرْني، يا مَنْ حَفِظَني في صِغَري، يا مَنْ رَزَقَني في كِبَري، يا مَنْ أَياديهِ عِنْدي لا تُحْصى، وَنِعَمُهُ لا تُجازى، يا مَنْ عارَضَني بِالْخَيْرِ والْإِحْسانِ، وَعارَضْتُهُ بِالْإِساءَةِ وَالْعِصْيانِ، يا مَنْ هَداني لِلْإيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَريضاً فَشَفاني، وَعُرْياناً فَكَساني، وَجائِعاً فَأَشْبَعَني، وَعَطْشاناً فَأَرْواني، وَذَليلًا فَأَعَزَّني، وَجاهِلًا فَعَرَّفَني، وَوَحيداً فَكَثَّرَني، وَغائِباً فَرَدَّني، وَمُقِلّاً فَأَغْناني، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَني، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْني، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَميعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَني، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتي،

ص: 328

وَنَفَّسَ كُرْبَتي، وَأَجابَ دَعْوَتي، وَسَتَرَ عَوْرَتي، وَغَفَرَ ذُ نُوبي، وَبَلَّغَني طَلِبَتي، وَنَصَرَني عَلى عَدُوِّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحِكَ لا أُحْصيها، يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذي مَنْنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذي رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذي وَفَّقْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَقْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذي عافَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دائِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ

ص: 329

واصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنَا يا إِلهِيَ الْمُعَتَرِفُ بِذُ نُوبي فَاغْفِرْها لي، أَنَا الَّذي أَسَأتُ، أَنَا الَّذي أَخْطَأتُ، أَنَا الَّذي هَمَمْتُ، أَنَا الَّذي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذي غَفِلْتُ، أَنَا الَّذي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذي وَعَدْتُ، وَأَنَا الَّذي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذي أَقْرَرْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدي، وَأَبُوءُ بِذُ نُوبي فَاغْفِرْها لي، يا مَنْ لا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ، وهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِه، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلهي وَسيِّدي، إِلهي أَمَرْتَني فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَني فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَراءَةٍ لي فَأَعْتَذِرُ، وَلاذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ، فَبِأَيِّ شَيْ ءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يا مَوْلايَ؟ أَبِسَمْعي أَمْ بِبَصَري؟

اْم بِلِساني؟ أَمْ بِيَدي أَمْ بِرِجْلي؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِندي، وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ؟ فَلَكَ الْحُجَّةُ

ص: 330

وَالسَّبيلُ عَليَّ، يا مَنْ سَتَرَني مِنَ الْآباءِ وَالْامَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُوني، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالْإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُوني، وَمِنَ السَّلاطينِ أَنْ يُعاقِبُوني، وَلَوِ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذاً ما أَنْظَرُوني، وَلَرَفَضُوني وَقَطَعُوني، فَها أَنَا ذا يا إِلهي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدي خاضِعٌ ذَليلٌ حَصيرٌ حَقيرٌ، لا ذُو بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرُ، وَلا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ، وَلا حُجَّةٍ فَأَحْتَجُّ بِها، وَلا قائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ، وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءًا، وَما عَسَى الْجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُني، كَيْفَ وَأَنّى ذلِكَ وَجَوارِحي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ، وَعَلِمْتُ يَقيناً غَيْرَ ذي شَكٍّ أَنَّكَ سائِلي مِنْ عَظائِمِ الْامُورِ، وَأَنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذي لا تَجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبي، فَإِنْ تُعَذِّبْني يا إِلهي فَبِذُ نُوبي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا إِلهَ

ص: 331

إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْخائِفينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْوَجِلينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الرَّاجينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ السَّائِلينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِيَ الْأَوَّلينَ، اللَّهُمَّ هذا ثَنائي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلاصي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَإِقْراري بِآلائكَ مَعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّي لَمْ أُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها، وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها

ص: 332

إِلى حادِثٍ، ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُني بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَني وَبَرَأْتَني مِنْ أَوَّلِ الْعُمْرِ مِنَ الْإِغْناءِ مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفريجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ، وَلَوْ رَفَدَني عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ،، ما قَدَرْتُ وَلاهُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَريمٍ، عَظيمٍ رَحيمٍ، لا تُحْصى آلاؤُكَ، وَلا يُبْلَغُ ثَناؤُكَ، وَلا تُكافى نَعْماؤُكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، أَللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِي السَّقيمَ، وَتُغْنِي الْفَقيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغيرَ، وَتُعينُ الْكَبيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ، وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبيرُ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسيرِ، يا

ص: 333

رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِني في هذِهِ الْعَشِيَّةِ، أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِكَ، مِنْ نِعْمَةٍ تُوليها، وَآلاءٍ تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها، إِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشاءُ خَبيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، أَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يا رَحمنَ الدُّنْيا والْآخِرَةِ وَرحيمَهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤُولٌ، وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَني، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَني، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَني، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَني، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَني، اللهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ أَجْمَعينَ، وَتَمِّمْ لَنا

ص: 334

نَعْماءَكَ، وَهَنِّئْنا عَطاءَكَ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرينَ، وَلِآلائِكَ ذاكِرينَ، آمينَ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ، اللَّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطَّالِبينَ الرَّاغِبينَ، وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجينَ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً، اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ في هذِهِ الْعَشِيَّةِ، الَّتي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ، الْبَشيرِ النَّذيرِ، السِّراجِ الْمُنيرِ، الَّذي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظيمُ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ أَجْمَعينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنَّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الْأَصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنَا اللَّهُمَّ في هذِهِ

ص: 335

الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُورٍ تَهْدي بِهِ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُها، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُها، وَعافِيَةٍ تُجَلِّلُها، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللَّهُمَّ اقْلِبْنا في هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ غانِمينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطينَ، وَلا تَرُدَّنا خائِبينَ، وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ، يا أَجْوَدَ الْأَجْوَدينَ، وَأَكْرَمَ الْأَكْرَمينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمّينَ قاصِدينَ، فَأَعِنَّا عَلى مَناسِكِنا، وَأَكْمِلْ لَنا حَجَّنا، وَاْعْفُ عَنَّا وَعافِنا، فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِيَنا، فَهِيَ بِذِلَّةِ الاعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ، اللَّهُمَّ فَأَعْطِنا في هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافِيَ لَنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ،

ص: 336

نافِذٌ فينا حُكْمُكَ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضاؤُكَ، اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الْأَجْرِ، وَكَريمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعينَ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ، وَلا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَك، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنا في هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، اللَّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا واقْبَلْ تَضَرُّعَنا، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ، ولا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ، أَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ

ص: 337

السَّبْعُ، وَالْأَرَضُونَ وَمَنْ فيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعامِ، وَالْأَيادِي الْجِسامِ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الْكَريمُ، الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، اللهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، وَعافِني في بَدَني وَديني، وَآمِنْ خَوْفي، وَاعْتِقْ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ لا تَمْكُرْ بي، وَلا تَسْتَدْرِجْني، وَلا تَخْدَعْني، وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.

ثمّ رفع رأسه وبصره إلى السّماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان وقال بصوتٍ عالٍ:

يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرينَ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ الْمَيامينِ، وَأَسْأَ لُكَ اللَّهُمَّ حاجَتِي الَّتي إِنْ أَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّني ما مَنَعْتَني، وَإِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ

ص: 338

يَنْفَعْني ما أَعْطَيْتَني، أَسْأَ لُكَ فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَى ءٍ قَديرٌ، يا رَبِّ يا رَبِّ.

وكان يكرّر قوله: يا رَبُّ، وشغل من حضر ممّن كان حوله عن الدّعاء لأنفسهم واقبلوا على الاستماع له والتّأمين على دعائه، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض النّاس معه.

أقول: إلى هنا تمّ دعاء الحسين عليه السلام في يوم عرفة على ما أورده الكفعمي في كتاب البلد الأمين، وقد تبعه المجلسي في كتاب زاد المعاد، ولكن زاد السّيد ابن طاووس رحمه الله في الإقبال بعد يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزّيادة:

إِلهي أَنَا الْفَقيرُ في غِنايَ فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقيراً في فَقْري؟ إِلهي أَنَا الْجاهِلُ في عِلْمي فَكَيْفَ لا أَكُونُ

ص: 339

جَهُولًا في جَهْلي؟ إِلهي إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقاديرِكَ، مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنْ السُّكُونِ إِلى عَطاءٍ، وَالْيَأْسِ مِنْكَ في بَلاءٍ، إِلهي مِنِّي ما يَليقُ بِلُؤُمي، وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ، إِلهي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفي، أَفَتَمْنَعُني مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفي؟ إِلهي إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ، وَإِنْ ظَهَرْتِ الْمَساوِئُ مِنِّي فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ، إِلهي كَيْفَ تَكِلُني وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لي؟ وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لي؟ أَمْ كَيْفَ أَخيبُ وَأَنْتَ الْحَفِيُّ بي؟ ها أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْري إِلَيْكَ، وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ؟

أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالي وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ؟ أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ؟ أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالي وَهِيَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ؟ أَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ أَحْوالي

ص: 340

وَبِكَ قامَتْ؟ إِلهي ما أَلْطَفَكَ بي مَعَ عَظيمِ جَهْلي! وَما أَرْحَمَكَ بي مَعَ قَبيحِ فِعْلي! إِلهي ما أَقْرَبَكَ مِنِّي وَأَبْعَدَني عَنْكَ! وَما أَرْأَفَكَ بي فَمَا الَّذي يَحْجُبُني عَنْكَ؟ إِلهي عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الْآثارِ، وَتَنَقُّلاتِ الْأَطْوارِ، أَنَّ مُرادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ في كُلِّ شَيْ ءٍ، حَتّى لا أَجْهَلَكَ في شَيْ ءٍ، إِلهي كُلَّما أَخْرَسَني لُؤْمي أَنْطَقَني كَرَمُكَ، وَكُلَّما آيَسَتْني أَوْصافي أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ، إِلهي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِيَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ مَساويهِ مَساوِيَ؟ وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوِيَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاويَهِ دَعاوِيَ؟ إِلهي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيَّتُكَ الْقاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكا لِذي مَقالٍ مَقالًا، وَلا لِذي حالٍ حالًا، إِلهي كَمْ مِنْ طاعَةٍ بَنَيْتُها وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادي عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ أَقالَني مِنْها فَضْلُكَ، إِلهي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلًا جَزْماً

ص: 341

فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، إِلهي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقاهِرُ؟ وَكَيْفَ لا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْآمِرُ؟ إِلهي تَرَدُّدي فِي الْآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْني عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُني إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ في وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ؟ أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ؟ مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ إِلى دَليلٍ يَدُلُّ عَليْكَ؟ وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الْآثارُ هِيَ الَّتي تُوصِلُ إِلَيْكَ؟ عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً، إِلهي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْآثارِ فَأَرْجِعْني إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الْأَنْوارِ، وَهِدايَةِ الاسْتِبْصارِ، حَتّى أَرْجَعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاعْتمادِ عَلَيْها، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَديرٌ، إِلهي هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذا

ص: 342

حالي لا يَخْفى عَلَيْكَ، مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ، وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِني بِنُورِكَ إِلَيْكَ، وَأَقِمْني بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِلهي عَلِّمْني مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ، وَصُنِّي بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ، إِلهي حَقِّقْني بِحَقائِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بي مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ، إِلهي أَغْنِني بِتَدْبيرِكَ لي عَنْ تَدْبيري، وَبِاخْتِيارِكَ عَنِ اخْتِياري، وَأَوْقِفْني عَلى مَراكِزِ اضْطِراري، إِلهي أَخْرِجْني مِنْ ذُلِّ نَفْسي، وَطَهِّرْني مِنْ شَكِّي وَشِرْكي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسي، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْني، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْني، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْني، وَفي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْني، وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْني، وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْني، إِلهي تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي؟ إِلهي أَنْتَ الْغَنيُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ

ص: 343

غَنيّاً عَنِّي؟ إِلهي إِنَّ الْقَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنّيني، وَإِنَّ الْهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَني، فَكُنْ أَنْتَ النَّصيرَ لي، حَتّى تَنْصُرَني وَتُبَصِّرَني، وَأَغْنِني بِفَضْلِكَ حَتّى أَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبي، أَنْتَ الَّذي أَشْرَقْتَ الْأَنْوارَ في قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدوُكَ، وَأَنْتَ الَّذي أَزَلْتَ الْأَغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ، وَلَمْ يَلْجَأُوا إِلى غَيْرِكَ، أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَأَنْتَ الَّذي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ؟ وَمَا الَّذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟ لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلًا، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلًا، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الْإِحْسانَ؟

وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الامْتِنانِ؟

يا مَنْ أَذاقَ أَحِبّاءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ، وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِياءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ، فَقامُوا

ص: 344

بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ، أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرينَ، وَأَنْتَ الْبادي بِالْإِحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ، وَأَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبينَ، وَأَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ، إِلهِي اطْلُبْني بِرَحْمَتِكَ حَتّى أَصِلَ إِلَيْكَ، وَاجْذِبْني بِمَنِّكَ حَتّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ، إِلهي إِنَّ رَجائي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ، كَما أَنَّ خَوْفي لا يُزايِلُني وَإِنْ أَطَعْتُكَ، فَقَدْ دَفَعْتَنِي الْعَوالِمُ إِلَيْكَ، وَقَدْ أَوْقَعَني عِلْمي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، إِلهي كَيْفَ أَخيبُ وَأَنْتَ أَمَلي؟ أَمْ كَيْفَ أُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلي؟

إِلهي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَني؟ أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَني؟ إِلهي كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذي فِي الْفُقَرآءِ أَقَمْتَني؟ أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَني؟ وَأَنْتَ الَّذي لا إِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ فَما جَهِلَكَ شَيْ ءُ، وَأَنْتَ الَّذي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ في كُلِ

ص: 345

شَيْ ءٍ، فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً في كُلِّ شَيْ ءٍ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ، يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً في ذاتِهِ، مَحَقْتَ الْآثارَ بِالْآثارِ، وَمَحَوْتَ الْأَغْيارَ بِمُحيطاتِ أَفْلاكِ الْأَنْوارِ، يا مَنِ احْتَجَبَ في سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصارُ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ، فَتَحَقَّقتْ عَظَمَتُهُ مِنَ الاسْتِواءَ (1) 83، كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ؟ أَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَأَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ؟

إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٍ، وَالْحَمْدُ للَّهِ وَحْدَهُ.

وعلى أيّ حال فقد وردت ادعية وأعمال كثيرة في هذا اليوم لمن وفّق فيه لحضور عرفات، وأفضل أعمال هذا اليوم الشّريف الدّعاء، وهو يوم قد امتاز بالدّعاء امتيازاً، وينبغي الإكثار فيه من الدّعاء للإخوان المؤمنين أحياءً وأمواتاً.


1- - فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الاستِواءَ- خ-.

ص: 346

17- دعاء السجّاد عليه السلام لِأَبَوَيْهِ

(1) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرينَ، وَاخْصُصْهُمْ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَبَرَكاتِكَ وَسَلامِكَ. (2) وَاخْصُصِ اللَّهُمَّ والِدَيَّ بِالْكَرامَةِ لَدَيْكَ، وَالصَّلاةِ مِنْكَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

(3) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَ أَلْهِمْني عِلْمَ ما يَجِبُ لَهُما عَلَيَّ إِلْهاماً، وَ اجْمَعْ لي عِلْمَ ذلِكَ كُلِّهِ تَماماً، ثُمَّ اسْتَعْمِلْني بِما تُلْهِمُني مِنْهُ، وَوَفِّقْني لِلنُّفُوذِ فِيما تُبَصِّرُني مِنْ عِلْمِهِ حَتَّى لا يَفُوتَنِي اسْتِعْمالُ شَيْ ءٍ عَلَّمْتَنيهِ، وَلا تَثْقُلَ أَرْكاني عَنِ الْحَفُوفِ فِيما أَلْهَمْتَنيهِ (4) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ كَما شَرَّفْتَنا بِهِ، وَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، كَما أَوْجَبْتَ لَنَا الْحَقَّ عَلى الْخَلْقِ بِسَبَبِهِ. (5) اللَّهُمَّ اجْعَلْني أَهابُهُما هَيْبَةَ السُّلْطانِ

ص: 347

الْعَسُوفِ، وَ أَبَرُّهُما بِرَّ الْأُمِّ الرَّءُوفِ، وَ اجْعَلْ طاعَتي لِوالِدَيَّ وَ بِرِّي بِهِما أَقَرَّ لِعَيْني مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنانِ، وَأَثْلَجَ لِصَدْري مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أُوثِرَ عَلى هَوايَ هَواهُما، وَأُقَدِّمَ عَلى رِضايَ رِضاهُما وَ أَسْتَكْثِرَ بِرَّهُما بي وَ إِنْ قَلَّ، وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِما وَ إِنْ كَثُرَ. (6) اللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُما صَوْتي، وَأَطِبْ لَهُما كَلامي، وَ أَلِنْ لَهُما عَريكَتي، وَاعْطِفْ عَلَيْهِما قَلْبي، وَ صَيِّرْني بِهِما رَفيقاً، وَعَلَيْهِما شَفيقاً. (7) اللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُما تَرْبِيَتي، وَ أَثِبْهُما عَلى تَكْرِمَتي، وَ احْفَظْ لَهُما ما حَفِظاهُ مِنِّي في صِغَري. (8) اللَّهُمَّ وَ ما مَسَّهُما مِنِّي مِنْ أَذًى، أَوْ خَلَصَ إِلَيْهِما عَنِّي مِنْ مَكْرُوهٍ، أَوْ ضاعَ قِبَلي لَهُما مِنْ حَقٍّ فَاجْعَلْهُ حِطَّةً لِذُنُوبِهِما، وَ عُلُوّاً في دَرَجاتِهِما، وَ زِيادَةً في حَسَناتِهِما، يا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِأَضْعافِها مِنَ الْحَسَناتِ. (9) اللَّهُمَّ وَ ما تَعَدَّيا عَلَيَّ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ

ص: 348

أَسْرَفا عَلَيَّ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ، أَوْ ضَيَّعاهُ لي مِنْ حَقٍّ، أَوْ قَصَّرا بي عَنْهُ مِنْ واجِبٍ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَهُما، وَ جُدْتُ بِهِ عَلَيْهِما وَ رَغِبْتُ إِلَيْكَ في وَضْعِ تَبِعَتِهِ عَنْهُما، فَإِنِّي لا أَتَّهِمُهُما عَلى نَفْسي، وَ لا أَسْتَبْطِئُهُما في بِرِّي، وَ لا أَكْرَهُ ما تَوَلَّياهُ مِنْ أَمْري يا رَبِّ. (10) فَهُما أَوْجَبُ حَقّاً عَلَيَّ، وَ أَقْدَمُ إِحْساناً إِلَيَّ، وَ أَعْظَمُ مِنَّةً لَدَيَّ مِنْ أَنْ أُقاصَّهُما بِعَدْلٍ، أَوْ أُجازِيَهُما عَلى مِثْلٍ، أَيْنَ إِذاً يا إِلهي طُولُ شُغْلِهِما بِتَرْبِيَتي وَ أَيْنَ شِدَّةُ تَعَبِهِما في حِراسَتي وَ أَيْنَ إِقْتارُهُما عَلى أَنْفُسِهِما لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيَّ (11) هَيْهاتَ ما يَسْتَوْفِيانِ مِنِّي حَقَّهُما، وَلا أُدْرِكُ ما يَجِبُ عَلَيَّ لَهُما، وَلا أَنَا بِقاضٍ وَظِيفَةَ خِدْمَتِهِما، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِنِّي يا خَيْرَ مَنِ اسْتُعِينَ بِهِ، وَوَفِّقْني يا أَهْدى مَنْ رُغِبَ إِلَيْهِ، وَلا تَجْعَلْني في أَهْلِ الْعُقُوقِ لِلْآباءِ وَ الْأُمَّهاتِ يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ. (12) اللَّهُمَ

ص: 349

صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ، وَ اخْصُصْ أَبَوَيَّ بِأَفْضَلِ ما خَصَصْتَ بِهِ آباءَ عِبادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَأُمَّهاتِهِمْ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ. (13) اللَّهُمَّ لا تُنْسِني ذِكْرَهُما في أَدْبارِ صَلَواتي، وَ في إِنًى مِنْ آناءِ لَيْلي، وَفي كُلِّ ساعَةٍ مِنْ ساعاتِ نَهاري. (14) اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اغْفِرْ لي بِدُعائي لَهُما، وَ اغْفِرْ لَهُما بِبِرِّهِما بي مَغْفِرَةً حَتْماً، وَ ارْضَ عَنْهُما بِشَفاعَتي لَهُما رِضًى عَزْماً، وَ بَلِّغْهُما بِالْكَرامَةِ مَواطِنَ السَّلامَةِ.

(15) اللَّهُمَّ وَ إِنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لَهُما فَشَفِّعْهُما فيَّ، وَإِنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لي فَشَفِّعْني فيهِما حَتَّى نَجْتَمِعَ بِرَأْفَتِكَ في دَارِ كَرَامَتِكَ وَ مَحَلِّ مَغْفِرَتِكَ وَ رَحْمَتِكَ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيمِ، وَالْمَنِّ الْقَديمِ، وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ.

ص: 350

18- دعاء السجّاد عليه السلام لِوُلْدِهِ

(1) اللَّهُمَّ وَ مُنَّ عَلَيَّ بِبَقاءِ وُلْدي وَ بِإِصْلاحِهِمْ لي و بِإِمْتاعي بِهِمْ. (2) إِلَهِي امْدُدْ لي في أَعْمارِهِمْ، وَ زِدْ لي في آجالِهِمْ، وَ رَبِّ لي صَغيرَهُمْ، وَقَوِّ لي ضَعيفَهُمْ، وَأَصِحَّ لي أَبْدانَهُمْ وَ أَدْيانَهُمْ وَ أَخْلاقَهُمْ، وَ عافِهِمْ في أَنْفُسِهِمْ وَ في جَوارِحِهِمْ وَ في كُلِّ ما عُنيتُ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَ أَدْرِرْ لي وَ عَلى يَدَيَّ أَرْزاقَهُمْ. (3) وَ اجْعَلْهُمْ أَبْراراً أَتْقِياءَ بُصَراءَ سامِعينَ مُطيعينَ لَكَ، وَلِأَوْلِيائِكَ مُحِبِّينَ مُناصِحِينَ، وَ لِجَمِيعِ أَعْدائِكَ مُعانِدينَ وَ مُبْغِضينَ، آمينَ. (4) اللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدي، وَ أَقِمْ بِهِمْ أَوَدي، وَكَثِّرْ بِهِمْ عَدَدي، وَ زَيِّنْ بِهِمْ مَحْضَري، وَ أَحْيِ بِهِمْ ذِكْري، وَ اكْفِني بِهِمْ في غَيْبَتي، وَ أَعِنِّي بِهِمْ عَلى حاجَتي، وَاجْعَلْهُمْ لي مُحِبِّينَ، وَ عَلَيَّ حَدِبينَ مُقْبِلينَ

ص: 351

مُسْتَقيمينَ لي، مُطيعينَ، غَيْرَ عاصينَ وَ لا عاقِّينَ وَ لا مُخالِفينَ وَ لا خاطِئينَ. (5) وَأَعِني عَلى تَرْبيَتِهِمْ وَتَأْديبِهِمْ، وَ بِرِّهِمْ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ مَعَهُمْ أَوْلاداً ذُكُوراً، وَ اجْعَلْ ذلِكَ خَيْراً لي، وَ اجْعَلْهُمْ لي عَوْناً عَلى ما سَأَلْتُكَ. (6) وَ أَعِذْني وَ ذُرِّيَّتي مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ، فَإِنَّكَ خَلَقْتَنا وَ أَمَرْتَنا وَ نَهَيْتَنا وَ رَغَّبْتَنا في ثَوابِ ما أَمَرْتَنا وَ رَهَّبْتَنا عِقابَهُ، وَ جَعَلْتَ لَنا عَدُوّاً يَكيدُنا، سَلَّطْتَهُ مِنَّا عَلى ما لَمْ تُسَلِّطْنا عَلَيْهِ مِنْهُ، أَسْكَنْتَهُ صُدُورَنا، وَ أَجْرَيْتَهُ مَجارِيَ دِمائِنا، لا يَغْفُلُ إِنْ غَفَلْنا، وَ لا يَنْسى إِنْ نَسينا، يُؤْمِنُنا عِقابَكَ، وَ يُخَوِّفُنا بِغَيْرِكَ. (7) إِنْ هَمَمْنا بِفاحِشَةٍ شَجَّعَنا عَلَيْها، وَ إِنْ هَمَمْنا بِعَمَلٍ صالِحٍ ثَبَّطَنا عَنْهُ، يَتَعَرَّضُ لَنا بِالشَّهَواتِ، وَ يَنْصِبُ لَنا بِالشُّبُهاتِ، إِنْ وَعَدَنا كَذَبَنا، وَ إِنْ مَنَّانا أَخْلَفَنا، وَ الَّا تَصْرِفْ عَنَّا كَيْدَهُ يُضِلَّنا، وَ الَّا تَقِنا خَبالَهُ يَسْتَزِلَّنا. (8) اللَّهُمَّ فَاقْهَرْ سُلْطانَهُ

ص: 352

عَنَّا بِسُلْطانِكَ حَتَّى تَحْبِسَهُ عَنَّا بِكَثْرَةِ الدُّعاءِ لَكَ فَنُصْبِحَ مِنْ كَيْدِهِ فِي الْمَعْصُومينَ بِكَ. (9) اللَّهُمَّ أَعْطِني كُلَّ سُؤْلي، وَ اقْضِ لي حَوائِجي، وَ لا تَمْنَعْنِي الْإِجابَةَ وَ قَدْ ضَمِنْتَها لي، وَ لا تَحْجُبْ دُعائي عَنْكَ وَ قَدْ أَمَرْتَني بِهِ، وَ امْنُنْ عَلَيَّ بِكُلِّ ما يُصْلِحُني في دُنْيايَ وَ آخِرَتي ما ذَكَرْتُ مِنْهُ وَ ما نَسيتُ، أَوْ أَظْهَرْتُ أَوْ أَخْفَيْتُ أَوْ أَعْلَنْتُ أَوْ أَسْرَرْتُ. (10) وَ اجْعَلْني في جَميعِ ذلِكَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ بِسُؤالي إِيَّاكَ، الْمُنْجِحينَ بِالطَّلَبِ إِلَيْكَ غَيْرِ الْمَمْنُوعينَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ. (11) الْمُعَوَّدينَ بِالتَّعَوُّذِ بِكَ، الرَّابِحينَ فِي التِّجارَةِ عَلَيْكَ، الْمُجارينَ بِعِزِّكَ، الْمُوَسَّعِ عَلَيْهِمُ الرِّزْقُ الْحَلالُ مِنْ فَضْلِكَ، الْواسِعِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، الْمُعَزِّينَ مِنَ الذُّلِّ بِكَ، وَ الْمُجارينَ مِنَ الظُّلْمِ بِعَدْلِكَ، وَالْمُعافَيْنَ مِنَ الْبَلاءِ بِرَحْمَتِكَ، وَالْمُغْنَيْنَ مِنَ الْفَقْرِ بِغِناكَ، وَالْمَعْصُومينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالزَّلَلِ وَ الْخَطاءِ

ص: 353

بِتَقْواكَ، وَ الْمُوَفَّقينَ لِلْخَيْرِ وَ الرُّشْدِ وَالصَّوابِ بِطاعَتِكَ، وَ الْمُحالِ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الذُّنُوبِ بِقُدْرَتِكَ، التَّارِكينَ لِكُلِّ مَعْصِيَتِكَ، السَّاكِنينَ في جِوارِكَ. (12) اللَّهُمَّ أَعْطِنا جَميعَ ذلِكَ بِتَوْفيقِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَأَعِذْنا مِنْ عَذابِ السَّعيرِ، وَأَعْطِ جَميعَ الْمُسْلِمينَ وَالْمُسْلِماتِ والْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ مِثْلَ الَّذي سَأَلْتُكَ لِنَفْسي وَلِوُلْدي في عَاجِلِ الدُّنْيا وَآجِلِ الْآخِرَةِ، إِنَّكَ قَريبٌ مُجيبٌ سَميعٌ عَليمٌ عَفُوٌّ غَفُورٌ رَؤُوفٌ رَحيمٌ. (13) وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ.

***

(1) 84

________________________________________

1 ( 1)- سورة الفرقان/ 77.

2 ( 2)- بحار الأنوار، ج 90 طبعة بيروت.

3 ( 1)- سورة غافر/ 60.

4 ( 2)- أصول الكافي 2: 467 طبعة آخوندي.

5 ( 1)- بحار الأنوار 9/ 300، طبعة بيروت، ج 93/ طبعة إيران.

6 ( 1)- الإسراء/ 11.

7 ( 1)- يُراجع بحار الأنوار الجزء 90 طبعة بيروت و 93 طبعة إيران.

8 ( 2)- بحار الأنوار، 90/ 372.

9 ( 1)- بحار الأنوار، 90/ 321.

10 ( 2)- بحار الأنوار، 90/ 376.

11 ( 3)- بحار الأنوار 90/ 368.

12 ( 1)- بحار الأنوار، 90/ 320.

13 ( 2)- بحار الأنوار، 90/ 313.

14 ( 3)- بحار الأنوار، 91/ 54.

15 ( 4)- بحار الأنوار، 90/ 314.

16 ( 1)- عن كتاب مصباح المتهجّد وغيره.

17 ( 1)- من الآية( 54) إلى( 56).

18 ( 1)- نقلًا عن ملحقات الصحيفة السجّادية.

19 ( 1)- بِعَمَلي- خ-.

20 ( 2)- بِذُنُوبي- خ-.

21 ( 1)- السَّائِلُ- خ-.

22 ( 2)- عَلَوْتَ بِهِ عَلَى الْخَطَّائينَ- خ-.

23 ( 1)- إِلهي- خ-.

24 ( 1)- عَدُوِّكَ- خ-.

25 ( 1)- أَنالَ بِهِ حَقّه- خ-.

26 ( 1)- وَتَيَسُّرِ- خ-.

27 ( 2)- وَلَيْسَ- خ-.

28 ( 1) حَقٌّ- خ-.

29 ( 1) وفي مصباح المتهجّد كَريمٌ رَؤوفٌ رَحيمٌ، بدل: التَّوابُ الرَّحيمُ.

30 ( 1)- عُروُقِ عَبْدِكَ- خ-.

31 ( 1) يا مُتَحَنِّن- خ-.

32 ( 2) بِك وَبِهِ- خ-.

33 ( 1)- الأنبياء: 87- 88.

34 ( 2) سورة الأنعام: 59.

35 ( 1)- وَيا مَنْ لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ- خ-.

36 ( 1)- شائِفَةٌ- خ-.

37 ( 1) عَنْ- خ-.

38 ( 1) فَفَعَلْتَ- خ-.

39 ( 2) لَمْ يَدْنُ- خ-.

40 ( 1) مصيري- خ-.

41 ( 1) كانَ- خ-.

42 ( 1) السُّؤْلِ- خ-.

43 ( 2) بالسَّلامِ- خ-.

44 ( 3) الْاعْداءِ- خ-.

45 علي حبيب الهي، منتخب الادعية، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

46 ( 1) أَمَلْتَهُ- خ-.

47 ( 2) قَصَّرَتْ- خ-.

48 ( 3) آمالي- خ-.

49 ( 4) بِخِيانَتِها- خ-.

50 ( 1) في الْأَحْوالِ كُلِّها خ-.

51 ( 2) الحَمْدُ- خ-.

52 ( 1) سَعَةِ رَحْمَتِكَ- خ-.

53 ( 2) إِلهي- خ-.

54 ( 1) تُبْعِدَ- خ-.

55 ( 1) حُلُولِ- خ-.

56 ( 2) بي- خ-.

57 ( 1) وَهَبْني يا إِلهي- خ-.

58 ( 2) الْآلِمينَ- خ-.

59 ( 3) يُسْجَنُ- خ-.

60 ( 1) كانَتْ- خ-.

61 ( 1) تُنْزِلُهُ- خ-.

62 ( 2) تُفْضِلُهُ- خ-.

63 ( 3) تَنْشُرُهُ أَوْ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ- خ-.

64 ( 4) بِفَقْري- خ-.

65 ( 5) فِي- خ-.

66 ( 1) وَ إِرادَتي- خ-.

67 ( 2) الْمُبادِرينَ- خ-.

68 ( 1) أَهْلِهِ- خ-.

69 ( 1) كانَ- خ-.

70 ( 1) مَسْكَناً- خ-.

71 ( 1) الْكَرُّوبِيينَ- خ-.

72 ( 2) إِلى- خ-.

73 ( 1) سَبْعٍ- خ-.

74 ( 1) الزَّمانِ- خ-. الهَرْمانِ- خ-.

75 ( 1) شَهيدٌ- خ-.

76 ( 1)- يا مَنْ جَعَلَ مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا- خ-.

77 ( 1)- اهْوَنُ النّاظِرينَ إِلَيَّ وَأَخَفُّ المُطَّلِعِينَ عَلَيَّ- خ-.

78 ( 1)- الكذّابِينَ- خ-.

79 ( 1) يا مَنْ يَفُكُّ الْاسيرَ- خ-.

80 ( 1) وَيَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ- خ-.

81 ( 1) وَيُسْقِطُ الوَرَقَ- خ-.

82 ( 1) طَلَلِ- خ-.

83 ( 1)- فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الاستِواءَ- خ-.

84 علي حبيب الهي، منتخب الادعية، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..


1- علي حبيب الهي، منتخب الادعية، 1جلد، نشر مشعر - تهران، چاپ: 1، 1425 ه. ق..

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.